نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (243)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    انتهى بنا البحث إلى أنه نحن نعتقد في خمس أرباح المكاسب أنه من الأحكام الولائية الصادرة عن الأئمة المتأخرين, هذا أولاً.

    إذن الفرق الأوّل بيننا وبين مشهور فقهاء الإمامية هم يعتقدون أن خمس أرباح المكاسب هو على حد خمس الغنائم, ولكن نحن نعتقد أنه هو من قبيل الأحكام الولائية.

    ومن الواضح أن الفوارق بين هذين النوعين من الحكم لا تحتاج إلى بيان, فإنَّ القسم الأوّل يعني إذا كان ثابتاً من قبيل خمس الغنائم يُعد جزءً من الدين ومن الأحكام الثابتة وباقي الأحكام التي أشرنا إليها فيما سبق.

    وهذا بخلافه ما لو ثبت أن هذا الخمس من نوعٍ آخر وليس من النوع الأوّل.

    الأمر الثاني أو الفارق الثاني: أن الأحكام الولائية تنقسم إلى قسمين أو إلى أقسام:

    قسم منها ثابتة في عصر الغيبة الكبرى, وقسمٌ منها ليست ثابتة في عصر الغيبة الكبرى. مثلاً: إعطاء الولاية للفقيه لكي يفتي أو لكي يقضي نحن نعتقد أيضاً أنها أحكام ولائية صادرة من الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) ولكنها ثابتة في عصر الغيبة الكبرى.

    هذا نحن لا نعتقده في خمس أرباح المكاسب, يعني: بعد أن قبلنا أن خمس أرباح المكاسب من الأحكام الولائية لا نعتقد أن هذا النوع من الخمس ثبت بولاية بإعمال الولاية من الأئمة في عصر الغيبة الكبرى. وإنما أوكل أمر وضع أصل هذا الخمس يعني: خمس أرباح المكاسب, أصل وضع أو وضع أصل هذا الخمس ومقدار هذا الخمس وشروط هذا الخمس إنَّما هو موكولٌ إلى رواة حديثنا بحسب هذا النص, أو إلى الفقيه الجامع للشرائط. فكما أن هناك أحكام ولائية تصدر من الفقيه في عصر الغيبة, كذلك هذا الحكم أيضاً أوكل إلى الفقيه الجامع للشرائط في عصر الغيبة.

    طبعاً هنا بحثٌ آخر ولا علاقة له ببحثنا ولكن أعنونه للأعزة كعنوان وإن شاء الله تعالى لعله تأتي له مناسبة في أبحاث الأصول سأشير إليه بإذن الله تعالى, وهو: أن الأحكام الولائية لابدَّ أن تبحث تحت العناوين التالية, التفتوا جيداً أو الفصول التالية:

    الفصل الأوّل: ما هي شروط من له حق إصدار الأحكام الولائية, هل أن كلّ من له رسالة عملية على سبيل المثال واجتهد في كتاب الطهارة والصلاة والإرث والمعاملات له حق إصدار الأحكام الولائية أو أن هناك شروط أخرى لابدَّ من توفرها في من له حق إصدار هذه الأحكام الولائية.

    بطبيعة الحال واضح عندي, لا يمكن أن يكون إصدار الأحكام الولائية لكل مجتهدٍ بالمعنى المصطلح في حوزاتنا العلمية.

    أما ما هي الشروط ما هي المواصفات؟ ذاك بحث آخر في محله, هذا العنوان الأوّل الفصل الأوّل في أبحاث الأحكام الولائية.

    الفصل الثاني: ما هي الدائرة التي يصح فيها إصدار الأحكام الولائية, هل يستطيع الذي توفرت فيه الشروط في الفصل الأوّل في البحث الأوّل أن يصدر حكماً في أي دائرة من الدوائر أو لا, هناك دوائر محددة يحق للفقيه وقبل الفقيه الإمام المعصوم (عليه أفضل الصلاة والسلام) أن يصدر الأحكام الولائية.

