نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (214)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    بالأمس استعرضنا استعراضاً إجمالياً النصوص التي ذكرت لإثبات التحليل بنحو القضية المهملة, في النتيجة في الجملة هناك تحليلٌ صدر من الأئمة, وبهذا العنوان.

    من هنا لابدَّ أن نقف على عدّة أمور:

    أولاً: ينبغي أن تلتفتوا أن هذه المجموعة من النصوص بغض النظر عن إسنادها جملة منها صحيحةٌ بلا إشكال على الاصطلاح من يعمل بالاصطلاح. هذه النصوص تشترك في عدّة أمور أو لها لها عدّة خصوصيات:

    الخصوصية الأولى -الموجودة في هذه النصوص-: أنّها صدرت من الإمام الأوّل إلى الإمام الأخير, ولعله من النوادر أن نجد قضية تتفق عليها كلّ كلمات الأئمة, يعني: من الإمام أمير المؤمنين إلى الإمام الثاني عشر كما قرأنا في التوقيع الصادر أخيراً, حيث يتذكر الأعزة نص العبارة التي وردت قال: >وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا وجعلوا منه في حلٍ إلى وقت ظهور أمرنا<.

    إذن الخصوصية الأولى أنها واردة عن جميع الأئمة.

    الخصوصية الثانية: أنها بلسان واحد, كلها أبيح أو أحل, >فقد أبيح, وجعلوا في حل< إثبات الحلية والتحليل بمختلف المشتقات, أحللنا, في حل, هم في حلٍ, إلى غير ذلك. هذه أيضاً نقطة قوة في هذه الروايات لا نقطة ضعف, نقطة قوة أنه هذا النص ليس منقول إلينا بالمضمون بالمعنى منقول إلينا بالنص من الأئمة, الأئمة قالوا أن شيعتنا في حل.

    هذه النقطة الثانية المشتركة.

    النقطة الثالثة: هي أنها ظاهرةٌ -كما أشرنا بالأمس- ظاهرة بشكل واضح أن هذه المسألة كانت مستمرة في زمانهم لا توجد هناك قرائن بعضها, بعضها توجد فيها قرائن ما بعد الغيبة, ولكن بعضها صريحة واضحة من الآن إلى يوم القيامة, أو بعضها إلى ظهور أمرنا, ونحو ذلك.

    هذه الخصوصيات الثلاث مهمة جداً في نصوص التحليل.

    طبعاً قد يقال: أنه لماذا مررتم عليها مروراً سريعاً؟

    الجواب: هذه الروايات التي قد تبلغ عشرين أو ما يزيد عن ذلك, صحيحة وغير صحيحة بحسب الاصطلاح, مجموعة منها وقفة عندها تفصيلاً في الأبحاث السابقة يعني ثمان روايات منها إن لم تكن أكثر عشرة روايات منها نحن وقفنا عندها تفصيلاً في الأبحاث السابقة. هذه النقطة الأولى, إذن مررنا عليها إجمالاً باعتبار أن نصف هذه الروايات خصوصاً الصحيحة منها وقفنا عندها فيما سبق سنداً ودلالةً وفقهاً ومضموناً, هذا أولاً.

    وثانياً: أن باقي الروايات التي لم نعرض لها سوف نقف عندها عند استعراض الأقوال والمواقف إزاء هذه الروايات, تعلمون أن الأقوال الموجودة في هذه المسألة ولعله أفضل من جمعها وحاول أن يذكر كلمات الأعلام بإزائها هو (المحدث البحراني في الحدائق, ج12, ص437) الذي يبدأ [المقام الثاني في بيان المذاهب في هذه المسألة واختلاف الأصحاب فيها على أقوالٍ متشعبةٍ أحدها, الثاني, الثالث, الرابع, الخامس, السادس, السابع, الثامن, التاسع, العاشر, الحادي عشر, الثاني عشر, الثالث عشر, الرابع عشر] إلى (ص444) يشير إلى الأقوال إلى ذلك الزمان وبعد ذلك يستعرض جملة من كلمات القوم من كلمات هؤلاء لإثبات هذا المُدعى.

    إذن عندما نستعرض إن شاء الله -الآن ما أريد أن أقول هذه الأقوال جميعاً- بل لعله مهم هذه الأقوال والمواقف إزاء نصوص التحليل, عند ذلك كلّ وجهٍ من هذه الوجوه قول من هذه الأقوال يستند إلى بعض هذه النصوص, ولهذا عندما نعرض إلى دليله سوف نقف عند الدليل لنرى ما هو مضمون هذا الدليل سنداً وفقهاً ودلالةً. هذه ثانياً.

