نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (274)

  • أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللهم صلّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

    كان الكلام في حقيقة الأمور الاعتبارية والتي من مصاديقها الملكية في باب المعاملات ولم يختلف أحد من فقهاء الإمامية أن الملكية التي تبحث في باب المعاملات هي الملكية الاعتبارية ، نعم توجد أقوال أخرى ولكن التحقيق بنهم أنها ملكية اعتبارية حتّى تترابط الأبحاث ويتضح للأعزاء لماذا عرضنا لهذه المسألة هنا مع أنه نحن نتكلم في الآية المباركة {فأن لله خمسه} ما هو علاقة هذه الأبحاث بهذه الآية؟

    الجواب: قلنا بأنه لا إشكال ولا شبهة بناء على القول الأوّل والقول الثاني لا تثبت الملكية الاعتبارية لله سبحانه وتعالى، إذن اللام في الآية المباركة بناء على القول الأوّل والقول الثاني لا يمكن أن تكون لام الملكية فنختار افترضوا الشيخ الأنصاري الذي اختار أن الملكية الاعبتارية منتزعة من الأحكام التكليفية من الواضح بعد لا يمكن أن يقول أن الآية المباركة دالة على أن الله مالك ملكية اعتبارية وهكذا كصدر المتألهين الذي اعتقد أن الملكية الاعتبارية هي داخلة في مقولة الإضافة أيضاً لا يمكنه أن يقول بأنَّ الله لم تثبت له الملكية الاعتبارية أو الملكية بحسب الاصطلاح الفقهي يبقى هذا القول الثالث وهو أن نقول أن الملكية من الأمور الاعتبارية التي اعتبرها العقلاء فهل يمكن أن يكون الله متصفاً بمثل هذه الاعتباريات ، لا إشكال ولا شبهة أن الله متصف بالصفات الحقيقية كالعالمية كالقادرية سواء كانت حقيقية محضة أو حقيقة ذات إضافة إضافية على التقسيم الموجود في مباحث التوحيد هل يمكن للحق تعالى أن تصف بأوصاف هي أمور اعتبارية وضعت من قبل العرف والعقلاء لتنظيم حياتهم الاجتماعية هل يمكن أو لا.

    الجواب: أساساً هو ليس داخل في دائرة الاجتماع والعرف حتّى يكون محكوماً بمثل هذه الأحكام مَن المحكوم بهذه الأحكام أو الأمور الاعتبارية ، هو الذي داخلاً في دائرة ماذا لتنظيم الحياة الاجتماعية ، يعني الذي يحتاج إلى اللغة حتّى يتكلم بالألفاظ هو الذي يريد أن يوصل مقاصده إلى الآخرين ولا طريق له إلاَّ الألفاظ ، الله سبحانه وتعالى عندما يريد أن يوصل مقاصده إلى الآخرين هل مضطر إلى هذه الطريقة؟ لا، أبداً.

    وأوضح من ذلك: في الدرس السابق قلنا: أن الأمور الاعتبارية انما تلازم عالم الوجود التكاملي يعني الموجود إذا كان ناقصاً ويريد أن يتكامل يحتاج إلى الأمور الاعتبارية، الله سبحانه وتعلى هل هو وجودٌ ناقص حتّى يكون محكوماً بالأمور الاعتبارية، إذن بناء على القول – قلت لكم أن هذا البحث سابق لأوانه- ولكن ليتضح للأعزاء نحن لماذا دخلنا هذا المبحث؟ الجواب على القول الثالث أيضاً الخصوصيات التي ذكرناها للأمور الاعتبارية قابلة للانطباق على الله أو غير قابلة ؟ غير قابلة. إذن الملكية الاعتبارية أيضاً غير ثابتة في حق الله سبحانه وتعالى.

    إذن الملكية في باب المعاملات: لا على أساس القول الأوّل ولا على أساس القول الثاني ولا على أساس القول الثالث ثابتة لله سبحانه وتعالى ، إذن لا يمكن أن نقول أن ظاهر الآية المباركة دالة على الملكية بحسب الاصطلاح الفقهي في باب المعاملات، إذن ما هي الملكية هنا؟ لابدَّ أن نبحث بحثاً جديداً آخر وفي هذا اليوم إن شاء الله تعالى طبعاً اتضح في البحث السابق ولكنه نزيده تأكيداً.

