نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (240)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    قلنا بأنَّ مفاتح البحث في نصوص وروايات التحليل هو أن نعرف أن هذه النصوص هل هي شاملة وفيها إطلاق يشمل أرباح المكاسب أيضاً أم لا؟

    فإذا كانت شاملة وفيها إطلاقٌ يشمل أرباح المكاسب أيضاً, واقعاً قبل أن نصل إلى عصر الغيبة الكبرى وأنه ما هو حكم أرباح أو خمس أرباح المكاسب يقع التنافي في عصر الحضور. باعتبار أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) اتفقت كلمتهم من الإمام أمير المؤمنين إلى الإمام الثاني عشر في التحليل ومع ذلك نجد أن سيرتهم المستمرة والقطعية وهذا ما يثبته التأريخ أنهم كانوا يأخذون الخمس, يعني خمس أرباح المكاسب, من غير نكير بل وحتى من غير سؤال من أحدٍ من أولئك الذين رووا لنا روايات التحليل.

    في اعتقادي أن نكتة البحث الأساسية هي أنه أساساً لا يوجد هناك إطلاق في نصوص التحليل يشمل خمس أرباح المكاسب, وعندنا أساساً لابدَّ أن نبحث عن الدليل عن وجوب خمس أرباح المكاسب فإنَّ كان جزءً من الشريعة فبطبيعة الحال >حلاله حلالٌ إلى يوم القيامة, وحرامه حرامٌ إلى يوم القيامة< يعني إذا قلنا في عصر الغيبة الكبرى يجب الخمس في أرباح المكاسب هذا ليس على خلاف القاعدة بل مواقف لأصل القاعدة كما نقول صلاة الظهر واجبة صلاة الصبح واجبة, الزكاة واجبة الصوم واجب نقول خمس أرباح المكاسب واجب لا نحتاج إلى مؤونة إضافية.

    وأما إذا قلنا أن خمس أرباح المكاسب, المفروض أن أخبار التحليل غير شاملة بناء على مبنانا, وأما إذا قلنا أن خمس أرباح المكاسب ليس حكماً ثابتاً في الشريعة وإنما هو حكمٌ ولائي. عند ذلك لابدَّ أن نرى أن هذا الحكم الولائي فيه صلاحية الشمول لعصر الغيبة الكبرى أيضاً يعني فيه إطلاقٌ يشمل عصر الغيبة أو لا؟ فإنَّ كان فيه ذلك إذن الإمام المعصوم أعمل ولايته حتّى لعصر الغيبة الكبرى وله مثل هذه الصلاحية. وإن لم يثبت ذلك إذن لا يبقى عندنا أي دليل لا من أصل الشريعة ولا بحكمٍ ولائي على أن خمس أرباح المكاسب واجبٌ في عصر الغيبة الكبرى.

    اللهم إلاَّ أن يقول قائل: أن هذه الولاية أعطيت للفقيه في عصر الغيبة الكبرى فمن حقه أن يعمل ولايته ويوجب الخمس في أرباح المكاسب بالقدر الذي يراه ضرورة في ذلك.

    هذه أعزائي حيثيات البحث على المباني المختلفة على مباني المشهور على المبنى الذي اخترناه ونحو ذلك.

    إذن التفتوا جيداً, إذن بيت القصيد مفتاح البحث ينصب على هذه النقطة وهي: أن نصوص التحليل روايات التحليل التي يطمئن الإنسان بصدورها من المعصوم (عليه أفضل الصلاة والسلام) هل هي شاملة فيها إطلاق يشمل خمس أرباح المكاسب حتّى نبحث عن دليل مقيد حتّى نخرجها عن إطلاق نصوص التحليل, سواءٌ في عصر الحضور أو في عصر الغيبة.

    نحن كما قلنا في البحث السابق عندما نستقرأ بغض النظر عن الشواهد والقرائن التي أشرنا إليها, عندما نستقرأ النصوص نعتقد أو أنه لا نجد فيها أي شاهدٍ على الإطلاق بل العكس هناك شواهد على عدم وجود إطلاقٍ فيها.