    النقطة الثالثة -أو البحث الآخر- الذي -أنا أدعوا الله سبحانه وتعالى أن نوفق له-, هذه القضية أنا ذكرتها للأعزة مراراً وتكراراً حتّى لعله يحصل منها الملل ولكن لأهميتها أشير إليها, أعزائي عملية الاستنباط ليست معرفة وعلم حتّى كلّ ما استطاع الإنسان أن يحصل معلومات أكثر فالملكة تقوى عنده أكثر, لا ليس الأمر كذلك, أبداً, قد تجد إنسان حافظ الفقه من أوله إلى آخره ولكنه لا يستطيع أن يستنبط مسألة واحدة, لا توجد عنده ملكة الاجتهاد, عملية الاستنباط عملية تُعبر عنها بأنها فن.

    وبتعبيرٍ آخر: صنعة حرفة, والفن يحتاج إلى ممارسة لا إلى جمع المعلومات.

    مثالها الواضح: أنت الآن لو تقرأ مائة كتاب في السياقة وكيفية السياقية وقيادة السيارة كن على ثقة, تكون سائق أو لا تكون سائق, تقود سيارة أو لا تقود سيارة؟ لا لا تقود سيارة, ولكنه مع خمس مرات تجلس خلف المقود لعلك ماذا؟ تقود سيارة وتسوق سيارة, التفتوا لماذا؟ لأن العملية عملية فنية صنعة حرفة ملكة هذه الملكة لا تحصل بجمع المعلومات أعزائي, ومع الأسف الشديد الكثير يتصور في حوزاتنا العلمية أنه بالحضور المكرر والزائد عشر سنوات وعشرين سنة وثلاثين سنة كلما كثر حضور .. لا لا أبداً, ابحثوا عن تلك الدروس التي تعلمكم الصنعة تعلمكم عملية الاجتهاد.

    السيّد الشهيد& عنده تعبير, هذا التعبير جداً مهم مع أنه في مسألة معينة ولكن يشير إليها يقول: [الذي عملنا عملية الاجتهاد هو الشيخ الأنصاري] طبعاً من المعاصرين يعني مقصودي من المتأخرين, في كتاب له من الكتب المفيدة الإخوة إذا يكون عندهم, (محاضرات تأسيسية) التي صدرت أخيراً, في (ص496) عنده عبارة أنقلها لكم, توجد مسألة عند الشيخ الأنصاري, وهي: حكم المبتدئة في العادة الشهرية للمرأة, حكم المبتدئة, في (كتاب الطهارة) التفتوا جيداً حتّى تعرفون أن الشيخ الأنصاري عندما يقال الشيخ الأعظم ليس هكذا على الهواء الطلق يقال الشيخ الأعظم, في (كتاب الطهارة, ج3, ص280) هذه عبارته, يقول: [فهذه عشرون قولاً في المبتدئة] الآن بينك وبين الله من من الأعزة عنده استعداد في عادة المبتدئة يبحث مسألة ويبحث فيها كم؟ عشرين قول مع أدلتها وتفصيلها وهنا بحث في كتاب الطهارة, الآن تقول بينك وبين الله هذه تستحق, الجواب: لا, البحث ليس في مسألة المبتدئة, ليس في مسألة العادة الشهرية, في مسألة كيفية تطبيق القواعد, الرجل يريد أن يعلمك ماذا؟ كيف تطبقها في هذه المسألة أو في باب الخمس أو في باب الزكاة أو في مكان آخر. لا يذهب ذهنك إلى أنه بينكم وبين الله تستحق مسألة المبتدئة أن يبحث فيها هذا.

    ولذا السيّد الشهيد& سيدنا الشهيد هذه عبارته في كتبه, يقول بأنه: [ولله دره] بعد أن يذكر هذه المسألة من الشيخ الأعظم [ولله دره فإنّه الذي علم كيفية الاجتهاد واستنباط الأحكام] لا أنه والله كان بارعاً في تحقيق هذه المسألة لا, علمنا ماذا؟ الكيفية أعزائي.

