نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (203)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قلنا في هذا المقطع يوجد اختلافان بين الأعلام:

    الاختلاف الأول: أنّه ما هو المراد من >رواة حديثنا< هذا الاختلاف في هذا المقطع بين النهج الأخباري والنهج الاجتهادي. النهج الأخباري يعتقد بأنّه أساساً لا يوجد هناك دورٌ ولا ينبغي الاعتماد على نظر المجتهد في فهم الرواية, وإنما تُلقى الرواية مباشرة إلى المكلف فيعمل بها. هذا المعنى عليه عدّة إشكالات أساسية:

    أشرنا إلى الإشكال الأول بالأمس وهو أنّه: أساساً غير عملي في نفسه, لماذا؟ باعتبار أنّ هذه النصوص فيها المتعارضات وفيها المطلق والمقيد وفيها وفيها .. بنص كلمات أئمة أهل البيت أنّه كما في القرآن ناسخ ومنسوخ ومطلقٌ ومقيد ومحكم ومتشابه, كذلك في حديثنا ناسخ ومنسوخ ومطلق ومقيد ومحكم ومتشابه ونحو ذلك, فإذا استطاع المكلف أن يميز كل هذه فإذن يتبين الاختلاف يكون لفظياً هذا المكلف مجتهد ولكن أنتم لا تريدون أن تسموه مجتهد ذاك بحث آخر, ولكنّه ما لم يتعرف على هذه يمكن الرجوع إلى مصادر الحديث أو لا يمكن؟ لا يمكن.

    إذن القضية في نفسها هذه خير قرينةٍ على أنه لا يمكن أن يراد من رواة الحديث يعني من ينقلون الحديث فلا حاجة إلى إعادة النظر أو إعمال النظر ونحو ذلك.

    هذا مضافاً إلى ما ذكره من النقض وأشرنا إليه في بحث الأمس في (حواشي الفوائد المدنية, ص308) قال: [ولم يوضح المصنف طريقاً إلى استعلام الأحكام لكل مكلفٍ يستغني معها عن الاجتهاد والتقليد ونهاية المفهوم من كلامه صحة جميع ما في الكتب الأربعة من الأحاديث] يقول أقصى ما دل عليه كلامه أن جميع الأحاديث الواردة في الكتب الأربعة قطعية الصدور, ولكن هذا لا يعني عدم وجود الاختلاف والتعارض والمطلق والمقيد ونحو ذلك. [وأنها وافيةٌ بأحكام الله] كل المقدمات يشير يقول: نتيجة تلك المقدمات أن هذه الروايات قطعية وأنها كافية للعباد أما أنه لا يحتاج إلى إعمال النظر كيفية الاستفادة منها هذه لم تبين في هذه الأحاديث حتى يقال بأنه نستغني عن إعمال النظر والاجتهاد. يقول: [وأنّها وافية بأحكام الله فيلزم على قوله] هذا هو النقض الذي أشرنا إليه [فيلزم على قوله أن كل من فهم منها حديثاً يعمل به حيث لم يكن له قدرة على غير ذلك] المفروض أنه لا يشترط الاجتهاد, إذن يأخذ هذا الحديث دالٌ على الطهارة فيعمل به, وذاك الإنسان يأخذ بالحديث الدال في النجاسة في أهل الكتاب فيعمل به, بل نفس المكلف تارة يعمل برواية دالة على الطهارة وأخرى بروايةٍ دالة على النجاسة, ولا يمكن لأحدٍ يحترم نظره يمكن أن يقول هذا الكلام. والدليل على ذلك: أن أصحاب النهج الأخباري أيضاً كتبوا الكتب الكثيرة والمؤلفات الواسعة النطاق واستنبطوا منها الأحكام, هذا صاحب الحدائق انظروا إليه وهو أخباري بلا إشكالٍ ولكنه لم يستغني عن عملية الاجتهاد.

    هذا مضافاً, هذا الإشكال الأول, أو الإشكال الأول والثاني.