    وبالأمس قلنا أن النصوص على طوائف ثلاثة:

    الطائفة الأولى: وهي التي فيها تصريحٌ أن التحليل مختصٌ بالخمس الثابت قرآنياً, وحيث أنه على مبنانا أن خمس أرباح المكاسب ليس ثابت بحسب الأصل القرآني, إذن القضية واضحة لا يمكن أن تكون نصوص التحليل شاملة لخمس أرباح المكاسب, بل بعد ذلك حتّى على من يرى إطلاق الآية أيضاً لا يكون شاملاً لخمس أرباح المكاسب.

    قرأنا مجموعة من الروايات ومن تلك الروايات -المرتبطة بالطائفة الأولى قبل الانتقال إلى الطائفة الثانية- ما جاء في (بصائر الدرجات, ج2, ص238, باب في أن ما فوض إلى رسول الله فقد فوض إلى الأئمة) الرواية: >عن أبي حمزة الثمالي قال سمعت أبا جعفر يقول: من أحللنا له شيئاً أصابه من أعمال الظالمين فهو له حلال<.

    إذن التحليل منصب على ماذا؟ ما وجد في أعمال الظالمين ما الذي وجد في أعمال الظالمين؟ الذين غصبوا حقهم, وأنتم تعلمون أن الظالمين الذين غصبوا حقهم هم لم يغصبوا أرباح المكاسب إنَّما غصبوا حقهم الثابت في القرآن, الثابت بمقتضى >ما كان لله فهو لرسوله< يعني الخمس الاصطلاحي الذي اصطلحنا عليه بالأمس. قال: >من أحللنا له شيئاً أصابه من أعمال الظالمين فهو له حلالٌ ..< إلى آخره.

    إذن أعزائي هذه الرواية واضحة أن التحليل منصبٌ على ما كان هو المبتلى به في ذلك الزمان والمبتلى به في ذلك الزمان ما هو؟ الخمس الثابت بحسب النص القرآني بحسب آية سورة الانفال, هذه رواية.

    الرواية الثانية: أيضاً مرتبطة بالطائفة الأولى, وهي في (الوسائل, ج9, ص548) الرواية من الروايات المعتبرة وقراناها فيما سبق, الرواية طويلة: >قال يا أبا سيار: قد طيبناه لك وحللناك منه فضم إليك مالك< هذا التحليل الشخصي الآن لا نتكلم فيه, أما التحليل العام, >قال: وكل ما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون< باعتبار أنه الأراضي التي فتحت والغنائم التي أخذت كلها من غنائم دار الحرب الإمام (عليه السلام) جعل فيها التحليل, ومن الواضح بأنَّ الأرض شيء وأرباح المكاسب شيء آخر لا علاقة لأحدهما بالآخر.

    ومن الروايات الواردة في هذا الباب أيضاً, الرواية الواردة في (التهذيب, ج4, ص137) الرواية >عن الحسين بن سعيد عن محمد بن أبي عمير عن الحكم بن علباء الأسدي قال: وليت البحرين فأصبتُ بها مالاً كثيرا< من خلال الولاية, صرت والٍ من قبل الظالمين في منطقة البحرين >فأصبت منها مالاً كثيرا, فانفقت واشتريت ضياعاً كثيراً واشتريت رقيقاً وامهات أولاد وولد لي ثمَّ خرجت إلى مكة فحملت عيالي وأمهات أولادي ونسائي وحملت خمس ذلك المال فدخلت على أبي جعفر الباقر (عليه أفضل الصلاة والسلام) فقلت له: أني وليت البحرين فأصبت به مالاً< إلى أن قال: >أما أنه كله لنا وقد قبلتُ ما جئت به وقد حللتك من أمهات أولادك ونسائك وما انفقت وضمنت لك عليّ وعلى أبي الجنة<.

    الآن هذا بحث الضمان على الجنة ما هو معناه؟ له بحث آخر.

    واضح, أن هذه الرواية تشير إلى التحليل من المال الذي أخذه من من؟ من الظالمين لا أنه ذهب وتعامل وربح والآن يريد أن يعطي خمسه.

    والشاهد على ذلك: نفس هذه الرواية واردة في (رجال الكشي, ج2, ص453) الرواية هذه, يقول: >قال: إن علباء الأسدي..< إلى أن يأتي يقول: >فقال: أنه وليت من بني أمية فقلنا ..< الرواية أين؟ بلي, >قال: ثمَّ إني وليت البحرين لبني أمية< فإذن هذه الرواية التولية من من؟ من بني أمية, يعني ما أصابه كله كان من المال الذي أخذه من الولاية على البحرين لبني أمية, >وأفدت كذا وكذا وقد حملته ..< إلى آخره.

