نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (276)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    بعد أن اتضح الفرق أو ما هو المراد من الأمور الحقيقية والأمور الاعتبارية, قلنا: يبقى عندنا تساؤل أساسي لابد أن نلتفت إليه ولعل كل هذا البحث الذي عرضنا له للوصول إلى هذه النتيجة, وهو أنه ما هو المنهج المتبع في تحقيق المسائل التي تُعد حقيقية والمنهج المتبع في تحقيق المسائل التي تُعد اعتبارية.

    في المقدمة لابد أن يعلم الأخوة أن الأمور الحقيقية تتمايز وتفترق عن الأمور الاعتبارية في أمرين أساسيين:

    الأمر الأول: هو أن الأمور الحقيقية عموماً أمور إخبارية تكشف عن واقع معين, وتشير إلى واقع معين, عندما تقول السماء الأرض الماء النار هذه مجموعة من الحقائق ومجموعة من المفاهيم التصورية, وكذلك عندما نأتي إلى التصديقات, التصديقات أيضاً كذلك, عندما تقول الأربعة زوج اجتماع النقيضين ممتنع اجتماع الضدين ممتنع, العلة متقدمة وجوداً على المعلول ونحو ذلك, هذه كلها لا مدخلية للإنسان فيها وجد الإنسان أم لم يوجد هذه الحقائق ثابتة, كان الإنسان في هذا العالم أو في عالم آخر, فإن المعلول يحتاج إلى العلة, ولذا هذه المجموعة من الحقائق والأمور التي تسمى حقيقية عادةً إنما تكشف عن حقائق موجودة ولا مدخلية للإنسان بها وجوداً أو عدماً.

    وهذا بخلافه في الأمور الاعتبارية, في الأمور الاعتبارية هي مجموعة من الأمور الانشائية التي ينشأها الإنسان لحاجته إلى ذلك, وإلا لو لم توجد له حاجة لما وجدت هذه الأمور الاعتبارية, لا الأمور الاعتبارية ما قبل الاجتماع ولا الأمور الاعتبارية ما بعد الاجتماع, الأمور الاعتبارية ما قبل الاجتماع لنفسه, الأمور الاجتماعية أو الاعتبارية ما بعد الاجتماع لأجل أن يتعامل مع الأفراد الآخرين للحياة الاجتماعية, فهي: مجموعة من الأمور الانشائية لماذا أوجدها الإنسان؟ ذكرنا في الأبحاث السابقة إنما اعتبرها لأجل أن يعمل لأجل أن يخرج بها من النقص إلى الكمال.

    وهذا فارق مهم وأساسي بين الأمور الحقيقية وبين الأمور الاعتبارية, الأعزة يراجعوا هذا البحث في (الميزان, ج3, ص53) هناك يقول: [إن لنا علوماً على قسمين: الأول: العلوم والتصديقات التي لا مساس لها بأعمالنا وإنما هي علوم تكشف عن الواقع وتطابق الواقع أو تخالف الواقع] إذا صارت مطابقة نسميها صادقة, إذا صارت مخالفة نقول كاذبة, هذا القسم الأول.

    القسم الثاني: العلوم العملية هذا تعبير آخر يعبر عنه السيد العلامة عن الأمور الاعتبارية يقول: الأمور الاعتبارية نسميها علوم عملية لماذا؟ لأنه إنما اعتبرها لأجل أن يعمل وإلا إذا لا يوجد عمل أساساً لا قيمة لهذا الاعتبار, [هذه الاعتبارات لأجل أن ينتقل بها من الحقيقة إلى الحقيقة] كما أشرنا في أبحاث سابقة أن الأمور الاعتبارية قائمة بين حقيقتين لأجل العمل, قال: [العلوم العملية والتصديقات الوضعية الاعتبارية التي نضعها للعمل في ظرف حياتنا] في هذه الدنيا, الآن إما قبل الاجتماع وإما بعد الاجتماع, والاستناد إليها في مستوى الاجتماع الإنساني فنستند إليها في إرادتنا وليست مما يطابق الخارج بالذات كالقسم الأول, ليست أمور واقعية حتى نحكي عنها وإنما هي أمور إنشائية ننشأها, مرة جنابك وقع بيعٌ تُسأل عنه تقول نعم وقع بعنا يعني تخبر عن واقع, ومرة ماذا تقول؟ تقول بعت ليس تخبر عن واقع وإنما تنشأ واقعاً, تنشأ أمراً, الأمور الاعتبارية كلها من هذا القبيل, أمور إنشائية وليست أمور إخبارية.

