بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين
قلنا بالأمس بأنه بعد تمامية واتضاح المقدمتين اللتين أشرنا إليهما وهما أهمية السنة بالمعنى العام للسنة الروايات الواردة عن النبي والأئمة في معرفة وفهم المعارف الدينية عموماً أولاً.
وكذلك أن هذه السنة وقع فيها الدس والتزوير والوضع والتلاعب إلى ما شاء الله, ثانياً.
إذن ما هو الطريق لتمييز السنة الصحيحة عن السنة غير الصحيحة. وكيف نستطيع أن نضع ضابطاً على أساسه نميز هذه السنة عن ما هو منحول وموضوع ومزور من السنة؟
طبعاً حديثنا سوف ينحصر في الاتجاهات التي ذهب إليها أعلام الإمامية, أما ماذا قال علماء المسلمين في هذا المجال فله موضع آخر وإن كان في اعتقادي أيضاً مهم ومفيد ولكنه يقيناً أنه خارج عن حوصلة الأعزة والبحث. ولذا سوف نقف عند الاتجاهات المعروفة عند علماء الإمامية من زمن الغيبة الصغرى إلى زماننا هذا.
الاتجاه الأول: هذا الاتجاه واقعاً خلّص نفسه من كثير من الروايات ولم يعمل بها ولم يرتب عليها أثرا, قال: أن الخبر إذا كان متواتراً أو مقطوع الصدور فهو حجة, وإلا فليس بحجة. هذه النظرية التي أسس لها بشكل واضح وصريح السيد المرتضى+, ولذا نقل عنه الإجماع على عدم حجية خبر الواحد. هذه النظرية التي كانت قائمة إلى زمان لعله بعده بأربعة قرون خمسة قرون جملة من الأعلام التزموا بها.
ممن التزم بهذه النظرية ابن البراج, ممن التزم بهذه النظرية الطبرسي صاحب التفسير المعروف, ممن التزم بهذه النظرية ابن زهرة الحلبي, ممن التزم بهذه النظرية ابن شهر آشوب صاحب معالم العلماء, ومن أشهر الذين بنى فقهه على نظرية عدم حجية خبر الواحد وأن الخبر المتواتر هو الحجة هو ابن إدريس الحلي المعروف. وهذه النظرية صارت من أهم موارد الطعن على الشيخ الطوسي في نظريات ابن إدريس الحلي, لأنه تعلمون أن الشيخ الطوسي ادعى الإجماع على حجية خبر الواحد.
الأخوة الذين يريدون أن يراجعون البحث, فقط أعطيهم المصادر, هذه الطبعة بتحقيق: أبو القاسم كورجي, (الذريعة إلى أصول الشريعة, القسم الثاني) يبدأ: [فصل في حد الخبر ومهم أحكامه] (أول الجزء الثاني) ثم يأتي بعد ذلك [فصل في أن الأخبار ما يحصل عنده العلم, فصل في أقسام الأخبار, فصل في صفة العلم الواقع عند الإخبار…] وهكذا البحث طويل بإمكان الأخوة أن يرجعوا إليه في الذريعة حتى لا نأخذ وقت الأخوة هم يراجعون.
ولكن ما أريد الوقوف عنده عند بعض كلمات السرائر.
في كتاب (السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى, تأليف الشيخ الفقيه ابن إدريس الحلي, المتوفى 598 من الهجرة, مؤسسة النشر الإسلامي, ج1, ص46) طبعاً مواضع متعددة أنا أشير إلى بعضها, يقول: [فإن الحق لا يعدو أربع طرق: إما كتاب الله سبحانه, أو سنة رسول الله المتواترة المتفق عليها, أو الإجماع, أو دليل العقل, فمن هذا الطريق يوصل إلى العلم بجميع الأحكام الشرعية في جميع مسائل الفقه] جيد, [فمن تنكب هذا الطريق] يعني لم يلتزم بما التزمت به, يعني الكتاب السنة المتواترة, الإجماع دليل العقل, يعني لم يقبل خبر الواحد, يقول: [فمن تنكب عنها عصف وخبط خبطة عشواء] بيني وبين الله الآن ما توجد عبارات أخرى, المهم كانت هذه ديدن كلمات العلماء, الآن لو تفتح قوسين يعني على من يتكلم؟ على من لم يؤمن بمن آمن, هو الشيخ الطوسي لم يؤمن لأنه ادعى الإجماع على حجية خبر الواحد [وخبط خبطة عشواء وفارق قوله المذهب] أصلاً هذا خارج المذهب, [والله تعالى يمدنا وإياكم بالتوفيق والتسديد ويحسن معونتنا على طلب الحق ورفض الباطل وإبادته فقد قال السيد المرتضى في جواب المسائل الموصليات وقدم فقال: اعلم أنه لابد في الأحكام الشرعية من طريق يوصل إلى العلم بها] وإلا الظن المعتبر له قيمة أو لا قيمة له؟ حتى الوثوق والاطمئنان له قيمة أو لا قيمة له؟ لا, لا قيمة له, لابد أن يحصل العلم. [لأنا متى لم نعلم الحكم ونقطع بالعلم على أنه مصلحة..] إلى آخره وقت لا يوجد ارجعوا إليه.
