بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين
كان الكلام في الذي ذكره سيدنا الأستاذ السيّد الخوئي فيما يتعلق بصحيحة وهي دالة على الإطلاق كما قال. حيث أنها شاملة لأرباح المكاسب يعني: أن الرواية بإطلاقها تشمل أرباح المكاسب أيضاً سواء وصل ذلك يعني أرباح المكاسب, وصلت إلى يد الإنسان من خلال من لا يعتقد بخمس أرباح المكاسب أو من خلال من يعتقد بذلك. وسواء حصل هذا الخمس في ماله أو في مال غيره. قال: بأنه هذه الرواية وهي صحيحة سالم بن أبي مُكرَم, شاملة لكل هذه الفروض, نعم نخرج منها فرضاً واحداً وهو: ما لو حصل الخمس في ماله فإنَّ الدليل الخاص أخرج هذا من إطلاق الرواية.
من هنا صرنا بصدد بيان أنه واقعاً مقدمات الحكمة تامة في هذه الرواية أو غير تامة؟
أعزائي كما كنا قد وعدنا الأعزة مراراً بأنه عندما تصل مسألة أصولية يمكننا أن نقول كما نقح في محله, هذا ممكن, ولكنه ليس معلوم بأنه نحن متى ننقح تلك المسائل ونقول الرأي المختار عندنا في تلك المسائل.
تعلمون جيداً أن مسألة الإطلاق في أبحاثنا الفقهية لعله مئات بل آلاف الموارد إنَّما تثبت الأحكام إنَّما تثبت من خلال الإطلاق, يعني نقول هذا حكمه وجوب, هذا حكمه حرمة, هذا حكمه كذا, هذا يتعارض مع كذا, ذاك لا يتعارض, ذاك يحتاج مقيد لا يحتاج إلى مقيد, هذه كلها منشأها ماذا؟ الإطلاق الذي ذكره القوم, ولذا يُعد بحث الإطلاق من الأبحاث الأساسية والمحورية وتُعد من أهم مفاتيح عملية الاستنباط.
ولذا ما لم تنقحوا هذه المسائل, لأن المسائل الأصولية أعزائي على درجات من الأهمية, مسألة حجية الظهور من أهم المسائل الأصولية, مسألة حجية خبر الواحد من أهم المسائل الأصولية, أما مسألة مقدمة الواجب لا, تطويل واقعاً في كثير من الأحيان ما فيه تلك الثمرة, نعم قد توجد هنا ثمرة أو هناك, ولكنه بحث الإطلاق من الأبحاث المحورية في عملية الاستنباط, ما لم تنقح حدودها ثغورها شروطها, موانعها كونوا على ثقة أساساً نقع في خلط كبير كما إن شاء الله سيتضح في هذا البحث.
الأعزة يتذكرون, قلنا بأنه أساساً لكي يتم إثبات الإطلاق في كلامٍ صادرٍ من المشرّع, لابدَّ من توفر مقدمات, هذه المقدمات أولاً: أن يكون المولى في مقام البيان. في مقام البيان ماذا معناه؟ أشرنا في مقام البيان من تلك الحيثية التي يراد إثبات الإطلاق لها, لا مطلقاً, لا أن يكون في مقام البيان من كلّ جهة ومن كلّ حيثية, لا من الحيثية التي نريد أن نجري المقدمات لإثبات الإطلاق.
وإحراز ذلك في كثير من الموارد جداً عملية معقدة أن المولى واقعاً, لان الإنسان إذا كان يعيش ظروف المتكلم يستطيع أن يعرف أنه في مقام البيان أو لا, أما عندما لا يعيش إلاَّ مع الالفاظ إن صح التعبير وإن كان تعبير قاسي, مع الألفاظ الميتة يعني لا توجد فيها حركات, لا توجد فيها إشارات, لا يوجد فيها بسمات الوجه لا يوجد فيها الظروف التي نعيش وكلها غير موجودة, نحن وسوادٍ على بياض, مجموعة من الألفاظ, تشيخص أن المولى في مقام البيان من هذه الجهة تحتاج إلى مؤونة كبيرة جداً, هذه القضية الأولى.
القضية الثانية: أن لا توجد هناك قرينة, هنا عندما نقول مرادهم من القرينة, القرينة اللفظية لا مطلق القرائن, إلاَّ نادراً, القضية اللفظية أعم من أن تكون متصلة أو أن تكون منفصلة, ولكن مع هذا الفارق الذي قراناه في القرآن أن المتصلة تهدم أصل الظهور, يعني: لا تعطي مجالاً لانعقاد الإطلاق, بخلاف المنفصلة فإنَّ الإطلاق يتحقق ولكنه القرينة ماذا تفعل؟ تقف أمام حجية ذلك الظهور لا أصل انعقاد الظهور, وهذا أيضاً تقدمت الإشارة إليه.
