بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين
قلنا من القواعد الأساسية التي تعد مفتاحاً لأبحاث باب الخمس هو التعرف على أن الخمس هل هو نوعٌ واحد وله حكمٌ واحد وآثار واحدة أم أن الأمر ليس كذلك, بمعنى أننا يوجد عندنا نوعان من الخمس, فإذا كان هناك نوعان من الخمس فبطبيعة الحال سوف تختلف الأحكام المترتبة على كلّ نوع من هذين النوعين.
من باب التقريب إلى الأذهان, لو قلنا أن الأحكام التكليفية أو أن الأحكام التكليفية نوع واحد عند ذلك يكون لها حكم واحد وأثر واحد, أما إذا قلنا أنه قد يوجد عندنا حكم تكليفي على نحو الوجوب وحكم تكليفي على نحو الاستحباب, فبطبيعة الحال أن الآثار المترتبة على الأوّل تختلف عن الآثار المترتبة على الثاني.
نحن نعتقد ونختار ذلك أيضاً أن الخمس على نوعين:
النوع الأوّل: يعد جزءً من الشريعة وهو الثابت بمقتضى آية الغنيمة في القرآن الكريم, وهذا النوع من الخمس له حكمه الخاص ومن أحكامه أنه ثابت وأنه جزءٌ من الشريعة على حد الصوم والحج والزكاة والصلاة ونحو ذلك. وهذا ليس لأحد أن يتصرف في ذلك لا بالزيادة ولا بالنقيصة, كما هو الحال في أي حكم ثابت في الشريعة.
النوع الثاني من الأحكام او من الخمس: هو النوع أو الخمس الذي ثبت باعتبار شروط وظروف خاصة وهو الذي اصطلحنا عليه بالحكم الولائي, يعني أن الأئمة أعملوا ولايتهم لإيجاب شيء لم يكن في الأصل واجباً في الشريعة. لا أنه أوجبوا ما هو واجب بالشريعة وإلا يلزم تحصيل الحاصل, أساساً لا حاجة إلى مثل هذا الإيجاب وإنما أوجبوا أمراً ذلك الأمر لو كنّا ومقتضى أدلة النوع الأوّل هذا الخمس ثابت أو ليس بثابت؟ لا ليس بثابت.
نعم, يبقى الكلام ما هي الحكمة لماذا فعلوا ذلك؟ له بحث آخر, ولكنه نوع ثانٍ من الخمس غير النوع الأوّل. فإذا كان الأمر كذلك قلنا من أهم خصائص هذا النوع الثاني أنه لا يُعد جزءً من الشريعة لا يعد من ثابتات الشريعة بل هو حكم متغير من زمان إلى آخر, وهذا ما كشف لنا ما ثبت لنا من أن خمس أرباح المكاسب لم يكن في عصر النبي ولا في عصر الإمام أمير المؤمنين ولا في عصر الأئمة اللاحقين إلى أن ظهرت بدايات ذلك في زمان الإمام الصادق (عليه أفضل الصلاة والسلام) وصار كأصل في زمان الإمام الجواد والهادي وما بعد ذلك, هذا هو النوع الثاني.
ما هو رأي علماء الإمامية في ذلك.
قلنا أن المشهور بين علماء الإمامية هو: أن الخمس نوعٌ واحد, ولكنه في المقابل يوجد رأيٌ آخر وهو الذي ذهب إليه بعض الأعلام أو احتمله آخرون من غير أن يردوا هذا الاحتمال أن يدفعوا هذا الاحتمال, وأشرنا إلى بعض كلماتهم.
وممن أشاروا إلى ذلك كما أشرنا في الدرس السابق, ما ورد في (كتاب الخمس لبعض الأعلام المعاصرين) فإنه بعد أن ذكر في (ص201 من كتاب الخمس) قال: [لا يخفى أن الأخبار الدالة على هذا الخمس] المراد هذا الخمس الضمير يعود يعني خمس أرباح المكاسب يعني محل الابتلاء لا خمس الغنيمة لا خمس غنائم دار الحرب, لا خمس الكنز لا ليست تلك وإنما خمس أرباح المكاسب والتجارات وغير ذلك.