في (ص48) [وقال المرتضى أيضاً وإنما أردنا بهذه الإشارة أن أصحابنا كلهم سلفهم وخلفهم ومتقدميهم ومتأخريهم يمنعون من العمل بأخبار الآحاد] الآن الشيخ الطوسي كيف ادعى الإجماع مع أنه أستاذ وتلميذ, يعني حوزة علمية واحدة أو اثنين؟ حوزة علمية واحدة, الجو العلمي واحد الأساتذة واحد يدعي إجماع السلف والخلف على الحجية وواحد يدعي الإجماع على عدم ذلك, جيد.
ثم يأتي في (ص51) يقول: [فعلى الأدلة المتقدمة أعمل وبها آخذ وأفتي وأدين الله تعالى ولا ألتفت إلى سواد مسطور] تعرفون لمن يتكلم؟ [ولا ألتفت إلى سوادٍ] ولهذا يقال أن ابن إدريس الحلي هو أول من كسر قدسية الآراء العلمية للشيخ الطوسي, وبتعبيرنا سيدنا الشهيد الصدر يقول أن قدسية الشيخ الطوسي بلغت من القوة لمائة عام كان الفقهاء كلهم يعدون من المقلدين كان معروف بعصر المقلد, وهذا هو الذي أنا أخشاه ورأيتم أني بشدة بعض الأحيان أتكلم على بعض آراء الأعلام والأساتذة أخشى أن هذه الحالة واقعاً تصل إلى حالة الصنميّة إلى حالة القدسية غير العلمية وإلا القدسية العلمية مطلوبة نحن نقدس أئمتنا لماذا؟ لأنه لا إشكال ولا شبهة واحدة من أهم أسباب قدسيتنا علمهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام). العلم له قدسية ولكن لابد أن لا يتحول إلى قدسية غير علمية إلى قدسية شخصية إلى قدسية عاطفية.
مع الأسف الشديد نحن بعد أن تكلمنا هذا الكلام في مباني السيد الخوئي, خرجت بعض الأصوات هنا وهناك وبعض الاستفتاءات والفتاوى هنا وهناك وعبرت هذا التعبير [إما أن تقبلوا ما يقول السيد الخوئي ومن لا يقبله إما مريض أو جاهل] أنظروا هذا المنطق الذي أنا كنت أخشى منه, وهم ممن يدعى لهم أنهم أعلام ومراجع و.. ويحضرون لهم كذا, ولكن هذا تعبيرهم, هذا هو المنهج الذي أخالفه أنا, وإلا نفس الأشخاص الله يعلم أنا مراراً ذكرت أن السيد الخوئي محترم كشخص وكأستاذ وكعلم من أعلام الإمامية, ولكن هذا شيء وقبول الآراء شيء آخر. هذا نفس الكلام.
يقول: [وقول بعيد عن الحق مهجور ولا ألتفت إلى سواد مسطور وقول بعيد عن الحق مهجور ولا أقلد إلا الدليل الواضح والبرهان اللائح ولا أعرج إلى أخبار الآحاد فهل هدم الإسلام إلا هي] عجيب, يعني الذي يؤمن بحجية خبر الواحد يريد أن يهدم الإسلام, نظرية هذه, بيني وبين الله, الآن من حقك أن تقول سيدنا لماذا هذه الأدبيات, أقول: كانت متعارفة هذه الأدبيات كانت موجودة, [وهل هدم الإسلام إلا هي, وهذه المقدمة أيضاً من جملة بواعثي على وضع هذا الكتاب] يعني ماذا؟ أن أقول أننا نستطيع أن نكتب الفقه ولا حاجة لنا إلى حجية خبر الواحد.
