نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (210)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    قلنا: أنّه نقف في هذا التوقيع المعتبر سنداً عند مقطعين منه:

    المقطع الأوّل: وهو ما وقفنا عنده مطوّلاً وهو: ما يتعلق >فأما الحوادث الواقعة فأرجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنّهم حجتي عليكم وأنا حجة الله<.

    تارةً: أن الإخوة يختارون ما ذكره السيد الخوئي – سيدنا الأستاذ السيد الخوئي+- بطبيعة الحال ليس في هذا المقطع ما يفيد إلاَّ ولاية الإفتاء, وهذه وجهة نظرٍ محترمة لمن يعتقد بها.

    وأخرى: يستفيد الإنسان أو الفقيه من هذا المقطع أنّ الفقيه الجامع للشرائط – الفقيه بالاصطلاح الذي نصطلح عليه- أنّ الفقيه الجامع للشرائط يقوم مقام الإمام المعصوم (عليه أفضل الصلاة والسلام) في عصر الغيبة الكبرى بحكمٍ ولائي صادر من الإمام الثاني عشر. وإلاّ ليس هذا المقام الثابت للفقيه -على الاتجاه الثاني- يُعد جزءاً من منظومة المعارف الدينية, لا, نحن لا نعتقد ذلك, نحن عندما نأتي إلى مقام الإمامة والأدوار التي أوكلت إلى الإمام هذه تُعد جزءاً من منظومة المعارف الدينية, ليست قابلة للتبدل والتغير, فلذا نحن نعتقد من أنكر الإمامة خرج من مدرسة أهل البيت, ولكن من أنكر هذه الصلاحيات للفقيه في عصر الغيبة لا يخرج من مدرسة أهل البيت لماذا ما الفرق؟

    الجواب: لأنّ الإمامة الأصلية هي جزءٌ مكوّن من منظومة المعارف التي قامت على أساسها مدرسة أهل البيت, فمن أنكر جزءاً منها فإنّه يخرج عنها.

    أمّا ما يتعلق بولاية الفقيه – هذه نظريتنا- ما يتعلق بنظرية ولاية الفقيه والصلاحيات والاختيارات التي وضعت له حتّى لو آمنّا بأوسع درجاتها – كما يعتقد السيد الإمام+- فإنّها ليست جزءاً من المنظومة المعرفيّة لمدرسة أهل البيت وإنما هي حكمٌ ولائي صدر من الإمام الثاني عشر (عليه أفضل الصلاة والسلام) فهي إذن جزءٌ من الشريعة أو ليست جزء؟ لا ليست جزءاً من الشريعة, كأي حكمٍ ولائي آخر إذا صدر من النبي أو الأئمة فإنَّ تغيره زيادته نقيصته وجوده عدمه يؤثر أو لا يؤثر؟ لا, لا يؤثر شيئاً.

    نحن من أولئك الذين نعتقد أن الفقيه – الآن نتكلم في الكبرى مصداق الفقيه من هو؟ ذاك بحث آخر, ذاك بحث صغروي الآن نتكلم في الكبرى- أنّ الفقيه الجامع للشرائط أعطي من الصلاحيات ما يستطيع به أن يقوم وأن يتحمل كلّ المسؤوليات التي أعطيت للإمام المعصوم (عليه أفضل الصلاة والسلام) إلاَّ ما خرج بالدليل, وواحدة من أدلتنا على ذلك هذا الدليل, وهو التوقيع الصادر وهي معتبرة سنداً وتامة دلالةً. جيد.

    بناءً على هذا الاتجاه على هذا الفهم على هذه القراءة على هذه الاستفادة – عبّر ما تشاء- بناءً على ذلك: إذن كما أن للإمام المعصوم× ولاية بيان الحكم الشرعي بل ولاية القضاء وولاية إقامة الحدود وولاية أخذ الحقوق وولاية التصرف في الأنفس والأموال إلى آخر القائمة, فإذن الفقيه في عصر الغيبة أيضاً له كذا, بل كما للإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) ولاية إنشاء وإصدار الأحكام الولائية أيضاً الفقيه في عصر الغيبة له هذه الصلاحية.

