بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين
قلنا مسألة الإطلاق من المسائل المحورية في عملية الاستنباط, وما لم نلتفت إلى تلك النكات والخصوصيات التي أشرنا إليها فإنه في الواقع نقع في وهم كثير وهم كبير, نتصور أن الأئمة أطلقوا في الواقع أنه لا يوجد في الحقيقة إطلاق.
أشرنا إلى بعض الخصوصيات بالأمس, من هذه الخصوصيات قلنا بأنه لابدَّ أن نحرز أن المولى في مقام البيان من تلك التي نحن بصدد إثبات الإطلاق فيها, وإحراز ذلك من الألفاظ الجامدة المجردة عن شروطها وظروفها وحالاتها ليس بالأمر البين.
وهذا ما أشار إليه السيّد الشهيد في بعض كتاباته كاقتصادنا, هناك في (ص411, من هذه الطبعة وهي دار التعارف للمطبوعات) هذه العبارة يمكن أن تكون أصلاً مهماً في عملية الاستنباط ولكنه في الأعم الأغلب هذه لا يلتفت إليها.
قال: [ففي بعض الأحيان يجد الممارس نفسه] التفتوا جيداً هذا الذي قلنا أنه نحن نعيش شيء ولكنه بأصالة عدم النقل أو بأصالة الثبات في اللغة أو بالاستصحاب القهقرائي نقول هذا الذي فهمنا هو الذي أراده الإمام في ذلك الزمان, ولا نأخذ هذه العملية أو هذا التطور الهائل في المفردات اللغوية وفي التراكيب اللغوية.
يقول: [ففي بعض الأحيان يجد الممارس نفسه] الممارس لعملية الاستنباط [يجد الممارس نفسه يعيش واقعاً عامراً بسلوكٍ معين] يعيش حالة هذه الحالة والسلوك والممارسة هذا الذي في الأعم نصطلح عليه بالسيرة المتشرعية, نقول أساساً هذه من الأمور الثابتة عند المتشرعة [ويحس بوضوحٍ هذا السلوك وأصالته وعمقه إلى درجةٍ يتناسى العوامل التي ساعدت على إيجاده, والظروف المؤقتة التي مهدّت لمثل هذا السلوك, فيخيل له أن هذا السلوك أصيل وممتد في التاريخ إلى عصر التشريع] فلهذا هو عبر عن هذا الأصل بأصل [يخيل للإنسان] طبعاً هذا هو يتكلم الآن في التقرير في السلوك, ولكن هذا عامٌ في التراكيب ايضاً [بينما هو وليد عوامل وظروف معينة حادثة أو من الممكن أن يكون كذلك على أقل تقدير, الآن إما أنه حادثٌ وإما لا أقل يشك فيه ومع الشك فيه لا يمكن إثباته هناك. هذه قضية.
القضية الثانية التي أشرنا إليها بالأمس, وهي قضية خطيرة لعله أخطر من هذا, وهي: أولاً: نحن نتكلم في الأحكام الثابتة لا في الأحكام الولائية, لا يذهب إلى ذهنكم, الأحكام الولائية بطبيعتها لابدَّ متغيرة وتابعة لظروفها, أنا أتكلم في الأحكام الثابتة, التي تشكل عنصراً ثابتاً وجزاءً ثابتاً من الشريعة.
أعزائي المنهج العام في عملية الاستنباط في مدرسة أهل البيت أو في فقهاء أهل البيت عموماً أنهم عندما جاؤوا إلى أي حكمٍ من الأحكام الثابتة الصادرة من النبي أو الأئمة جردوه كاملاً عن جميع الظروف المحيطة به, قرؤوه مجرداً بشرط لا, لا لا بشرط, بشرط لا عن جميع ما أحاط به, ولذا تجدون أنه إذا ورد حكم في موضوع عند الإمام أمير المؤمنين وورد نفس ذلك الموضوع بحسب اللفظ عند الإمام العسكري الذي الفاصلة كم؟ لا أقل قرنين لا يقول لا علاقة لي بأنه الإمام أمير المؤمنين ما هي الظروف التي أدّت به أن يقول هذا الحكم لهذا الموضوع والإمام الهادي ما هي الظروف, فإذن يقع بينهما التعارض.