    قال: [وليست كالقسم الأول وإن كنّا نوقعها على الخارج إيقاعاً بحسب الوضع والاعتبار] من قبيل ماذا؟ يقول: [كالأحكام الدائرة في مجتمعاتنا من القوانين والسنن والشؤون الاعتبارية من ومن ومن ..] إلى آخره. هذا هو الفارق الأول بين الأمور الحقيقية والأمور الاعتبارية أحفظوا هذا.

    الفارق الثاني وهو الذي نريد أن نقف عنده, الفارق الثاني: نحن في الأمور الحقيقية والاعتبارية توجد عندنا في التصديقات في كل منهما عندنا موضوع وعندنا محمول, تقول: اجتماع النقيضين محال, هذه قضية حقيقية, تقول خبر الثقة حجةٌ, وفرضنا أنها أمرٌ من الأمور الاعتبارية أو نقول الصلاة واجبة, أو نقول البول نجس, أو الغصب حرام, وهكذا. الآن سواء كانت اعتباريات ما قبل الاجتماع أو اعتباريات ما بعد الاجتماع, ما الفرق بين هذين النوعين من القضايا؟ في كل قضية يوجد موضوع ويوجد محمول, ما الفرق بين النسبة المحمول إلى الموضوع في قولنا اجتماع النقيضين محال, ونسبة المحمول إلى الموضوع في قولنا الصلاة واجبة؟

    الجواب أتصور واضح لا نحتاج إلى مزيد مؤونة, اجتماع النقيضين محال هذه قضية ثابتة أزلية أبدية دائمة كلية ضرورية ذاتية ماذا تريد عبر, يعني ماذا؟ يعني قابلة للانفكاك أو ليست قابلة للانفكاك أين ما ذهبت, اجتماع النقيضين محال, أو فقط في عالمنا اجتماع النقيضين محال, لا لا, عندما نذهب إلى الآخرة اجتماع النقيضين أيضاً محال. أن المعلول وأن الحادث وأن الممكن محتاج إلى علة إلى موجد, هذه فقط في عالمنا عندما نذهب إلى الآخرة فلا نحتاج إلى الله؟ لا لا, هذه قضية واقعية حقيقية نفس أمرية ذاتية ضرورية كلية لا يستنثى منها لا زمان ولا فرد ولا عالم ولا اجتماع ولا انفراد ولا .. إلى آخره. صحيح أو لا.

    هذا من القسم عبروا عنها الأمور الحقيقية, يعني: نسبة المحمول إلى الموضوع أن الموضوع بنفسه يكون سبباً وعلة لحمل المحمول عليه, أصلاً كل شيء ما نحتاج أبداً, نفس قولك أربعة هو ماذا يستلزم؟ أنه زوج, هذا مجعول من قبل أحد؟ لا لا أصلاً لا يمكن لا جعله ولا عزله, لا يمكن جعل الزوجية للأربعة ولا يمكن فصل الزوجية عن الأربعة من قبيل ما قرأتم في علم الأصول أن جعل الحجية للقطع مشهور أنها ذاتية, يعني لا يمكن جعل الحجية للقطع ولا يمكن فصل الحجية عن القطع.

    من باب المثال أو الأمثلة العرفية التي تقال عندنا: الحرارة والنار, جعل أن النار حارة أو محرقة هذه من لوازم النار, أما قولك خبر الثقة حجة هذه كيف؟ هكذا, يعني كل خبر ثقة حجة؟

    ولذا تجد علماء الأصول بعض أنكر حجية خبر الثقة, وبعض أثبت حجية خبر الثقة, الصلاة واجبة نسبة الوجوب إلى الصلاة من قبيل نسبة الزوجية إلى الأربعة؟ لا, ولذا تجد قبل البلوغ الصلاة ليست واجبة, عند الجنون الصلاة ليست واجبة عند النوم الصلاة ليست واجبة, وهكذا.