    ولكن التفتوا جيداً كما أشرنا إلى هذه الحقيقة, قلنا: ما هو الفرق الأساس بين الأحكام التي تصدر من الشارع وبين الأحكام الولائية ما هو الفرق بينهما؟ الجواب: أنّ الأحكام التي صدرت من الشارع أولاً: ثابتة >حلاله حلالٌ إلى يوم القيامة وحرامه حرامٌ إلى يوم القيامة< هذا أولاً. وثانياً: جزء من الشريعة, يعني: عندما نريد أن نعدد ونفهرس مكوّنات الشريعة نقول: الصلاة, الصوم, الحج, الزكاة, .. إلى ما شاء الله.

    وهذا بخلافه في الأحكام الولائية, أولاً: متغيرة, متحركة, متعددة, ثانياً: جزء من الشريعة أو ليست جزء من الشريعة؟ ليست جزء من الشريعة.

    وهذا هو الذي اصطلح عليه جملة من الأعلام – كالسيد الطباطبائي, كالسيد الصدر وغيرهما- أنّ الأحكام في الشريعة تنقسم إلى عناصر ثابتة وعناصر متغيّرة, هذه العناصر المتغيّر كيف تؤمَن؟ من الذي يضع هذه العناصر المتغير؟ من الذي يملأ هذه الدائرة دائرة العناصر المتغيرة من الذي يملأها؟ تملأها الأحكام الولائية التي تصدر من من له صلاحية ذلك. ما أدري واضحة الرؤية التي أطرحها للأعزة.

    إذن من هنا يأتي هذا التساؤل المركزي التفتوا جيداً, والأساسي والمحوري وهو: ما هي الشروط التي لابدَّ من توفرها في الولي أو عبّروا في الفقيه, أو في راوي الحديث حتّى يحق له إصدار الأحكام الولائية, هل تكفي الشروط العامة أو لابدَّ بالإضافة إلى من شروط أخرى ما هي؟ لابدَّ أن يكون عادلاً بلي هذه من الشروط العامة, لابدَّ أن يكون رجلاً من الشروط العامة, لابدَّ أن يكون حياً من الشروط العامة, هل هناك شروط أخرى لمن تعطى له هذه الصلاحية أي صلاحية؟ صلاحية إصدار الأحكام الولائية, صلاحية ملئ دائرة العناصر المتحركة والمتغيّرة, وبتعبير سيدنا الشهيد: المرنة.

    في اعتقادي يوجد شرطان أساسيان التفتوا جيداً:

    الشرط الأوّل: هو أنّه لا يكفي أن يبحث في كلّ مسألةٍ ويصل إلى فتوى فيها أبداً, هذه الدرجة قد تكون للبعض, ولكن لمن يريد أن يصدر الأحكام الولائية لابدَّ أن يقف على تمام منظومة المعارف الدينية وعلى أهدافها وعلى الأولويات الحاكمة فيها, سأضرب الأمثلة, لا يكفي أنه عنده قدرة في هذه المسألة في اللباس المشكوك, في المذكى وغير المذكى, لا أنه يكتب رسالة واحدة, يكتب سبعة عشر رسالة, جيد, هذا بحث تحقيقي مهم ويستطيع أن يقول إما طاهر وإما نجس يستطيع أن يقول إما تجوز الصلاة أو لا تجوز, في قاعدة التجاوز لا يكتب رسالة في مائة صفحة يكتب مجلد في خمسمائة صفحة كله هذا, ولكن هذا كافي؟ هذا غير كافي, لماذا؟ باعتبار أنّ هذه العناصر المتحركة أو العناصر المتغيرة لا يستطيع كلّ أحد أن يشرّعها أن ينشأها إذا لم يقف على الأهداف العامة التي تريدها الشريعة.

    أضرب لكم مثال: مرة تأتي إلى مقنن من المقننين أهل القانون يضعون القانون, يضع لك يقول المجتمع يحتاج كذا يضع قانون, ومرة تأتي إلى الخطة الخمسية, الآن تجدون في كلّ الدول المتقدمة ماذا تفعل؟ لا تضع خطة خمسية بل تضع خطة عشرية, بل تضع خطة لخمسين سنة, بل تضع خطة لمائة سنة القادمة, فعندما تضع أهداف مشخّصة, فعندما تريد أن تعطي أحكام تعطي أحكام ضمن ماذا؟ لتحقق هذه الأهداف, وإلا إذا لم تلتفت أنت إلى ذلك لعلك تضع حكماً وتشرع شيئاً بدل أن يحقق ذلك الهدف يعيق من الوصول إلى ذلك الهدف.