    ولذا أنا واحد من الناس الآن أمامكم بيني وبين الله كتاب الخمس أنا لم أحضره عند أحد, كتاب الزكاة لم أحضر عند أحد, ولا يمكن لأحدٍ أن يدعي أنه يحضر دورة فقهية كاملة عند أحد, خصوصاً الأعلام الذين بدؤوا أبحاث الخارج مثل السيّد الصدر& الذي عمره 23 سنة بدأ بحث خارج, هذا واقعاً وقته كان يكفي لأن يرى دورة فقهية كاملة, تعلم الصنعة تعلم الحرفة, تعلم هذا الفن, فعندما تعلم هذا الفن, فتعطيه أي مسألة في هذا الباب في هذا الباب في ذاك الباب, أعزائي.

    أقول هذا الكلام باعتبار أن الأعزة إما من خلال الاتصالات إما من خلال إيصال إليّ الكلمات من هنا وهناك أو تلويحاً أو تصريحاً, سيدنا والله طالت المسألة, أعزائي البحث ليس أنه نحن كم نأخذ مواد, أعزائي أنه المسألة التي نبحثها فيها قواعد للتطبيق وفيها بعد فني أو ما فيها, التفتوا إلى منهجي في بحث الخارج, أنا ليس منهجي في بحث الخارج أنه واقعاً أقول دورة فقهية, أو أكثر الأبواب الفقهية أقولها, ليس هذا, والله خمس مسائل أساسية تبحث بحثاً فنياً وبحثاً علمياً وبحثاً على القواعد وتطبيق القواعد بغض النظر أن ننتهي فيها نتائج أو لا ننتهي فيها نتائج, حتّى لو لم ننتهي فيها إلى نتائج, يعني حتّى لو, لأن هذا المجلس ليس مجلس فتوى, هذا المجلس مجلس فتوى!!, مجلس بحث, مباحثه.

    ولذا أعزائي التفتوا جيداً, إذا وقفنا عند هذه المسألة تستحق, لا تقول لي سيدنا نحن كنّا في أبحاث التحليل لماذا خرجنا إلى بحث آخر؟ عزيزي تلك أيضاً مسألة فقهية, أنت ما هو الذي ضارك أو أنه مستعجل, إلاَّ أنه نحن في هذا البحث.

    أنا عندما أجد مسألة مهمة محل ابتلاء أنت أيضاً تحتاجها هذه أيضاً قاعدة, وليس معلوم أنه بعد خمس سنوات عشر سنوات تلك المسألة أقولها أنا. طيب لا أقل تحصل عندك صورة إجمالية عنها.

    والأعزة هنا أيضاً لا بأس بالإشارة, الأعزة الذين درس الأصول يعلمون بأنه نحن انتهينا من المعنى الحرفي وناوين إلى أن نبدأ ببحث آخر, بيني وبين الله كنت متحير أي باب أبدا, إن شاء الله أبدا, ولكنه في الصباح تفألت بالقرآن على بابٍ أنا في ذهني قديم أن اشتغل عليه كثيراً, خرجت الآية المباركة {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنْ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} أنا إن شاء الله تعالى من أول الأسبوع القادم سأبدأ بحث التعارض, بحث التعارض الذي هو أتصور من مقومات عملية الاستنباط بحث أصولي وبحث فقهي, يعني أنه بحث التعارض من الأبحاث التي وردت فيها عشرات الروايات لا من الأبحاث التي نحن اخترعناها في علم الأصول, مثلاً في بحث انقلاب النسبة, نحن اخترعناه في علم الأصول لا يوجد في علم الأصول عندنا, يعني ما توجد عندنا نصوص عن أئمة أهل البيت تتكلم عن انقلاب النسبة, هذا استنباط في علم الأصول, أو المعنى الحرفي, أو الصحيح والأعم, هذه كلها أبحاث استنباطية, أما بخلاف باب التعارض, باب التعارض من الأبحاث التي وجدت فيها رسائل مكتوبة من زمن الإمام الصادق×و جملة من تلامذة الإمام الصادق لهم كتب في تعارض الأدلة في الجمع بين النصوص المتعارضة وهي مشكلة عويصة جداً واقعاً في تراثنا, لماذا؟ باعتبار أنّ أئمة أهل البيت تراثهم متوزّعة على قرنين ونصف, مئتين وخمسين سنة نحن عندنا روايات من أهل البيت, بطبيعة الحال سوف يقع فيها لعوامل كثيرة التعارض, لذا إن شاء الله من السبت أو الأحد بإذن الله تعالى إذا بقينا أحياء سوف نبحث بحث التعارض بإذنه تعالى. نرجع إلى بحثنا.