    طبعاً الرواية وإن كانت فيها تحليل شخصي أيضاً ولكن أنا أريد أن أبين أن الجو العام للتحليل كان أي شيء؟ ما أحللناه له من أموال الظالمين, لا علاقة له أساساً أرباح المكاسب في ذلك الزمان لم يكن متعارفاً أصلاً. أرباح المكاسب أعزائي خمس أرباح المكاسب لم يكن موجوداً حتّى على فرض إطلاق الآية, مراراً ذكرنا هذا المعنى. يعني في زمن رسول الله أخذ أرباح المكاسب؟ لا, في زمن الأوّل والثاني والثالث ثمَّ انتهينا إلى زمن الإمام أمير المؤمنين أخذ أرباح المكاسب؟ لا, الإمام الحسن؟ لا, الإمام السجاد؟ لا, الإمام الباقر؟ لا, الإمام الصادق؟ أيضاً في أوائل إمامته؟ لا, أساساً لم يكن هو المبتلى به.

    إذن التحليل أعزائي عموماً كله منصبٌ على ماذا؟ طبعاً هذه الرواية من باب الفائدة وإلا لا مدخلية لها في بحثنا, هذه الرواية واردة في (تهذيب الشيخ, عن محمد بن أبي عمير, عن الحكم بن علباء الأسدي) فالرواية عن من؟ عن ابن علباء الأسدي الحكم ابن علباء الأسدي.

    نفس هذه الرواية التي الآن قراناها لكم قبل قليل في (ص453, من اختيار معرفة الرجال أي رجال الكشي) الرواية: عن أبي بصير قال: >إن علباء الأسدي ولي البحرين< فهذه الرواية تقول أن ابنه ولي البحرين >قال وليت البحرين فأصبت< وهنا الرواية في (الكشي) تقول: أن علباء الذي ولي البحرين, الآن كلاهما أو واحد منهما أو أنه يوجد تصحيف في الرواية؟ من هنا وقع بحث كثير بين الأعلام بأنه هذه الحكم بن علباء الأسدي أو الحكم عن علباء الأسدي, هذه من موارد التصحيف في الروايات.

    ولذا السيّد الخوئي+ في (معجم رجال الحديث, ج6, ص175) يقول: [قصة ولاية البحرين وإصابة مالٍ كثير وحمل ذلك المال إلى الإمام وضمانه الجنة رواها بن أبي عمير عن شهاب ابن عبد ربه عن أبي بصير وأنها كانت لعلباء ذكره الكشي في ترجمة علباء, واحتمل وأنه رواية أخرى, ومن البعيد تعدد القصة وأن الأب ولي البحرين ووليها ابنه في زمن الإمام الباقر] هذه أساساً بعيد جداً [واحتمل بعضهم في الرواية الأولى أن الصحيح >عن محمد بن أبي عمير عن الحكم عن علباء< هذا هنا يذكره.

    ولذا عندما نأتي إلى (قاموس الرجال, للتستري&, ج3, ص616) عبارته واضحة هناك, يقول: [والتحقيق أن الحكم بن علباء في الخبر محرفٌ عن الحكم عن علباء والمراد به الحكم فيه الحكم بن حكيم الصيرفي الأسدي المتقدم الذي هو كذا وهو ثقة] وحتى لو لم يكن ثقة فقد رواه عنه محمد بن أبي عمير الذي لا يروي إلاَّ عن ثقة.

    هذا من حيث السند الرواية.

    إذن الطائفة الأولى من الروايات واضحة سواء كانت شخصية أو كانت عامة أن التحليل فيها لا يمكن أن يكون شاملاً لأرباح المكاسب.

    الطائفة الثانية: في الطائفة الثانية من الروايات وهذه مهمة جداً, وهي الروايات الواردة عن الإمام أمير المؤمنين أو عن الرسول الأعظم’ إلى زمن الإمام الباقر, هذه الروايات وإن كان لسانها عام, ولكنه بعدُ لم يكن يوجد خمس أرباح المكاسب حتّى تكون شاملة.

    لا يمكن أن نقول أنه الإمام كان في مقام البيان من هذه الجهة, أساساً خمس ارباح المكاسب لم يكن موجود حتّى نسأل أنه هل الإمام كان في مقام البيان أو لم يكن في مقام البيان؟ لابدَّ أن يكون الموضوع موجود حتّى نقول كان أو لم يكن.

