بسم الله الرحمن الرحيم
مختارات من مقامات المصطفى(ص) الحلقة 12
المقدّم: السلام عليكم مشاهدينا الكرام ورحمة الله وبركاته.
موضوع حلقة الليلة مقامات المصطفى (صلى الله عليه وآله) في قسمه الثاني عشر وطبعا العنوان الفرعي مشروعية التوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله) في حياته وبعد مماته في قسمه الثامن.
أحيي سماحة آية الله السيد كمال الحيدري.
قبل أن أرد فيما تحدثتم به في الحلقة السابقة أو مشروعية التوسل والروايات التي أوردتموها في هذا المجال، الحقيقة وردت تساؤلات كثيرة حول ما ذكرتم من موقف أئمة أهل البيت بشأن إهانة مقدسات الآخرين وأساسا كيف تعامل أئمة أهل البيت مع من لم يؤمن بإمامتهم، هل لكم أن تعطونا بيانا في ذلك، لأن التساؤلات التي وردت كثيرة جدا ولربما أحدثت عند البعض بعض إشكالات، خاصة وهناك من تكلم في هذا الأمر.
سماحة السيّد:
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآله محمد وعجل فرجهم
في الواقع أنا أعتقد أن هذه القضية تستحق بحثا مستقلا ولا يمكن أن نطوي البحث فيها في دقائق ونتجاوز هذا البحث. في عقيدتي الشخصية ينبغي أن ننظر إلى هذه القضية بشكل أوسع من الزاوية القرآنية. قبل أن نأتي إلى أئمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام لنرى ما هو موقفهم من سب وإهانة مقدسات الآخرين بل ما هو موقف أئمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام ممن لم يعتقد بإمامتهم وولايتهم بل ما هو موقف أئمة أهل البيت ممن لم يؤمن بالإسلام أصلا، لأن الإمام أمير المؤمنين قال: « إما أخ لك في الدين و إما نظير لك في الخلق <، ما هو الموقف من الأخ في الدين ومن النظير لك في الخلق؟ هل الموقف إزائه سلبي أم الموقف إزائه إيجابي؟ أنا أتصور أن القرآن الكريم هو الذي سوف يعطينا الضوابط العامة لهذا وبعد ذلك نأتي إلى كل الروايات الواردة في عموم مصادر المسلمين ومنها مصادر أئمة أهل البيت أو علماء الشيعة لنعرضها على الضوابط التي أشار إليها القرآن الكريم. فإن كانت هذه الروايات منسجمة مع تلك الأطر والضوابط والملاكات والميزان الذي ذكره القرآن نأخذ به وإلا فنضربه في عرض الجدار كما قالوا أئمة أهل البيت عليهم السلام أو هو زخرف لم يصدر من النبي والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام وفي بعض الروايات قالوا: « ما لا يوافق القرآن فهو من قول الشيطان < هذه تعابير أئمة أهل البيت، أنا أشير للضوابط:
الضوابط أشارت إليها الآيات القرآنية بشكل واضح وصريح، لعلي أوفق إن شاء الله تعالى في الحلقات القادمة وفي البحوث والموارد القادمة أن أقف عند هذه، من أهم هذه الآيات أعزائي الآية 125 من سورة النحل: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ). إذن الطرق التي عينها القرآن الكريم هي الحكمة ولم يقيدها لا بالحسنة ولا بالأحسن ثم الموعظة قيدها بالحسنة ثم الجدال لم يكتفي أنه حسن لابد أن يكون أحسن، عجيب هذه، يعني الحكمة لم تقيد والموعظة قيدت بالحسنة والجدال بالأحسن هذا معناه أن الحكمة لا تكون إلا جيدة والموعظة يمكن أن تكون سيئة ويمكن أن تكون حسنة، والمطلوب من عندنا الموعظة الحسنة، والجدال يمكن أن يكون سيئا ويمكن أن يكون حسنا ويمكن أن يكون أحسن، والقرآن لا يسمح إلا بالأحسن حتى بالحسن لا يسمح، عجيب هذا منطق القرآن الكريم، بينك وبين الله أين هذا ينسجم مع منطق السب والإقصاء والتكفير والقتل.
هذه آية إن شاء الله سنقف عليها.
الآية الثانية: أعزائي وردت في سورة فصلت الآية 33 إلى 35: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)، (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، أبدا لا يحق لك أن تدافع إلا بالتي هي أحسن، لا يحق لك، القرآن الكريم يقول إذا أردت أن تدفع وتدافع وتنصر وتقف أمام الباطل فلا طريق لك إلا (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن)، والقرآن يرتب على ذلك النتيجة، يقول النتيجة: (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، هذا هو منطلق القرآن، منطق القرآن كيف تحول العدو إلى ولي حميم، إلى صديق، لا كيف تحول الصديق إلى عدو!. أي منطق بائس متخلف هذا؟ أنه أنت حتى في داخل المذهب الواحد يتنفر منك أصدقاؤك وإخوانك ومع الأسف الشديد هذا أسمعه الآن في الآونة الأخيرة حتى في بعض القنوات والمنابر والفضائيات الشيعية أنه عندما يختلف شخص مع الآخر في الفكر مباشرة أنه خرج عن المذهب وصار ضال وصار كافر و… أي منطق هذا؟ هذا ليس منطق القرآن، منطق من لا أعلم ولكن ليس منطق القرآن.
الآية الثالثة: في سورة العنكبوت الآية 46: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، بينكم وبين الله القرآن يقول حتى أهل الكتاب الذين لا يشتركون معنا في دين واحد وفي عقيدة واحدة يقول ليس من حقكم أن تجادلوهم إلا بالتي هي أحسن، ولذا تجد القرآن الكريم قال تعالوا إلى كملة سواء أنا أتصور هذا الإطار القرآني، إذن كل الروايات الواردة في نصوص كتب السنة وكتب الشيعة، لا أستثني، لابد أن تطرح على الميزان القرآني، على المنهج القرآني لنرى أنها تنسجم فبها ونعمل أما إذا خالفتها فهي زخرف باطل لم يصدر لا من النبي ولا من أئمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام وأنا لم أجد في القرآن الكريم أنه هناك آية واحدة قالت إذا أردتم أن تدعوا فادعوا الناس من خلال تكفيرهم ومن خلال تفسيقهم ومن خلال سبهم وإسقاطهم ومن خلال إقصائهم ومن خلال اغتيالهم إما ماديا وإما معنويا يعني إسقاط شخصياتهم العلمية و… أنا لم أجد لا في القرآن ولا في رواية.