    إذن الفرق الثاني بين القضايا الحقيقية والقضايا الاعتبارية أن القضايا الحقيقية المحمول نسبته إلى الموضوع ذاتي ضروري دائمي كلي لا ينفك عنه, محال أن ينفك عنه. أما بخلافه أين؟ في القضايا الاعتبارية القضايا الاعتبارية لا, المحمولات مجعولة فقد يجعلها الشارع وقد يجعلها العقلاء وقد يجعلها العرف وقد يجعلها المقنن.. ما أدري واضح هذا المعنى بشكل دقيق في ذهن الأعزة.

    بعبارة أخرى: أن المحمولات في القضايا الاعتبارية كلها مجعولة, فإذا صارت مجعولة, إذا كان جعلها بيد الجاعل فرفعها أيضاً بيده, فيمكن أن يضعها ويمكن أن يرفعها وهذا بخلافه في القسم الأول, فإنه لما لم تكن مجعولة فلا يمكن لا جعلها ولا رفعها.

    السؤال المطروح هنا: هذان نوعان من القضايا, طبعاً هذا النوع الثاني التي هي مجعولة هذه يمكن نصنفها صنفين, حتى من باب فقط يتضح للأعزة: الصنف الأول: أن الذي يجعل المحمول للموضوع يجعلها على أساس مصالح ومفاسد, يعني عندما يقول الصلاة واجبة والزنا أو الكذب حرام, لماذا يقول الصلاة واجبة جزافاً أو لأجل مصلحة؟ وهذا معنى انها بعض هذه القضايا الاعتبارية ناشئة عن مصالح ومفاسد, عندما يقول خبر الثقة في الفروع أو في الفقه حجة لماذا جعل خبر الثقة حجة, طيب لماذا لم يجعل القياس حجة؟ يقول: باعتبار أن خبر الثقة في الأعم الأغلب يصيب ولكن القياس في الأعم الأغلب يخطئ مثلاً, لماذا جعل خبر الثقة حجة أو الظهور حجة ولم يجعل الرؤى والأحلام حجة؟ الجواب: باعتبار أن هذا يصيب وذاك في الأعم الأغلب يخطئ.

    إذن هو جعل المحمول للموضوع بلحاظ مصالح ومفاسد وهذا هو الذي يعتقده مسلك العدلية أن كل الأحكام التي جعلت في الشريعة وإن كانت اعتبارية إلا أنها اعتبارية ناشئة من مصالح ومفاسد.

    ولكن عندنا قسم ثاني من الاعتباريات هذه كل مصالح ومفاسد لا يوجد فيه, تقول لي ماذا؟ الآن أقول إما ذوقيات إما اعتبارات معينة إما ارتباطات معينة, مثل الفاعل مرفوع, طيب لماذا لا يكون منصوباً؟ لأن هناك مصلحة في لوح الواقع تقتضي أن يكون الفاعل مرفوع مثلاً أيوجد هكذا كلام؟ أبداً, لماذا المبتدأ مرفوع وخبر كان منصوب مثلاً لماذا يعني؟

    الجواب: هذه اللغة العربية الآن واضعها الله وضعها النبي أياً كان الواضع وضعها ولكن لا علاقة لها بعالم المصالح والمفاسد أبداً, إذن بأي عالم مرتبطة بأي شيء آخر لأدنى مناسبة, بعد, وضع الألفاظ المعينة لمعانٍ معينة, مولانا هذا لماذا تسميه كتاب ما تسميه ماء, إذا أردت أن اسمي هذا ماء والكتاب بطيخ ماذا يصير؟ كل شيء ما يصير؟ ليس هكذا توجد مصلحة وضع اللفظ للمعنى لمصلحة تقتضي وضع هذا اللفظ دون ذاك اللفظ ليس هكذا, هذه أيضاً أمور اعتبارية, ولكن تفترق عن الأمور الاعتبارية من الصنف الأول, الأمور الاعتبارية من الصنف الأول قائمة على أساس مصالح ومفاسد أما الأمور الاعتبارية من النوع الثاني ما فيها هذه المصالح والمفاسد.