    إذن أعزائي, تعالوا معنا جميعاً إلى هذه النصوص, ما هي المواقف إزاء نصوص التحليل, عبر عنها أقوال عبر عنها احتمالات عبر عنها مواقف, المواقف وأوضح تصير.

    الموقف الأوّل: إذن كلّ الذي نريد أن نقوله سوف نضمنه في هذه المواقف.

    الموقف الأوّل: هذا الموقف أعزائي جاء وقال: أننا نلغي العمل بنصوص التحليل مطلقا وكأنها غير موجودة, انتهى, نحن والأدلة الأخرى الموجودة من الكتاب والروايات التي تقول بوجوب الخمس وعينت موارد الخمس و… إلى غير ذلك. هذا القول أشار إليه صاحب الحدائق في ج12, تحت رقم القول الحادي عشر, قال: [عدم إباحة شيء بالكلية] سالبة كلية أبداً وكأنه لم تكن [حتّى من المناكح والمساكن والمتاجر التي جمهور الأصحاب على تحليلها] باعتبار أنه واحدة من الأقوال في المسألة أن التحليل مختص بالمناكح والمساكن والمتاجر, الذي يأتي بحثها إن شاء الله بعد ذلك, واختلافات عظيمة في كلمات الأعلام ما هو المراد من هذه العناوين الثلاثة التي حللت أو استثنيت من الخمس [بل ادعي الإجماع على إباحة المناكح] لماذا؟ لأنه كثير من هذه النصوص >ليطيب مولدهم آبائهم أبنائهم< ونحو ذلك, الآن هو يقول: أنا لابدَّ الأعزة من حيث التاريخ يراجعون أو من حيث الكلمات يقول: [وهو مذهب ابن الجنيد الاسكافي فإنه قال ..] إلى آخره. جيد. ما هو الدليل على هذا الوجه, وهو أنه انروح الجماعة أصلاً تحليل لا يوجد وانتهت القضية.

    يقول: يوجد وجهان -هذا بترتيب مني وإلا لا يوجد في كلمات الأعلام- الوجه الأوّل يقول: أنه أساساً لم يثبت للأئمة هذا الحق حتّى يقولوا بالتحليل, أنت ثبت العرش ثمَّ انقش, الأئمة وظيفتهم قبض الحقوق أخذ الخمس وإيصالها إلى ماذا؟ إلى مستحقيها, لا أنه أن يتصرفوا في الحكم الإلهي, ولذا عبارته [لأن التحليل إنَّما هو فيما يملكه المحلل, لا فيما لا يملك] والخمس يملكه أو لا يملكه؟ لا, {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الآية صريحة ثابتة قرآنياً ليست بيد أحدٍ حتّى يحلل أو لا يحلل, [لا فيما يملك] نعم [وإنما إليه ولاية قبضه وتفريقه في الأهل الذين سماه الله لهم]. هذا هو الوجه الأوّل.

    ولذا تجد بعد ذلك حملات شديدة من الأعلام على هذا القول إن شاء الله تعالى بعد ذلك سنشير إليها من هذه الكلمات أنه أساساً [أن كلامه لا يخلو من سوء أدبٍ في حق الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) هم أعرف بتكليفهم أنهم متى يحق لهم أن يحللوا ومتى لا يحق لهم] هذا بحث لعله إذا صار وقت, أنظروا أقول لكم أبحثها هذه القضية. الآن لماذا أقول إذا صار وقت؟ لأنه قد الأعزة أيضاً يقولون سيدنا هذا خروج من البحث, أساساً الأئمة عندنا روايات لعلها مستفيضة إن لم أقل متواترة أن الأرض وما فيها ملكٌ لهم, طيب كيف لا يحق لهم أن يحللوا إذا ثبت أنها ملكٌ لهم؟ طيب هذا بحث لا علاقة له بالخمس, بحث عام, أنه واقعاً يملكون أو لا يملكون, وهذه الملكية في عرض ملكيتنا أو ملكيتنا في طول ملكيتهم؟

    هذا بحث لعله إذا وفقنا والأعزة ساعدونا على هذا البحث سأعرض له, هذا هو الوجه الأوّل.