المقدّم: أساسا سماحة السيد هناك مشكلة يعني خلفية هذا النوع من الجدل هو تسجيم نقاط والفوز على الآخرين.
سماحة السيّد: هذه نقطة ولكن أهم منها هي أن منطق الإقصاء، منطق التكفير، منطق التفسيق، منطق تقول أن الآخر منافق، هذا منطق الجاهل والعاجز علميا، وحيث أن القرآن منطقه قوي (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)، تجدون أبدا لا يستعمل، إذن أعزائي الضابط أعطيته بأيديكم، إذا وجدتم ذاك المنطق اعرفوا أن المتكلم جاهل، أن المتكلم ضعيف، أن المتكلم عاجز يعني لا توجد عنده بضاعة علمية يمكن أن تجتذب الآخر، فلهذا يريد أن يتحول إلى البعد السلبي إلى المنهج السلبي إلى المنهج الإقصائي، أما منهج القرآن فهو المنهج الإيجابي، (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ). إن شاء الله تعالى أعد المشاهد الكريم اطمئنوا سأقف عندها، الآن نجد بأنه أساسا الفضاء يحاول البعض أن يشحنه هذا الاصطفاف المذهبي والطائفي والعرقي والديني إلى غيره.
المقدّم: وأيضا يأخذ بنظر الاعتبار أن البعض ينطلق من منطلق الولاء والبراء، وهذا أيضاً يشرح في هذا المجال.
سماحة السيّد: إن شاء الله أبينه واقعا أن الآن لست بصدد التشكيك في نوايا أحد ولكن بصدد البيان القرآني في هذا المجال.
المقدّم: إن شاء الله، تحدثتم في الحلقة السابقة حول مشروعية التوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله) وأوردتم حديثا أو أحاديث في هذا الجانب، هل يمكن الإشارة ألا ما انتهى إليه البحث حتى نبدأ.
سماحة السيّد: المشاهد الكريم والمستمع الكريم، أعزائي جميعا تعرفون أننا وقفنا عند هذا الحديث الذي اشرنا إليه وفيه نص كما قرأنا في مسند الإمام أحمد، بتحقيق شعيب الأرنئوط المجلد 28 مؤسسة الرسالة ص 478: «أن النبي علم ذلك الإنسان قال له اللهم قال: قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة،( التفتوا) يا محمد إني توجهت بك إلى إلى ربي في حاجتي هذه<، النبي (صلى الله عليه وآله) علم ذلك الصحابي الضرير كما عن عثمان بن حنيف، قال له إذا أردت أن تدعو لقضاء حاجتك فقل يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي، جيد، هذا الحديث أعزّائي إذا يتذكر المشاهد الكريم قلنا بأنه كبار حفاظ وعلماء الحديث نقلوا هذه الرواية.
في كلمات البعض قال: «صححه بعض وضعفه آخرون< يعني يريد كأنه أن يقول أنه إذا الحديث مختلف فيه، وليس مجمع عليه بين علماء أهل السنة لأننا ذكرنا في البحث السابق أن هذه الرواية لم ترد من طرقنا وإنما وردت من طرق أهل السنة وهو عجيب أيضا وهو أن الشيعة هذا الذي ورد من طرق أهل السنة عملوا به ولكنه بعضهم يحاول أن ينفي هذا الذي ورد عن النبي الأكرم ولكنه أريد أن أشير إلى مصدر لم أشر إليه في البحث السابق وبودي أن الأعزة يلتفتوا إلى هذه الحقيقة لأنها مهمة.
في الآخر وصل بيدي كتاب وهو من الكتب المهمة وجزا الله خيرا الذي بعث لنا هذه الكتب أعزائي، كتاب صحاح الأحاديث في ما اتفق عليه أهل الحديث، وهذه نقطة مهمة أعزائي انظروا إلى قضية أساسية وهي أن هناك أحاديث مختلف فيها في الصحة والضعف وهناك أحاديث متفق عليها بين جميع محققي علم الحديث، وهذه نقطة مهمة ولذا أنا كل أولئك الذين يريدون مثل هذه الأحاديث عليهم أن يراجعوا هذا الكتاب لأنه في هذا الكتاب جمع الجامع 35072 رواية متفق عليها بين جميع أهل السنة وهذا الكتاب أهم من سلسلة الأحاديث الصحيحة للعلامة الألباني، لأن العلامة الألباني في بعض الروايات قد تكون صحيحة هو يضعفها وقد تكون ضعيفه هو يصححها، ليس مجمع على صحتها أما هذا الكتاب فإنه يشتمل على جميع الأحاديث الصحيحة المجمع عليها، ويشتمل على 35000 ألف حديث يعني عن ثروة حديثية ضخمة ومهمة وخطيرة، بناء على ذلك يوجد سؤال: سيدنا هذا الحديث موجود في هذا المتفق عليه بين أهل الحديث أو لا؟، تعالوا معنا أعزائي صحاح الأحاديث في ما اتفق عليه أهل الحديث للضياء المقدسي المتوفى 643 وابن أخيه المعروف بابن كمال المتوفى 688 وترتيب أبي السعادات أحمد المقدسي المتوفى 727، تحقيق وتعليق الدكتور حمزة أحمد الزين وهو مدير المركز الإسلامي لخدمة الكتاب والسنة بمكة المكرمة ورئيس قسم أصول الدين بكلية العلوم الشرعية بليبيا، وهذا الكتاب ليس فيه حديث ضعيف، ليس فيه حديث ضعيف على الإطلاق بل كلها مجمع عليها.
المجلد الثاني، دار الكتب العلمية، مطبوع سنة 2009، الطبعة الأولى، أنا ذكرته تفصيلا لأنه لأول مرة أذكر الحديث، رقم الحديث 7465، « أن رجلا ضريرا أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال ادعوا الله أن يعافيني فقال إن شئت … قال: ويدعوا بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه < وكذلك رقم الرواية 7466 أيضا نفس الرواية وكلها صحيح وصحيح وصحيح.
إذن أعزائي هذا الحديث من الأحاديث المجمع على صحتها ومن هنا يتضح أن ما ذكره عبد السلام علوش في بعض حواشيه وتعاليقه على المستدرك على الصحيحين وهو الجزء الأول دار المعرفة بيروت لبنان ص 621، ذيل الحديث أعزائي 1221، قال: « صححه جماعة من الحفاظ وضعفه آخرون < هذا كلام دقيق علميا أو غير دقيق؟ أنا أكل الأمر إلى المشاهد الكريم حتى يعرف أن الرواية من الروايات المجمع عليها، وليس كما يحاول عبد السلام علوش لا هذه من الروايات المختلفة في صحتها وفي ضعفها.