    خصوصاً التفتوا جيداً, خصوصاً إذا قبلنا أن حلاله’ كما قرأنا في روايات معتبرة أن >حلاله حلالٌ إلى يوم القيامة, وأن حرامه حرامٌ إلى يوم القيامة< طيب هذا الذي يريد أن يصدر حكماً ولائياً افترضوا أنه من المباح طيب إذا كان من المباحات فهو داخل في الحلال, طيب كيف يمكن أن يجعله حراماً؟ طيب هذا لازمه أن يجعل الحلال حراماً مثلاً, إذا كان مباحاً افترضوا على سبيل المثال هذه الأحكام أحكام المرور قوانين المرور أنت تستطيع أن تذهب إلى اليمين أو على اليسار الناس مسلطون على أن يمشون يميناً أو يمشون يساراً, طيب يأتي ولي الأمر يقول لا, ينبغي يجب أن يمشوا هؤلاء على اليمين وهؤلاء على اليسار, طيب هذا خلاف >حلاله حلال إلى يوم القيامة<.

    افترضوا في باب التسعير, طيب >الناس مسلطون على أموالهم< مباح له يريد أن يربح عشرة بالمائة يريد أن يربح مائة بالمائة, أنت تسعّر عليه وتقول له لا, لا يجوز لك إلاَّ أن تربح خمسة في المائة عشرة بالمائة, طيب هذا خلاف >حلاله حلال إلى يوم القيامة< وإذا قبلنا هذا أعزائي هذا معناه انتفاء موضوع إعمال الأحكام الولائية لا يبقى لها موضوع.

    إذن ما هي هذه الدائرة, هذه الدائرة التي اصطلح عليها سيدنا الشهيد+ بمنطقة الفراغ, أساساً يمكن قبولها لا يمكن قبولها, ثمَّ الأخطر من ذلك هل يحق أن يُعمل الفقيه ولايته بأنَّ يقف أمام تنفيذ وتطبيق الأحكام الإلزامية, حكمٌ يعد من أركان الدين, من أركان الدين يعد حكم من أركان الدين ولكنه يقف أمامه, كما يعهد الإخوة الأعزاء جميعاً في مسألة الحج, أن الإمام+ ماذا؟ وقف أمام قيام المسلمين بأداء هذه الفريضة التي بني عليها الإسلام, هل له هذه الصلاحية ليست له هذه الصلاحية؟ وإذا كانت له فكيف تخرج على الموازين الموجودة عندنا, وهذه كلها تدخل تحت دائرة الدائرة أو المساحة التي يحق للحاكم أو لولي الأمر أو للفقيه أن يعمل ولايته.

    الفصل الثالث: – فقط عناوين كما قلت حتّى أضع الأعزة في صورة البحث- البحث الثالث: ضمن أي شروط يصح إصدار الأحكام الولائية, يعني أنا جالس في بيتي ولا علم لي بأي شيء ثمَّ هكذا اشتهي إصدار الأحكام الولائية؟ هنا يأتي بحث >العارف بزمانه< من شروط إصدار الأحكام الولائية أن يكون عارفاً بزمانه يعني يريد أن يصدر حكم ولائي في إيران يريد أن يصدر حكم ولائي في العراق, لابدَّ أن يكون واقفاً على دقائق الظروف والشروط السياسية والاجتماعية والدينية والثقافية والاقليمية والدولية حتّى يصدر, وإلا قد يصدر حكماً ولائياً بضرر ماذا؟ بضرر الدين, بضرر المذهب.

    وهذه أيضاً تدخل في الفصل الأوّل وهي شروط من له إصدار الأحكام الولائية, وإنما أنا جعلتها عنوان مستقل لأهميتها. إذن ليس كلّ واحد انعزل عن الأمة عشرين ثلاثين خمسين سبعين سنة وإذا مرةً واحدة يريد أن يصير ولي أمر المسلمين هذا غير ممكن أساساً.

    وهذا في الأمور العقلائية جداً طبيعية, يعني لا يأتي أحد من الشارع إلاَّ في الانقلابات, واحد من الشارع ويصير وزير الداخلية, لكي يصير وزير الداخلية أو وزير الخارجية لابدَّ أن يمر بمراحل كثيرة حتّى يتسلم هذا المنصب.

    الشرط الرابع أو الفصل الرابع: – الذي أنا في اعتقادي رسالة ماجستير قيمة هذه تعد- الفصل الرابع: ما هي الأمور التي لابدَّ أن يأخذها الفقيه بعين الاعتبار عندما يريد أن يصدر الأحكام الولائية, هل يمكنه أن يغض النظر عن كلّ ما صدر من الأئمة من أحكام ثابتة ومتغيرة ويصدر أحكاماً ولائية أو لا, لابدَّ أن يرجع إلى تاريخ الأئمة إلى تراث الأئمة إلى القرآن ليقف على الأطر العامة للشريعة ماذا تريد الشريعة؟

    فعند إطلاعه على مجمل ذلك عند ذلك يسترشد بهذا لوضع أحكام ولائية في زمانه, وهذه هي الشروط التي أو الأمور التي لابدَّ أن يقف عليها.