    الذين يريدون أن يراجعوا هذا البحث قلنا: هذا البحث من ابتكارات يعني هذا البحث المنظم والدقيق والعميق واستكشاف كلّ نواحي البحث هذه من اختصاصات السيّد الطباطبائي قدس الله نفسه أشرنا أنه أشار إلى هذا البحث في أصول الفلسفة والبحث الذي هو أكثر تنظيماً ورد في كتابه الرسائل السبعة ، الذين يريدون أن يعرفوا هذه القضية جيداً يراجعون الرسائل السبعة التي هي العنوان مكتوب بشكل فارسي رسائل سبعة مع أنه هذا العنوان عنوان فارسي الرسائل كلها عربية هناك أعزائي في صفحة مئة وثلاث وعشرين إلى صفحة مئة وثلاث وستين حدود الأربعين صفحة العنوانين التي بحثها عناوين جدُّ مهمة قال الفصل الأوّل في الغرض من هذه المقالة الفصل الثاني في حقيقة الاعتبار ووجه حاجة الإنسان إليه الفصل الثالث في كيفية نشوء الاعتبار الأوّل ، الفصل الرابع: في أصول الاعتبارات الراجعة إلى الاجتماع ، الفصل الخامس في لوازم الاعتبارات ، الفصل السادس في بناء العقلاء والمجتمعين وأنه لا يتغير ، الفصل السابع : في الحسن والقبح ، الفصل الثامن في أن ما بنو عليه هل يتغير أو أنه كيف يتغير الفصل التاسع: في الكلام والوضع ، الفصل العاشر: في الملك ولوازمه ، الفصل الحادي عشر : في الرئاسة والمرؤوسية ولوازمها، الفصل الثاني عشر: في البعث والزجر والإطاعة ونحوها، الفصل الثالث عشر: في الإطاعة، الفصل الرابع عشر: في الكلام على الاعتبارات حال التساوي بين الطرفين ، الفصل الخامس عشر: في أنهم يعملون في أعمالهم بالعلم ، الفصل الحادي عشر: في علمهم عند غيره وعند ذلك نختم المقالة إن شاء الله تعالى.

    هذه مجموعة الأبحاث التي توجد ولذا نحن بقدر ما يمكن نريد أن نلخص هذه النظرية لتتضح عند الأعزاء وإلا ذكرت لكم حقيقة الأحكام الشرعية تكليفية كانت أو وضعية كلها تقوم على أساس فهم الاعتبار، وهذه من أهم نواقص علم الأصول عندنا، يعني تدخل إلى علم الأصول وعلم الفقه ولا تعرف كلّ عملك في كلّ علم الأصول وعلم الفقه البحث عن ماذا؟ عن الأحكام الشرعية، الأحكام الشرعية ما هي حقيقتها؟ واقعاً الطالب يبقى عشرون سنة ثلاثون سنة أربعون سنة خمسون سنة في الحوزات العلمية ولا يعرف حقيقة الأحكام الشرعية تكليفية كانت أو وضعية ومعرفتها ضرورية الآن سأشير إليها.

    ارجع إلى بحثي أعزائي انتهينا في البحث السابق إلى أن يحتاج إلى الأمور الاعتبارية ما دام في عالم التكامل ليخرج من النقص إلى الكمال ، ما معنى أنه يحتاج إلى الأمور الاعتبارية ؟ الإنسان خلق موجوداً بنحو يكون طالباً للكمال، أي كمال يدركه يطلبه، حتّى لو اشتبه في المصداق فانه يكون طالباً لذلك الأمر الاشتباه، يتصور أن كماله في جمع المال فكل وجوده يضعه في جمع المال إذا تصور أن كماله في الجاه والمقام والرئاسة يعطي كلّ شيء لتحصيل ، إذا تصور أن كماله في تحصيل العلم يضحي بكل شيء لأجل تحصل العلم وهكذا ولذا قلنا أن الدين جاء لأمرين:

    أولاً : لتشخيص الكمال له، حتّى لا يشتبه.