إذن إلى هنا اتضح لنا بشكل واضح وصريح أن الرواية من حيث السند مجمع عليها بين جميع علماء الحديث.
المقدّم: ذكرتم في البحث السابق أن الترمذي وصف حديث التوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله) بأنه حديث غريب. هذه الغرابة هل تشكل قدحا أو ضعفا في الحديث أم لا؟
سماحة السيّد: في اعتقادي أن هذا هو الذي صار منشأ عند البعض لأن يضعف الحديث. في المقدّمة لابد أن تعرفوا أن وصف الحديث بأنه غريب لعله من الأمور التي استحدثها الإمام الترمذي. يعني نحن قبل ذلك لا يوجد عندنا هذا التقسيم غريب وغير غريب، كما يقوله البعض، الآن أنا ليس مهم عندي تاريخيا، المهم أن الإمام الترمذي في سنن الترمذي كما في النسخة المصححة من قبل شعيب الأرنئوط والمحقق من قبله المجلد السادس صفحة 175 بعد أن نقل الرواية قال: « هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر < الذي قال: وهو غير الخطمي وقلنا الصحيح هو الخطمي، وأنه ليس كما يقول هو أنه غير الخطمي.
إذن ما هو المراد من الحديث الغريب، أنا أعتذر هذه الليلة سأقف قليلا عند بعض الاصطلاحات الحديث، حتى يعرف المشاهد الكريم أنه عندما نستعمل هذه الاصطلاحات بعد ذلك يكون على بينة من أمره. ولذا أرجوا أن يدققوا الأعزة، قسم علماء الحديث، الحديث إلى قسمين أساسيين:
القسم الأول: قالوا الحديث المتواتر وهو الذي ينقله عدد من النبي مباشرة، يمتنع عادة أن يتواطئ فيما بينهم على الكذب فإذن لا إشكال أنهم نقلوه 4، 5 ، 10 ، 20، ولذا نجد أنه كثير من الأعلام قالوا إذا نقلوا الرواية عن النبي خمسه من الصحابة فهو حديث متواتر.
المقدّم: يصبح اطمئنان في صحة صدوره
سماحة السيّد: بل قطع وجزم في ذلك.
القسم الثاني: الحديث غير المتواتر. هو الذي لا ينقله هذا العدد الذي يورث التواتر، أقل من خمسه، وهذا القسم قسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: سموه المشهور أو المستفيض.
القسم الثاني: اصطلحوا عليه العزيز.
القسم الثالث: اصطلحوا عليه الغريب.
إذن الحديث الغريب من أقسام حديث غير المتواتر. أو ما يصطلح عليه بحديث الآحاد. إذن التفتوا لي أعزائي عندنا متواتر وعندنا غير متواتر وغير المتواتر الذي هو الآحاد بشكل عام، إما مشهور ومستفيض وإما عزيز وإما غريب. هذا المعنى بشكل واضح وصريح تعالوا معنا إلى كتاب مصطلح الحديث للعلامة محمد بن صالح العثيمين ص 10، هذه عبارته، قال: « المتواتر ما رواه جماعة وينقسم إلى أقسام متعددة (ثم قال) وغير المتواتر وهو الآحاد وينقسم إلى المشهور ما رواه ثلاثة فأكثر، وما لم يبلغ حد التواتر والعزيز ما رواه إثنان فقط والغريب ما رواه واحد فقط <.
جيد هذا المعنى ذكره جمله من الأعلام بشكل واضح وصريح أيضاً.
سؤال: ما هي أهم مواصفات الحديث المتواتر؟
قالوا: يشتمل على خصوصيتين:
أولا: أن الحديث المتواتر يفيد العلم والجزم واليقين بصدور هذا الحديث من فم خاتم الأنبياء والمرسلين.
وثانيا: أنه يجب العمل به ليس أنه أنت مخير أن تعمل به أو لا تعمل لأنه قطعي وإذا صار قطعي يجب العمل به، ولذا تجدون العلامة عثيمين هناك يقول بأن الحديث المتواتر هو أولا يفيد القطع بصحة نسبته، ثانيا العمل بما دل عليه بتصديقه إن كان خبرا وتطبيقه إن كان طلبا. إذن القضية بعد ليست هناك تخيير أن نعمل أو لا نعمل، ليس جواز وإنما ضرورة ووجوب ونحو ذلك.
أما الحديث غير المتواتر فقد قلنا ثلاثة أقسام، الإخوة الذي يريدون أن يراجعوا هذا البحث أيضا بإمكانهم أن يرجعوا إلى هذا البحث بشكل تفصيلي في كتاب الحديث الآحاد وحجيته في تفصيل الاعتقاد دراسة تطبيقية ونقدية على ضوء منهج أهل السنة والجماعة، تأليف الدكتور عبد الله السرحاني مكتبة الرشد الجزء الأول، صفحة 50 وبعد ذلك يقول: « الغريب بمعنى ما انفرد بروايته رجل واحد، والعزيز أن لا يقل روايته عن اثنين والمشهور ما رواه ثلاثة فأكثر ما لم يبلغ حد التواتر<، وجملة من الأعلام أيضاً أشاروا إلى هذا المعنى. أنا أعطي المصادر حتى يراجعوا وكذلك كتاب نتيجة النظر في نخبة الفكر للحافظ القسنطيني المتوفى 821 من الهجرة، أول شرح لنخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر، اعتنى به مراد بن خليفة سعيدي، مكتبة دار المنهاج أعزائي صفحة 66 و 68 و 71 إذن القضية إلى هنا واضحة.
سؤال: هل أنه الحديث الغريب له قسم واحد أو على قسمين:
قالوا على قسمين: قسم من الحديث الغريب يعني الذي رواه واحد صحيح السند وقسم من الحديث الغريب ضعيف السند.
سؤال: حديثنا في المقام وإن كان غريبا بتعبير الحافظ الترمذي فهو من الصحيح أو من الضعيف؟ اتضح أنه مجمع عليه بصحته ولذا في نتيجة النظر صفحة 71 هذه عبارته: «يقول ينقسم إلى قسمين منه ما هو صحيح، الغريب منه ما هو صحيح كأفراد الصحيح وهي كثيرة ومنه ما هو غير صحيح وهو الغالب في الحديث الغريب< ولكن نحن حديثنا من هذا الصحيح لو من غير الصحيح؟ من الصحيح.