القرينة الثالثة: وهي أن يكون الموضوع محرزاً, التفتوا جيداً, ما معنى أن يكون الموضوع محرزاً؟ لأنه في كثير من الأحيان أن الموضوع إذا أردنا أن نتكلم كلمة لعله تقرب المطلب إلى الذهن, هو الموضوع رجراج فيه مساحة واسعة لا تعلم يريد الدائرة ألف من الموضوع الدائرة باء من الموضوع الدائرة جيم من الموضوع, بعبارة أوضح: أن الموضوع في نفسه فيه دائرة أضيق ودائرة أوسع. إذا كان هكذا, اتفقت كلمتهم أنه لا مجال لإجراء الإطلاق ومقدمات الحكمة, إذن متى يصح الإطلاق إجراء المقدمات؟ أن يكون الموضوع محرزاً واضح المعالم محدد مفهوماً ومصداقاً ولكن لا نعلم أن هذا الموضوع المحدد هل قيد أو لم يقيد؟ هذه نقطة التفتوا إليها.
في كثير من الأحيان في باب الإطلاق الموضوع ما هو؟ غير محرز الحدود مفهوماً ومصداقاً, هنا لا يتبادر إلى ذهن أحدٍ بمقدمات الحكمة نثبت الدائرة الأوسع في قبال الدائرة الأضيق.
مثاله: حتّى مباشرة نطبق على المقام, الآن في بحثنا في الخمس الدائرة واحدة أو دائرتان؟ مسلم دائرتان باتفاق الفقهاء جميعاً, الدائرة الأولى: وهي الدائرة الضيقة إلى زمن الإمام الصادق (عليه السلام) صحيح أو لا, يعني إلى زمن الإمام الصادق نحن يوجد عندنا خمس ارباح المكاسب أو لا يوجد عندنا؟ لا يوجد, باتفاقهم حتّى السيّد الخوئي القائل بأنه أخر بيان هذا الموضوع إلى زمن الإمام الصادق لمصالح, افترضوا نريد أن نتنزل ونسلم.
إذن قبل زمان الإمام الصادق (عليه السلام) الدائرة كانت ضيقة أو واسعة؟ كانت ضيقة, وبعد زمان الإمام الصادق (عليه السلام) صارت أوسع, الآن في زمن الإمام الصادق (عليه السلام) عندنا رواية أيضاً عن الإمام الصادق (عليه السلام) ورد تحليل الخمس, فهل يريد الدائرة الضيقة التي قبله, أو يريد الدائرة الأوسع الموجودة في زمانه؟ بمقدمات الحكمة لا يثبت الأوسع في قبال الأضيق, وهذه كثير من اشتباهات كلمات الفقهاء تكون في هذه الدائرة, وهي أنه يشك أن المفهوم واسع أو أن المفهوم ضيق, وحيث نشك نقول ونثبت الأوسع بالإطلاق, لا أبداً لا يثبت الأوسع بالإطلاق, لأن من شرائط الإطلاق ومقدمات الحكمة أن يكون الموضوع محرزاً ومع عدم الإحراز فإنه لا يمكن التمسك بمقدمات الحكمة, وهذا ما ذكره نفس السيّد الخوئي, ولكنه التطبيق صار في محل آخر, انظروا إلى العبارة, التفتوا جيداً.
السيّد الصدر& في مسألة الموضوع في (ج3 من تقريرات بحث السيّد الهاشمي, ص427) التفت إلى العبارة, قال: [فإنَّ الإطلاق] ما هو الإطلاق عرف الإطلاق؟ [فإنَّ الإطلاق عبارةٌ عن إحراز عدم دخل القيد في موضوع الحكم] يعني ماذا؟ يعني موضوع الحكم محدد وبعد ذلك نبحث أنه قيد أم لم يقيد؟ أما إذا كان موضوع الحكم غير محدد؟ أساساً لا مجال للإطلاق.
وهذا الذي أنتم في الأبحاث الأصولية مع الأسف الشديد لم يضع الأعلام يدهم على هذا الشرط, ولذا السيّد الخوئي+, طبعاً ما أريد أن أقول ما ملتفت إليه ولكنه لم يضعوا اليد عليه بشكل استقلالي.