    من هنا لابدَّ أن نقف على ماذا؟ يعني الذي يريد أن يصدر أحكام ولائية لابدَّ أن يقف على أهداف الشريعة, هذا الأمر الأوّل. ويلزم من هذا الشرط الأوّل أن يكون واقفاً على شروط تلك الجماعة التي يريد أن يضع لها.

    يعني بعبارة أخرى: تشخيص الموضوع لا تشخيص النظرية فقط, أنه الآن في أي ظرف يعيش يحتاج هذا أو يحتاج هذا؟

    الآن اضرب لكم مثال وإن كان سنقف كثيراً عند المثال ولكنه سيتضح, أنتم عندما تأتون إلى القرآن الكريم تجدون بأنه القرآن بشكل واضح وصريح يقول: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ} التفت جيداً يعني هدف النبوات والرسالات جميعاً تحقيق أمرٍ واحد ما هو؟ {لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} انتهت القضية.

    إذن أنت في أي تشريع وفي أي حكمٍ ولائي وفي اعتقادي وفي أي فتوىً تصدرها لابدَّ أن يكون نظرك إلى ماذا؟ إلى أن هذا يحقق الهدف أو يقف أمام الهدف أي منهما؟ أنت إذا لم تقف على مجموعة المنظومة يمكنك أن تحقق الهدف أو لا يمكن؟ يمكنك أن تشرع يمكنك أن تصدر أحكاماً ولائية أو لا يمكن؟ هذه الآية واضحة.

    من هنا نجد أن القرآن الكريم لم يكتفي دخل أكثر من ذاك, لأنه تعلمون قد الناس يختلفون في تشخيص مصاديق العدل, أنت تقول ألف يحقق العدل, وفلان يقول باء يحقق, الجمع الآن انظر إلى كلّ الدول الديكتاتورية منها تقول نحن نريد أن نحقق العدل, الديمقراطية منها تقول نحقق العدل, الدينية تحقق العدل المدنية, إذن هذه دعوى عامة, لا, الشارع ماذا فعل؟ دخل إلى التفاصيل, نزل إلى المصاديق, قال: واحدة من أهم مصاديق تحقيق العدل الاجتماعي بمعناه العام لا في قبال السياسي والمالي والمعيشي لا العام, بمعناه العام, واحدة من أهم طرق ذلك التفتوا جيداً, عجيبة هذه الآية, قال: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} الآن نريد أن نعطي ولي الأمر القائم بأي عنوان, {فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} نحن هذه الميزانية الضخمة وهو الفيء جعلناه بيد الحاكم لأجل ماذا؟ لأجل اليتامى والمساكين وابن السبيل ولذي القربي, أليس هكذا, هذه أهداف هذا بيان مصاديق لا الهدف الأصلي, تعلمون ما هو الهدف الأصلي؟ يقول: هذه كلها جعلناها هنا لـ{كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ} يعني ماذا؟