سؤال: إذن عندما يوصف الحديث بأنه غريب يعني أن المضمون غريب لو أن السند غريب؟ مرة نقول الحديث غريب لأن المضمون استثنائي، غريب، منكر،ولكن البعض ليس من أهل الخبرة فبمجرد وجد أنه يقولون عن هذا الحديث غريب تصور أن المضمون غريب، أن المضمون منكر، أن المضمون ليس على القواعد، ولذا قال الحافظ الترمذي أنه غريب. لا أعزائي لا تخلطون أن هذه الغرابة مرتبطة بعالم السند لا مرتبطة بعالم المضمون إذن المضمون ليس بغريب بل هوضمن القواعد والأسس ولم نر أحد قال أن المضمون غريب وإنما السند غريب. واتضح أن الاصطلاح من الغريب ليس معناه أنه مستنكر، هو يقول صحيح ولكنه غريب يعني لم يروه إلا صحابي واحد. إذن من هنا يرد سؤالان، خلو ذهنكم أعزائي في هذا البحث المهم لأنه أنا أتذكر في الأسبوع الماضي أحد الأعزة المتداخلين قال في النتيجة هذه رواية واحدة، لماذا تريدون أن تبنوا عليها مسألة أساسية كالتوسل، لماذا؟ نحن نريد أن نطرح هذا البحث،.يوجد سؤالان.
السؤال الأول: أن الحديث الغريب الصحيح أو خبر الآحاد بأقسامه هل يفيد العلم أو لا يفيد العلم؟ فإذا كان يفيد العلم إذن لا فرق بينه وبين المتواتر.
السؤال الثاني: هل أنه يجب العمل به أو لا؟ فإن ثبت أنه يفيد العلم، إذن يجب العمل به، إذن لا فرق بين المتواتر وبين خبر الآحاد الصحيح.
تعالوا معنا إلى كلمات أعلام المسلمين لنرى أنه متى يكون خبر الآحاد ومنه الغريب، متى يفيد العلم ومتى لا يفيد العلم، التفتوا لي جيدا، قالوا من أهم شروط أن يكون خبر الآحاد مفيدا للعلم ووجوب العمل به، أن الخبر تلقته الأمة بالقبول فإذا تلقي الخبر بالقبول فهو قطعي فهو يفيد العلم.
المقدّم: لأن أمتي لا تجتمع على ضلال.
سماحة السيّد: أحسنتم، سؤال: وهذا الخبر تلقاه علماء الحديث بالقبول أو بالرفض؟ أجاب عنها كما قرأنا قبل قليل، صحاح الأحاديث فيما اتفق عليه أهل الحديث، واطمئن أنه هنا طبعا حتى في البخاري هناك أحاديث لم يجتمع عليها أهل الحديث، الآن بعضها يقول قليلة بعضها يقول أربعة بعضها يقول سبعين بعضها يقول ستين بعضها يقول مائة وعشرين ذاك بحث آخر. ولكن الكلام أنه هذا الكتاب مما اتفق عليه أهل الحديث، إذن تلتقه الأمة بالقبول أو لا؟ تلقاه، الآن إذن من هنا لابد أن نطرح كلمات هؤلاء لنرى واقعا ماذا يقولون؟ أن الخبر الآحاد أو خبر الآحاد ومنه الخبر الغريب الصحيح إذا تلقته الأمة بالقبول هل يفيد العلم أو لا يفيد العلم؟
تعالوا معنا حديث الآحاد وحجيته في تأصيل الاعتقاد الجزء الأول ص 71، المؤلف الدكتور عبد الله السرحاني: « خبر الآحاد الصحيح، يفيد العلم < ثم يأتي في صفحة 84 نتيجة البحث، يقول: « وأخيرا يتضح أن خبر الآحاد الصحيح يفيد العلم اليقين وهنا تضافرت الأئمة وأقوال علماء الأمة على أن خبر الآحاد الصحيح يفيد العلم اليقين ويستدل به في مسائل العقيدة < ويقيم اثني عشر دليلا لإثبات هذه الحقيقة. واضح 12 دليل أن الخبر الصحيح المقبول عند الأمة يفيد العلم ويفيد اليقين. وهذا أيضا ما أشار إليه علم آخر من الأعلام وهو العلامة أحمد محمد شاكر، الباعث الحثيث، شرح اختصار علوم الحديث الذي هو للحافظ ابن كثير وشرحه للعلامة محمد شاكر وتعليق للعلامة الألباني، أعزائي في الجزء الأول ص 126 يقول: « وأن خبر الواحد يفيد العلم وهذا هو مذهب الجمهور من الفقهاء والحق الذي ترجحه الأدلة الصحيحة هو أن الحديث الصحيح يفيد العلم القطعي سواء أكان في أحد الصحيحين أو في غيرهما <، لا يقول أحد أن هذا مختص في صحيح البخاري وصحيح مسلم وحيث أن هذا الخبر لم يأتي في الصحيحين إذن لا تشمله القاعدة، نقول لا قاعدة عامة الخبر الصحيح « وهذا العلم اليقيني علم نظري برهاني …<.
الآن قد تقول سيدنا من يقول أن السابقين كانوا يقبلون هذا؟ الجواب بعد لا أقل أنتم أتباع ابن تيمية تقبلون كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، تعالوا معنا إلى الشيخ ابن تيمية، مجموع فتاوى ابن تيمية المجلد الثامن عشر ص 48 و ص 80، يقول: « وأيضا فالخبر الذي تلقاه الأمة بالقبول تصديقا له أو عملا بموجبه يفيد العلم عند جماهير الخلف والسلف <. إذن جماهير الخلف والسلف يقولون أن الخبر الواحد إذا قبلته الأمة يفيد العلم يقول وعلى هذا فلا فرق بينه وبين التواتر وهذا في معنى التواتر، انتهت القضية. إذن من حيث النتيجة كما يجب العمل بالخبر المتواتر يجب العمل بالخبر الآحاد إذا تلقته الأمة بالقبول، وهكذا أعزائي في ص 80 « وأيضا فالخبر الذي رواه الواحد من الصحابة الواحد من الصحابة (عثمان بن حنيف قلنا أنه وارد عن صحابي) واحد ما رواه الواحد من الصحابة والاثنان إذا تلقته الأمة بالقبول والتصديق أفاد العلم عند جماهير العلماء < ومن قال لا يفيد العلم فهو ليس من العلماء عند ابن تيمية.