    الإشكال الآخر هو: أنه كيف يمكن لنا أن نأخذ بروايةٍ واحدة وننسى باقي روايات أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام), لو لم يرد عندنا منهم إلا عنوان رواة حديثنا نعم, ولكن نفس أئمة أهل البيت ورد في كلامهم عناوين أخرى لماذا تلك العناوين كلها غفل النظر أو غض النظر عنها؟ أنظروا إلى هذا الحديث في هذه المعتبرة المعروفة مقبولة عمر ابن حنظلة أو صحيحة عمر ابن حنظلة, أنظروا ماذا يقول؟ أن هذا الذي ترجعون إليه الإمام كيف يعرّفه هذا الشخص؟ يقول: >روا حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا< نظر يعني فتح عينه ورأى الرواية هكذا هذا معناه, يمكن لأحد أن يقبل هذا المعنى؟ نظر يعني ماذا؟ أي نظر تأخذونه من النظر, >ونظر في حلالنا وحرامنا< بعد >وعرف أحكامنا< هذه جملة >عرف أحكامنا< كيف يمكن لأحدٍ أن يعرف أحكامهم من غير أن يفسر حديثهم بعضه ببعض, هل يمكن هذا, هل يعقل أحد أن يتعرف على أحكامهم من غير أن يقف على مجموع الأحاديث الواردة عنهم؟

    وهذا إن شاء الله تعالى بعد ذلك سنعرض له عندما نتعرض إلى الاختلاف الثاني, إذن الاختلاف الأول ما هو المراد من رواة الحديث؟ بقرينة روايات صحيحة وبقرينة الواقع العلمي لا إشكال ولا شبهة أنّ النهج الاجتهادي هو الصحيح في قبال النهج الأخباري.

    الآن أنا عندما أقول النهج الاجتهادي, طبعاً هذه بنحو القضية المهملة أي قدر من الاجتهاد ضمن أي مدرسة, ضمن أي آلياتٍ ذاك حديث آخر, ولكنه القدر المتيقن أنّه العمل بالخبر من غير إعمال أي نظر عليه هذا ممكن أو غير ممكن؟ هذا غير ممكن.

    أما الاختلاف الثاني: وهو الاختلاف الأساسي أعتقد بأنه الاختلاف الأول تقريباً وإن كان الآن هناك دعوات من هنا وهناك أسمعها ليست قليلة بمختلف البلاد أنه هناك محاولات للرجوع إلى النهج الأخباري والسبب الآن لا أريد أن أشير إليه ولكنّه الأسئلة تأتيني من مختلف المناطق من بلاد عربية شمال أفريقيا أوروبا أساساً لماذا نحن نحتاج أن نرجع إلى واسطة بيننا وبين الشريعة والدين؟ نحن نرجع إلى الكتاب ونرجع إلى الروايات الواردة نقرأها ما نفهم منها نعمل بها, ما هي الحاجة إلى واسطة بيننا وبين الشريعة, وهذه أسبابها أشياء أخر ليس بحث علمي الآن ليس حديثي هنا.

    الاختلاف الثاني: هذا الاختلاف بين أعلام النهج الاجتهادي, يعني الأول كان بين النهج الأخباري والنهج الاجتهادي. الاختلاف الثاني بين هؤلاء جميعاً يعتقدون يعني المشترك بينهم كلهم يعتقدون بالنهج الاجتهادي. ولكنّهم اختلفوا في هذه النقطة: ما هي الدائرة التي من خلالها يكون مجتهداً وحجةً من قبل الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام)؟

    بعبارة واضحة: أنّه إذا اجتهد في خصوص الحلال والحرام هذا التعبير أعزائي بيني وبين الله ليس فيه إهانة لأحد لأنه هذه تعابير الأئمة >ونظر في حلالنا وحرامنا< أنا عندما عبرت بأنهم فقهاء الحلال والحرام تصور البعض أنه لا سامح الله أنه بصدد إهانة البعض, لا أبداً, هذا تعبير الروايات ولكن الذي قلته شيء آخر, المطلب الذي هو هنا, بعضٌ من أعلامنا المتأخرين حدود 100 أو 150 سنة الأخيرة, قالوا: أن المقصود من الفقهاء من العلماء من الورثة من الخلفاء من الأمناء هذه عناوين الروايات الواردة, >أمناء الله< >اللهم ارحم خلفائي< >حجتي عليكم< >رواة حديثنا< وهكذا, قالوا هذه كلها يراد بها من اجتهد في الحلال والحرام لا أكثر من ذلك, فإذا تحقق هذا فقد تحققت كل العناوين وإن كان بشرط لا من تلك المعارف الأخرى, ما أريد أن أقول بأنه بالضرورة ما عنده لا, لو لم تكن موجودة عند معارف الدين الأخرى يؤثر على كونه فقيهاً أ ولا يؤثر؟ قالوا لا يؤثر, نعم إذا وجدت جيدة أما إذا لم توجد.