ولا ينظرون أن هذا الكلام صدر من إمام متقدم أو متأخر أو متوسط, أبداً لا علاقة لهم بها, وإنما يأتي إلى أي حكمٍ يجرده عن تمام ظروفه عندما أقول ظروفه, المقصود البعد الاجتماعي البعد السياسي البعد المالي البعد الاقتصادي البعد الثقافي البعد الجهل الحاكم في الأمة, هذا كله يلغى من عملية إثبات الإطلاق.
أضرب لك مثال: أنتم تعلمون مسألة الربا من المسائل لعله لا يوجد عندنا شيء في الشريعة الآن مبالغة هذه ولكنه نوادر عندنا هذا التأكيد الذي صار على حرمة الربا, وإلا بينكم وبين الله هذه التعابير الواردة في تحريم الربا و>أن درهم رباً أشد من سبعين زنية بالمحارم في البيت الحرام< أنا ما أتصور تعبير يوجد أشد ماذا؟ أصلاً في القرآن قال: {فأذنوا بحربٍ من الله} أصلاً محاربة لله.
طيب سؤال والسؤال مطروح: أن النبي أن القرآن أن الأئمة عندما جاءت عنهم هذه النصوص بيننا وبين الله الظروف التي كانت تحكم القرنين الأوّل والثاني من حيث العملة الحاكمة من حيث التبادل من حيث التضخم من حيث .. من حيث عشرات العوامل الأخرى, هذه هل كانت ملحوظة عندما حرم الربا, أو مجردة عنها في أي زمان كان؟ أي منهما؟ أنتم الآن إذا أردت أن أضرب لكم مثال: الأعزة يعيشون, الأعزة الذين عاشوا في العراق الذين عاشوا في لبنان الذي عاشوا الآن في هذه الكم سنة الأخيرة في إيران يجدون أن العملة تكون واحدة من أهم الأسباب التي لا فقط تخرب الوضع الاجتماعي قد تسقط الحكومات السياسية, العملة, الآن واحدة من العوامل الأساسية التي يحاربون بها بعض الدول التي ماذا؟ العملة تسقط تسقط .. الناس عندما تسقط عملتها يعني تسقط كلّ ماليتها فيرون أنه أفضل شيء يسقطون النظام الحاكم حتّى يتخلصون, وهذه هي العملية المعروفة الآن, أنتم كم شهر الأخيرة وجدتموها, التومان الإيراني ماذا بلغ حاله, ولولا الإجراءات التي اتخذتها الدولة من أكثر من مائة في المائة, يعني وصل إلى حدود ألفين وثلثمائة .. صحيح أم لا؟ وهذه كانت تخلق بلبلة أين؟ داخل البلد.
سؤال: هذه الحالة للنقود التي نعيشها الآن هل كانت موجودة في صدر الإسلام عندما حرم الله الربا أو ليست موجودة؟ أنا الآن ما أريد أن أقول غير موجودة, ولكنه هل تلك الظروف لها تأثير في عملية التحريم أو نأخذها مجردة نقول ما عندنا علاقة يوجد تضخم أو لا يوجد تضخم؟ يوجد سقوط للعملة أو لا يوجد سقوط للعملة؟ الربا حرام, ما هو الربا؟ تعطي مائة مفردة من أي عملة تأخذ كم؟ تأخذ مائة وعشرين, هذا حرام, تقول له: هذه دخلت فيها عوامل سياسية الآن كذا وكذا, يقول أنا ما هي علاقتي بالعوامل السياسية الأدلة قالت الربا ماذا؟
هذه القضية أخذوها بعين الاعتبار, الآن ما أريد أن أقول, ولكن فليكن في علمكم, واحدة من أهم الأسس التي أتحرك فيها في عملية الاستنباط هو هذا الأساس, الآن أضربكم مثال الذي تقريباً الجميع الإخوة متفقين عليها, حتّى أقترب إلى مطلبي التي هي مواقف شرعية, رسول الله في حياته التي ما تتجاوز عشر سنوات في المدينة تتذكرون جميعاً عاش حالة حروب وعاش حالة صلح, سؤال: أيها شرعي وأيها غير شرعي؟ الجواب: كلاهما شرعي, طيب بينك وبين الله بين الصلح والحرب يوجد تضاد أو لا يوجد تضاد؟ يوجد تضاد, أيهما شرعي؟ الجواب: الحرب في ظروفه شرعي, والصلح في ظروفه أيضاً شرعي, وهي مواقف شرعية أحكام ثابتة لا أحكام ولائية.