وهذا أيضاً من المعاصرين، العلامة الألباني، الحديث حجة بنفسه في العقيدة والأحكام، ص 62 ، يقول: « إفادة كثير من أخبار الآحاد العلم واليقين < لماذا قال كثير من الأخبار؟ باعتبار أنه يشترط أن تقبله الأمة وإذا لم تقبله لم يكن خبر ظني.
الآن أنا أريد أن أضرب مثال تطبيقي حتى لا يقول قائل سيدنا أضرب لنا مثال أنه هو خبر غريب وآحاد ولكنه الأمة تلقته بالقبول القطعي مع أنه خبر غريب ولم يختلف عليه أحد وقالوا يقينا من النبي. أنقل لكم رواية أعزائي عند أهل السنة ولا أنقل رواية عن علي بن أبي طالب حتى تقولون هذه الرواية عن علي أنقلها عن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب الذي انفرد بالرواية لا يوجد صحابي آخر نقل هذه الرواية. إذن لا يستغرب أحد يقول لي سيدنا إذا قاله رسول الله لماذا فقط نقله عمر بن الخطاب؟
المقدّم: فإن كان هذا الحديث الغريب يفيد اليقين فلماذا هنا لا يفيد اليقين؟
سماحة السيّد: أحسنتم لماذا ب عمر تجر و ب عثمان بن حنيف لا تجر؟ هذا أولا وثانيا: أيضا يظهر أنه بعض الأحيان أن النبي كان يقول الحديث ولكن لا ينقله عنه إلا نفر واحد، هذا ليس معناه أنه النبي لم يقله أمام الصحابة، لعله قال أمام عشرين، خمسين ولكن لم ينقله إلا نفر واحد خصوصا إذا علمنا بأن الحديث لم يدون كما ينبغي بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
هذا كتاب حديث الآحاد وحجيته في تأصيل الاعتقاد، كما أشرنا الجزء الأول، ص 51، يقول: « والغريب كذا ولا خلاف بين المحدثين لا نعرفه وقد يكون الغرابة في أصل السند وهو كذا وهو كذا يشير إلى وأن الحديث الغريب ما هو إلى أن يأتي العلامة عثيمين في ص 13 من مصطلح الحديث، يشير إلى الرواية يقول: « والغريب ما رواه واحد فقط مثاله قوله: (صلى الله عليه وآله) إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرؤ ما نوى، فإنه لم يرويه عن النبي إلا عمر بن الخطاب <، فهو حديث غريب، صحيح لأنه وارد في صحيح البخاري ومسلم وهو حديث غريب. لم يروه إلا واحد. « ولا عن عمر إلا علقمة بن وقاص< إذن الطبقة الثاني أيضاً واحد « ولا عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي< إذن السند الثالث أيضا واحد « ولا عن محمد إلا يحيي بن سعيد< إذن الرابع أيضاً واحد، وكلهم من التابعين ثم رواه عن يحيي خلق كثير ولذا الآن من مسلمات الأحاديث حديث « إنما الأعمال بالنيات<. إذن أعزائي ليس فقط الطبقة الأولى غريب، الطبقة الثانية غريب، الطبقة الثالثة غريب، الطبقة الرابعة غريب، في الطبقة الخامسة يكون متواترا ومع ذلك تلقته الأمة بالقبول إذن يفيد القطع واليقين وحديثنا من هذا القبيل تلقته الأمة بالقبول إذن يفيد القطع واليقين.
فتحصل مما تقدم:
أولا: أن الحديث تلقته الأمة بالقبول بدليل أنهم أجمعوا على تصحيحه بين علماء الحديث.
ثانيا: إذا كان الأمر كذلك إذن فهو يفيد اليقين والعلم لا الظن. لا يشكك أحد.
ثالثا: أنه يجب العمل به. يعني جنابك عندما تريد أن توسل وتدعوا الله لابد أن توسط كما علمنا رسول الله، قال : قل يا محمد إني توجهت بك إلى ربي.
أنا أتصور القضية معادلة رياضية سويتها يعني 2+2=4 لا يوجد مجال للمناقشة، إذا كانت هناك مناقشة فهي مناقشة في المضمون وإلا من حيث السند بعد لا يتصل أحد بنا ويقول سيدنا في النتيجة هذا حديث غريب هذا حديث آحاد هذا خبر الواحد هذا لم يرد في الصحيحين.
المقدّم: يعني أرجوا أن لا يشكل بذلك لأنه يصلح الإشكال على الشخص المتصل.
سماحة السيّد: لا، هذا يكشف أنه ليس من أهل العلم، وإلا مقتضى القواعد أن هذا الحديث وإن كان قد نقله صحابي واحد إلا أن الأمة تلقته بالقبول ومجمع على تصحيحه فهو يفيد العلم واليقين ويجب العمل به.
المقدّم: سماحة السيد فهمنا أو اتضح أن هذا النص النبوي متفق عليه بين علماء الحديث، أو بتعبيركم قبلته الأمة، هذا فيما يتعقل بالسند، ماذا عن مضمون الحديث وما هو المراد منه؟
سماحة السيّد: سؤال أساسي وأنا بودي أنا الأعزة بعد هنا كما يقال ندخل إلى أصل البحث إلى متن البحث إلى مضمون هذا الحديث، أعزائي فلأبدأ البحث من النتائج، لا أبدأ البحث من المقدمات. اتفقت كلمة الموافقين للتوسل به (صلى الله عليه وآله) والمخالفين للتوسل به كابن تيمية وأتباعه أن ظاهر هذه الحديث دال على مشروعية التوسل به. قالوا لا مجال للمناقشة في ظاهر الحديث. قالوا لابد أن نؤول الحديث، وإلا لو أدرنا أن نبقى وظاهر الحديث فظاهر الحديث يدل أن التوسل بذاته، أن التوسل بمقامه، أن التوسل بجاهه، أن التوسل بحقه، أن التوسل بقدره عند الله سبحانه وتعالى. وأنا سأنقل كلام العلامة الألباني في هذا المجال، الألباني بيني وبين الله من المخالفين في جواز التوسل بذاته ولكن يقول أننا لا نستطيع أن نقول أن هذا الحديث ليس ظاهرا في ذلك، الحديث له ظهور في أن التوسل بذاته.