    بعبارة أخرى: ليست من بداهة الفقاهة وليست من مقدمات الاستنباط أن يكون الإنسان مفسرا, أن يكون الإنسان متكلما, أبداً لا ضرورة لذلك, نعم إن كان فجيد نور على نور, ولكن هذه ليست من المقدمات.

    ومن هنا تجدون الآثار بعد ذلك ماذا حصل, قد يقول لي قائل سيدنا, طبعاً أنا كلامي في هذه المائة أو المائة وخمسين سنة الأخيرة, وإلا الحديث قبل ذلك له بيان آخر ومطلب آخر. وأحاول أن أركز حديثي على كلمات سيدنا الأستاذ السيد الخوئي+, التفتوا جيداً, السيد الخوئي& عندما جاء في الاجتهاد والتقليد في كتاب التنقيح, عرف الاجتهاد في ص20 من الكتاب, قال, عرف الاجتهاد بتعريفات ثلاثة:

    التعريف الأول: قال: [استفراغ الوسع لتحصيل الظن بالحكم الشرعي] وهذا هو الذي حمل عليه الأخباريون على الأصوليين, قالوا كيف ومتى كان الظن حجةً {إن الظن لا يغني من الحق شيئا} وهؤلاء يقولون لتحصيل الظن.

    ولكنه هذا التعبير نوقش من قبل أعلام الأصوليين وقالوا أنه تعريف غير تام, ولذا يقول: [فهذا التعريف ساقط عند كلتا الطائفتين السنة والشيعة معاً] لأن هذا التعريف أساسه جاء من السنة.

    وتعريف آخر, التفتوا جيداً الآن بعد ذلك أشير إلى النكتة, وتعريف آخر [ملكةٌ يتقدر بها على استنباط الأحكام الشرعية] هذا أيضاً يناقشه السيد الخوئي+ مناقشة مفصلة إلى أن يأتي في ص22 يقول: [والحاصل إذن الاجتهاد هو تحصيل الحجة على الحكم الشرعي] تعاريف ثلاثة.

    ولكن أعزائي جميعاً هذه التعاريف سواءً كان الظن بالحكم الشرعي, أو الملكة التي يقتدر بها أو تحصيل الحجة على الحكم الشرعي عرفت كيف أو تحصيل, طبعاً هذا التعريف أيضاً غير تام يكون في علمكم لأنّ المقلد أيضاً عنده حجة ولكنه حجته تقليد وليس الحجة ماذا؟ هذا التعريف أيضاً منقوض الآن ما أريد أن أدخل في تعريف الاجتهاد ذاك بحث آخر, التفتوا. كلها مشتركة أنّ المجتهد وظيفته ما هي؟ بيان الحكم الشرعي, إذن عنده وظيفة خارج بيان الحكم الشرعي أو لا وظيفة له؟ إذن عنوان الاجتهاد عنوان الفقاهة عنوان العالم عنوان الأمين عنوان … إلى آخره كلها يراد به ماذا؟ يراد بها هذا, عنده مسؤولية بإزاء المعارف الأخرى أو ما عنده مسؤولية؟ لا ما عنده مسؤولية, ولذا كتبوا في الآونة الأخيرة في مقدمة رسائلهم العملية أن الأمور العقائدية يجوز فيها التقليد أو لا يجوز؟ إذن هذه موكولةٌ لمن؟ إلى المكلف هو يذهب ويستنبط هو الذي يصير مجتهد في كل اعتقاداته, نعم بالفروع لابد أن يأتي؟ لنا, أما في الأصول؟ مولانا الإمام معصوم أو ليس بمعصوم؟ يقول أنت اذهب وأبحث ما أدري, الإمام عنده علم الغيب أو ما عنده علم الغيب؟ يقول اذهب وابحث, الله موجود أو ليس بموجود؟ يقول أنت اذهب وابحث أنا ما هي علاقتي بذلك, أقولها الآن قد يقولها شخص ليس لفظاً لكن عملاً هكذا, عملاً في الرسالة العملية يكتب, ولذا أنتم تجدون بأنه الآن كما أشرت بالأمس وفي مواضع أخرى قلت: أنه في جملة من مواقع أعلام الفقهاء يكتبون أن الموقع أو الإجابات مختصة بماذا؟ بالفقهيات. لماذا؟ لأنه أساساً لا يجد هناك مسؤولية أن يتصدى للأمور العقائدية, ليست مسؤوليته, ما أدري واضحة هذه.