إذن أنتم عندما جئت لتقيم حروب النبي لم تأخذها على إطلاقها تقول ما دام حارب النبي إذن نحن أيضاً دائماً لابدَّ أن نحارب الكفار, لا أبداً, مرةً تحارب الكفّار لأن الظروف كانت ظروف حرب, مرة تصالح الكفار أو تداهم الكفار لأن الظروف ماذا؟ ظروف صلح.
أوضح من ذلك: ما يتجاوز الفترة التي عاشها, الإمام الحسين لا أذهب إلى الإمام الحسن والإمام الحسين لا نفس الإمام الحسين, من سنة 50 من الهجرة إلى سنة 60 من الهجرة الإمام الحسين ماذا فعل؟ حارب معاوية أو سكت عن معاوية؟ نفس السياسية التي استعملها الإمام الحسن, ولكنه عندما جاء يزيد إلى السلطة ماذا فعل؟ قام بثورته قام بالعملية الاصلاحية التي أدّت إلى استشهاده.
سؤال: أيهما أصل هذه أم هذه؟ ماذا تقولون؟ لماذا أنتم دائماً تذهب وتقول نحن أيضاً لابدَّ أن نقوم كما قام الإمام الحسين, طيب اسكت كما سكت الإمام الحسين؟
الجواب: سكوت الإمام الحسين كان في ظرفٍ وحركته كانت في ظرفٍ آخر.
سؤال: موقف الإمام الرضا أصل وهو الدخول في ولاية العهد أو موقف الإمام الحسين وهو أنه قال لا أبايع أنا حتّى أستشهد أيهما أصل؟
الجواب: تقول بيني وبين الله إذا كانت الظروف ظروف الإمام الحسين فالأصل موقف الإمام الحسين, إذا كانت الظروف ظروف الإمام الرضا فالموقف الشرعي ماذا؟ موقف الإمام الرضا.
أعزائي الأحكام الشرعية أيضاً كذلك, كلّ واحدة مأخوذة بظروفها, ولكن الأعلام جردّوا الأحكام الشرعية عن ماذا؟ عن ظروفها المحيطة بها.
الآن أنا ما أريد أن أفتح الباب وأوسعه, مسألة طهارة ونجاسة أهل الكتاب, هذه يمكن أن تقرأ قرائتين: قد تقرأ قراءة تعبدية محضة وكذا وكذا.. طيب يقول الدليل قال نجس أقول نجس, الآن في اليوم أيضاً ثلاثة عشر مرة يذهب للحمام ويتطهر كما أنت بل أحسن منه, اصلاً يصير طاهر أو ما يصير طاهر المسكين؟ ما يصير طاهر, لماذا؟ لأنه حكم تعبدي قال هذا نجس, انتهت القضية. أليس هكذا, وقد آخر يقول طاهر, هذه قراءة بحسب الأدلة أن الأدلة دلت عندي على النجاسة دلت عندي على ماذا؟ على الطهارة.
طبعاً أنا أتكلم في أحكام النجاسة والطهارة التي لها أبعاد اجتماعية لا الطهارة والنجاسة التي لها بعد فردي كالدم أو البول لا لا, لأنه أنت عندما تقول, اعزائي التفتوا جيداً, كونوا على ثقة, وأنا أتصور طبيعي جداً, عندما يقال لك أهل الكتاب محكومين بالنجاسة على حد نجاسة الكلاب والخنازير, نجاسة ذاتية لا نجاسة عرضية أليس هكذا, بينك وبين الله فيمكن لك أن تختلط وتعاشر وتجلس وتقوم وتأخذ معهم أو هذا كله ينتهي؟ بطبيعة الحال, أصلاً أنت تحس حزازة نفسية أصلاً تجلس معه, حتّى النفس الذي يتنفسه ما تريده أن يصلك, أما إذا قيل لك طاهر.