قال: [أن الأخبار الدالة على هذا الخمس مروية عن الصادقين ومن بعدهما من الأئمة بل أكثرها مروية عن الجواد والهادي من الأئمة المتأخرين ولا تجد في صحاحنا ولا صحاح العامة حديثاً في هذا الباب مروياً عن النبي’ وأمير المؤمنين, اللهم إلاَّ بعض العمومات التي ربما يحتمل انطباقها على هذا النوع من الخمس] كما يدعى في عموم أو إطلاق آية الغنيمة في القرآن الكريم. [ولم يضبط] التفتوا جيداً, هذا من حيث التشريع.
أما من حيث التطبيق [ولم يضبط في التواريخ أيضاً مطالبتهما] يعني النبي والإمام أمير المؤمنين [لهذا الخمس من أحدٍ مع أنه لو كان ثابتاً في عصرهما كان مقتضى عموم الإبتلاء به نقل التواريخ له وكثرة روايته بطرق الفريقين] فإنَّ قلت: لم يعملوا أو لم يطبقوا أو لم يظهروا حتّى لا يقع في أيدي الجائرين والحكام الظلمة؟ الجواب: هذا لم يقع إذا كان الأمر كذلك كان ينبغي أن لا يشرع خمس غنائم دار الحرب ايضاً حتّى لا يقع في أيدي الظالمين مع أن النص القرآني أثبت, وكان لا ينبغي أن تشرّع الزكاة أيضاً وكان ينبغي كثير من الأحكام التي وقعت بأيدي الظالمين أن لا تشرع وأن لا تبين حتّى لا يسيء الاستفادة منها الحكّام الظلمة [وليس هذا مما يخالفه حكومات الجور حتّى يظن ذلك سبباً لاختفائه, كيف وهو كان يوجب مزيد بيت المال وتقوية الجهات المالية] لو ثبت أن النبي كان مشرعاً لهذا النوع من الخمس, اطمأن أن حكّام الظلمة كانوا وضعوا يدهم عليه, تقول لابدَّ من إعطائه لأهل البيت, هم كما غصبوا أصل الخلافة كان من باب أولى أن يغصبوا حقوقهم المالية, [فلمَ صار هذا الحكم مهجوراً عند العامة بحيث لم يفتي به أحدٌ منهم ولم يتعرض لثبوته أو أخذه أحد من المؤرخين ولا يوجد في كتب علي – عند الخلافة- إلى عماله اسم ولا رسم منه مع عموم الابتلاء به, فهذه معضلة قوية في هذه المسألة] ما هو حل هذه المعضلة؟ أجيب عنها بأجوبة نحن ذكرناها مفصلة وأجبنا, ولكنه من الأجوبة التي ذكرت ما أشير إليه في (ص202 من الكتاب) قال: [ويمكن أن يقال أن هذا القسم من الخمس] يعني هذا النوع الثاني [وظيفته وميزانية حكومية جعلت من قبل الأئمة المتأخرين حسب الاحتياج] ما هو الاحتياج؟
أنتم تعلمون الآن متداول في كثير من البلدان عندما يجدون أن الضرائب العامة ما تفي ماذا يضعون؟ ضرائب إضافية, أهل البيت أيضاً قطعت أيديهم عن كلّ الحقوق التي ثبتت لهم في الكتاب وفي السنة النبوية كانت مرتبطة بهم من الزكوات من الأخماس من غنائم دار الحرب كلها وقعت بأيدي من؟ بأيدي الظالمين, والأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) عندهم مسؤولية لابدَّ أن يديوا وضع الشيعة اين يذهب فقراء الشيعة, كيف يدار وضع الشيعة من غير ميزانية مالية؟ من هنا اضطر أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أن يضعوا هذا الحكم الجديد هذا الحكم الولائي لا بعنوان أنه جزءٌ من الشريعة بل بعنوان أنه حكمٌ ولائيٌ تابعٌ للظروف التي اقتضت ذلك [حيث كانت الزكوات ونحوها في اختيار خلفاء الجور ولذلك] ما هو الشاهد على ذلك؟ الشاهد الذي أشرنا [ولذلك ترى أن الأئمة محللين له تارةً ومطالبين أخرى وهذا من حقهم باعتبار أنه حكم ولائي صدر من عندهم, ومقتضى ذلك] هذا من الآثار المترتبة [على كون الخمس حكماً] خمس أرباح المكاسب [حكماً ولائياً] إذن مقداره بيد من جعل هذا الحكم الولائي زيادته نقيصته رفعه وضعه تشديده أيضاً بيد من بيده هذا الحكم الولائي, فإذا ثبت التفتوا, فإذا ثبت أن هذه الصلاحيات في عصر الغيبة انتقلت إلى من يقوم مقام الإمام, >فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله< إذا فرضنا أن هذا التوقيع يثبت هذا, إذن مسألة خمس أرباح المكاسب أيضاً موكول إلى من؟ إلى من أعطوا هذه الصلاحية من حيث أصل وضعها ورفعها وزيادتها ونقيصتها وتشديدها وتخفيفها, هذا هو المبنى الذي نحن نختاره.