    إذن, الأحكام الولائية لا تصدر هكذا جزافاً وإنما لابدَّ أن تبحث ضمن هذه العناوين الأربعة أو الفصول الأربعة التي أشرنا إليها.

    ولعلي إن شاء الله تعالى في بحث الأصول سأعرض لهذه الفصول الأربعة ولو بنحو الإجمال, باعتبار أننا الآن بحثنا في تعارض الأدلة, وصل إلى النوع الثالث من الأحكام وهي الأحكام الولائية الصادرة من النبي والأئمة, فسوف نقف عند ذلك لأنه أقرب إلى البحث الأصولي منه إلى البحث الفقهي, نرجع إلى بحثنا.

    إلى هنا اتضح أنه ما هو الفرق بين منهجنا ومنهج المشهور في مسألة خمس أرباح المكاسب.

    من هنا أعزائي لابدَّ أن نقف على الآثار المترتبة على هذين المنهجين, النتائج المترتبة, لأن المسألة مسألة ابتلائية كما تعلمون, لأنه منهج المشهور اعتقد أن خمس أرباح المكاسب نصوص التحليل شاملة لخمس أرباح المكاسب من هنا صاروا بصدد بيان المقيد لها, كيف نخرجها, كيف نثبت وجوبها في عصر الغيبة الصغرى, كيف نثبت وجوبها في عصر الحضور, كيف نثبت وجوبها في عصر الغيبة الكبرى, مع أن نصوص التحليل فيها إطلاق يشمل عصر الحضور وعصر الغيبة الصغرى وعصر الغيبة الكبرى, ولذا الكل صار بصدد تقييدها.

    إذن أعزائي, المنهج المشهور انتهى إلى هذه النتيجة وهي أنه بعد أن آمن بإطلاق هذه الأدلة إذن صار بصدد التقييد, من هنا لابدَّ أن يأتوا لنا بوجهٍ فني بعد أن قبلوا إطلاق روايات التحليل, بأي دليل يقولون أنها لا تشمل أرباح المكاسب؟

    المسألة الأولى التي نريد أن نبحث عنها كثمرة – مسائل متعددة سنبحثها تباعاً-.

    المسألة الأولى: وهي من المسائل الابتلائية كثيراً, وهي: مسألة: ما لو تعلق الخمس – في ارباح المكاسب لا في غنائم دار الحرب, نتكلم في التجارات الموجودة بين الناس- في مال الغير وانتقل إلينا ذلك المال والحق ثابت فيه, فهل من انتقل إليه المال ضامن يجب عليه أداء خمسها أو ليس بضامن؟

    هذه المسألة التي الآن أيضاً الإنسان بعض الأحيان يحصل له علم إجمالي ان هذه الأموال الموجودة بيده التي أخذها من فلان أو فلان أو فلان, يقين عنده أن بعضها تعلق بها الخمس, فهل هو يجب عليه أداء خمسها أو لا يجب عليه ذلك؟

    المسألة مورد الخلاف بين فقهائنا, وأنا أتكلم عن الفقهاء الذين هم من مائة وخمسين ومئتين سنة وإن كان قبل ذلك مطروحة ولكن ليس بهذه القوة والشدة المطروحة في زماننا.

    المشهور ذهبوا إلى أنه إذا انتقل إلينا مالٌ ممن لا يعتقد خمس أرباح المكاسب, كالكافر والمخالف, الآن ممن لا يعتقد أعم من أنه لا يجب في حقه أو يجب في حقه ولكنه هو غير معتقدٍ بذلك, كيف؟ لأنه في الكافر هناك بحثٌ أن الكافر مكلف بالفروع أو غير مكلف بالفروع؟ فإذا بنينا على مبنى أن الكافر غير مكلف بالفروع طيب من الواضح أن الخمس من أصول العقيدة أو من فروع الدين؟ من فروع الدين, أساساً هو لا فقط لا يعتقد أساساً هو غير مكلف بها. فهل إذا وصل المال منه بيدي أنا ضامن أو ليست بضامن؟

    أو المخالف الذين يعتقدون أن آية الخمس لا تشمل أرباح المكاسب, ولم يقم عندهم أي دليل على وجوب خمس أرباح المكاسب فهو لا يدفع الخمس لا لأنه يعتقد ولا يدفع عاصياً مخالفاً لا لا, هو لا يعتقد بوجوبه.