طيب سؤال هنا: وهو أن الشارع في صدر الإسلام او المائة سنة الأولى عندما بعدُ المجتمع الديني والمجتمع الإسلامي ضعيف فكرياً وثقافياً وعقدياً إذا اختلط مع الآخر الذي هو أقوى منه فكرياً يتأثر أو لا يتأثر؟ يؤثر أو لا يؤثر؟ هو الآن بعد ألف وأربعمائة سنة معممينا عندما يذهب إلى بلاد الغرب بعد سنتين يأتيك ماذا؟ ترى كثير من المحرمات التي كانت عنده محرمات هناك ماذا؟ استسهلا لماذا؟ لأن هذه طبيعة الظرف الاجتماعي, طبيعة الوضع الثقافي, طبيعة الوضع المخالطة والمعاشرة هذه طبيعتها تؤثر في الإنسان ولذا قيل كتب الضلال لا تقرؤوها لماذا لا نقرأ كتب الضلال؟ قال: بمجرد أن تقرأها ماذا؟ تتأثر فيها, أعلامنا في كتب الضلال جيداً قالوا, قالوا: إذا يتأثر منها ما يجوز, إذا لا, ما يتأثر, إذا لا, يريد أن يرد يجب عليه وجوب كفائي, إذن قضية حرمة قراءة كتب الضلال قضية تعبدية أو قضية خوفاً من التأثر بالآخر؟
أنا في اعتقادي أن النجاسة التي وردت في كثير من روايات أهل الكتاب مرتبط بها البعد الاجتماعي ما مرتبطة بالبعد التعبدي, لماذا؟ لأنه أقرأ القضية, لأن القضية ليست قضية فردية وإنما هي قضية فيها بعد اجتماعي, وأنا أتصور الآن بينكم وبين الله يعني الآن تريد أن تنفتح أنت على العالم الآخر من؟ أهل الكتاب, أهل الكتاب يعني من؟ يعني المسيح, الذي الآن عددهم في العالم كم؟ اثنان مليار, بمختلف اتجاهاتهم, جيد, تقول له: بسم الله الرحمن الرحيم تعال ندخل في حوار العقائد والديانات والحضارات أيها النجس كالكلب, بينك وبين الله يبقى مجال لحوار الحضارات وحوار الأديان, أصلاً ممكن هذا؟ يقول: أصلاً أنت الذي تأتيني بدينٍ بشريعةٍ تتعامل معي على أساس أني لا فقط نجس تتعامل معي كما تتعامل مع الكلاب والخنازير و.. أنت بيني وبين الله أصلاً تحمل رؤية تستحق واحد يحترمك أصلا, كما لو فرضنا أن الآخر لو تعامل معك الآن لماذا نحن لا نستطيع أن نتعامل مع المنهج السلفي أو المنهج الوهابي أو منهج ابن تيمية, لأنه هو باني على أنه أنت من؟ أنت كافر, وبدعة ومن عبد الله بن سبأ و.. أصلاً يوجد مجال للحوار بينك وبينه لو يغلق باب الحوار؟ إذن أعزائي تعالوا القضايا.
ولذا تجدون أن الروايات, أنا الآن لم أتتبع, ولكنه في اعتقادي أن الروايات التي دلت على طهارة أهل الكتاب هذه روايات جاءت من الأئمة المتأخرين, يعني بعد مرور مائة ومائة وخمسين سنة الوضع الإسلامي والأمة بلغت من الرشد والوعي تستطيع أن تعاشر الآخر.
وفي ضمن هذه الرؤية أنا أفهم أيضاً هذا الخلاف الشديد المعقد في ذبائح أهل الكتاب, مسألة معقدة ذبائح أهل الكتاب, يجوز أكلها إذا سموا عليها أو لا يجوز؟ روايات متعددة اختلاف كلمات, آخر الأمر إجماع يكسر الظهر, ماذا تفعل؟ إجماع الإمامية.
الجواب: هذه أيضاً داخلة تحت تلك لأنه إذا أنت أجزت أكل ذبائحهم بطبيعة الحال تحصل المعاشرة, السيّد الشهيد & ليس بحثي هذا ولا أريد أن أدخل فيه, السيّد الشهيد عنده عبارة قيمة في (بحوث في شرح العروة الوثقى) عنده بحث أنا هذا البحث بودي أن الأعزة إذا صار عندهم وقت يراجعوه جداً بحث قيم لا يوجد فيه هذه النكات ولكنه يشير إلى بعض النكات المهمة في قضية, إذا استطعنا أن نخرج العبارة في نجاسة الكافر رأيتها أنا, في (ج3, ص308) يقول: [إن ابتلاء المسلمين بالتعايش مع أصناف من الكفار في المدينة وغيرها على عهد النبي كان على نطاقٍ واسع واختلاطهم مع المشركين كان شديداً جداً, خصوصاً بعد صلح الحديبية, ووجود العلائق الرحمية وغيرها بينهم, فلو].