ولذا كاحتمال يشير في هذا الكتاب ورد هذا كاحتمال ولكن نحن عندنا فتوى, قال: [ومقتضى ذلك جواز تجديد النظر للحكّام بحسب مقتضيات الزمان وتزييد هذا الحق تارةً وتنقيصه أو تحليله تارةً أخرى] هذا تابع بحسب الاحتياط, سموه الفقيه سموه المرجع سموه ولي الأمر, ذاك الفاظ اصطلاحات, هذا بيده بحسب الحاجة الموجودة, هذا يقوله هنا.
ثمَّ يأتي مرةً أخرى في (ص350 من الكتاب) يقول: [وأما خمس الأرباح فقد عرفت في صدر المسألة أنه مع كثرة الابتلاء به مما لم يتداول في عصر النبي والأئمة وليس منه.. ] إلى أن يقول: [وليس منه ذكرٌ في أخبار التقسيم والتسهيم أصلا] هذا التقسيم الذي ذكر في الآية المباركة إذن ما مرتبط بهذا النوع من الخمس مرتبط بالخمس الثابت بالكتاب. [إنَّما حدث في أعصار الأئمة المتأخرين] إلى أن يقول [وفي رواية ..] إلى آخره.
وهكذا يأتي في (ص395 من الكتاب) يقول: [قد عرفت أن خمس الأرباح لا تجد منه اسماً في الصدر الأوّل والأخبار المروية فيه صادرة عن الأئمة المتأخرين] إلى أن يقول: [وعلى هذا الأساس] التفتوا إلى هذه الجملة [فلأجل ذلك احتملنا] ولذا قلنا يذكر هذا البيان يذكره ليس كرأي وإنما كاحتمال لكن احتمال لا يرد هذا الاحتمال, يقول هذا احتمال وارد [احتملنا كون هذا القسم من الخمس مرسوماً من قبل الأئمة] هذا مرسوم اصطلاح فارسي على الطريقة, السيّد الطباطبائي أيضاً عندما يتكلم في الميزان يقول كما صدر في بعض الفرمانات, مثلاً, بلي, في تفسير الميزان والفرمان كلمة تركية, طيب بمقتضى الحال لابدَّ أن يستعمل بعض الاصطلاحات التركية, هذا مرسوم المراسيم أيضاً موجودة وقد تستعمل أيضاً في اللغة العربية, مقصوده من المرسوم يعني الحكم الولائي, [من الخمس مرسوماً من قبل الأئمة المتأخرين بحق الإمامة والحكومة من جهة الاحتياج فعلى هذا] هذه النقطة المشكلة هنا [فعلى هذا يكون هذا الخمس حكماً موسميا] لا حكماً ثابتاً وجزء من الشريعة لا أنه >حلاله حلال إلى يوم القيامة, وحرامه حرامٌ إلى يوم القيامة< كصلاة الصبح ركعتين.
طيب جيد جداً إذا كان الأمر كذلك التفتوا, إذا كان الأمر كذلك يقول: [ويكون إثباته في عصرنا مشكلاً جدا] على أي أساس إذا ثبت أنه حكم ولائي يكون تابع لمناسبات الحكم والموضوع لظروفه الموضوعية, فإثباته في غير ظروفه يحتاج إلى جعلٍ جديد, يعني إلى حكم ولائي جديد.
ومن تشكل واقعاً وتصير معضلة مسألة خمس أرباح المكاسب بناءً على هذا التوجيه بناء على هذا الرأي الذي يقول أن خمس أرباح المكاسب ليس من القسم الأوّل وإنما من القسم الثاني والنوع الثاني.