    التفتوا, انظروا توجد نظرية أعزائي في علم الاقتصاد: أن الدولة إذا أردت أن تعرف أنها متقدمة اقتصادياً ومالياً أو لا, انظر إلى الناتج القومي, يعني ماذا؟ يعني أنظر بأنَّ الفرد فيها ما هو حصته من الناتج القومي, الآن تجدون كثير من الدول يقول تعتبر دولة غنية لماذا؟ لأنّه كلّ فردٍ فيها حصته من الناتج القومي عشرة آلاف دولار عشرين ألف دولار, ثلاثة آلاف دولار, أما إذا صارت الدولة حصة الفرد فيها ألف دولار سنوياً أو خمسمائة دولار يقولون هذه دولة متخلفة, الآن الدول في الولايات المتحدة كأوروبا كجملة من الدول الأوروبية هذه دول غنية أو فقيرة؟ بحسب التصنيف العالمي دول غنية أو فقيرة؟ الجواب: دول غنية جزماً, لماذا؟ لأن الناتج القومي فيها عالي جداً, ولكن مع ذلك فيها مشاكل اقتصادية, وفيها مشاكل اجتماعية لماذا؟ لأن هذا المال لم يتوزع توزيعاً عادلاً, ذهب تسعين في المائة منه إلى طبقة محدودة والباقي باقي الناس وعشرة بالمائة ذهب إلى مئات الملايين, الآن المشكلة الموجودة في الولايات المتحدة وفي بعض الدول الأوروبية ما هي المشكلة؟ لا يوجد مال؟ لا لا, يوجد مال, ولكنّه واحد بالمائة في -الولايات المتحدة- واحد بالمائة من الثلاثمائة مليون إنسان, واحد بالمائة يعني كم واحد, كم يصيرون ثلاثة ملايين, واحد بالمائة من ثلاثمائة مليون يملكون سبعين بالمائة من الناتج القومي, وتسعة وتسعين في المائة يملكون ثلاثين بالمائة من الناتج القومي, لـ{كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} صحيح دولة غنية ولكنّه توزيع توزيعاً عادلاً أو لا توزع؟ لا توزع, جيد, من المسؤول في المجتمع الإسلامي إذا كان, مرة مجتمع فقير فذيك خارجة تخصصاً, مرة مجتمع غني من المسؤول عن التوزيع العادل؟ كلٌ يبحث عن مصلحته, الغني لا يهمه يقول عليّ فقط أن أعطي ما وجبت عليّ الزكاة وما زاد عن ذلك الآن لا يكفي الناس لا يكفي الناس أنا لست مسؤولاً عن الناس, هنا يدخل ولي الأمر, ماذا يفعل؟ ماذا يفعل ولي الأمر في مثل هذه الحالة؟ يبدأ بوضع تشريعاتٍ ولائية, ليوجد في المجتمع ليهدم الفارق الطبقي في الحياة, ليوجد نحواً من التوازن الاجتماعي, جيد جداً, إذا بينك وبين الله هو يقول لا علاقة لي بالتفسير, هذه رجوع إلى ما قبل التعطيلات, لماذا نحن نشترط أن الذي يريد أن يتصدى لمرجعية الأمة لابدَّ أن يكون واقفاً على مجموعة المعارف الدينية, كلّ المنظومة لابدَّ أن تكون بيده وإلا إذا لم يكن لا يستطيع أن يشرّع, هذا أولاً.

    وثانياً: لابدَّ أن يكون واقفاً على الظروف التي يعيشها الناس, لا يتكلم لي بلغة القضايا الشرطية, نعم, لغة القضايا الشرطية لغة المفتي لا لغة المسؤول والمرجع في الأمة, المفتي يقول إذا حصل كذا واجبك ماذا؟ كذا, إذا حصل كذا, واجبك كذا, كونوا على ثقة ما أريد أن أبالغ تسعة وتسعين بالمائة من القضايا الشرطية أصلاً لا خلاف فيها إنَّما الخلاف في القضايا الخارجية لا في القضايا الشرطية.

    الآن الأعزة أتصور كلّ الأعزة يوجد الآن جملة منهم لا أقول كلهم توجد مشاكل في بلدانهم, العراق توجد مشاكل الاحتلال, في البحرين توجد مشاكل السلطة, في المملكة العربية السعودية توجد مشاكل أخرى, سؤال: قل له بأنه أخرج فأقتل, يقول: والله إذا كانت مصلحة أخرج, طيب إذا كانت مصلحة ولكن لا أعلم توجد مصلحة أو لا توجد مصلحة؟ الكلام في القضية الشرطية.