    النتيجة التي ترتبت على هذا, عندي دليل, هذا الدليل الأول.

    الدليل الثاني: أن السيد الخوئي+ عندما جاء إلى مبداء الاجتهاد قال: كيف يمكن أن يكون الإنسان مجتهداً ماذا يحتاج؟ هذه أمامكم اليوم أريد أن تطالعون هذا البحث أعزائي حتى تعرفون أنه نحن عندما تكلمنا تكلمنا على أسس علمية, مبادئ الاجتهاد, [يتوقف الاجتهاد على معرفة اللغة العربية] هذا المبدأ الأول, المبدأ الثاني [والعمدة فيما يتوقف عليه الاجتهاد بعد معرفة اللغة العربية وقواعدها علمان: علم الأصول وعلم الرجال] والإنسان يكون مجتهداً, طيب تفسير ما يعرف ما باللازم من قال التفسير ضروري, طيب قواعد العقائد لا يعرفها يقول أصلاً ما, بلي إذا عرفها جيد ولكن لها مدخلية في عملية الاستنباط أو ليست لها مدخلية؟ لا مدخلية لها, هذا بعد ذلك سيأتي بيانه إذا صار وقت, طبعاً هذان الأصلان يكون في علمك, أما الأصل الأول علم الأصول فالأخباريون ماذا؟ رفضوه, وأما الأصل الثاني وهو علم الرجال فما قبل العلامة ماذا؟ أيضاً مرفوض, هذا شاهد.

    إذن الشاهد الأول: تعريف الاجتهاد.

    الشاهد الثاني: بيان مبادئ الاجتهاد.

    وترتب, التفتوا جيداً حتى تعرفون ما هي نتائج هذا النهج, وترتب على ذلك: أن تقدم عندنا علم الفقه وعلم الأصول بنحوٍ وصل إلى أنّه ما من أعلمٍ من أعلامنا المعاصرين بنحو الغالب بنحو العموم وإلا بعضهم ليسوا كذلك, ما من علمٍ من أعلامنا المعاصرين إلا وله دورة في الفقه تتجاوز الخمسين مائة مئتين مجلد في الفقه, ودورات متعددة في الأصول, صحيح أو ليس بصحيح, أنتم انظروا إلى الأعلام سواء في النجف أو في قم بشكل عام أتكلم في الغالب, ولكنّه عندما تأتي إلى التفسير وإلى العقائد, هل يوجد أثرٌ في آثارهم وفي دروسهم وفي تلامذتهم أو لا يوجد أثر لذلك؟ ماذا تجد أعزائي؟ تجد عشرات المجلدات في الفقه في الأصول في المسائل المستحدثة في الاستفتاءات كلها موجود, أما رسالة واحدة في الإمامة موجودة أو لا, رسالة واحدة في التوحيد موجودة رسالة واحدة كتاب واحد في التفسير كما قلت أتكلم الحالة الغالبة, لا تقول لي فلان ماذا تقول فلان ماذا تقول, أتكلم الحالة الغالبة, الحالة الرسمية في الحوزات العملية, الحالة الرسمية في الحوزات العلمية الأعلام المتصدين يدرسون تفسير وعقائد أو يدرسون فقه وأصول؟