في كتابه التوسل أنواعه وأحكامه للعلامة الألباني، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، صفحة 75، يقول: « وثمة أمر آخر جدير بالذكر وهو أنه لو حمل حديث الضرير على ظاهره وهو التوسل بالذات < إذن يعتقد بأنه ظاهر الحديث هو التوسل بالذات، ليس فيه مجال، يقول لو حملنا على ظاهره لكان معطلا لكذا وكذا وكذا، إذن لابد من تأويله، إذن لو كنا نحن وظاهر الحديث فظاهر الحديث يدل على أن التوسل لابد أن يكون بذات النبي، لا بدعاء النبي، لا بشفاعة النبي، لا باستغفار النبي، وإنما بذاته، بشخصه المقدس والمبارك، ولكن لماذا أيها العلامة الألباني؟ لماذا ترفعون اليد عن ظاهر الحديث؟ يقول: نحن إنما نرفع اليد عن ظاهر الحديث لأنه عندنا قرائن أخرى يمينا ويسارا يقول لنا لابد أن تؤولوا الحديث ومن هنا يبدأ بذكر القرائن تبدأ من صفحة 70، يقول: « وأما نحن فنرى أن هذا الحديث لا حجة لهم فيه على التوسل وهو التوسل بالذات (لماذا؟) لأنه لابد من تأويله أولا وثانيا وثالثا ورابعا وخامسا وسادسا <. أنا أضع المعادلة وخريطة البحث أمام المشاهد الكريم وهو أنه من يريد، الآن أنا لا أعلم نحن نعمل بظاهر الحديث لو نحن المؤولة؟ والذي ينفي التوسل هو يعمل بالظاهر أو هو من المؤولة الذين كفرهم البعض؟ انتم إذا ترجعون إلى تراث ابن تيمية وأتباع ابن تيمية ترون أنهم يكفرون المؤولة، وهنا أيضاً أنتم تؤولوا. يقول: أولا وثانيا يقول: « إنما كان بدعائه لا بذاته والأدلة على ما نقول من الحديث أهمها أولا وثانيا وثالثا ورابعا وخامسا وسادسا: يقول إذا تبين للقارئ الكريم ما أوردناه من الوجوه الدالة على أن حديث الأعمى إنما يدور حول التوسل بدعائه وأنه لا علاقة له بالتوسل بالذات <. إذن لابد من إنكار الظاهر، ثم بعد ذلك يشير إلى جملة مهمة يقول: «ونحن ومخالفونا متفقون على ذلك يعني لابد من التأويل <، أنا لا أعلم لماذا متفقون؟ أنت قلت ظاهر الحديث هو توسل بالذات؟ إذن هذا تدليس، هذه مغالطة، لا، نحن وأنتم لسنا متفقين على التأويل، نحن نقول ظاهر الحديث هو التوسل بالذات وأنتم تؤولون. من هنا أعزائي وُجد بين علماء المسلمين اتجاهين لفهم الحديث: ولنقول هذه عبارة حداثوية وجدت قراءتان لفهم الحديث.
القراءة الأولى: وهي القراءة المشهورة بين علماء السلف والخلف وبين الصحابة والتابعين وهو حمل الحديث على ظاهره.
والاتجاه الثاني: الذي بنا عليه ابن تيمية وأتباعه من الوهابية. قالوا لابد من تأويل الحديث. لأنه توسل بالنبي (صلى الله عليه وآله) وهذا الباب لابد من غلقه، لا يمكن فتح الباب لأن يُتوسل بمقام النبي. بجاه النبي. لا أدري أي عقدة نفسية كانت تلاحق هؤلاء حتى يريدوا أن يؤولوا هذا الظاهر، الآن قد يقول لي قائل سيدنا أنت ليس منهجك أن تتهم في النوايا، جيد جدا، لا أعلم الخلفيات الفكرية لهؤلاء الذي أدى بهم إلى أن يشذوا عن جميع علماء المسلمين، واقعا رأي شاذ ورأي نادر وهم قالوا شاذ ونادر. الآن قد يقول لي قائل سيدنا لماذا تقول تريد أن تشكل أنه شاذ، فليكون شاذا، ومن قال أنه إذا كان شاذا أو غريبا لابد أن يطرد. لا لا لا أنا لست واقعا أرى إذا كان قائما على دليل فليكن رأيا جديدا، ولكن الكلام أن هؤلاء يخالفون ظاهر الحديث، بغض النظر عن مشهور العلماء، ظاهر الحديث يخالفوه، أنتم والنص وأهم من هذا جميعا أعزّائي، أن أن أن أن الإمام أحمد يعمل بظاهر الحديث. بينكم وبين الله أنتم تقولون غيره، شيء غريب هذا، شيء لا يصدقه الإنسان. تقول سيدنا أين؟
في نفس الكتاب، التوسل أنواعه وأحكامه، صفحة46 يقول: « وهذا ولم ننفرد نحن بإنكار تلك التوسلات المبتدعة، ( مع أنه هو يصر يقول أنها ظاهر الحديث لماذا صارت بدعة أنا لا أعلم )، بل سبقنا إلى إنكارها أئمة العلماء< لا نعلم والله من هم هؤلاء الأئمة « وتقرر ذلك في بعض المذاهب المتبعة وهو إلى فلان فلان فلان ( إلى أن يأتي ويقول): نعم خالف في ذلك < التفتوا في صفحة 42 يقول: مع أنه قد قال ببعضه بعض الأئمة فأجاز الإمام أحمد التوسل بالرسول وحده <، نحن أيضا بحثنا الآن في الرسول وليس في الأولياء. أجاز الإمام أحمد التوسل بالرسول وأجاز غيره أيضا، جملة من الأئمة، أصلا عموم الأئمة والعلماء أجازوا ذلك، والأشد أحمد أجاز.
سؤال: ابن تيمية ملتفت أن الإمام أحمد أجاز أم لا. بيني وبين الله عندما راجعت كتب الشيخ ابن تيمية وجدت أنه يصرح ليس أنه الإمام أحمد بن حنبل أجاز بل يقول كان هذا هو المتعارف بين السلف. والله شيء غريب، ويؤسس لخلاف ما عليه السلف ثم هم يسمون أنفسهم من السلفية. تقول سيدنا أين قال ذلك؟
هذه أمامنا مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، الجزء الأول، ص 347 يقول: « ورأيت في فتاوى الفقيه أبي محمد ابن عبد السلام (الذي هو من كبار الفقهاء الذي ابن تيمية يعترف بفقاهته )، يقول لا يجوز أن يتوسل إلى الله بأحد من خلقه إلا برسول الله <، نعم الفقيه أبو محمد ابن عبد السلام يقول: إن صح حديث الأعمى، الآن لماذا؟ هذه المشكلة التي أشرنا إليها وهو غير الخطمي ولهذا يقول ابن تيمية يعلق عليه، يقول فلم يعرف صحته وإلا الحديث صحيح ما فيه إشكال، ثم يقول: « ورأيت في كلام الإمام أحمد أنه في النبي < بعد بينك وبين الله أكو مجال للمناقشة، إذن هو كان يعلم أن الإمام أحمد كان يجوز ذلك.