    ويمكن أن نجد لها أمثلة حتّى من الشيعة, قد أن شخص, كما اتصل بي بعض التجّار قال: أنا شخصاً لست مجتهد ولكن هذه المسألة أرقتني كثيراً باعتبار اختلاف الأقوال فيها, فأنا ذهبت بيني وبين الله وضعت مدة من عمري المديد لتحقيق هذه المسألة وانتهيت إلى عدم وجوب الخمس في أرباح المكاسب, انتهت القضية. هذا ممكن أو غير ممكن؟ بلي, هذه الرسائل العملية يقولون اجتهاد متجزي ممكن والمجتهد المتجزي يحق لنفسه أن يقلد نفسه في المسألة التي اجتهد فيها, هذه مباني القوم.

    نحن بالنسبة إلينا, أصلاً تحصيل مثل هذا الاجتهاد لا يمكن صغروياً باطل أصلاً, الذي ما يستطيع أن يحيط على الشريعة لا يمكن أن يكون مجتهدا, لا, على مباني القوم لا يفرق عندهم يقولون اجتهد في مسألة أو عشرة أو ألف أو مائة ألف, نعم في أحكام أخرى تترتب مسألة القضاء مسألة الولاية مسألة المرجعية, أما مسألة أن يقلد نفسه ما عنده مشكلة فيه, فأنا وصلت إلى هذه النتيجة أنه خمس أرباح المكاسب ليس بواجب, طيب أنت أيضاً جنابك ذهبت إليه ورفع هدية فرض المحال ليس بمحال, رفع هدية مائة مليون وأعطاك, أعطاك بيني وبين الله هدية هبة, لها قيمة, طيب أنت يجب عليك دفع خمسها أو لا يجب؟ مع أن هذا يعتقد خمسها أو لا يعتقد خمسها؟ لا يعتقد بوجوب خمسها.

    إذن المسألة مسألة جدُ ابتلائية؟ المشهور ميزوا بين من لا يعتقد وجوبها, فمن وصلت إليه غير ضامن, وبين من يعتقد وجوبها فإذا وصلت إليك فأنت ضامن. هذا المشهور.

    ولكنه يوجد قولٌ غير مشهور كان يقول لا, لا يفرق بين من يعتقد بوجوبها أو من لا يعتقد فإذا وصلت إليّ فأنا لست, لك المهنة وعليه الوزر.

    هذا القول الذي في الآونة الأخيرة تبناه السيّد الخوئي+ وبعد ذلك عموم تلامذته, أنا أقول عموم يعني استثناءات أيضاً موجودة, عموم تلامذته كالسيد الشهيد الصدر, وبعض المعاصرين أيضاً من تلامذة السيّد الخوئي, وتلامذة تلامذة السيّد الشهيد كالسيد الحائري, كالسيد الهاشمي, وغيرهم وغيرهم … هؤلاء كلهم بنوا على أن هذا التفصيل في غير محله وإنما إذا انتقل إلينا مالٌ فيه الخمس فالضمان على من؟ على بعض التفصيلات التي سنشير إليها.

    دعوني أشير إلى الأقوال في المسألة, هذه المسألة قلت لكم, أنه أنتم الجميع مبتلى بها, تدخل في بيت وتعلم أن صاحب البيت تسأله تخمس, يقول لا ما أخمس, طيب صريحاً يقول لك ما أخمس وهو أنه مقرٌ أنه يجب عليه الخمس, يقول والله إن شاء الله الله كريم بعد ذلك ندفع, طيب أنت تريد أن تأكل وتريد أن تصلي تذهب تأتي … إلى آخره, يعطيك هدية يعطيك مال يعطيك قرض إلى آخره, جيد.