    ولذا جملة من الأعلام قالوا أن هذه النصوص, التفتوا جيداً, أن هذه النصوص لا إشكال ولا شبهة – نصوص التحليل الواردة عن الإمام أمير المؤمنين وبعد ذلك إلى زمن الإمام الصادق- ليست شاملة لأرباح المكاسب. وهذا ما صرح به في (فقه الشيعة) السيّد الشهيد الصدر, مجموعة كلّ من تعرض قال هذه الروايات لا يمكن أن يكون فيها إطلاق لأي شيء؟ لأرباح المكاسب, لماذا؟ لانه بعد إما لم يشرّع وإذا شرّع فإظهاره كان في زمن الإمام الصادق (عليه أفضل الصلاة والسلام).

    ولذا في (فقه الشيعة, ج2, ص442) يقول: [ومن المعلوم أن الخمس الذي كان يبتلي به الشيعة في الأزمنة السابقة] يعني الأزمنة السابقة عن الإمام الصادق [هو ما ذكرناه من خمس الغنائم ونحوه مما كان في أيدي المخالفين غير أرباح المكاسب] الذي كان في أيدي المخالفين لم يكن شيء مرتبط بارباح المكاسب لماذا؟ باعتبار أنه لم يشرع أو لا أقل بعد لم يظهر أو لم يظهروا أئمة أهل البيت هذا التشريع, والأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) يريدون أن يحللوا هذه المبادلات التجارية الموجودة في حياة الناس.

    وأنتم تقرأون قرأنا يقول أدخل إلى السوق أشتري أبيع عندي تجارة عندي كذا كذا .. إلى آخره, الإخوة يتذكرون هذه الرواية مراراً قرأناها في (وسائل الشيعة) التي هي من الروايات الواضحة في هذا المجال انظروا إلى هذه الرواية, الرواية التي يقول أذهب إلى السوق حلل لي الفروح, >قال: لا يسألك أنه يجد شيئاً في كذا, قال رجل وأنا حاضر حلل لي الفروج ففزع أبو عبد الله فقال له الرجل ليس يسألك أن يعترض الطريق إنَّما يسألك خادماً يشتريها امرأة يتزوجها ميراثاً يصيبه, تجارةً يقوم بها, مالاً أعطي..< إذن المشكلة أين كانت في المبادلات كانت. ومن الطبيعي أن الإمام (عليه السلام) الإمام أمير المؤمنين >حللنا الخمس< مراده أي خمس؟ أرباح المكاسب, أصلاً يحتمل فيها حيثية إطلاق لأرباح المكاسب؟ أساساً لا فرض للمسألة, قلت لكم: أنه واحدة من أركان الإطلاق أن يكون الإمام في مقام البيان من تلك الجهة صحيح, أليس هذه من مقدمات الحكمة؟ طيب أن يكون في مقام البيان أن يكون موضوعه موجود, أما إذا كان موضوعه سالبة بانتفاء الموضوع طيب لا معنى لأن نقول أنه الإمام كان.

    ولذا السيّد الشهيد أيضاً في (المحاضرات التأسيسية, ص478) أشار إليه, والغريب جداً التفتوا, وبعد ذلك سأبين, الغريب جداً, أن السيّد الهاشمي أصر على هذه القضية, ومع ذلك قبل ذلك يقول أن الروايات فيها إطلاق. في (الخمس, ج2, ص) أنا أقرأ العبارة بطولها لأهميتها, الآن أقول أن هؤلاء لماذا لم ينتهوا إلى الوجه الذي نحن أشرنا إليه يقول: [صدور كثير من روايات التحليل] التي هي من الإمام أمير المؤمنين وبعد ذلك [من الأئمة المتقدمين وما صدر من المتأخرين واضحٌ أيضاً في إمضاء نفس ما صدر من الأئمة المتقدمين] يعني التحليل ما هو؟ تحليل واحد لموضوع واحد, لا أنه تحليل صدر من الإمام الصادق لموضوع يختلف عن التحليل الذي صدر من الإمام أمير المؤمنين لموضوع آخر, فإذا كان الموضوع الذي حلله أمير المؤمنين لا يشمل أرباح المكاسب, التحليل الذي صدر من الأئمة المتأخرين أيضاً لا يشمل أرباح المكاسب هذا مقبول عند القوم, لا يتبادر إلى الذهن أنه هذا فقط أنا أقوله, قال: [في إمضاء نفس ما صدر من الأئمة المتقدمين والتأكيد عليه لا تأسيس إباحةٍ جديدة] جيد, إذن تحليل المتأخرين والمتقدمين ما هو؟ لموضوع واحد.