ثم يأتي إلى (ص142 من السرائر) يقول: [وإنما ورد هذا الخبر فأوله بعض أصحابنا..] إلى أن يقول: [والصحيح إذ قد بيننا أنه لا يلتفت إلى أخبار الآحاد بل الاعتماد على المتواتر من الأخبار].
ثم يأتي في (ص634) أيضاً من الكتاب بنفس هذه العبارات, يقول: [ولا يلتفت إلى أخبار الآحاد في ذلك إن وجدت].
ثم يأتي في (ص639) أنا مجلد واحد أتيت به وإلا المجلدات الأخرى أيضاً كذلك, إلى أن يقول: [وما أورده& فعلى جهة الإيراد لا الاعتقاد] هو يعتقد أن الشيخ الطوسي أيضاً لم يكن معتقداً بحجية خبر الواحد, يقول: في النهاية استند إلى أخبار الآحاد, يقول لا, هذا من باب أنه أورد الأخبار لا من باب الاعتقاد بها.
هذه هي النظرية الأولى في المقام.
النظرية الثانية: طبعاً هذه النظرية إن تمت فمن الواضح كثير من الروايات سوف تخرج عن دائرة الاحتجاج والاعتماد, ولكنه من الواضح الآن لست بصدد المناقشة ولكن من الواضح أننا نحن لا أقل في زماننا هذا لا يمكننا أن نستند إلى مثل هذا الاتجاه وإلا لأغلق علينا باب العلم لأنه كم رواية نستطيع أن نحصل عليها أنها متواترة, بالمعنى المذكور في باب التواتر.
الاتجاه الثاني: الاتجاه الثاني أراح نفسه وأراح الآخرين من نفسه وهو قال بحجية جميع الأخبار الواردة في الكتب الأربعة. انتهت القضية, لا نذهب يمينا ولا يسارا لا نذهب إلى البحار ولا المستدرك, يقول بلي تلك نذهب ونطبق عليها شرائط معينة, المهم عندنا ديننا نأخذه من هذه الكتب الأربعة.
وتعلمون أن هذا المبنى ذكرناه في أبحاث سابقة أنه جملة من علماء الإمامية وخصوصاً الأخبارية آمنوا بهذا الاتجاه, وهو حجية جميع الروايات الواردة في الكتب الأربعة, يعني الكافي والاستبصار والتهذيب ومن لا يحضره الفقيه.
الآن إما باعتبار أنها متواترة, كما ادعى البعض, وإما باعتبار أنها وإن كانت أخبار آحاد إلا أنها مقترنة بقرائن تثبت قطعية الصدور, ومن هنا نحن لا نذهب إلى أن نبحث في حجية هذا الخبر أو ذاك, إذا ورد في الكافي فالخبر حجة.
نعم, تبقى أن نتعرف أنه هذه الأخبار الواردة لها معارض أو ليس لها معارض, صدرت على أساس الجد أو لم تصدر على أساس الجد بل صدرت تقية, إذا كان لها معارض معارضها على نحو العموم والخصوص إطلاق وتقييد, على نحو التباين على نحو العموم من وجه, ونحو ذلك وإلا كلها حجة لا مجال للبحث في ذلك.
هذا المبنى أيضاً أراح نفسه, طبعاً هذا الاتجاه الأول والثاني يرتاح كثيراً من مباحث علم الرجال ومن مباحث الجرح والتعديل ومن .. لماذا؟ لأن كل تلك المباحث قائمة على أساس حجية خبر الواحد. وإلا من قال لا يكون إلا التواتر طيب لا يحتاج إلى علم الجرح والتعديل, من قال أن كل ما في الكتب الأربعة حجة طيب لا يحتاج إل علم الجرح والتعديل.