نوع هذه البيانات وأمثالها أيضاً جاءت في عبارات السيّد الحائري, الإخوة إذا هذا الكتاب موجود بأيديهم يراجعون هذا الكتاب وهو في كتابه (مباني فتاوى في الأموال العامة) هناك في (ص226) بنفس هذه البيانات لا تختلف كثيراً, قال في (ص228) قال: [والمنشأ وأول أمر يقع الحديث عنه هنا هو البحث عن أن خمس أرباح المكاسب هل هو حكمٌ إلهي] يعني جزء من الشريعة وثابت [أو حكم ولائي] منشأ هذا التشكيك ما هو؟ لماذا وقع التشكيك لم يقع التشكيك في غنائم دار الحرب, لم يقع التشكيك في غير موارد أصناف الخمس يقول: [والمنشأ لهذا التشكيك هو أن التأكيد على خصوص خمس أرباح المكاسب ورد من قبل الأئمة المتوسطين واشتد من قبل الأئمة المتأخرين ومن هنا يدخل التشكيك في كون ذلك حكماً إلهيا] لا معنى للأحكام الإلهية الثابتة أن تكون بهذه الطريقة, [ويمكن إبراز هذا التشكيك] أي تشكيك؟ الذي أدّى بهذا الحكم أن يكون ولائياً أو يحتمل فيه الولائية, [ويمكن إبرازه بإحدى لغات ثلاثة فتارة بلغة أنه لم يصلنا ما يدل على تشريع هذا الخمس, من نص عليه لا في الكتاب] بعد التشكيك في معنى كلمة الغنيمة [ولا في كلمات الأئمة (عليهم السلام) ولا على لسان رسول الله ولا على لسان الأئمة] هذا وجه بيان, [وأخرى بلغة أنه اشتهرت في التأريخ جباية رسول الله للزكاة حينما نحن لم نرى عيناً ولا اثراً في التاريخ عن جبايته للخمس في أرباح المكاسب] لا مطلق الخمس, وإلا كثير من الروايات تشير, هذا بيان ثاني وبيان ثالث [وثالثة بأنه لو كان خمس أرباح المكاسب مشرّعاً مبيناً على لسان رسول الله لما كانت من مصلحة خلفاء الجور إنكاره] نفس البيانات التي أشرنا إليها قبل قليل. [فهل يقف] ثمَّ هنا يشير إلى بعض ما ذكره الأعلام ومنهم السيّد الخوئي+ يقول بأنه قد يقال بأنه التشريع ثبت ولكنه التطبيق في زمن الإمام الصادق, يقول يشير إليه من غير ان يؤيده يقول: [فهل يقف أمام هذا الاستبعاد لإلهية خمس أرباح المكاسب مجرد ما قد يقال إن الشريعة لم تؤكد الخمس من أول الأمر لأنه كذا, أو يكفي أن كلمة] المهم آخر المطاف يقول بأنه: [ولا يخفى أن هذه الشبهة لو لم يكن حلها] وهو لم يحلها يكون في علمكم ذكرها وذكر بعض الاستبعادات لها, ولم يجب عن تلك الاستبعادات ثمَّ جعل القضية مرددة, وهذا يكشف عن ماذا؟ أنه جازم بالعدم أو غير جازم بالعدم؟ لا أقل بأنه احتمال وارد لا يمكن, ما أدري واضحة هذه القضية.
ولهذا قال: [ولا يخفى أن هذه الشبهة لو لم يمكن حلها فهي لا تعني سقوط خمس أرباح المكاسب في زمن الغيبة] هي هذه المشكلة والمعضلة هنا, التي هناك ذكرنا قال: إثباته في عصر الغيبة مشكلٌ جدا, هنا يحاول (السيّد الحائري الله يعافيه) هو أنه يقول لا يؤثر سواء قلنا ولائي أو إلهي ثابت, فإنه ثابت وهذا بيانه سيأتي.