أيضا تعالوا معنا إلى فتاوى، الجزء الأول صفحة 264، بعد أن ينقل دعاءا، التفتوا إلى الدعاء، يقول: « وروي في ذلك أثر عن بعض السلف مثل ما رواه ابن أبي الدنيا في كتاب مجاب الدعاء قال حدثنا فلان وفلان وفلان، جاء رجل إلى عبد الملك بن سعيد بن أجبر فجس بطنه فقال بك داء لا يبرأ، قال: ما هو قال: الدبيلة، قال: فتحول الرجل فقال الله الله ربي لا أشرك به شيئا، اللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى الله ربك، ( نص الحديث الذي قرأناه ) وربي يرحمني مما بي، قال: فجس بطنه الطبيب فقال: قد برأت،< الآن تعليقة شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: «قلت: فهذا الدعاء ونحوه قد روي أنه دَعا به السلف< وقد قرأنا فيما سبق أنه قال: لم يقل به أحد من السلف. نهوا عن ذلك ولكن نسي، لأنه حبل الكذب قصير، «ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المرزوى التوسل بالنبي في الدعاء ونهى عنه آخرون <. لا يقول من هم الآخرون أبدا أبدا أبدا. إلى أن يقول: « فإن كان مقصود المتوسلين التوسل بالإيمان به وبمحبته، هو يقول توجهت بك، يقول بمحبته، فلا نزاع وإن كان مقصودهم التوسل بذاته فهو محل النزاع <، من المنازع؟ هو، لهذا يقول: « ما تنازعوا فيه يرد إلى الله ورسوله <، رددنا إلى الرسول، رسول الله قال لنا افعل، أيها الإنسان، عجيب واقعا، يقول: « وما تنازعوا فيه يرد إلى الله والرسول <، تمام نحن أيضا راجعنا إلى الله والرسول، الرسول قال: للضرير قل له يا محمد إني أتوجه الله.
أنقل كلاما واحدا أعزائي لأحد الأعلام المعاصرين وهو ما يتعلق بابن قيم الجوزي، طريق الهجرتين وباب السعادتين، ابن قيم الجوزية، الجزء الثاني، صفحة 762، يقول: « وقد أخبر الله سبحانه أنه أخلصهم (يعني الأنبياء) بخالصة ذكر الدار وأنهم عنده من المصطفين الأخيار ويكفي في فضلهم وشرفهم جميع الأنبياء، أن الله سبحانه اختصهم بوحيه وجعلهم أمناء على رسالته ووسائط بينه وبين عباده <، ابن قيم تلميذ ابن تيمية يقول: أن الأنبياء وسائط ﴿وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ هؤلاء وسائلنا إلى الله، أين أنتم؟ ما لكم أين تذهبون؟ كيف تحكمون؟ قال: « ووسائط بينه وبين عباده وخصهم بأنواعه كرامته فمنهم من اتخذه خليلا ومنهم من كلمه تكليما ومنهم من رفعه على سائرهم درجات ولم يجعل < التفتوا إلى العبارة، احفظوها، لا تقولوا نحن يوجد طريقان، طريق نتوسل بالأنبياء أو بالخاتم وطريق نتوسل به مباشرة، قال: « قال ولم يجعل لعبادة وصولا إليه إلا من طريقهم <، مغلق، الصراط المستقيم واحد، لا يتعدد، باب واحد، باب واحد وهو باب التوسل بأوليائه وعباده الصالحين وهم الأنبياء، طبعا هذه كثير أوسع من كلام الإمام أحمد بن حنبل الذي خصها بالنبي الأكرم يقول: «ولم يجعل لعباده وصولا إليه إلا من طريقهم ولا دخولا إلى جنته إلا من خلفهم <، لا يوجد طريق إلا الواسطة، هذا الصراط المستقيم.
إذن الصراط المستقيم، إذا انحرفنا يمينا وشمالا فإنه الضلال، قال: « ولا دخولا إلى جنته إلى من خلفهم ولم يكرم أحدا منهم بكرامة إلا على أيديهم < مباشر الطريق مغلق، أي كرامة يريدها العبد لابد بواسطة.
المقدّم: والدعاء واستجابة الدعاء من كرامات الله
سماحة السيّد: قال: « ولم يكرم أحدا منهم بكرامة إلا على أيديهم فهم اقرب الخلق إليه وسيلة وأرفعهم عنده درجة وأحبهم إليه وأكرمهم عليه <.
المقدّم: نستمع إلى مداخلاتكم. محمد من العراق:
محمد: سلام عليكم… السيد أشار إلى نقطة أن المحور هو القرآن الكريم فجميع أحاديث سنة وشيعة، المحور هو أن نعرضه على كتاب الله، فإذا الحديث نبي (صلى الله عليه وآله) ينسخ آية فكيف يكون هو محور للأحاديث؟ فكيف نعرض الأحاديث على القرآن؟، نطلب من السيد أن يوضح هذا.
المقدّم: حسين من السعودية
حسين: سلام عليكم… أنا من الطائفة الإسماعيلية في السعودية، عندي سؤال يمكن يكون خارج موضوع الحلقة اليوم، أنا قرأت في أحد الكتب لديكم لأحد الأئمة تكفر المذهب الاسماعيلي فما رؤية الشيخ كمال الحيدري بالنسبة لتكفير المذهب الإسماعيلي؟
المقدّم: علي من العراق
علي: سلام عليكم… نطلب دعاءك سماحة السيد في شخص مريض.
المقدّم: إن شاء الله يطيب ومعافى. نجيب على الأسئلة: الحديث ينسخ الآية
سماحة السيّد: لا لا لا أبدا، هذا البحث لم نعرض له عزيزي أولا بشكل عام أولا لا يوجد لا يمكن لحديث أن ينسخ آية قرآنية، هذا أولا وثانيا عزيزي أنا تتذكر في أول البحث قلت بشكل واضح وصريح قلت في كلمة واحدة أن هذا البحث يحتاج إلى حلقة مستقلة لنستوفي البحث حتى نجيب عن الأسئلة المرتبطة بالبحث وإلا إلى الآن نحن لم نعرض ما هو البحث حتى نجيب عن الأسئلة وثانيا إذا كان القرآن هو المحور وهو المرجعية الأولى في كل المعارف الدينية، إذن ما هو دور الحديث؟ عند ذلك نبين ما هو دور الحديث في هذا المجال إذن هذا يحتاج إلى بحث مستقل وليس بحثنا في هذه الليلة.