السيّد الخوئي في (دراسات في علم الأصول, ص342) التفتوا إلى العبارات أقراها أنا, العبارات بالدقة اقرأها, قال: [أن يكون الانصراف من جهة الشك في الصدق على ما اصطلح عليه الشيخ] بأن كان الإشكال أين؟ [بأن كان الشك في سعة المفهوم وضيقه في مقام التطبيق] ما ندري أساساً بأنَّ هذا المفهوم مفهوم الخمس حتّى نطبقه على المورد, مفهوم الخمس عندما يطلق يراد منه الخمس الأعم من أرباح المكاسب الذي هو الأوسع أو الخمس الذي ثبت بنص الآية المباركة الذي هو الأضيق, قد تقول لي سيدنا السيّد الخوئي يرى أن الخمس الثابت في القرآن أعم.
الجواب: في مقام التطبيق هو صرح أنه لم يظهر إلاَّ في زمان الصادق (عليه السلام). إذن سعة المفهوم وضيقه في مقام التطبيق, إذن ما قبل الإمام الصادق (عليه السلام) في مقام التطبيق ضيق, ما بعد الإمام الصادق في مقام التطبيق صار أوسع, إذا شككنا هل يمكن إثبات الأوسع من خلال مقدمات الحكمة أو لا يمكن؟
الآن التفتوا ماذا يقول هو؟ يقول: [بأن كان الشك في سعة المفهوم وضيقه في مقام التطبيق بعد وضوحه في الجملة لا بالجملة] واضح بنحو الإجمال ولكن لا نعرف أنه المراد هذا الفرد أيضاً شامل أو غير شامل. يقول: [وقد مثل له بلفظ الماء] ونحن ضربنا مثال أفضل – يا ليت أن الأعلام- وهذا حاولوا الأعزة في دروسهم واقعاً قدر ما يمكنهم أنه يستعملوا أبحاث فقهية في الأمثلة الأصولية ليكون البحث ذات بعد تطبيقي لا ذات بعد نظري محض, وحدة من أسباب انفصال علم الأصول عن علم الفقه هو أنه عندما نضرب أمثلة هذه الأمثلة كلها أصل لا علاقة لها, وعندما يأتي الفقيه أو يأتي المستنبط إلى عملية الاستنباط تلك القواعد أساساً ما تخطر على ذهنه, وهكذا في النحو لا تنسون, في النحو أيضاً افعلوا, أن زيد عمر بكر, الآن نحن شاردين من هذه زيد عمر بكر خالد وأخيراً هنا عايشين معها ليل ونهار, تعالوا إلى أمثلة قرآنية إلى أمثلة موجودة في الروايات, عند ذلك هذا يعطيك: أولاً: مراس في عملية فهم الآيات, فهم الروايات, أين الفاعل, أين المفعول, اين التمييز؟ على أي الأحوال, نواقصنا ليست بقليلة في الحوزات العلمية.
قال: [وقد مثل له بلفظ الماء فإنه من أوضح المفاهيم العرفية, ومع ذلك في مقام التطبيق يشك في صدقه على ماء الزاج والكبريت] الآن بينك وبين الله نحن نحتاج إلى ربع ساعة ما هو فرق الماء مع ماء ماذا؟ المشكلة هنا, على أي الأحوال, [وأنه ماء مخلوط بوحل وكدرٍ أو لا ينطبق عليه عنوان الماء] هذا أين؟ في المثال, الآن ليس مهم عندي هذا, محل الشاهد: [والانصراف بهذا المعنى أيضاً يمنع الإطلاق] إذا شككنا في السعة والضيق في مقام التطبيق يوجد مجال للتمسك بالإطلاق أو لا يوجد؟ يمنع, مثاله ماذا؟ الآن المثال الفني له هذا, يقول: [إذ معه] أي مع الشك في سعة المفهوم وضيقه من حيث التطبيق [إذ معه يشك في تحقق المقدمة الأولى] ما هي المقدمة الأولى؟ إحراز الموضوع, لأنه هو ذكر مقدمات, المقدمة الأولى ماذا كانت؟ إذا يتذكر الأعزة ما هي المقدمة الأولى؟ المقدمة الأولى: ورود الحكم على المقسم يعني تحديد المقسم, يعني مع الشك في المفهوم سعةً وضيقاً من حيث التطبيق فيمكن التمسك أو لا يمكن؟ يقول لا يمكن التمسك بمقدمات الحكمة, لماذا؟ لعدم توفر الركن الأوّل وهو إحراز الموضوع. واضح إلى هنا.