الاتجاه الثالث: وهو الاتجاه الذي نادى به صريحاً ورفع لواءه هو الأول لعله هو صاحب المدارك السيد العاملي (مدارك الأحكام) هذا الرجل آمن بنظرية حجية خبر الثقة, وبعد ذلك هذه النظرية بدأت تأخذ مجراها إلى أن حاول سيدنا الأستاذ السيد الخوئي أن يؤسس فقهه على هذه النظرية, وإلا إن شاء الله تعالى بعد ذلك سنقرأ أنه بين عموم المعاصرين هذه النظرية لم تكن خصوصاً في طبقة أساتذة وأساتذة السيد الخوئي, هذه النظرية لم تكن معروفة ولم يكن العمل عليها, وكذلك ما بعد السيد الخوئي إلا بعض تلامذته وإلا ليست هذه هي النظرية المعروفة. التفتوا جيداً ما هي هذه النظرية؟
هذه النظرية هي: أن نذهب إلى سند الرواية, فإذا ثبت أن الرواية صحيحة بحسب الاصطلاح يعني عدل إمامي, أو موثّقة ما معنى موثّقة؟ يعني: عادلٌ غير إمامي, ولكن عادل في النقل فقط, ما معنى أنه ثقة في النقل؟ يعني: فيما ينقل هو لا يكذب, لا أقل لا يتعمد الكذب هذا هو الثقة وإن كان اعتقاده فاسداً باطلاً. ولا نحتاج بعد ذلك إلى أن يحصل لنا اطمئنان لا شخصي بالسند وأن هذا السند صحيح, ولا اطمئنان نوعي بالسند ولا اطمئنان شخصي أو نوعي بأن المضمون صحيح, لا علاقة لنا بهذا, فقط ننظر إلى السند. وعلى هذا القدر لا نحتاج تواتر, لا نحتاج اطمئنان, لا نحتاج وثوق هذا إذا قلنا أن الوثوق غير الاطمئنان وإنما نكتفي بماذا؟ أن الذي وقع في السند إما عدلٌ إمامي وإما ثقة في النقل غير إمامي, هذا كافي.
وهذه هي النظرية المعروفة بنظرية حجية خبر الثقة, هذا التعبير يعبر عنها في الكلمات أحفظوا الكلمات, يعبر عنها بنظرية حجية خبر الثقة, من الواضح الثقة مرتبط بالمضمون أو مرتبط بالسند؟ مرتبط بالسند والمضمون يقول أبداً. لا علاقة, لا يحتاج لا أن نعرضه على الكتاب ولا على السنة المقطوعة ولا على القواعد النظائر لها والشواهد أبداً. إذا كان السند حجة بالمعنى الذي أشرنا إليه فالرواية معتبرة.
هذا هو الاتجاه الثالث. الذي تبناه بشكل واضح وصريح سيدنا الأستاذ السيد الخوئي+ وبعض تلامذته.
الاتجاه الرابع: في الاتجاه الرابع وهو الاتجاه الذي يقوم على حجية الخبر الموثوق الصدور من الإمام, مضموناً وسنداً. وهذه هي المعروفة الفرق أن الحجية لخبر الثقة أو أن الحجية للخبر الموثوق به؟ في الاصطلاح إذا تراجعون كلمات الأصوليين كلمات الفقهاء يميزون بين هذين الاتجاهين بهذين التعبيرين: أن المدار على حجية خبر الثقة أو أن المدار على حجية الخبر الموثوق به سنداً و, يعني الموثوق الصدور.
أعزائي الآن أنا ما أريد أن أذهب إلى القدماء, لأنه واقعا استعراض كلماتهم يأخذ وقتا طويلاً, تعالوا معنا إلى أعلامنا المعاصرين إلى أعلامنا متأخري المتأخرين والمعاصرين, لنرى ما هو المبنى الذي كان يقوم عندهم ويعتبرون على أساسه الخبر, لنعرف على أساسه أن النظرية أو الاتجاه الذي بنى عليه السيد الخوئي هل هي النظرية العامة عند الإمامية أو أنها لا, نظر لعله نادر من قال به من علماء الإمامية.
طبعاً يكون في علمكم أنا ما أريد لا سامح الله أضعف النظرية من خلال أنها نادرة لا ابداً, قد تكون نظرية يقول بها الشخص ولكنها صحيحة. أنا أريد أن أبين الجو الذي يحاول البعض أن يلقيه كأنه هذه هي النظرية الإمامية, لا هذه ليست نظرية الإمامية, كما بينا في مسألة ولاية الفقيه, أنا ما أريد أن أقول أن السيد الخوئي ليس من حقه أن لا يؤمن بولاية الفقيه لا من حقه, أو بعض تلامذته من حقهم هذا, ولكن تسويقها أنها هي النظرية العامة هذا الذي أخاف فيه.