الآن سؤال: هؤلاء جديدي العهد بالإسلام, فإذا أبقاهم على الحالة السابقة أنه عاشروهم واجلسوا معهم وأكلوا معهم واشربوا واكلوا ذبائحهم, بينك وبين الله يستطيع أن يتميز فكرياً وثقافياً ودينياً عنهم أو لا يستطيع؟ فلا توجد طريقة أيضاً تقول له إلاَّ أن يقول له نجس, على أي الأحوال.
أعزائي هذا أصل من الأصول التي أنا اعتمدها وأسير عليها في عملية الاجتهاد, وأدعوا الأعزة أنا ما أقول بأنه يقبلوا مني هذا الأصل يدخلوا إلى هذا البحث لمعرفة أن الأحكام التي صدرت من النبي من الأئمة هل أن للظروف مدخلية فيها أو لا؟ عند ذلك النتيجة ما هي؟ النتيجة تلك الأحكام تكون ثابتة كلما تحقق ذلك الظرف, أما إذا تغير الظرف, فالحكم ثابت أو غير ثابت؟ ليس بثابت, يعني الربا يكون حراماً إذا كانت الظروف تلك التي يعني لا يوجد تضخم, العملة ليس لها ذاك التأثير و.. أما إذا تبدلت الظروف كما هي في ظروفنا كما العملة لها هذا التأثير في الحياة المالية والاقتصادية, هل يمكن سحب تلك الأدلة على مثل هذه الظروف أو لا؟ جيد, نرجع إلى محل كلامنا.
قلنا: أن المسألة الابتلائية, نحن دخلنا هذه المسألة لأجل هذه, الإطلاق الذي ذكره السيّد الخوئي في رواية وسائل الشيعة, في رواية وسائل الشيعة التي هي (ج9, ص544, الحديث 12678) قال: >أو تجارةً, فقال: هذا لشيعتنا حلال< السيّد الخوئي قال: بأنه هذه الرواية الصحيحة السند دالة على أن كلّ ما وصلنا من الغير أعم من أن يكون معتقداً بالخمس أو غير معتقد, أعم من أرباح المكاسب أو غيرها فهي حلال, بأي دليل؟ قال: بإطلاق صحيحة سالم بن أبي مُكرَم. صحيح.
الآن سؤالنا: هذا الذي ادعاه سيدنا الأستاذ تام أو لا؟ ارجعوا أعزائي إلى مقدمات الحكمة, ارجعوا معنا إلى مقدمات الحكمة, ما هي كانت مقدمات الحكمة؟
الأوّل: أن يكون المتكلم في مقام البيان.
الثاني: أن لا ينصب قرينة على التقييد.
الثالث: أن يكون الموضوع واحداً لا تشكيك فيه في السعة والضيق.
إذا اتضح ذلك: الجواب الأوّل: إشكالنا الأوّل على ما ذكره سيدنا الأستاذ أولاً: لوجود القرينة على التقييد, ما هي القرينة؟ القرينة قرينتان: القرينة الأولى: >حلل لي الفروج< وقوله >وما يولد منهم إلى يوم القيامة<. هاتان قرينتان لإخراج أرباح المكاسب, وهذا لست أنا قائله, جملة من الأعلام الذين كتبوا في ذلك قالوا أن هاتين القرينتين تخرج أرباح المكاسب من التحليل.
نعم, إذا وصلنا من الغير شيعياً أو غير شيعي من غير أرباح المكاسب فهو حلال, هذه (فقه الشيعة, ج2, ص683) هذه عبارته, قال: [والسؤال عن تحليل الفروج إنَّما هو باعتبار تعلق الخمس بها لكونها من الإماء المسبية في الغنائم الحربية, وبضميمة توضيح الرجل الحاضر في المجلس تدل الرواية …] إلى آخره.
إذن التفتوا جيداً, هذه أين مختصة.
وكذلك إذا يتذكر الأعزة عبارة السيّد الحائري قراناها في (مباني فتاوى الأموال العامة, ص258) عبارته كانت واضحة وقرينتان قال: [وعدم ارتباط الرواية بخمس أرباح المكاسب واختصاصها بالغنيمة أو بخصوص الجواري السبايا من قبل العامة واضحٌ أولاً: بقرينة قوله: >حلل لي الفروج< ثانياً: >بقرينة: >وما يولد منهم إلى يوم القيامة<]. كيف تدل هذه على أنها ليست مرتبطة بأرباح المكاسب؟ يقول: لأنه على فرض أننا قبلنا أن أرباح المكاسب محللة في عصر الغيبة الكبرى طيب ينتهي بظهور الإمام فالأمر إليه يريد أن يبقي التحليل أو يريد أن يضع الخمس, كما وضعه في عصر الغيبة الصغرى, كما وضعه آبائه (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
فإذن هذا التعبير بقرينة إلى يوم القيامة, مرتبط بشيء آخر لا بارباح المكاسب, والرواية واضحة: قالت: >حلالٌ لهم إلى يوم القيامة وما يولد منهم إلى يوم القيامة<.