    ولذا (في بحث الاستصحاب بعضٌ قال هكذا, قال لماذا الشارع قال إذا تيقنت وشككت فأبني على اليقين؟ قالوا باعتبار أن الحالة النفسية للإنسان عادةً ما كان على يقين يريد يبقيه على حاله وإلا لا توجد مصلحة يعني كاشفية عن الواقع مثل حجية خبر الواحد أبداً, ولذا قالوا أن الاستصحاب صار أصل عملي وأن خبر الثقة صار إمارة, تلك فيها كاشفية أما الاستصحاب ما يكشف أي يقين, في الخبر الواحد يقولون في الأعم الأغلب خبر الثقة يكشف ولو غالباً عن الواقع, أما الاستصحاب ليس هكذا, لم يقع أحدٌ أن اليقين كلما حدث ففي الأعم الأغلب يبقى لا ليس هكذا, ومن هنا قالوا أن الاستصحاب ماذا؟ أصل عملي, وأنه خبر الثقة ماذا؟ أمارة والاستصحاب ليس أمارة, لماذا؟ إذن تقول ما هي النكتة؟ تقول نكتة نفسية الشارع أراد أن يمشي على مزاج الناس, مزاج الناس الذي وجد هو يتصور أنه ماذا؟ الآن هذا رأي أريد أن أبين النكتة فقط, إذن جعل الاستصحاب حجة بناء على هذا الرأي ناشئ من مصالح؟ لا لا أبداً, أما جعل خبر الثقة حجة ناشئ من مصلحة مطابقة الواقع). واضح إلى هنا.

    إذن إلى هنا اتضح ما هو الفرق بين الأمور الحقيقية وبين الأمور الاعتبارية.

    سؤال: وهو محل الكلام, ما هو؟ وهو: أنه إذا أردنا أن نستنبط أو نصل إلى قضيةٍ مرتبطة بالقضايا الحقيقية لابد هناك مجموعة من القواعد نستند إليها للوصول إلى نتيجة, يعني نريد أن نعرف أن العالم حادث أو ليس بحادث؟ نريد أن نعرف أن هذا العالم محتاج إلى علة أو ليس محتاج إلى علة؟ نريد أن نعرف أن هذا الذي احتاج إلى العلة يحتاج إلى العلة حدوثاً وبقاء أو يحتاج إلى العلة حدوثا لا بقاء؟ هذه قضايا, كيف نستدل عليها؟ نستدل عليها بمجموعة من القواعد مجموعة من الاستدلالات, مجموعة من الادلة وهكذا أليس كذلك.

    عندما نريد أن نستدل على قضية الصلاة واجبة, والكذب حرام, وخبر الثقة حجة, والقياس ليس بحجة, هل يمكننا أن نستند إلى نفس تلك القواعد التي ثبتنا بها القضايا الحقيقية أو نحتاج إلى قواعد أخرى أي منهما؟ ما أدري استطعت أن أوصل مطلبي إلى الأعزة التفتوا جيداً.

    بعبارة أخرى: أن القواعد المستعملة في هذين القسمين من القضايا هل هي واحدة أو لكل قضية قواعدها الخاصة بها أي منهما؟ ما هي الثمرة؟ الثمرة: إذا قلنا أن القواعد واحدة فأنت تستطيع في قضية اعتبارية تستند إلى قاعدة حقيقية, أو في قضية حقيقية تستند إلى قاعدة اعتبارية ممكن او ليس بممكن؟ إذا قلنا أن سنخ الاستدلال فيهما واحد, إذن يمكن أن تأخذ من هناك قاعدة وتستدل بها على قضية اعتبارية أو تأخذ قاعدة اعتبارية وتستدل بها على قضية حقيقية, يعني أضرب لك مثال.