    وكان نتيجة ذلك, التفتوا, أنّ علم الفقه وعلم الأصول تقدم هذا التقدم الواسع النطاق, ولكن في المقابل تأخر عندنا التفسير وعلم ماذا؟ طبعاً ما أتكلم في علوم اليونان فلسفة وعرفان ومنطق أبداً, أنتم تجدون أنا أتكلم في الأمور الدينية, العقائد علم ديني أو ليس علم ديني؟ علم ديني فقه أكبر, فكانت النتيجة: أنه جنابك الآن عندما تُسال عن أي مسالة في الفقه أو الأصول بينك وبين الله تذكر رأياً للسيد المرتضى في الذريعة في الأصول أو لا تذكر, وإذا تذكره تذكره بعنوان رأي تاريخي وإلا رأي معتمد يوجد رأي للسيد المرتضى أو لا يوجد؟ يوجد رأي للشيخ الطوسي أو لا يوجد؟ يوجد رأي للعلامة في كتبه الأصولية أو لا يوجد؟ وهكذا في الفقه, عندما تُسأل عن أي مسألة فقهية تجيب عن من آراء من تنقلها؟ تنقل آراء هذه الخمسين سنة الأخيرة من فقهائنا الأعلام المتقدمين والمتأخرين منهم أو المعاصرين, ولكن عندما تُسأل عن مسألة في العقائد رأي من تقول؟ قال المفيد, قال المرتضى قال الطوسي, قال الصدوق, هذا ماذا يعني هذا؟ أنتم بين أمرين لا ثالث لهما: إما أن تدعو أن ما ذكره هؤلاء الأعلام فهو رأي الأئمة انتهى أغلق الباب, ولا يقوله أحد منهم يحترم عقله ويحترم نظره, وإما أن تقولوا لا, أن أعلامنا في العقائد ما اشتغلوا فعندما يسألون عن أي مسألة عقائدية, ينقلون رأي من؟ رأي الشيخ الطوسي والصدوق والمفيد والمرتضى و.. إلى غير ذلك. إلى زمن المجلسي, ينقلون آراء, ما بعد المجلسي أنتم لا تنقلون رأي كلامي لأحد تنقلون رأي كلامي لأحد ما بعد المجلسي؟ لماذا الإشكالية أين؟ هذه معارف دينية وهذه معارف دينية, لماذا في الفقه والأصول ننقل آراء السيد محسن الحكيم والسيد الخوئي والسيد الإمام و… عشرات الأعلام والفقهاء, ولكن عندما نأتي إلى العقيدة لا نذكر رأياً لهم أين الإشكالية أين الخلل أين الفراغ؟ وهكذا في التفسير, بينكم وبين الله استثنوا لي تفسير العلامة الطباطبائي دعوه على جانب, لأنه هذا كان أيضاً من المغضوب عليهم في الحوزة, استثنوه لي, بينك وبين الله إذا تفسير الميزان لا يوجد الآن بأي الشيعة, فعندما كانوا يُسألون عن أي آية وتفسيرها ينقلون آراء من كانوا؟ إما تبيان أو الطبرسي وأنتم تعلمون كلاهما تسعون في المائة منهم منه منقول عن تفاسير الآخرين, اذهبوا ودققوا وراجعوا التفاسير لتروا بأنه هو تفسير مستقل أو نقل كلمات الآخرين. أو خلاصة لكلمات الآخرين, لماذا لا تفعلوا ذلك في الفقه, بينك وبين الله لماذا أنت في الفقه لا تكتفي بالسابقين تقول كفونا المؤونة طيب في الفقه أيضاً كفونا الموؤنة, طيب كتبوا مجلدات في الفقه؟

    إذن أعزائي هذا النهج المتعارف الموجود وأنا ما أتكلم أعزائي في مقام الثبوت أنا أتكلم في مقام الإثبات, لا تقول لي هؤلاء لا والله مفسرون ومتكلمون ولكن لا يريدون الكلام, لعله والله العالم أنا لا أعلم ما في قلوبهم وبطونهم وأذهانهم لا أعلم هذا, أنا أتكلم ما قاله أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام) في أصول الكافي قال: >قيمة كل امرئ ما يحسنه< هذا مقام الثبوت قيمته هذا, سيدي مقام الإثبات أنا من أين أعرف أن هذا يحسن أو لا يحسن؟ طيب أحتاج إلى دليل أو ما أحتاج إلى دليل؟ قال: >فتكلموا في العلم تتبين أقداركم< هذا المقطع الثاني الذي ما ينقل عادةً, >فتكلموا في العلم< تكلموا من باب المصداق الأوضح وإلا فاكتبوا ودرسوا حتى الناس يعرفوا ما تحسنوه عنّا, ما أدري واضح صار إلى هنا المطلب.