ولذا عبارته: [فإنَّ غاية ما يحتمل حليته من خمس أرباح المكاسب هو آخر الغيبة, ولا يحتمل حليته إلى يوم القيامة, وتحليل الجواري السبايا أو الغنائم التي تكون …] إلى آخره. هذه القرينة الخاصة الموجودة في هذه الرواية.
وهناك قرينة عامة, ما هي القرينة العامة؟ يتذكر الأعزة لا نعيد ما هي القرينة العامة؟ أن روايات التحليل تتكلم عن موضوع واحد أو موضوعين؟ موضوع واحد, وحدة الموضوع ووحدة الحكم, وعندما نأتي إلى التحليل الثابت في زمان الإمام أمير المؤمنين يشمل ارباح المكاسب أو لا يشمل؟ لا يشمل لماذا لا يشمل؟ من باب السالبة بانتفاء الموضوع, أساساً لم يكن موجوداً, نعم من حقك أن تقول: سيدنا هذه الروايات الواردة في زمن الأمير فهي موضوعٌ والروايات الواردة في زمن الصادق وما بعد ذلك هي موضوعٌ آخر.
قلنا: هذا أصلٌ اعتمدوه أو أصلٌ التفتوا إليه, إذا جاءت مجموعة من الروايات تتكلم عن موضوعٍ واحد لا يحق لنا أن نعزل هذه الروايات نأخذها مفردةً مفردة, ننظر إليها نظرة عامة واحدة, خصوصاً إذا كانت هناك قرائن حيث قال: >أحللنا< لا أحللت >أبيح< على صيغة المجهول يعني يتكلم عن الذي كان عن آبائه, وهذه ليس هنا فقط, في جملة من الموارد الأعلام يتبعون هذه القاعدة.
في جملة من الأحيان الأعلام يتبعون هذه القاعدة أي قاعدة؟ قاعدة: أن الروايات متعددة وفيها عدة خصوصيات يقولون أنه لا يقع التعارض إذا كان الموضوع واحد, عجيب هذا جداً أصل مهم, إذا كان الموضوع واحد لا يوقعون التعارض, أين مثاله؟ الآن أنا أعنون المثال وإن شاء الله إلى غد أنا أوضحه أكثر تفصيلاً.
في مسألة الاستصحاب, في مسألة الاستصحاب كلّ الروايات الواردة أخذ فيها >لا تنقض اليقين بالشك< فصارت هناك عندنا مشكلة عويصة في باب الاستصحاب وهي أنه إذا قام على حدوث الشيء لم يقيم يقين بل قامت إمارة فهو ظن أو يقين؟ ظن, يجري الاستصحاب أو لا يجري الاستصحاب؟ لو لم يثبت الحدوث باليقين ولكن ثبت بماذا؟ بأمارة هل يجري الاستصحاب أيضاً أو لا يجري؟
جملة من الأعلام قالوا لا يجري لماذا؟ لأن الروايات صريحة قالت بأنه فاليقين مأخوذ في موضوع الحكم, فإذا كان يقين بالحدوث وشك في البقاء >لا تنقض اليقين بالشك< أما إذا كان هناك ظنٌ بالحدوث وإن كان ظناً معتبراً كالأمارة كخبر الواحد, ما عندنا دليل بأنه لا تنقضه بالشك فما هو الطريق؟
عدّة حلول ذكرت في كلماتهم, واحدة من أهم الحلول التي ذكرت, قالوا: أعزائنا الروايات التي تكلمت عن الاستصحاب تتكلم عن موضوع واحد وواحدة من هذه الروايات لم يؤخذ عنوان اليقين إذن نستكشف أن اليقين بما هو يقين لا موضوعية له, مولانا طيب رواية والباقي ماذا تفعل طيب يقع تعارض؟ يقول لا لا, لأن الجميع تتكلم عن موضوعٍ واحد.
التتمة تأتي.
والحمد لله رب العالمين.