    تعالوا معنا إلى هذا الموضوع الواحد لنرى أنه يشمل أرباح المكاسب أو لا؟ قال: [ومن الواضح أنه في زمن الأئمة المتقدمين لم يكن الخمس معروفاً في أرباح المكاسب ومطلق الفوائد] الآن هنا يعبر لم يكن معروفاً, بالنسبة إلينا لم يكن مشرّعاً لا يفرّق سواء كان هذا أو ذاك. قال: [والتي هي محل ابتلاء الناس عموماً وإنما كان المعهود في تلك الأزمنة خمس الغنائم والتي كان بيد الحكّام الظلمة والمخالفين وفي طول ذلك كانت تنتقل إلى الناس بالمبادلات ونحوها, وهذا يجعل تلك الروايات] أي روايات؟ الروايات الصادرة من الإمام أمير المؤمنين وما بعد [ظاهرةٌ في إرادة رفع ضمان الخمس الذي كان يبتلي به الشيعة] في مبادلاتهم وحيث أنه ذاك لا علاقة له بأرباح المكاسب إذن أخبار التحليل المتقدمة تشمل أرباح المكاسب أو لا تشمل؟ لا تشمل, وحيث أن المتأخرين من الأئمة أمضوا ما أسس له المتقدمين إذن بطبيعة الحال لا يشمل أرباح المكاسب. [والذي لعل] هذا الذي بالأمس أشرنا إليه [والذي لعل عنوان الخمس كالفيء صار عنواناً وعلماً له] إذن إذا عندنا بعد ذلك روايات قالت يقوم صاحب الخمس يقول أي ربي خمسي, لا يقول لنا قائل: بأنَّ هذا الخمس مطلق يشمل أرباح المكاسب.

    وهذه هي النكتة التي أنا مراراً أؤكدها للأعزة, أنتم لابدَّ أن لا تأتوا إلى رواية رواية وتتعاملوا معها, لابدَّ أن تفهموا فضاء صدور هذه الرواية, نفس الكلام الذي نقوله في النصوص القرآنية, في الآيات القرآنية نقول إذا أردنا أن نفهم آية لابدَّ أن نذهب إلى ماذا؟ لا شأن النزول, شأن النزول شيء وفضاء نزول الآية ماذا؟ شيء, يعني ما هي السياقات التي نزلت فيها هذه الآية؟ لأنكم تعلمون أن المورد لا يخصص الوارد, ولكن فضاء وسياق الآيات يعني الفضاء التاريخي الزماني.

    الآن لا يأتي شخص مباشرةً يتهموني ويقول: السيّد الحيدري يقول القرآن مربوط بالزمان السابق. لا لا أبداً, لأن هذه الفضاءات تتكرر فكلما تكرر الفضاء ذاك الحكم أيضاً يأتي. التفتوا جيداً للعبارة يقول: [ولعل عنوان الخمس كالفيء كما يظهر من مراجعة ألسنة الروايات فهذا هو المراد من الخمس المحلل في هذه النصوص لا خمس أرباح المكاسب الذي يتعلق بكذا, وأما الروايات الصادرة من الأئمة المتأخرين فهي مضافاً إلى كونها إمضاء لما دلّت عليه الروايات السابقة لا تأسيس حليةٍ جديدة].

    سؤال: إذن لماذا لم يذهب إلى هذه النتيجة؟ لم يذهب إلى هذه النتيجة للمشكلة التي أشرنا إليها مراراً وهي أنهم فرضوا أن الخمس نوعٌ واحد. المشكلة الأصلية, وإلا تجدون بأنه هو, أيضاً من؟ السيّد الخلخالي في (فقه الشيعة) أيضاً السيّد الشهيد, يقولون أن الروايات واضحة الصادرة عن الإمام أمير المؤمنين لا تشمل ماذا؟ هذه مقدمة.