المقدّم: حيدر من العراق تفضل:
حيدر: السلام عليكم… سيدنا في خلال حديثكم سمعنا أن هناك تناقضات في كلام ابن تيمية وهذه التناقضات أنا لا أعلم هل هناك من هم رد على هذه التناقضات وخاصة في هذا الحديث الذي ذكرتموه وشكرا.
المقدّم: يعني هذا الذي يتبادر لدي سماحة السيد يظهر أن تناقضات ابن تيمية في منهجه كثيرة، يعني هو ينفي التأويل ويمارس التأويل، يضع ضابطة معينة ثم يتجاوزها، كيف لم يلتفت إلى هذه القضية أحد؟
سماحة السيّد: قاعدة عامة أبين للأعزة، وهو أنه الإنسان الذي يكثر الكتابة وله مؤلفات كثيرة لعله في جملة من الأحيان يحصل هناك تناقضات، أولا وثانيا قد يحصل له تبدل بالرأي، الآن أنتم تجدون أن بعض الرسائل العملية كتبت قبل عشر سنوات والمرجع عندما يجدد طباعتها يغير بعض آرائه، هذا ليس من التناقض وإنما من تبدل الرأي، لعله نحمله على الصحة نقول ابن تيمية تبدلت آرائه وإن كان أنا أحتمل أنه واقعا هي من التناقضات والتهافتات الموجودة في كلمات الشيخ ابن تيمية وليست بالقليلة، لأن الآثار التي كتبها أو الصادرة عنها ليست بالقليلة أيضا، أما ماذا يجيبون؟ هذا السؤال لابد أن يوجه لهم وليس أن يوجه إلي، المهم انه نحن عندما نراجع كلمات الشيخ ابن تيمية نجد أن الاتجاه العام عنده أنه لا يجوز التوسل بذات النبي (صلى الله عليه وآله) لا حيا ولا ميتا. نعم من هنا وهناك وجدنا أن بعض كلماته لا تنسجم مع هذا الأصل العام التي يوجد في مجموع تراثه.
المقدّم: محمد من الكويت تفضل:
محمد: سلام عليكم…. في القسم الأول الحلقة عندي ملاحظة، أنه الله سبحانه وتعالى في القرآن يذكر ويلعن ويصف (عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ) يعني يذكرهم ويوصفهم بهذا. فبالتالي كيف نحن لا نقدر نصف بعض أعداء الأمة الإسلامية بهذا الوصف؟
المقدّم: طيب نجيب على الأسئلة. حسين من السعودية حول مذهب الإسماعيلية:
سماحة السيّد: الجواب عزيزي نحن لا نوافق على تكفير أحد من المسلمين، أي مسلم كان، أي مسلم كان، فما بالك بالإسماعيلية باعتبار أن الإسماعيلية يعدون من فرق الشيعة، لأنه هؤلاء يعتقدون بستة من الأئمة وبعد ذلك يفترق في إسماعيل ابن إمام الصادق، وإلا نحن أوسع من ذلك لا نسمح ولا نعتقد ولا نجوز أن يكفر أحد يقول أشهد أن الله إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله.
المقدّم: هو قال قرأت في أحد كتبكم؟
سماحة السيّد: كتبي أنا، أبدا لا يوجد. لعله قرأ في كتاب أحد أئمة الشيعة، أما في كتبي لا يوجد. حتى وإن كان في كتبي فإنه كلام غير صحيح وغير دقيق فإن المسلم من شهد أن لا إله إلا والله وأن محمد عبده ورسوله.
المقدّم: محمد من الكويت حول السب.
سماحة السيّد: انظروا أعزائي لابد أن نرجع أيضاً ونقول أن اللعن وارد في القرآن الكريم هل اللعن وارد في القرآن للأسماء أو اللعن وارد للعناوين؟، حتى لو أجزنا اللعن فهي مرتبطة للعناوين، أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون هذه ما عدنه مشكلة، نجد الإمام الرضا كما قرأنا في الرواية بشكل واضح وصريح قال: « وثالثها التصريح بمثالب أعداءنا <، هذا لا نوافق عليه لماذا؟ يقول: « وإذا سمعوا مثالب أعداءنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا <. إذن عزيزي لا ينبغي الخلط بين العناوين العامة وبين الأسماء، هذا أولا وثانيا أنا كلامي ليس في أنه أساسا العناوين العامة أنه ورد فيها اللعن أو لا؟، أنا أريد أن أقول أن منطق القرآن أن منطق أهل البيت كان قائما على أنه عندما يريد أن يدعو إلى الله كان يدعو بمنطق اللعن أو بمنطق الحكمة والموعظة الحسنة؟ لابد من التمييز بين هذين الأمرين. التفتوا لي جيدا، أولا أن السب والشتم والإساءة والغيبة وغير ذلك، هذا لا علاقة له باللعن، هذني عناوين وهي غير جائزة، وعنوان اللعن الذي ثبت قرآنيا جائز ولكن سؤالنا نحن نريد أن نتكلم مع الآخر نريد أن ندفع الآخر نريد أن ندعو الآخر إلى الإسلام والقرآن والإيمان هل ندعوه بقولنا عليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لو ندعوه بمنطق الحكمة والموعظة الحسنة أي منهما؟ ﴿وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ ما عندنا في القرآن في مورد ادفع باللعنة عليهم، الآن الشتم لا يجوز جزما، هذا خلاف القرآن، السب والشتم والإهانة هذا كلها لا يجوز، الأخ سؤاله سيدنا قد يفهم أحد من كلامك أن اللعن لا يجوز، أقول عزيزي أولا اللعن في القرآن في روايات أهل البيت لعن بشكل عناوين وهذه العناوين لا تشخص في الأسماء، وثانيا أنا سؤالي هذا حتى لو جاز اللعن هل هو مرجوح أو أمر راجح؟ أيهما هو المنهج الذي لابد أن يتبع؟ منهج اللعن أو منهج الحكمة والموعظة الحسنة؟
المقدّم: شكرا لسماحة آية الله السيد كمال الحيدري.