قال: [لعدم تحقق المقدمة الأولى أعني ورود الحكم على المقسم لعدم إحراز كون العنوان مقسماً حينئذٍ] لأنه لا نعلم أن الموضوع هو الأوسع أو هو الأضيق. [ولابد من إحرازه] إحراز الموضوع, [في التمسك بالإطلاق وهذا كله واضحٌ أصلاً] من البديهيات لا يحتاج إلى دليل, الإشكال أين يصير؟ في التطبيق.
ولهذا جاؤوا الآغايون فرضوا أن عنوان الخمس عنوانٌ مفروغ عنه, لا ليس الأمر كذلك, أنتم صرحتم أن عنوان >حقنا< عنوان >الخمس< فيه من حيث التطبيق سعة وضيق, إذن كيف يمكن التمسك بالإطلاق؟ ما أدري واضح صار الإشكال الفني على مباني القوم, هذا ليس إشكالاً مبنائياً هذا إشكال بنائي لا أنه والله المبنى يختلف. واضح صار هذا.
المقدمة الأخرى التي أشرنا إليها في البحث السابق ولم نتم المقدمة, قلنا: أن لا يكون هناك ما يؤدي إلى الانصراف, لو كنّا التفتوا جيداً, هذه أس بحث الإطلاق, لو كنّا نحن واللفظ الوارد في الآية أو الرواية بحسب الاستعمال اللغوي فإنه ماذا؟ واضح المفهوم ما فيه مشكلة, ولكنه هذه الأحكام وهذه الموضوعات لم ترد في جوٍ مخلى مجرد عن الظروف المحيطةبه, عندما صدر هذا الموضوع صدر هذا الموضوع ضمن ماذا؟ قولوا معي؟ ضمن ظروف خاصة.
ولذا هنا بحث جملة من الأعلام في تنبيهات الإطلاق, قالوا: أن لا يكون ما هو محيط بالموضوع يؤدي إلى انصراف الموضوع إلى موارد خاصة, وإلا لو كان ما يحيط طبعاً هذا الذي يحيط ليس بالضرورة يكون لفظاً, وهذه هي التي عبرنا عنا بالقرائن اللبية, إذا كان هناك ما يحيط بالألفاظ قرائن وشروط وإن كان المفهوم واضح ولكنّه بحسب التطبيق ما هو؟ ضيق, هنا يمكن التمسك بالإطلاق أو يتحقق الانصراف؟
هنا الأعلام ماذا فعلوا؟ قالوا الانصراف له مناشئ متعددة:
المنشأ الأوّل: غلبة الوجود كثرة الوجود, يعني: هنا عندما يقال تفاح يراد منه عادةً التفاح الكذائي, باعتبار الغالب الموجود, وإلا أنواع أخرى من التفاح أيضاً موجودة, ولكن أنت عندما تقول لفلان أأتني بتفاح المراد ماذا؟ هذا التفاح, ولكن هذه الغلبة ما هو منشأها؟ منشأها كثرة الوجود, هذه اتفقت الكلمة أن غلبة الوجود ليس منشأ للانصراف, ولكن غلبة الوجود يستبطن وجود الأنواع الأخرى ولكنها غير متوفرة في الواقع الخارجي, لا أنها غير موجود, هذا المنشأ الأوّل للانصراف.
المنشأ الثاني للانصراف الذي عبر عنه سيدنا الأستاذ السيّد الخوئي+ في (ص341) قال: [وأخرى يكون انصرافاً حقيقياً ثابتاً عند العرف كما في الماهيات التشكيكية] هذا من باب أنه إما أن نحمل المقرر المشكلة أو أنه من باب المجاز وإلا الماهيات عموماً لا يقع فيها تشكيك بناء على أصالة الوجود, نعم بناء على أصالة الماهية وبعيد جداً أن سيدنا الأستاذ أن يلتزم بأصالة الماهية لأنه كتبه الأصولية واضحة يقول بأنه نحن نبني على ما بنى عليه صدر المتألهين من أصالة الوجود, وعلى هذا الأساس فالماهيات تكون أمور اعتبارية والأمور الاعتبارية لا معنى لوقوع التشكيك فيها إلاَّ على بعض المباني غير المشهورة. على أي الأحوال.