    وثانياً: لتعيين أقرب الطرق للوصول إلى الكمال الذي شخصه، وهو الصراط المستقيم.

    الآن الإنسان في هذا العالم أدرك كمالاً من الكمالات كما قرأتم في محله في علم المنطق، يعني تصور كمالاً من الكمال، ثمَّ صدق بأنَّ هذا الكمال كمالٌ له، يعني يجعله في مرتبة غير المرتبة التي هو فيها الذي يطلبها، إذن أولاً تصور الكمال، ثانياً: التصديق بذلك الكمال.

    سؤال: كيف يتحرك لتحصليه، افترضوا تصورت الكمال وتصورت وتصدقت أنه كمال لماذا أتحرك؟ هنا يأتي دور الاعتبارات العرفية العقلائية الشرعية حتّى يحوّل الأمر الذهني إلى واقع عملي، لماذا؟ يقول: يجب تحصيل، وهذا يجب ما هو؟ هو أمر اعتباري ، وإذا شخص أمراً فيه نقصه يقول يجب عليك تحصيله أو يحرم عليك ؟ يحرم. وإذا أدرك شيء ملائم لذاته يقول هذا حسن، وإذا أدرك شيء منفّر لذاته يقول هذا قبيح ، فتتولد عنده مفاهيم يجب ويحرم ويحسن ويقبح وعشرات المفاهيم الاعتبارية.

    إذن هذه المفاهيم الاعتبارية هي الجسر الذي يحول الأمر الذهني المتصور المصدق به لتحقيق خارجاً وإذا غير موجود الأمر الاعتبار لا يتحول الأمر الذهني إلى أمر واقعي ولذا تجدون أن من أدرك هذه الكمالات ولا يوجد عنده اعتبار لا يتحرك لتحصيلها خارجاً، تحصيل خارجاً فرع أنه يقول إذن يجب أن أحصله، يحسن بي أن أحصله، فالأمور الاعتبارية هي الجسر الذي يحول الإنسان من النقص إلى الكمال، أضرب لك مثالاً حسّي: لو أن شخصا أدرك أن هذا دواء وأدرك أن هذا يرفع مرضه ولكنه ما كانت عنده عناية يبقى على قيد الحياة يذهب لشرب الدواء أو لا يذهب؟ يعتني أو لا يعتني، لماذا؟ لأنه من قال أني أريد أن أبقى حياً حتّى أشرب الدواء، إذن متى يذهب لشرب الدواء؟ إذا أراد البقاء على قيد الحياة ، البقاء على الحياة كمال، أو أحس أنه نقص له ، فهل يقدم على ما يبقي حياته أو يقدم؟ لا يقدم، ولذا جاءت هنا حكمة الله سبحانه وتعالى أنه جعل اللذة في بعض الأمور ولم تكن اللذة ولكن المقصود شيء آخر. ولكن الإنسان لم يتحرك إليها إذا لم يحسن باللذة، فأنت بينك وبين الله لو تأكل ولم تحس باللذة فهل تأكل؟ كل التعب تتعبه حتّى تأكل، حتّى تتزوج وتنكح، إذا أي لذة لم تكن في النكاح ولكن الشارع قائل يجب عليك النوع الإنسان ، تقول: ليس بالضرورة أنا أحفظه خلي غيري يحفظه ، متى أنت تقدّم على هذا هذه اللذة وضعت فيها لحفظ الغرض منها شيء آخر، هل ترون بعض الأحيان الأطفال يعطوهم بعض الفيتامينات هذه الفيتامينات كانت مرة وصارت حلوة يقول للطفل هذا فيتامين آ تحتاجه، أنت يقول: يعني ماذا احتاجه، أما إذا قلت له: هذا شربت حلو، يستفيد منه. نحن بعض الأمور التكوينية الله سبحانه وتعالى خلقهن شربت حلو حتّى نأكل، وإلا لم نأكل، أنا أتعب على ماذا، تموت، فلأموت ، ولكن وضع في وجود الإنسان لذّة حب الحياة، ولو كانت بكل مشاكلها.