    هذا هو المنهج المتعارف, قلت وأؤكد في المرة العاشرة والمائة في الأعم الأغلب وإلا هناك أعلام آخرين معاصرين أيضاً كما لهم تراث فقهي وأصولي لهم تراث تفسيري وكلامي و.. سوءا على مستوى مدرسة النجف أو على مستوى مدرسة قم, ولكن أنا أتكلم على مستوى الدرس الرسمي معتمد على ركنين: الفقه والأصول.

    في قبال هذا النهج هناك نهج آخر وهو الذي أدعوا إليه ويكون مشروعي على أساسه, أن المراد من رواة حديثنا >فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله< ليس المجتهد في الحلال والحرام, بل العارف بجميع المعارف الدينية. ما معنى العارف بجميع المعارف الدينية يعني الواقف على هذه المنظومة كاملةً من فقه أكبر ومن فقه أصغر, نعم أنا يقين عندي الآن مباشرة يأتي إلى ذهنك سيدنا طيب ما المانع أن يتخصص واحد يستنبط الفقه الأصغر وواحد يستنبط الفقه الأكبر, بعد ذلك سيتبين أن هذا من الناحية الاجتهادية ممكن أو غير ممكن بحث سيأتي لاحقاً, الآن أولاً: مقصودي هذا, عند ذلك أذكر إشكال الأعزة, جملة من الإخوة قالوا, قالوا ما المحذور أن يجتهد في هذه المسائل, مسائل الحلال والحرام ويترك مسائل العقيدة والتفسير لغيره هذا ممكن أو غير ممكن بحثه يأتي.

    أنا معتقد أن هذه النصوص التي عبرت >خلفائي< أو >أمناء< أو >علماء< أو >رواة الحديث< ونحو ذلك يُراد بها جميعاً هذا المعنى الشمولي يعني الواقف على منظومة المعارف الدينية, منظومة المعارف الدينية يعني على العقائد بالفقه الأكبر والحلال والحرام في الفقه الأصغر. ما هو الدليل على ذلك؟ الأدلة على ذلك كثيرة جداً, الحق والإنصاف الأدلة على ذلك كثيرة جداً, ولكن أنا أحوال بقدر ما يمكن أن أقف عند بعضها إجمالاً حتى لا نطيل على الأعزة.

    أولاً: قوله تعالى في سورة التوبة {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين} تعالوا نحن وأنتم لنرى أن الدين هو خصوص الحلال والحرام أو هو ماذا؟ هذه المنظومة المعارفية التي تشمل العقائد وتشمل الأخلاق وتشمل الحلال والحرام وغيرها هذه المنظومة, هذه منظومة واحدة, هذه المجموعة ما أريد أن أقول منظومة, لأنه لها معنىً آخر هذه المنظومة, هذه المجموعة, إذن هؤلاء إنما ينفرون ليتفقهوا أين؟ في الدين.

    والروايات الواردة في ذلك أعزائي كثيرة جداً بإمكان الأعزة يرجعون إلى هذه الروايات في نور الثقلين في ذيل هذه الآية المباركة التي أنا أشير إلى بعض هذه الروايات.

    الرواية الأولى: >سمعت أبا عبد الله الصادق يقول: تفقهوا في الدين فإنّه من لم يتفقه منكم في الدين فهو أعرابيٌ< عجيب, لماذا؟ طيب هذا تفقه في الحلال والحرام ما تفقه في الدين مشمول أو ليس بمشمول؟ فقط يعرف الأحكام الشرعية أما الأمور العقائدية لا يعرفها, مشمول أو ليس بمشمول؟ اذهبوا ودققوا في الرواية, >إن الله يقول في كتابه {ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم}<. هذه في أصول الكافي.

    رواية أخرى: في كتاب (علل الشرائع للصدوق) الرواية: >عن محمد ابن أبي عمير قال: قلت لأبي عبد الله الصادق: إن قوماً يروون أن رسول الله قال: اختلاف أمتي رحمة, فقال: صدقوا, فقلت: إن كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب, قال: ليس حيث تذهب وذهبوا, إنما أراد قول الله عز وجل {فلولا نفر من كل فرقة منهم ولينذروا قومهم} فأمرهم أن ينفروا إلى رسول الله’ ويختلفوا إليه فيتعلموا ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلموهم<.