    هذه المسألة في (الخمس للشيخ الأنصاري, ص384) قال: [نعم, ظاهر هذه الأخبار اختصاصها] أخبار التحليل [اختصاصها بالمال المنتقل ممن لا يعتقد الخمس, كالمخالف, وأما من لا يخمس مع اعتقاده] يعني مع اعتقاده وجوب الخمس [ففي جواز الشراء منه إشكالٌ أقربه عدم الجواز] المشكلة تتعقد كثيراً أين؟ في باب المعاملات, باعتبار أنه الخمس الموجود هنا بيعه يكون بيع فضولي لأنه خمس هذا المال له أو ليس له؟ فهو يبيع ما ليس له, فيكون البيع فضولياً, وعشرات الإشكالات تلزم من هذا. [أقربه عدم الجواز] لماذا؟ يقول: [لعمومات حرمة شراء الخمس قبل وصول حقهم (عليه السلام)] إذن الشيخ الأنصاري من القائلين بالتفصيل بين من لا يعتقد الوجوب فأنت في حل, وبين من يعتقد بوجوب الخمس فأنت لست في حل.

    هذه المسألة كما قلت للأعزة, أيضاً مطروحة قديماً, يعني في (السرائر, لابن إدريس الحلي, المتوفى تقريباً 598, هناك في ج1, ص498) يقول: [ومتى هذا إذا كان في حال ظهور الإمام وانبساط يده, وأما في حال الغيبة وزمانها واستتاره (عليه السلام) من أعدائه خوفاً على نفسه فقد رخصوا لشيعتهم التصرف في حقوقهم أعم مما وصلت إليه ممن يعتقد أو ممن لا يعتقد, مما يتعلق بالأخماس وغيرها مما لابدَّ لهم من المناكح والمتاجر والمساكن].

    ونفس هذا الاختلاف بين ابن إدريس الحلي الذي قال بأنه: [ليس بضامن حتّى لو وصلت إليه من من يعتقد الخمس] والقول الآخر الذي نقلناه عن الشيخ الأنصاري يقول: [ضامن إذا انتقلت إليه من من يعتقد الخمس] هذا الخلاف أيضاً موجود بين الأعلام المعاصرين.

    تعالوا معنا حتّى الإخوة يراجعون المسألة جيداً, في (منهاج الصالحين للسيد الخوئي+, ج1, ص347) هذه عبارته, قال: [وعلى الجملة] يعني رقم المسألة (1258) آخر مسألة قبل الانتقال إلى (مستحق الخمس ومصرفه) قال: [وعلى الجملة كلّ ما ينتقل إلى المؤمن ممن لا يخمس أمواله] ممن لا يخمس أعم ممن يكون مخالفاً أو موافقاً شيعياً أو غير شيعي, [فيجوز له التصرف فيه وقد أحل الأئمة (عليه السلام) ذلك لشيعتهم تفضلاً منهم عليهم, وكذلك يجوز التصرف للمؤمن في أموال هؤلاء] في هؤلاء يعني ممن لا يخمسون [فيما أباحوها لهم وإن لم يكن تمليك, ففي جميع ذلك يكون المهنأ للمؤمن والوزر على مانع الخمس إذا كان مقصراً]. جيد.

    في قبال هذا, طبعاً السيّد الشهيد أيضاً موافق لهذا, السيّد الشهيد الصدر+ في (منهاج الصالحين, في تعليقته على منهاج الصالحين للسيد الحكيم, ج1, ص485) بعد أن ينقل رأي السيّد الحكيم أو يوجد رأي السيّد الحكيم رقم مسألة 78, قال: [وإذا اشترى المؤمن أو غيره ما فيه الخمس ممن يعتقد وجوبه وجب عليه إخراجه].

    إذن السيّد الحكيم تبعاً لمن؟ للشيخ الأنصاري الذي يرى بالتفصيل بين إذا اشترى الخمس ممن لا يعتقد وجوبه كالكافر جاز له التصرف من دون إخراج الخمس, أما إذا اشترى ممن يعتقد وجوبه ولم يخرجه وجب عليه إخراجه. هناك في (الحاشية رقم 83 للسيد الشهيد) يقول: [بل يحتمل قوياً عدم الوجوب وإن كان أحوط استحباباً]. إذن تبعاً لمن؟ تبعاً للسيد الخوئي+. هذا مورد هنا.