    سؤال: الآن نحن مع هذه الدول نعيش بمنطق الإمام الحسن أو نعيش بمنطق من؟ الإمام الحسين, أو نعيش بمنطق الإمام الرضا الذي يذهب ويصير ولي العهد ولو بالتقية ليس مهم, سؤال: ما هو موقفي أنا في هذه الدول؟ يقول والله إذا كانت الشروط شروط الإمام الحسين فاخرج, أقول جيد جداً هو يوجد بحث في هذا, أصلاً بينك وبين الله أي مبتدئ يعرف هذه القضايا الشرطية, يقول: إذا كانت الشروط شروط الإمام الحسن فادخل اعمل, طيب جيد أنا أيضا أعلم هذا ولكن أنا شروطي ما هي شروط الحسن أو الحسين, هذه وظيفة من؟ هذه ليست وظيفة المفتي, المفتي فقط يكتب القضية الشرطية, مثل المادة القانونية, المادة القانونية يكتبها التشريع ولكن أعطيها بيد القاضي, القاضي لا يستطيع أن يقول للمتهم إذا كان كذا فعليك كذا, إذا كان كذا, لا, يقول له ماذا؟ يقول: أنت عليك كذا وينفذ الحكم. ما أدري استطعت أن أوصّل الفكرة إلى الأعزة أو لا.

    ومن هنا نحن في كتابنا (الفتاوى الفقهية) قلنا في باب الاجتهاد والتقليد أنه لابدَّ أن نميز بين المفتي وبين المرجع, فإنَّ للمفتي مجموعة من الشروط, وللمرجع مجموعة أخرى من الشروط وراء الشروط العامة.

    ولذا تجدون الشارع لحل هذه الإشكالية, إشكالية لـ{كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} ماذا فعل؟ التفتوا جيداً ماذا فعل؟ عندما جاء إلى الركن الأساس لتنظيم الحياة الاقتصادية والمالية للناس لإيجاد التوازن ماذا فعل؟ قال: أن الزكاة واجبةٌ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} فيها مجال هذه أو لا يوجد فيها مجال؟ أبداً, ولكنه عيّن موارد الزكاة أو لم يعين القرآن عين أو لم يعين؟ ما هي موارد الزكاة في القرآن, بماذا تتعلق الزكاة في القرآن؟ الجواب: لا يوجد أبداً, لماذا؟ لأنه عزيزي أنه لا يمكن أن تتعين موارد الزكاة, يعني: مصاديق الزكاة, لماذا؟ لأن الأموال في المجتمعات تختلف من زمان إلى زمانٍ آخر, في زمانٍ قد تكون الأموال عمدتها وعمودها الفقري ما هي؟ قولوا معي في زمان صدر الإسلام ما هو العمود الفقري للأموال في المجتمع الإسلامي في صدر الإسلام؟ ما هي (كلام أحد الحضور) هي هذه الأمور التسعة التي وضعها رسول الله, أنت عندما تأتي إلى المجتمع المدني تجد هذا المعنى بشكل واضح, الإبل الغنم البقر الحنطة الشعير التمر الزبيب الذهب والفضة. رسول الله وضعها بعنوان أنها هذه هي الزكاة, يعني: حتّى لو ذهبنا إلى مجتمع الدول الاسكنافية التي لا يوجد فيها ولا واحدة من هذه أبداً, طيب الزكاة ماذا نفعل لها هناك؟ نعطل كتاب الزكاة؟ الجواب: لا, الأعلام مشهور العلماء قالوا هذه أمور تعبدية, نحن نعتقد أنها أمور ولائية لا على مستوى البحث النظري بل نفتي على ذلك أيضاً, يقول هذا الشارع في ذاك الزمان وفي زماننا.

    ولذا حار الأعلام في زماننا أنه في النقود الورقية توجد زكاة أو لا توجد زكاة, في ذاك الزمان الشارع وضع الزكاة على ماذا؟ على الذهب والفضة وكانت هي النقود المتداولة, الآن في زماننا بعد الذهب والفضة متداولة كنقود أو غير متداولة؟ غير متداولة, ما هو المتداول؟ تضع فيها الزكاة أو لا تضع؟ على مبانيهم تجب أو لا تجب؟ لا تجب, إذا كانت دولة من الدول أعزائي لا حنطة يوجد عندنا ولا شعير ولا تمر ولا زبيب وإنما عندها حبوب أخرى أصلاً, أصلاً عندها تمن, الدولة كلها قائمة على الأرز, أصلاً لا يوجد شيء, وإذا يوجد أيضاً يشكل ثروة أساسية أو لا يشكل؟ لا يشكل, طيب توجد زكاة أو لا توجد زكاة؟ لا توجد أحد الأنعام الثلاثة توجد أنواع أخرى من الحيوانات تشكل العمود الفقري لاقتصاد البلد توجد زكاة أو لا توجد زكاة؟ الأعلام قالوا: لا لا توجد زكاة.