    أعزائي ماذا يتعلمون عن رسول الله فقط الحلال والحرام, عقائد يقول له اذهب واجتهدوا, أو كان يبين رسول الله عقائده؟ هل يمكن لعاقل أن يدعي هذا المعنى أن التعلم كان أين؟ أما الله واحد؟ يقول ما هي علاقتنا اذهب أنت بسيط الحقيقة قاعدة الصرافة اثبت أن الله واحد, ما هي علاقتنا نحن, نحن لسنا مسؤولين عن هذا, نحن مسؤولين أن نقول لك بأنه إذا أردت أن تدخل بيت الخلاء قدم اليمنه أو اليسره, تقول لماذا هذا المورد؟ أقول: لأنه أنت تعطيه ضمن هذه القاعدة لا مكان آخر, طبعاً هذا أيضاً مهم, يكون في علم الأعزة أنا من باب أضعف الأمثلة هذا أيضاً مهم ولكنه فقط هذه وظيفة رسول الله كانت؟

    رواية أخرى: في (أصول الكافي) >سمعت أبا عبد الله يقول: عليكم بالتفقه في دين الله ولا تكونوا أعرابا فإنه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ولم يزكي عمله<.

    جيد هذا على مستوى النصوص الواردة في ذيل الآية.

    على مستوى كلمات الأعلام في المراد من الفقه في الآية المباركة, ما هو المراد من {يتفقهوا في الدين} {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين}؟ هذه أمامكم (الشيخ الطوسي في التبيان في ذيل هذه الآية وهي 122 أو 123 من سورة التوبة) قال: [وصار] والفقه كذا يفسر يقول: [وصار بالعرف مختصاً بمعرفة الحلال والحرام] لا بنص الآية المباركة, وإلا الآية ماذا؟ عامة كل المعارف, نعم بحسب اصطلاحاتنا هذا العرف الخاص لا العرف العام, هذا مورد.

    مورد آخر -أنا فقط ألخص- موردٌ ثاني: وهو ما ذكره الفيض في (المحجة البيضاء, ج1, كتاب العلم ربع العبادات, بيان ما يدل من ألفاظ العلوم] يقول: [اللفظ الأول: الفقه فقد تصرفوا فيه بالتخصيص لا بالنقل والتحويل إذ خصوه أو خصصوه بمعرفة الفروع والوقوف على دقائق عللها واستكثار الكلام فيها وحفظ المقالات المتعلقة بها فمن كان أشد تعمقاً فيها وأكثر اشتغالاً بها يقال هو الأفقه] إذن تبين هذه القضية من زمن من؟ من زمن الغزالي بدأت واستمرت أن الفقه والأفقه اصطلاح الآن عرفي حوزوي عبر عنه ما تشاء أنه أفقهية وأعلمية انحصرت أين؟ في الفتاوى [ولقد كان اسم الفقه في العصر الأول مطلقا] يعني في عصر صدور النص القرآني والروايات الواردة عن الرسول الأعظم هذا يقوله الغزالي ويؤيده الفيض, تعلمون الغزالي إذا موافق ينقل العبارات إذا مخالف ماذا يقول؟ بعد أن ينقل يقول أقول, واجديها لابد عند مراجعتكم لها, يقول: [ولقد كان اسم الفقه في العصر الأول مطلقاً -عفواً هذه قرأتها مطلقا- لا, [مطلقاً] يعني يطلق, [مطلقاً على علم طريق الآخرة ومعرفة دقائق آفات النفوس ومفسدات الأعمال إلى غير ذلك] أصلاً يقول هذا العنوان كان مختصاً بذاك وبعد ذلك توسع. واضح صار, وهكذا أعزائي ارجعوا إلى العبارة جيدة جداً لأنه [ولم يقل في جميع ذلك الحافظ لفروع الفتاوى ولست أقول أن الفقه لم يكن] هذا كلام الفيض [ولست أقول أن اسم الفقه لم يكن متناولاً للفتاوى في الأحكام الظاهرة ولكن كان بطريق العموم والشمول أو بطريق الاستتباع] وإلا الأصل يطلق على علم الآخرة وعلى علم المعاد وعلى علم التوحيد و… إلى غير ذلك.

    أدلة أخرى تأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 1057

  • جديد المرئيات