    إذن في جملة واحدة، قلنا: ما معنى الأمر الاعتباري، هو الذي ينطلق من حقيقة وينتهي إلى تحقيق حقيقة فهو قائم بين أمرين حقيقين وحقيقتين ولكن الحقيقة الأولى مدركة والحقيقة الثانية بحسب وجوداها الخارجي . الآن كل هذه السيد الطباطبائي رحمة الله عليه قال: الاعتبارات متوسطة بين حقيقتين أعني الكمال والنقص، في نصف سطر. الرسالة تحتاج درس.

    إذن هذه الاعتبارات: أنا اعبر عنها هي الجسر الذي يربط أو يخرج الإنسان من نقصه إلى كماله وهذه هي فلسفة الدين ، وهي أن يأخذ بيد الإنسان ويخرجه من نقصه إلى كماله، إلى الغاية التي لأجلها التي خلق، وهذا معنى أن الأحكام الشرعية كلها ناشئة من المصالح والمفاسد، الله عندما قال يجب: يعني من هذا الوجوب تخرج من النقص إلى الكمال ، وعندما قال يحرم ، يعني بهذه الحرمة أنت تنزجر عن الوقوع في نقص وهكذا.

    واضح إلى هنا حقيقة الأحكام الشرعية وحقيقة الأحكام الوضعية، وحقيقة الأحكام التشريعية ، وضعية كانت إلهية ، وحقيقة الأحكام الأخلاقية وحقيقة الأحكام حسن وقبح كلها ضعوها في هذه الدائرة، في دائرة أنه تريد أن تنقل الإنسان من نقص إلى كمال.

    الذين يريدون يراجعون هذا البحث أشير إلى المصدر: المجلد الثامن صفحة ستة وخمسين في ذيل الآية عشرة إلى خمسة وعشرين من سورة الأعراف: يقول: فان الأمور الاعتبارية هي كلها وما كان منها إلى آخرها كلها والغايات كلها تقنين هذه الأحكام واعتبار الحسن والقبح في الأفعال هي المصالح المقتضية إلى ان يقول: أن الله سبحانه وتعالى أوجب وحرّم وأمر ونهى ووعد وأوعد كلها لأجل – ماذا؟- أن يخرج الإنسان السالك من النقص إلى الكمال. كل هذه الهدف منها إخراج الإنسان من النقص إلى الكمال، ومكنكم مراجعة هذا البحث تجدوه مفصلاً يبدأ من صفحة أربعة وخمسين وكذلك في المجلد الثاني من الميزان صفحة مئة وخمسة عشر في ذيل الآية مائتين وثلاثة عشر من سورة البقرة قال: وقوانا الغاذية والمولدة كل قوانا التي يلائمها شيء ولا يلائمها كالحب والبغض والشوق والميل والرغبة كل هذه تبعثنا إلى اعتبار معنى الحسن والقبح وينبغي ولا ينبغي ويجب ويجوز إلى غير ذلك ، كل هذا لكي يخرج من نقص إلى كمال. هذا ما يتعلق بالسؤال الذي أشرنا إليه.

    السؤال الآخر: أن هذه الاعتبارات ، ولا يخلو مجتمع منها أي مجتمع من المجتمعات حتّى أكثر المجتمعات بداية توجد عندهم مجموعة من الاعتبارات ولو اعتبارات رئيس القبيلة والعشيرة ، يقال: أن بعض الناس الذي وجدوهم في غابات الأمازون هؤلاء ما قبل البشرية ووجدوا عندهم مجموعة من القوانين التي من خلالها يعيشون، فلا يمكن أن تكون في مجمع ولا قوانين ولا ينبغي ولا لا ينبغي ولا حسن ولا قبح، أبداً، ولا وجوب ولا حرمة ، ولا قيم أخلاقية ، أبداً، أبداً، هذه من ملازمات حياة الاجتماع.