    الوجه الثاني: لعله هو الوجه الفني لهذا القول, هذا الوجه الثاني أعزائي لعله لا يثبت لنا, دعوني أبين الوجه الثاني قبل أن أبين حدود إثباته ما هو, هذا الوجه الثاني يقوم على مقدمتين:

    المقدمة الأولى: أن الأخبار التي يمكن الاستناد إليها في إثبات التحليل أخبارٌ معدودة بقدر أصابع اليد أو أكثر خمسة ستة على الاختلاف الموجود في بعضها, يعني لا تتجاوز أصابع اليدين, وعلى هذا الأساس فهي أخبار آحاد. وهذا ما يصرح به السيّد الشهيد في نفس كتابه (محاضرات تأسيسية) يقول: [مجموع الروايات الدالة على التحليل ست لا تتجاوز أكثر من ذلك فهي بلا إشكال أخبار آحاد] هذه مقدمة. التفت.

    المقدمة الثانية: وهي مقدمة أيضاً أساسية ومهمة, وهي: أن التحليل في المقام مرتبطٌ بالموضوعات لا مرتبط بالأحكام, وبعد ذلك سأبين أنه كيف أن التحليل مرتبط بالموضوع لا بالحكم, هذه أيضاً المقدمة الثانية.

    المقدمة الثالثة -أو ما يرتب عليها-: هو أن خبر الواحد ليس حجة في الموضوعات, إذن التحليل يثبت أو لا يثبت؟ لا يثبت, بعد تماميتة المقدمات, بغض النظر الآن قد تناقش تقول لا سيدنا متواترة, الآن ذاك بحث آخر, المهم من يعتقد أنها أخبار آحاد, ويعتقد أن خبر الواحد يعني خبر الثقة أو خبر العادل حجة في الأحكام لا في الموضوعات, ويرى أن البحث في المقام أخبار التحليل مرتبطة بالموضوع لا مرتبطة بالحكم الإلهي, إذن أخبار التحليل حجة أو ليست بحجة؟ تثبت التحليل أو لا تثبت التحليل؟ لا تثبت التحليل.

    وهذا هو الوجه الذي استند إليه الفقيه الهمداني, الفقيه الهمداني قال: أن أخبار التحليل يعني عموم التحليل يعني التحليل مطلقاً جزماً لا يمكن العمل بها, في (مصباح الفقيه, ج14, ص110, طبعة مؤسسة النشر الإسلامي) هذه عبارته هناك, يقول: [مضافاً إلى عدم صلاحية مثل هذه الأخبار] أي أخبار؟ أخبار التحليل العامة, الآن يقول فيما يتعلق بالمناكح كذا, له بحث, ولكنه أن الخمس حللا مطلقا كما يوجد قول بعد ذلك نشير إليه, يقول لا يمكن أن نقبل هذا بأي وجه, يذكر عدّة إشكالات مهم الإشكالات هذه, مثلاً يقول: [الغير المدونة في الكتب الأربعة] هذا الإشكال غير وارد, [ما لم يعتضد بعمل الأصحاب.. ] إلى أن يقول: [ومع عدم كون هذا الحكم في حد ذاته من الأحكام الشرعية] يعني: التحليل [من الأحكام الشرعية بل من قبيل الموضوعات الخارجية التي يتوقف ثبوتها إما على العلم أو ما قام مقامه من البينة ونحوها] وحيث أن المقام خبر واحد ومن الموضوعات إذن هذه الأخبار لها قيمة أو ليست لها قيمة؟ لا قيمة لها.

    ثمَّ فقط يذكر هذه الروايات وهي التوقيع يقول: [فليس هذا التوقيع إلاَّ بمنزلة ما لو كان السند إلى أن يقول: [وكيف كان, فلا ينبغي الارتياب في أنه لا يصح التعويل على مثل هذه الأخبار] ساقطة عن الاعتبار, بهذا البيان الفني الذي أنا جمعته من مقدمتين: المقدمة الأولى: أخبار آحاد, المقدمة الثانية: أن أخبار الآحاد في الموضوعات ليست حجة.

    نعم, لابدَّ من البحث في أمرين:

    الأمر الأوّل: لماذا تقولون بأنه موضوعات؟ الجواب: لأن الخمس حكم إلهي, ولا يمكن للإمام أن يحلل أن يوقف الحكم الإلهي. نعم, من حقه أن يتنازل عن حقه وملكه والمالكي حكم أو موضوع؟ أنت عندما تقول رضا زيد وعدم رضاه ملك زيد وعدم ملكه هذا حكم أو موضوع؟ هذا موضوع من الموضوعات انه يملك أو لا يملك يرضى أو لا يرضى, الإمام هنا يريد أن يتنازل عن ماذا؟ فالتحليل مالكيٌ لا أنه تحليلٌ للحكم الإلهي, الحكم الإلهي ثابت قرآنياً كيف يحق لأحد أن يحلل ما هو ثابت قرآنياً. نعم, هذا الحكم القرآني قال حقه لمن ثابت؟ وهذا الذي قراناه إذا تتذكرون في روايات أنه >أول من ظلمنا حقنا الثابت في الكتاب< هذا حقنا ثابت في الكتاب ونحن أيضاً نتنازل عن حقنا إذن موضوع من الموضوعات. ما أدري واضحة هذه النكتة.