كذلك النظرية التي ذهب إليها في علم الرجال, هل هي النظرية لا أقل بين المعاصرين بين الأعلام أو ليست كذلك؟
أنا بالقدر الذي يمكن والوقت يسع, اليوم ما يسع كله ولكن أشير إلى بعضه, هذا صاحب الكفاية+ في (درر الفوائد في الحاشية على الفرائد, للمحقق الخراساني, بتحقيق: السيد مهدي شمس الدين, ص122) يقول: [ويشهد على ذلك أي كون العبرة على الوثوق بالصدور] أن المدار ما هو؟ [على الوثوق بالصدور] بعد ذلك لعلنا سنقف, ما المراد من الموثوق هو الاطمئنان أو درجة دون الاطمئنان أو فوق الظن؟ هذا بحثه سيأتي ولا أريد أن أتكلم في هذا, لأنه نظرية السيد الخوئي ونظرية صاحب المدارك يقول لا يحتاج إلى وثوق, حتى لو كان ظن على الخلاف فخبر الثقة حجة. ما أدري واضح الفرق.
قال: [أن العبرة على الوثوق بالصدور مطلقا أنه كان] هذا الرأي من يقوله؟ المحقق الخراساني الآخوند [أنه كان المتعارف بين القدماء على ما صرح به الشيخ بهاء الدين] الشيخ البهائي [في مشرق الشمسين إطلاق الصحيح على ما اعتضد بما يقتضي الاعتماد عليه واقترن بما يوجب الوثوق به والركون إليه]. أنا أتصور العبارة واضحة, وينسب ذلك إلى القدماء, هذا كلام الآخوند الخراساني.
أما السيد الحكيم في المستمسك, في مواضع متعددة أنا أشير إلى موضعين لا أكثر (ج9, ص571) [أقول: وفيه أنه يكفي في الحجية] حجية الخبر [يكفي في الحجية الوثوق بالصدور] لا ندور مدار أن السند صحيح أو ضعيف, وإنما الوثوق بالصدور, نعم كيف يحصل هذه الصغرى يقول: [ولو بتوسط اعتماد الأصحاب] قد البعض إذا اعتمد الأصحاب على رواية يحصل له الوثوق, قد شخص آخر ماذا؟ هذا بحث صغروي, هذه وسائل تحقق الوثوق حديثنا ليس في هذا, هذا مورد.
المورد الثاني: ورد في (المستمسك, ج1, ص375) [وبالجملة الوثوق المعتبر في حجية الخبر لا يحصل في أخبار الطهارة بعد هذا الإجماع] أين يتكلم؟ يتكلم في طهارة الكتابي, يقول روايات توجد على طهارة الكتابي, ولكنه هذه الروايات نحن لا ندور مدار حجية الخبر خبر الثقة حتى نقول دالة على الطهارة لماذا؟ يقول لأنه توجد عندنا قرينة وهي الإجماع تسقط الوثوق بأخبار الطهارة.
إذن المدار ما هو على صحة السند وضعف السند أو المدار على الوثوق وعدم الوثوق؟ ولهذا يقول: [الوثوق المعتبر في حجية الخبر لا يحصل في أخبار الطهارة بعد هذا الإجماع] الإجماع المُدعى على نجاسة أهل الكتاب, هذه القرينة لا تعطي مجالاً لأن يحصل لنا اطمئنان ووثوق بأخبار الطهارة.