    نحن نعتقد لا, فإنّ ولي الأمر لابدَّ أن يقف على الثروة الأساسية في ذلك المجتمع وعلى أساس ذلك يضع الزكاة بالنصب التي يريدها وبالشروط التي تحقق التوازن الاجتماعي, ولذا لا فقط ما معتقدين أن هذه الأمور التسعة ليست تعبدية, حتّى نصبها وشروطها كلها أمور ولائية هذه. لماذا؟ كله لماذا هذا؟ لأنّه الشارع قال: {لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}, {كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ}.

    ومن هنا تجد – الوقت بدأ ينتهي كم دقيقة عندنا- ومن هنا تجد أنّ الروايات في زمن الأئمة المتأخرين من الإمام الصادق والرضا وبعد ذلك تركيزٌ شديدٌ برواياتٍ كثيرةٍ – إن لم أقل متواترة- كثيرة على وجوب الزكاة في مال التجارة, كلّ مالٍ أعد للتجارة أهل البيت وضعوا فيه ماذا؟ الزكاة, ولكن الأعلام لأنّهم جعلوا ما فعله رسول الله أمر تعبدي جزء من الشريعة يعني جزء من العناصر الثابتة, فاحتاروا أن هذه الروايات ماذا يفعلون بها, فإمّا حملوها على الاستحباب وإمّا حملوها على التقية.

    هذا كله منشأه ماذا؟ منشأه أن ما جاء في فعل رسول الله تصوره أنه عنصرٌ ثابت, ولكن نحن نقول أنه عنصرٌ متغير, عنصرٌ متحرك, عنصرٌ ليس جزءاً في الشريعة, والروايات الآن أنا أقرأ روايتين ثلاثة في مال التجارة حتّى تعرفون, هذه الروايات متعددة كثيرة الروايات أنا فقط أشير إلى بعضها, طبعاً هذا عنوان السيد صاحب العروة قال: [فصل فيما يستحب فيه الزكاة] مثل ماذا؟ قال: [الأوّل: مال التجارة] ما هو؟ قال: [وهو المال الذي تملّكه الشخص وأعدّه للتجارة والاكتساب به سواءً كان الانتقال إليه بعقد المعاوضة أو بمثل الهبة أو الصلح المجاني أو الإرث واعتبر…] إلى آخره.

    يقول السيد السبزواري+ في (مهذب الأحكام, ج11, ص178) يقول: [المرجع في صدق مال التجارة متعارف الناس] كلّ ما قيل عند الناس أنه ماذا؟ مال التجارة, بقيد التجارة يخرج ما أخذته لحاجتك الشخصية, للاغتناء للاستفادة, هذا مال التجارة أو ليس مال التجارة؟ تشتري السيارة مرة تشتريها للتجارة ومرة تشتريها للاستفادة الشخصية [لأنه من الموضوعات العرفية لا من الأمور التعبدية].

    الروايات, والروايات قال: >إنا نكبس الزيت والسمن نطلب به التجارة فربما مكث عندنا السنة والسنتين هل عليه زكاة؟ قال: إن كنت تربح فيه شيئاً فعليه الزكاة فزكه] >سألت الصادق عن الرجل توضع عنده الأموال يعمل بها< أموال, لا تمر وحنطة وشعير وإبل وبقر, لا, أي ما شيء صدق عليه ماذا؟ والأموال أمرٌ ثابت أم متغير من زمان إلى زمان؟ قال (عليه أفضل الصلاة والسلام): >قال: فعليه الزكاة كلّ مال عملته به فعليك الزكاة<. وعشرات الروايات في هذا المجال.

    ولكن لأنهم فرض الأعلام أنه تلك الأمور التسعة التي وضع عليها الزكاة رسول الله جعلوها من العناصر الثابتة من الأمور التي هي جزء الشريعة فحاروا في الجمع بينها وبين هذه الروايات.

    ولكن نحن لأنّها اعتبرنا تلك عناصر متحركة فهذه متحركة وفي كلّ زمانٍ ستكون متحركة, تتمة الكلام تأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 1148

  • جديد المرئيات