من هنا يطرح هذا التساؤل – التفتوا جيداً البحث من الأبحاث الابتلائية والمهمة ومورد ابتلاء الجميع بلا استثناء- أعزائي, إذا ثبت أن خمس أرباح المكاسب من الأحكام الولائية فهل يثبت في عصر الغيبة الكبرى أو لا يثبت؟ نتكلم عن ما هو محل ابتلائنا وإلا في عصر الحضور له حديث لعلنا نتكلم, أما الكلام أين؟ في عصر الغيبة الكبرى الآن في عصرنا هل يثبت أو لا يثبت؟
لا إشكال ولا شبهة نحن عندما نأتي إلى الأحكام الدينية إلى الأحكام الفقهية التي هي من النوع الأوّل يعني جزءٌ من الشريعة هذه بمجرد أن ثبتت في الشريعة فهي ماذا؟ فيها إطلاقٌ أزماني إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها, هذا ما فيه مجال, يعني إذا قال رسول الله’ صلاة الصبح ركعتين أو قال القرآن كذا, فهذا لا نحتاج أن نبحث أن هذا فيه إطلاق يشمل عصر الأئمة أو لا يوجد؟ فيه إطلاق يشمل عصرنا أو لا يوجد؟ هذا لا يحتاج لماذا؟ للنصوص الصحيحة والواضحة الدلالة التي قالت كما في (أصول الكافي, ج1, ص147, طبعة دار الحديث, رقم الحديث 179, كتاب فضل العلم, باب البدع والرأي والمقاييس, الحديث 19) >عن زرارة, قال: سألت أبا عبد الله عن الحلال والحرام, فقال: حلال محمد’ حلالٌ أبداً إلى يوم القيامة, وحرامه حرامٌ أبداً إلى يوم القيامة, لا يكون غيره ولا يجيء غيره ..< إلى أن قال كذا وكذا. إذن القضية من الواضحات إذا ثبت أنه جزء من الشريعة فلا يمكن لأحد ماذا؟ طبعاً بالعنوان الأولي وإلا بالعناوين الثانوية له أحكامه الأخرى, هذه رواية.
والرواية الثانية وردت في (فروع الكافي, ج9, ص388, كتاب الجهاد, باب من يجب عليه الجهاد ومن لا يجب, الرواية الأولى) التي هي سبع ثمان صفحات.
الرواية: >قال: لأن حكم الله عزّ وجلّ في الأولين والآخرين وفرائضه عليهم سواء إلاَّ من علّة أو حادثٍ يكون< لا فرق هذه عناوين ثانوية >والأولون والآخرون أيضاً في منع الحوادث شركاء والفرائض عليهم واحدة يُسأل الآخرون عن أداء الفرائض عمّا يُسأل عنه الاولون ويحاسبون عمّا به يحاسبون< هذا أوضح من هذا البيان أنا لا أتصور أنه يمكن أن نجد, هذا هو ما يرتبط بالنوع الأوّل.
أما النوع الثاني: وهي الأحكام الولائية, التفتوا جيداً, الأحكام الولائية الصادرة عن النبي والأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أصناف, كونوا على ثقة أنه من أهم مفاتيح عملية الاستنباط هذا البحث, وإلا إذا ما تلتفتوا إلى هذه هكذا توقعون التعارض بين الروايات, مع أنه حكم ولائي صدر في زمان, وحكم ولائي صدر في زمان آخر إذا جردته عن ولائيته تقول وقع التعارض بين كلام الإمام وكلام الإمام.
الصنف الأوّل:
الصنف الأوّل من الأحكام الولائية أساساً مناسبات الحكم والموضوع في الحكم الولائي إنَّما هو عصر الغيبة, إنَّما جعله أئمة أهل البيت لماذا؟ لإدارة شؤون الشيعة ما بعد غيبتهم, وإلا عصر حضورهم بشكل من الأشكال الشيعة الآن بلا واسطة أو مع الواسطة كانوا يرجعون إلى الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) تنحل المشكلة, أما ماذا يفعلون وهم يعلمون أن له غيبة حتّى يشكك فيها أخص خواصه, طيب أيترك سدى, هذا منطق الحكمة يقتضي أن يتركوا سُدى أو يرجعون؟ هذه أحكام ولائية ولكن أحكام ولائية هي بسبب أو بآخر ثابتة لعصر الغيبة الكبرى, مثالين أذكرها لكم لهذه الأحكام الولائية.