    هنا بحث مهم، إذا خرجنا إلى عالم لا يوجد فيه خروج من النقص إلى الكمال فهل نحتاج إلى هذه الاعتبارات ؟ يعني دخلنا إلى عالم: اليوم حساب ولا عمل، كما في كلمات أمير المؤمنين سلام الله عليه ، فهل عندك أمور اجتماعية ودين وشريعة وواجب وحرام وحسن وقبح وو؟ أصلاً لا معنى لوجودها، سالبة بانتفاء الموضوع ، تقول: أحكام شرعية لا توجد في الجنة؟ قطعاً لا يوجد أحكام ، دين لا يوجد في الجنّة كل أهل الجنة دين ما عندهم ، ليس عندهم دين ليس من باب السالبة بانتفاء المحمول ، بل السالبة بانتفاء الموضوع، يعني لا موضوع للدين حتّى يتدينوا لأن له قوانين أخرى ونشأة أخرى {وننشأكم فيما – اقرأوا معي- فيما لا تعلمون} إذا كانت نشأة الشريعة والقانون تصبح ننشأكم في ما تعلمون وليس ما لا تعلمون، تقول قد ذكر القرآن كثيراً، تقول: من أوله إلى آخره وكلما تقول: {وتلك الأمثال نضربها للناس } على ماذا؟ لأن لا تستطيع أن تتصور، لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فماذا نفعل؟ أنهار جنّات ، بساتين، حور عين، ولدان مخلدون، فما هذا، يقول: من تأتي تفهم، وإلا هذه من باب أنه كلموا الناس على قدر عقولهم ، وعقولكم ولذائذكم الآن ما هي في الدنيا ، اللذائذ بيوت كبيرة، جنات، ونساء، وهذه رغباتكم لها، أما حقيقة الأمر {وتلك الأمثال} ولذا في مورد أو موردين قال: {مثل الجنّة} وليس الجنة ، مثل الجنة، يعني كل الذي تقرأه في القرآن من الأنهار وعسل ولبن وكذا، هذا هو حقيقة لو مثل؟ وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} ولذا نحن عندنا علم وليس عندنا عقل، لأن الآية تقول: {وما يعقلها إلا العالمون} بعض الأحيان علم عندنا ولكن غير واصلين إلى مرحلة التعقل، ولذا نتصور هذه حقائق، ولذا نشكل عليها ألف إشكال وإشكال، هذا كيف يكون، وهذا كيف يكون، لأن تقيس نشأة بنشأة أخرى ، بينك وبين الله الآن الإنسان يبعثوه إلى ويخرجوه عن الغلاف الجوي كل أحكام الجاذبية تكون مختلة، تقول كيف؟ بيني وبين الله إلاَّ أن يبعثوك إلى هناك حتّى تعرف كيف تختل أحكام الجاذبية، هذا من باب التقريب إلى الذهن.

    إذن أعزائي، هذا الذي أقوله أن فهم هذه الحقائق يفتح لك آفاقاً جديداً في فهم المعارف.

    السؤال الآخر: أن هذه الاعتبارات التي وضعت من قبل العقلاء أو من قبل الشارع هل هي ثابتة أو متغيرة، الجواب أعزائي، تنقسم إلى قسمين، وعلى الفقيه أن يشخص أن الاعتبار الشرعي هل هو من القسم الأول أو من القسم الثاني ، السيد الطباطبائي رحمة الله عليه في صفحة أربعة وخمسين من المجلد الثامن كما أشرنا قال: تختلف الأحكام الاعتبارية بحسب اختلاف المقاصد الاجتماعية ، فهناك أعمال وأمور كثيرة تستحسنها المجتمعات القطبية وهي بعينها مستقبحة في المجتمعات الاستوائية ، الظروف البيئية للإنسان تقول له أمور ينبغي وأمور لا ينبغي، لو عاش في ظروف بيئية أخرى، تنعكس ماذا المعادلة وكذلك الاختلافات الموجودة بين الشرقيين والغربيين، وبين الحاضرين والبادين – أهل البادية- وربما يحسن عند العامة من أهل مجتمع واحد ما يقبح عند الخاصة منهم، وكذلك اختلاف النظر المولى والعبد، والرئيس والمرؤوس ، وبين الكبير والصغير، والرجل والمرأة، مجموعة الاعتبارات قد تختلف، من مجتمع إلى آخر، الآن بعض المجتمعات، في أمريكا الجنوبية مجتمعات ليست ذكورية، مجتمعات، يعني الولاية والقيمومة للمرأة وليس للرجل، في كل مناشئ الحياة، في نفس الطريقة التي نتعامل مع النساء، النساء هناك يتعاملون مع الرجال ، مجتمع أنثوي، قائم على هذا، لأسباب كثيرة لا أريد الدخول فيها، يوجد دراسات قيّمة في هذا المجال، وبطبيعة الحال فما يحسن عند المجتمع الذكوري وما يقبح فهل هو نفسه الذي يحسن ويقبح من المجتمع الأنثوي؟ لا أبداً هذا يختلف عن هذا، هذا نوع من الاعتبارات.