يقول: [يكون انصرافاً حقيقياً كما في الماهيات التشكيكية التي يكون صدقها على بعض الأفراد أولى من صدقها على البعض الآخر] ثمَّ يضرب مثالاً, يقول: [وهذا النحو من الانصراف مانعٌ عن الإطلاق جزماً] مانعٌ ماذا؟
إذن التفت, جنابك عندما تريد أن تجري الإطلاق في لفظة بعد ألف ومئتين سنة لا تقول والعرف ببابك, لابدَّ أين تذهب؟ تذهب إلى زمن صدور الموضوع لترى أن الظروف كان فيها انصراف أو لم يكن فيها انصراف؟ طيب هذه القضية بعباراتنا إن صح التعبير هذه تهدم أصل الاستدلال عندنا لأننا نحن كلنا نتعامل مع النصوص الآن.
من هنا هؤلاء لا فقط عندهم حيل في باب الفقه الأصوليين الفقهاء عندهم حيل في باب الأصول الحيل الأصولية لا الحيل الفقهية, جاؤوا وجعلوا لنا الاستصحاب القهقرائي, هذا الاستصحاب القهقرائي ما هو الغرض منه؟ الغرض منه, يقول: هذا الذي انا أفهمه إذا ما فيه انصراف أقول إذن في ذاك الزمان أيضاً ما فيه انصراف, ترون هذا يقين يوجد ولكن يقين متأخر ويوجد شك ولكن شك متقدم في الاستصحاب ماذا عندك؟ عندك يقين متقدم وشك متأخر, أما في هذا الاستصحاب القضية معكوسة عندك يقين الآن تفهم اللفظ ما فيه انصراف ولكن تشك في زمن الصدور أيضاً ما فيه انصراف فجاءوا وجعلوا استصحاب ماذا؟ الاستصحاب القهقرائي, من هنا دخلوا في عويصة أخرى أن أدلة الاستصحاب >لا تنقض اليقين بالشك< شامل للاستصحاب القهقرائي أو ليس بشامل؟ اتفقت الكلمة قالوا بأنَّ الاستصحاب يشمل ما كان الشك لاحقاً لا ما كان الشك سابقاً, طيب إذن أدلة الاستصحاب ما تشمله إذن ماذا نفعل؟ السيّد الصدر& قال: تعالوا نجعل أصل اسمه أصالة الثبات في اللغة, نقول اللغة عادةً ما تتغير, سيدنا كيف أن اللغة ما تتغير؟ يقول إذا لم نقل هذا طيب كلّ الفقه يخرب لابدَّ أن نقول شيئاً, هذا هو يقول لا أنا, دعوني أقرأ لكم العبارة, حتّى تعرف بأنه المشكلة كم هي عويصة ومعقدة. في (الحلقة الثالثة, ج1, ص207, من الطبعة المعروفة أو الطبعة التي هي مؤتمر العالمي).
قال: [ويبقى علينا أن نثبت أن الظهور الموضوعي في عصر السماع] يعني عصر صدور الرواية [مطابقٌ للظهور الموضوعي في عصر الكلام الذي هو موضوع الحجية] عصر الصدور عصر السماع [وهذا ما نثبته بأصل عقلائي يطلق عليه أصالة عدم النقل] هذا تعبير فني عن الاستصحاب القهقرائي لعدم تماميته [وقد نسميه بأصالة الثبات في اللغة, [وهذا الأصل العقلائي] التفت جيداً إلى العبارات أصلاً سوف لا أعلق أنتم علقوا [وهذا الأصل العقلائي] الذي تسعة وتسعين بالمائة من الألفاظ والعبارات والجمل والتراكيب التي نفهمها مبنيةٌ على ماذا؟ لأن هذا الشك قائم, أنت تفهم من الآية أو الرواية في هذا, لعل في ذاك الزمان يفهمون شيء آخر, كيف تثبت هذا الذي أنت تفهمه هو مقصود الإمام في ذلك الزمان, يقول: [وهذا الأصل العقلائي يقوم على أساس ما يخيل لأبناء العرف] إذن هو أصلٌ خيالي, واقعي أو ليس بواقعي؟ ليس بواقعي, الآن بعد, [لأبناء العرف, نتيجةً للتجارب الشخصية] هم يعيشون خمسين سنة يرون الألفاظ ومعانيها ما تتغير فيتصورون خمسمائة سنة ماذا؟ فيسقط الحكم الشخصي له, على الحكم التاريخي, [من استقرارهم, من أبناء العرف ما يتخيل لهم من استقرار اللغة وثباتها فإنَّ الثبات النسبي والتطور البطيء للغة يوحي للأفراد الاعتياديين بفكرة عدم تغيرها اللغة وتطابق ظواهرها على مر الزمن, وهذا الإيحاء] الذي موجود والذي نبني عليه فقهنا وأصولنا [وهذا الإيحاء وإن كان خادعا] إيحاء واقعي أو غير واقعي؟ غير واقعي, [لكنه على أي حال إيحاء عام استقر بموجبه البناء العقلائي] مشى هكذا فنحن أيضاً نمشي معه, وإلا لابدَّ ماذا يصير؟ وإلا كلّ هذا الذي موجود بأيدينا يلزم تأسيس فقه جديد, ولكن بما أنه ما عندنا خلق من له الخلق ان يبدل الفقه, هذا الماشي نحن أيضاً نمشي معه مرتاحين, أما نرجع إلى الوراء مرةً أخرى لنقرأ ظروف صدور الرواية, هذا مغلق.