تعالوا معنا إلى (حقائق الأصول) له+ وهي تعليقه جداً مفيدة على الكفاية (حقائق الأصول, ج2, ص133): [ولأجل ذلك] المتكلم السيد الحكيم من كبار فقهائنا المعاصرين, [ولأجل ذلك استقر بناء الأصحاب] التفت إلى العبارات, الآن تقول: تريد أن تقلد السيد؟ لا والله أريد أن أقول بأنه هؤلاء الأعلام اتفقت كلمتهم على هذه المسائل [ولأجل ذلك استقر بناء الأصحاب على العمل بالأخبار الضعيفة] بحسب الاصطلاح المتأخر [مع اقترانها بما يوجب الوثوق بصدورها] ولو كانت من حيث السند ضعيفة, والعكس بالعكس, إذا اقترنت بما يوجب ضعفها حتى لو كانت صحيحة السند. كاملاً الملاك يختلف والمبنى يختلف, الآن هذا الوثوق بالصدور من أين يحصل؟ يقول: [ولو كان ذلك مثل عمل المشهور أو الأساطين بها كما لا يبعد أن يكون المراد من الوثوق] هذا بحث آخر إن شاء الله إذا صار وقت أشير إليه, أي وثوق مطلوب الوثوق الشخصي أو الوثوق النوعي؟ يعني شخصاً لابد أن يحصل لك الوثوق أو لا, لو يطرح على النوع, وهذه قضية عامة في باب الضرر في باب الحرج يبحثون أي ضرر هو يرفع الضرر النوعي أو الضرر الشخصي؟ أي حرج الذي يرفع الحكم الشرعي, حرجك الشخصي, قد لا يوجد عندك حرج شخصي, أو حرج نوعي, في مكان أنت لا يوجد ماء كما يقال وتريد أن تصلي قالوا لك يوجد ماء ولكنه هذا الماء لابد أن تدفع فيه خمسة ملايين عشرة ملايين, يجب عليك أن تشتري أو لا يجب؟ افترض العشرة ملايين بالنسبة لك مثل عشرة قرانات بالنسبة للآخرين عندك مئات المليارات, فبالنسبة لك عشرة ملايين لها قيمة أو بتعبيرنا خردة, يجب أو لا يجب؟ إن كان الحرج شخصي لابد أن يشتري ولو عشر ملايين لأنه هذا لا يشكل عليه حرج ولا ضرر, وإن كان نوعي؟ لا لا يجب عليه أن يشتري, إذن ثمرات كثيرة تترتب.
هنا بحث يوجد بين الأعلام أي وثوق هو المطلوب بالصدور الوثوق النوعي أو الوثوق الشخصي؟ ولذا عبارته يقول: [ولا يبعد أن يكون المراد من الوثوق الوثوق النوعي جرياً على مقتضى الارتكاز العقلائي] الآن ذاك بحث آخر.
ومن الذين صرحوا بذلك النائيني في (فوائد الأصول, تقريرات الخراساني) يعني الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني (ج3, ص189) بعد أن يتكلم عن الأخبار العلاجية يقول: [ليس فيها إطلاقٌ يعم جميع أخبار الآحاد, لأن إطلاقها مسوق لبيان حكم التعارض, والقدر المتيقن] من الأخبار العلاجية [دلالتها على حجية الخبر الموثوق به صدوراً أو مضموناً]. هذا أيضاً كلام من؟ كلام الميرزا النائيني أستاذ من؟ أستاذ السيد الخوئي, أن المدار على الرواية الموثوقة بالصدور سنداً أو مضموناً, يعني حتى لو لم يكن السند مطمئن أو موثوق الصدور إذا كان المضمون موثوق الصدور أيضاً الرواية حجة. هذا أيضاً كلام النائيني.
وكذلك كلام العراقي في (فوائد الأصول, ج4, ص786) العبارة هذه, في الحاشية, تعلمون بأن العراقي, هذه عراق العجم وليس عراق العرب, باعتبار أنه كان المعروف العراقين التي هي الآن تسمى أراك, أراك التي هي المعروفة بعراق العجم, والعراقي نسبة إلى أراك لا نسبة إلى العراق, [أقول لا يخفى عليك أن المناط في أصل حجية الخبر إذا كان الوثوق بسنده] لا أن المناط حجية الخبر, لا, لابد يوجد وثوق بالسند, ثم يقول: [فما لم يكن ما يوجب الوثوق به أي بالسند, فدليل الحجية قاصر الشمول لمثله] أدلة حجية خبر الواحد لا تدل على مطلق خبر الواحد, بل على خبر الواحد الموثوق بالصدور.
الآن أنا ما أريد أن أقول والعرف ببابك والسيرة العقلائية أيضاً ببابك أنظر أنه كيف أن أي خبر يعتمدون خصوصاً في الأمور الخطيرة أو يعتمدون الأخبار ماذا؟ إذا حصل لهم الاطمئنان والوثوق بها.
الآن كلمات أخرى موجودة, دعوها إلى غد.
والحمد لله رب العالمين.