المثال الأوّل: الحكم الذي ثبت لفقهاء أو بنص الرواية لماذا أذهب هنا وهناك, بنص الرواية >لرواة حديثنا< >وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم< الذي في الغيبة قراناها الرواية والتي معتبرة ذكرنا مراراً, قال: >وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله< جيد, بأي قدرٍ افترضنا دائرة حجية رواة الحديث, الآن قلنا الولاية المطلقة الولاية المقيدة الفتوى أي شيء قلنا, في النتيجة هذا حكمٌ ولائيٌ صدر من الأئمة لأي وقتٍ؟ لزمن الغيبة. حكم ولائي ولكن ليس حكم ولائي مختص بزمانهم.
ولا يقول لي قائل: سيدنا من أين قلت أن هذا حكم ولائي؟ أولاً: قرينته معه, قال: >فإنهم حجتي< أنا وضعتهم عليكم, وإلا لو كانوا هؤلاء حجج الله علينا لكانوا لقال فإنه حجج الله عليكم وانا حجة الله عليكم, ممكن أو ليس بممكن؟ نعم, ممكن.
ولذا الشيخ الأنصاري+ في المكاسب عندما وصل إلى هذه الرواية في (ج3, الطبعة الحديثة, ص556) قال: [فكان هذا منصب ولاة الإمام من قبل نفسه] هو نصبهم, هذا النصب للفقهاء والرجوع إليهم والمرجعية إليهم أي حدٍ فرضنا, لا يتبادر إلى الذهن هذا نصب إلهي, لا, هذه من الدوائر التي فوض فيها الأمر إلى من؟ إلى الإمام المعصوم (عليه أفضل الصلاة والسلام) فلا يذهب ذهنك أن هذا النصب على حد ذاك النصب, لا, نصب الأئمة نصبٌ إلهي جزءٌ من الشريعة, أما نصب الفقهاء حتّى لو قبلنا بنظرية ولاية الفقيه مطلقة مقيدة اياً عبروا عنها, فهي ماذا؟ نصبٌ من الإمام المعصوم كحكم ولائي ليس جزءً من الشريعة.
قال: [فكان هذا منصب ولاة الإمام من قبل نفسه لا أنه واجبٌ من قبل الله سبحانه وتعالى على الفقيه بعد غيبة الإمام, وإلا كان المناسب أن يقول إنهم حجج الله عليكم كما وصفهم في مكان آخر بأنهم أمناء الله على الحلال والحرام] عندما تبين قال أمناء الله. جيد.
هذا مورد مثال من الأحكام الولائية الثابتة في عصر الغيبة.
مثال آخر: باب القضاء.
الآن نحن في عصر الغيبة لمن نرجع لكي يقضي بيننا؟ في عصر الحضور لابدَّ من الرجوع إلى الإمام المعصوم, نعم بإمكانه هو أن يرجع إلى الغير, في عصر الغيبة ماذا نفعل؟ وهذا هو مضمون عبروا عنها مقبولة معتبرة صحيحة عمر بن حنظلة, على الخلاف الموجود في هذا, أنها ضعيفة السند بعمر ابن حنظلة الذي كلام لا أصل له, لم يرد فيه توثيق الرجل ليس ضعيف. أو على بعض المباني الأخرى المبنى الذي اختاره السيّد الشهيد+ وهو أنه صحح الرواية على التفصيل في سندها في محلها, ماذا يوجد في سند هذه الرواية, الإخوة الذين يريدون أن يراجعون هذه الرواية وسندها, يراجعون (تقريرات السيّد الهاشمي, ج7, ص370) هناك بعد أن ينقل الرواية يقول: [أما المقبولة] هناك في (ص370) يقول: [فالمقبولة صحيحةٌ سنداً] طبعاً حتّى لو لم يكن بهذا الطريق الذي يذكره السيّد الشهيد, لنا طرق أخرى لجعلها معتبرة محل الشاهد قال: [>قلت: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما<] التفتوا محل الشاهد [>فإني جعلته عليكم حاكما<] من الجاعل؟ الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) بمناسبات الحكم والموضوع هذا الجعل هذا الحكم الولائي هل هو مختص بعصر الحضور لا, وإنما يشمل عصر الحضور وعصر الغيبة, إذن القسم الأوّل من الأحكام من الأحكام الولائية ما فيه إطلاق أزماني يشمل عصر الغيبة الكبرى.
يبقى القسمان الآخران يأتي.
والحمد لله رب العالمين.