    الأمر الثاني: أنه قد يقال سيدنا لماذا تقولون أخبار آحاد ولا أقل أنتم تقرون أنه توجد خمس ست روايات, طيب فأي بينة أقوى من خمس ست روايات صحيحة السند؟ في البينة ماذا تحتاجون أنتم؟ شاهدين عدلين أو ثقتين هنا يوجد اثنين أو ستة؟ يوجد ستة لماذا تقولون أنه لا توجد أخبار آحاد هذه بينة؟ ما أدري واضح الإشكال.

    قد يقول قائل: سيدنا أخبار الآحاد ليست حجة في الموضوعات المقام ليس من صغرياتها لأن المقام ماذا؟ توجد بينة وأنتم صرحتم على حسب رواية مسعدة ابن صدقة, الموثقة المعروفة, المعروفة بموثقة مسعدة على الخلاف في مسعدة أنه ثقة أو ليس بثقة, فمن يعتقد أنه ثقة فالرواية ما هي؟ موثقة من لا يعتقد بأنه ثقة كسيدنا الشهيد+ يصرح في مواضع متعددة يقول لا, الرواية ضعيفة سنداً, لأنه يقول >إما أن يستبين لك أو تقوم عليه البينة< يستبين العلم أو تقوم عليه البينة في الموضوعات لأن الأمثلة المضروبة في النص هي من الموضوعات.

    سؤال: لماذا تقولون أنهم ليسوا بينة؟ الجواب: التفتوا جيداً, هذه من موارد الخلط الذي يقع في كلمات كثير من الأعلام, أنه أساساً تارةً أن البينة وجدانية, يعني الآن وقعت نجاسة على هذا السجادة يأتيني شخص يقول بأنه أنا رأيت, من يشترط البينة هذه كافية أو ليست كافية؟ لا ليست كافية, ما تثبت النجاسة, النجاسة تثبت بماذا؟ ببينةٍ, وهذا شخص واحد. فإذا جاء شخص ثاني انضم إليه وقال أنا أيضاً رأيت وقعت النجاسة, عند ذلك تثبت نجاسة هذه السجادة, هذه البينة نسميها بينة وجدانية, لأن اثنين شهدوا عندي.

    ولكن الروايات التي تنقل إلينا وجدانية أو غير وجدانية؟ لا, نقليه نقرأها أين؟ في الكتاب, يعني الكليني يقول زرارة ينقل عن الإمام الصادق, صحيح أو ليس بصحيح, أنا سمعتها من زرارة أو الكليني يقول؟ الكليني يقول, وافترضوا من الكليني إلى زرارة مطمئن بالسند, فلكي تثبت كلمة أو رواية زرارة في الموضوع لابدَّ اثنان يشهدون أن زرارة قال لا واحد يشهد, ما أدري واضح أم لا؟ اثنان يشهدون أن زرارة ينقل عن الإمام الصادق, والمفروض واحد نقل عن زرارة والثاني لم ينقل عن زرارة ينقل عن ماذا؟ إذن واحد ينقل جزء البينة والثاني ينقل جزءاً آخر من البينة يعني البينة تحتاج إلى اثنان, فكل جزء يحتاج إلى بينة لأن البينة ليست وجدانية, بينة نقليه, فهؤلاء الاثنين الذين ينقلون عن الأوّل لابدَّ أن تنقل بينة وعن الثاني تنقل بينة, مع أنه لا يوجد عندنا هكذا, ينقل الجزء الأوّل من البينة شخص, وينقل الجزء الثاني شخص آخر, فتبقى أخبار آحاد. ما أدري واضحة هذه المسألة.

    إذن بناء على هاتين المقدمتين أعزائي, يثبت أن التحليل العام لا وجه له. إذن يوجد وجهان:

    الوجه الأوّل: أنه لا يحق لهم التحليل.

    الوجه الثاني: بناءً على هاتين المقدمتين.

    الآن هذا الوجه تامٌ أو لا, أو هذان الوجهان تامان أو لا, يأتي إن شاء الله.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 924

  • جديد المرئيات