    المقدمة الثانية: وأن تحليل المتأخرين ليس تحليلاً تأسيسياً جديداً بل هو إمضاء للسابق, إذن لماذا لا تنتهون إلى هذه النتيجة, لماذا تذهبون إلى إطلاق الروايات حتّى تضطرون إلى التقييد؟

    الجواب: هي أنهم فرضوا أن الخمس ما هو؟ نوعٌ واحد, ولكن نحن في منجاً من هذه الإشكالية, لأنه نحن نعتقد أن الخمس نوعٌ واحد ولكنه الخمس الثابت من الشريعة نوعٌ واحد وهناك ضريبة أخرى وضعها أئمة أهل البيت لظروف خاصة. هذه الضريبة الأخرى تارةً كانت من حيث الكم تنسجم مع الخمس وأخرى كانت أقل من ذلك. ولذا مرة عبر عنها بالخمس ومرة عبر عنها بنصف السدس.

    ولهذا كثير من الأمور الشخصية إذا تنظرون إليها والروايات التي فيها تحليل شخصي في الأعم الأغلب مرتبطة بالأمور الشخصية مرتبطة بهذا الحق.

    الآن تعالوا معنا قرأ بعض الروايات الواردة في هذا المجال في (الوسائل, ج9, ص543, رقم الرواية الأولى) الرواية صحيحة وهي المعروفة بصحيحة الفضلاء >قال: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب هلك الناس في بطونهم وفروجهم لأنهم لم يؤدوا إلينا حقنا< المراد من الحق هنا ليس ذاك الحق, المراد من الحق هنا يعني ماذا؟ الخمس, بأي قرينة؟ بقرينة أنه أساساً خمس ارباح المكاسب بعد لم يكن موجوداً >ألا وإن شيعتنا وأبنائهم من ذلك في حلٍ< من ماذا؟ من هذا الثابت من هذا الثابت ما هو؟ هذا الذي غصب من خلال الغاصبين. هذه الرواية الأولى.

    الرواية الثانية (الرواية العاشرة) >قال أمير المؤمنين< التفتوا إلى الرواية التي واردة عن الإمام الصادق >قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) من وجد برد حبنا في كبده فليحمد الله على أول النعم, قال: قلت جعلتُ فداك ما أول النعم؟ قال: طيب الولادة, ثمَّ قال أبو عبد الله الصادق, قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لفاطمة‘ أحلي نصيبك من الفيء لآباء شيعتنا< إذن تبين أن التحليل الصادر من الإمام أمير المؤمنين ومن الزهراء مرتبط بالفيء لا أنه مرتبط بأرباح المكاسب. >ثمَّ قال ليطيبوا, ثمَّ قال أبو عبد الله< هذا المهم الشاهد عندي, هذا الشاهد الذي نحن مراراً ذكرنا أن التحليل وإن ورد من المتأخرين فهو منصبٌ على التحليل الذي صدر من الأئمة المتقدمين, وحيث أن الصادر من الإمام أمير المؤمنين مرتبط بما ثبت بالآية ولا أقل بما كان محل الابتلاء إذن ما صدر من المتأخرين أيضاً موضوعه واحد, الشاهد على هذا, الشاهد ما هو؟ قال: >ثمَّ قال أبو عبد الله الصادق إنا أحللنا< يعني ماذا؟ هذه الحلية التي ثبتت من أمير المؤمنين وثبتت من الزهراء وقال أمير المؤمنين للزهراء نحن أيضاً نمضي ذلك التحليل. >إنا أحللنا أمهات شيعتنا<.

    وهكذا الحديث (الخامس عشر من نفس الباب) الرواية صحيحة السند: >عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: إن أمير المؤمنين حللهم من الخمس< ولكن حيث أننا للاشتراك اللفظي كما قلت مراراً, هذا لفظ الخمس عندنا بدليل وضع المتأخرين قلنا إذن الرواية شاملة لكل أنواع الخمس حتّى أرباح المكاسب, مع أنه أمير المؤمنين حلل لنا الخمس كان فيه أرباح المكاسب او لا يوجد؟ لا يوجد فيه أرباح المكاسب, >قال: حللهم من الخمس< يعني الشيعة, >ليطيب مولدهم<. هذه هي الطائفة الثانية من الروايات وهي واضحة بعدم الشمول لأرباح المكاسب.

    الطائفة الثالثة تأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 1101

  • جديد المرئيات