    طبعاً يكون في علمكم في (العروة أيضاً نفس الكلام) يعني صاحب العروة قائل بالتفصيل في هذه المسألة, الإخوة إذا يريدون أن يراجعوها موجودة في (العروة, في المسألة 19) قال: [إذا انتقل إلى الشخص مال فيه الخمس ممن لا يعتقد وجوبه كالكافر ونحوه, لم يجب عليه إخراجه, فإنهم عليهم السلام أباحوا لشيعتهم ذلك, سواء كان من ربح تجارةٍ أو غيرها أو سواء كان من المناكح والمساكن والمتاجر أو غيرها].

    ولذا السيّد الخوئي+ في (تعليقته على العروة) يقول: [المعروف والمشهور تقييد الحكم بما إذا انتقل المال ممن لا يعتقد الخمس مع أن هذا القيد غير مذكور في شيء من روايات الباب] ومن هنا هو قال بالإطلاق ولم يقبل هذا التفصيل.

    إذن أعزائي, المسألة بينهم مسألة خلافية, وبين الأعلام المعاصرين.

    طبعاً كلا الفريقين كلا الاتجاهين كلا الرأيين اتفقا على أنه ليس ضامناً إذا وصل إليه ممن لا يعتقد الخمس, إذن توجد جهة اتفاق بين الرأيين وهو إذا وصل إليه ممن لا يعتقد فلا يجب إخراج الخمس وإن لم يخرج, لروايات التحليل, أما إذا كانت ممن يعتقد ولم يخرج فهنا خلاف بين من يقول لا يجب أيضاً كمن لا يعتقد وبين من يقول يجب.

    أما أدلة الاتجاهين, بعد ذلك نحن الآن نستعرض المسألة وأقوال في المسألة وأدلة القوم, بعد ذلك لنرى ما ذكره القوم أساساً أعم ممن لا يعتقد أو يعتقد تام أو غير تام, هذا إن شاء الله بعد ذلك سيأتي.

    أدلة القوم:

    فيما يتعلق بأدلة القائلين بأنه – القائلين بالتفصيل- يعني ماذا ذكره صاحب العروة, الشيخ الأنصاري, السيّد محسن الحكيم, ونحو ذلك, دليله: ما ورد في (المستمسك, ج9, ص595) قال: [ثمَّ إن ظاهر الأخبار, أو منصرفها الشراءُ ممن لا يعتقد وجوب الخمس كالكافر والمخالف] إذن إدعاءه الأوّل ما هو؟ الإدعاء الأوّل: أن أخبار التحليل منصرفة إلى ماذا؟ منصرفة إلى من لا يعتقد, ولا تشمل من؟ من يعتقد وجوب الخمس, لهذا قال: [ثمَّ إن ظاهر الأخبار إما ادعاء الظهور في أخبار التحليل أو منصرفها] حتّى لو لم يكن لها ظهور في الاختصاص فلا أقل منصرفة إلى من لا يعتقد. إلى أن يقول: [واختصاصه بالشراء ممن لا يعتقد وإن ذكر في الروضة] الروضة البهية [وحكي عن السرائر] الذي الآن قرأنا عبارته [العموم لغيره] لغير من لا يعتقد, [بدعوى] التفت, هذا الأصل الذي قلنا أنه مشى عليه القوم [بدعوى إطلاق النصوص المذكورة الشامل له أيضاً] الشمال لمن؟ روايات التحليل مطلقة. [لكن عرفت أن النصوص لا إطلاق فيها] يعني لا يوجد فيها إطلاق يشمل من يعتقد, وإنما هي مختصة إما مختصة بمن لا يعتقد وإما منصرفة إلى من لا يعتقد. يقول: [لكن عرفت أن النصوص لا إطلاق فيها لأن موضوع التحليل فيها الأموال التي تكون في أيدي الشيعة المنتقلة إليهم من غيرهم وغيرهم بحسب الغلبة في ذلك الزمان] ماذا؟ من لا يعتقد وجوب الخمس, قال: [ولا سيما بملاحظة الغلبة] في ذلك الزمان كم يوجد شيعة حتّى أسواق ينصرف الإطلاق يشمل ذلك, فإذن ماذا؟ إما أن نقول لا إطلاق وعلى فرض وجود الإطلاق منصرف إلى خصوص من لا يعتقد بقرينة ماذا؟ بقرينة أن الغالب الموجود في ذلك الزمان هذا.

    هذه أدلة القائلين بالتفصيل.

    أما أدلة القائلين بالإطلاق, يعني السيّد الخوئي ومن تبع السيّد الخوئي. يأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 942

  • جديد المرئيات