    الشرط المتأخر معقول أو غير معقول؟ يعني: المشروط يوجد أولاً ثم الشرط يوجد ماذا؟ أضرب مثال: عندك نار, وعندك ورقة وتريد أن تحرق الورقة بالنار, النار ما هي؟ مقتضي لكي تحترق الورقة ماذا تحتاج؟ إلى شرط الشرط ما هو؟ التماس وإلا إذا لم يحصل التماس يحصل الاحتراق أو لا يحصل الاحتراق؟ فعند ذلك تحترق الورقة يعقل أن يحصل الاحتراق بعد ذلك يحصل التماس يعقل أو لا يعقل؟ يصير افترض أن الذي يرفع العطش من هو؟ الماء, يعقل أن يرتفع عطش بعد ذلك أنت تشرب الماء يصير هذا؟ يصير لا, واضح لأن المشروط التكويني إذا شرط بشرطٍ تكويني فما لم يتحقق الشرط محال عقلاً يتحقق ماذا؟ المشروط, فإذن يمكن أن يتأخر الشرط عن المشروط في الأمور التكوينية أو لا يمكن؟ طيب, في الفقه كيف شرط متأخر عندنا أو لا؟ بلي, قالوا شرط متقدم وشرط مقارن وشرط متأخر, يكون في علمك في الفلسفة لا الشرط المتقدم معقول ولا الشرط المتأخر, لابد دائما الشرط يكون مقارن لا أنه يحصل الشرط ويذهب وبعد ذلك يحصل المشروط لا, يسموه تقدم هذا تقدم رتبي لا تقدم وجودي.

    أما في الفقه ماذا عندك؟ الحائض اليوم تصوم وبالليل تغتسل وعند ذلك الغسل المتأخر يصير شرط صحة الصوم المتقدم, استحاضة عفواً, تمام, طيب إذا الشرط والمشروط بالاعتباريات حكم الشرط والمشروط بالحقيقيات إذن يمكن أن يتأخر أو لا يمكن؟ من هذا يكتشف أنه الأحكام الجارية والقواعد الثابتة في الأمور الحقيقية تختلف سنخاً وجنساً عن الأحكام والقواعد الجارية في الأمور الاعتبارية.

    ولهذا جنابك تقول: تستطيع أن تثب خبر الله بخبر الواحد أو لا؟ يأتي واحد ثقة تقول له الله موجود او غير موجود؟ يقول بلي أخبرني الثقة أن الله ماذا؟ يصير أو لا؟ ولكن يمكن أن تثبت الصلاة واجبة بخبر الثقة, تستطيع أن تثبت أن النبي موجود في فلان زمان, أقول من يقول أصلاً يوجد شخص اسمه رسول الله وأنه كذا, تقول أخبرنا الثقة بذلك, حجة أو ليس بحجة؟ لماذا ليس بحجة؟ الجواب: تقول تلك قضية من القضايا اعتبارية أو حقيقية وجود النبي وأنه أرسل وأنه مبعوث وأنه له كتاب معجز هذه قضية اعتبارية أو قضية حقيقية؟ قضية حقيقية, فتحتاج إلى دليل يحتاج إلى أصل لإثباته من سنخه لا أي أصل آخر لا أي استدلال آخر.

    فكما لا يمكن, التفتوا جيداً, فكما لا يمكن إثبات القضايا الحقيقية بقواعد مرتبطة بالاعتبارية العكس صحيح أيضاً, لا يمكن إثبات قضايا اعتبارية مرتبطة بالقضايا الحقيقية. القضايا الحقيقية لها قواعدها والقضايا الاعتبارية لها قواعدها, القضايا الحقيقية لها أصولها التي يستند إليها في الاستنباط.

    أضرب مثال أوضح حتى الأخوة الأمثلة واقعاً تقرب كثير من الحقائق, الماء أعزائي, الماء مركب من ماذا وماذا؟ من له الحق أن يقول الماء ما هو تركيبه؟ الفيلسوف له الحق أن يقول؟ لا, لأن الفيلسوف يتكلم في قضايا عقلية كلية مجردة, أما هذا الماء ما هو حقيقته اين لابد أن نذهب؟ نذهب إلى المختبر هذه قضية تجريبية, الطبيعة القضايا الطبيعية لابد تحتاج إلى استدلالات تجريبية, ما يمكنك أنت تستند في قضية تجريبية إلى دليل عقلي. حتى خبر الواحد وكذا, جاء واحد في خبر الواحد قال في الكيمياء هكذا يقول لك لا والله لا زرارة تكون سبعمائة زرارة واحد على الآخر خبرك حجة في القضايا الطبيعية أو لا؟ إلا أن يخبر عن معصوم ذاك بحث آخر, لا هو كخبر ثقة تقول له من أين؟ يقول لا تجربة ولا كذا ولكن أنا أتصور هكذا, وأنا ثقة يقال له بلي أنت ثقة في أين؟ في الصلاة واجبة أو أنه فلان ثقة أو لا, أما في القضايا التجريبية من؟ ولذا أنت في القضايا المعالجة والطب والهندسة وشراء بيتك وبيع سيارتك بينك وبين الله تذهب إلى الثقة أو تذهب للمتخصص الثقة أي منها؟ طيب ما تذهب إلى الثقة تذهب إلى المتخصص الثقة يعني المتخصص في مجاله ولكن ثقة في عمله.