ولذا واحدة من أهم المباني المحورية والمفتاحية التي اختلف مع جمهور علمائنا الأصوليين وفقهائنا هذه المسألة, أنا ما معتقد أن رواية أنت معتمد على أصل تعبر عنه تخييلي وتعبر عنه خادع وتعبر عنه كذا وابني فقهي عليه, إذن ما هو؟ لابدَّ أن أرجع إلى صدور الرواية في أي ظروف صدرت, الآية في أي ظرف صدرت, لابدَّ أن نعرفها كاملاً ظروفها, لماذا؟ لأنكم صرحتم وقبلتم هذا المعنى.
ولذا السيّد الشهيد+ في (تقريرات بحثه للهاشمي, ج3, ص431) يقول: [التنبيه الرابع: الانصراف الناشئ من غلبة الوجود] هذا لا يؤدي إلى تحديد المطلق وتقييده [أما والانصراف الناشئ من كثرة استعمال اللفظ بنحوٍ أدى إلى إيجاد أنسٍ لفظي لا خارجي لأنه ناشئ من استعمال اللفظ في المعنى وأفاد المعنى به وهو الذي يؤدي إلى الوضع التعيني إذا بلغ مرتبة عالية كما في المنقول والمشترك فإنَّ هذا قد يكون صالحاً للاعتماد عليه في مقام البيان, فالانصراف بهذا المعنى إذا لم يقيد قد يوجب الإجمال وعدم تماميته]. فإذا شككنا أنه أساساً كان مطلق أو مقيد ويوجد هناك ظروف محيطة بالموضوع لا أقل فيها احتمال ماذا؟ يمكن التمسك بالإطلاق أو لا يمكن التمسك بالإطلاق؟ إن لم نقل لا يمكن لا أقل يؤدي إلى الإجمال.
إذن المورد الأوّل في خلافنا في بحث الإطلاق مع المشهور اتضح هنا في هذه القضية.
المورد الثاني – اعونه وإن شاء الله إلى غد- المورد الثاني: أعزائي نحن نعتقد أن الأحكام التي ذكرت للموضوعات تلك الموضوعات كانت محاطة بمجموعةٍ من الشروط المكانية والزمانية والاقتصادية والانتاجية والاجتماعية وهذه كلها قيودٌ في موضوع الحكم. فلابدَّ من استكشافها وإلا ليست مطلقة, يعني: المولى, دعوني في جملة واحدة وان شاء الله تطبيقها إلى غد, المولى قال: >من أحيا أرضاً مواتاً فهي له< في ذلك الزمن بكل قدراته الانتاجية الفرد أو الجماعة كم يستطيع أن يحيي من الأراضي؟ والله خمس سنوات ما يستطيع أن يحيي ثلاثمائة متر, ماذا يريد أن يفع >من أحيا أرضاً< أما الآن لو لشركات متعددة الجنسيات لو قلت لهم >من أحيا أرضاً مواتاً فهي له< في يوم واحد يستطيع أن يحوط لك ويحييلك بلد كامل أو ما يستطيع؟ يعني فهي له. أيستطيع أحد أن يلتزم بلوازمها, ولذا الآغايون لأنهم حاروا في تلك الإطلاقات جاءوا وجعلوا أحكام ولائية قالوا الولي يقف أمامه, مع أنه نحن كلامنا أساساً >من أحيا أرضاً مواتاً< أصلاً إطلاق ما فيها لأنه هذا الكلام جاء في تلك الظروف لا مطلقة.
ولهذا بيني وبين الله كثير من هذه الإطلاقات التي قالها القوم, أساساً لا يوجد فيها أي إطلاق. تتمة الكلام تأتي.
والحمد لله رب العالمين.