    والنوع الثاني: وهناك أمور اعتبارية وأحكام وضعية لا تختلف فيها المجتمعات، وهي المعاني التي تعتمد على مقاصد لا تختلف فيها المجتمعات من قبيل حسن العدل وقبح الظلم، أي مجتمع تدخل إليه فلا تجد مجتمعاً بلغ ما بلغ يقول العدل قبيح، والظلم حسن، نعم قد يتلاعب في المصاديق أما أصل الفكرة فلا يستطع أن يتلاعب بها، ولذا تجدون أي مجتمعاً كان من أكثر المجتمعات ديمقراطية وحرية وكرامة للإنسان إلى أعمق المجتمعات استبدادية ودكتاتورية الكل يقول نحن أن نعمل حقوق الإنسان ، هذا يكشف عن أن حقوق الإنسان من الاعتبارات الثابتة.

    سؤال: هذه الأمور التي جعلها الشارع لنا تدخل في القسم الأول أو في القسم الثاني؟ تدرون ما نتيجة ذلك؟ أذكر بعض الأحكام: الشارع قال: شهادة امرأتين برجل واحد، هذا حكم كلي قاله أو قاله لذاك المجتمع، قال: أن المرأة لا تستطيع أن تصبح قاضياً ، فهل هذا حكم كلّي، أو مرتبط بذاك المجتمع ، قال الحجاب واجب فهل هذا ، طبعي الآن بدأت تطرح هذه النظريات فلا تتصورن أريد أن، لا بدأوا يقولون بأن جملة بل أكثر الأحكام الاجتماعية التي صدرت من الشارع صدرت بلحاظ الظروف الاجتماعية التي جاء النص فيها، إذن نحن عندما نريد أن نفهم ملاكات الأحكام الاجتماعية للإسلام لابد أن نرجع إلى.

    اضرب لك مثلاً وإن كان الوقت قد انتهى، بعضهم أصلاً وسّع الدائرة، قال حتّى الأمور العبادية، قال بينك وبين الله ، رسول الله كان يعيش في مجمع واقعاً الليل والنهار مقسّم اثنا عشر ساعة فوضع صلاة الليل ووضع صلاة الصبح ووضع صلاة الظهر، ووضع صلاة العصر، الآن تعالى إلى المجتمعات القطبية، فهي يوجد هذا التقسيم أو لا؟ يعني لو فرضنا أن رسول الله بعث في ، فهل كان يقول خمس أوقات للصلاة، وأين هي الخمس أقوات حتّى يضعها، ولذا الآن تجد الفقهاء حائرون الأحكام الفقهية كيف ترتب، في بعض الدول الاسكندينافية نهارهم حدود العشرون ساعة والواحد والعشرين ساعة بل أكثر من ذلك، الآن من الرابعة صباحاً إلى التاسعة ليلاً ، الله وراءنا، سبعة عشر ساعة، وهناك يكون اثنان وعشرين ساعة وأساساً لا يرى ليل في ذلك المعنى ، فلو فرضنا أن رسول الله نازل، فهل كان يخلي أوقات الصلوات بهذه الطريقة، إذن أعزائي هذه القضايا، أنت لا بد أن تميّز في الأحكام الشرعية بين المتغيرات المرتبطة ، الفقيه وضيفته المرتبطة بظرفٍ ولا يسحبها لغير ظرفها، وبين الثابتات التي لا تختلف من زمان إلى زمان آخر وهذا البحث أيضاً مفقود في أبحاثنا الأصولية والفقهية.

    التتمّة تأتي والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 1447

  • جديد المرئيات