    إذن الأصل أن القواعد المستند إليها في الأمور الحقيقية لا يمكن الاستفادة منها لإثبات أو نفي القضايا الاعتبارية. وهذا لا تتصور أنه أنا أقوله مجموعة من الأعلام يقولون هذا المعنى.

    هذا العراقي, العراقي في (نهاية الأفكار) الوقت انتهى ولكن في دقيقة أو دقيقتين, في (نهاية الأفكار, ج1, ص10- 11) يقول: [كما في كثير من العلوم العقلية الفلسفية والرياضية كعلم الحساب وغيرها] ينقل مجموعة من الاحكام ولكن يقول هذه الأحكام التي نقولها في العلوم الحقيقية يعني الفلسفة والرياضيات والحساب والطبيعة هذه كلها علوم حقيقية لأنه إخبار [ولكن مثل هذه الجهة لا توجب جري جميع العلوم على منوال واحد مثل العلوم الأدبية والنقلية التي هي في تمام المعاكسة مع العلوم العقلية] أصلاً كاملاً تعاكسها هذه لها أحكامها هذه أيضاً لها أحكامها.

    هذا العراقي.

    كذلك البجنوردي في (منتهى الأصول, ج1, ص6) يقول: [والتحقيق أن العلوم على قسمين قسم دون لأجل معرفة حالات حقيقة من الحقائق] هذا القسم الأول الذي أشار إليه السيد الطباطبائي, والقسم الآخر [وقسم آخر ليس كذلك] لا لهذا الغرض [ولا ينبغي أن تخلط أحكام القسم الأول من العلوم مع أحكام القسم الثاني] يعني إذا قلت أن التعريف بالماهية وللماهية هذه في الأمور التي لها ماهية أما الأمور الاعتبارية لها ماهية حقيقية أو ليس لها؟ ليس لها, [أن لكل علم موضوع] هذه العلوم الحقيقية وليس في مطلق العلوم. هذه أيضاً المورد الثاني.

    المورد الثالث: ما أشار إليه السيد الشهيد+ في (مباحث الدليل اللفظي, تقريرات الهاشمي, ص50) قال: [إن نظر الحكماء في مثل هذه الكلمات والتحديدات التي ذكروها من قواعد وأن له موضوع وتعريف و.. [إلى ما يصطلحون عليه بالحكمة الطبيعية والتعليمية والفلسفية] هذه قواعد هذه العلوم الحقيقية, يعني ماذا حقيقية؟ شرحنا الحقيقية, ما معنى الحقيقية؟ يعني تكشف عن وقائع يقول هذه كلماتهم كلها مرتبطة بذاك البحث.

    من هنا أنت كأستاذ كعالم كمحقق كفقيه كأصولي ماذا تريد أن تسمي نفسك؟ أول ما تدخل إلى علم الفقه وإلى علم الأصول لابد أن تقول لي, مولانا أن المحمولات نسبتها إلى الموضوعات في علم الأصول وفي علم الفقه هل هي حقيقية أم هي اعتبارية, فإذا كانت حقيقية استدل بقواعد فلسفية وعقلية, وإذا كانت اعتبارية ماذا. ولكن بينكم وبين الله الآن أي كتاب أصولي في مقدمته موجود أن علم الأصول حقيقي أم اعتباري؟ ولذا النتيجة ماذا صارت؟ استدل لأمر اعتباري بقاعدةٍ حقيقية واستدل لأمر حقيقي بقاعدة اعتبارية, وفوضى لا نهاية لها في فقهنا وأصولنا, فوضى أصلاً. وهذا التطويل الذي الآن تجدوه في علم الأصول والفقه واحدة من أهم أسبابه ماذا؟ هذا التداخل الذي صار بين العلوم الحقيقية والعلوم الاعتبارية.

    تتمة الكلام تأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 2340

  • جديد المرئيات