نصوص ومقالات مختارة

  • من اسلام الحديث إلى اسلام القرآن ق (1)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    مطارحات في العقيدة

    من إسلام الحديث إلى إسلام القرآن الكريم

    القسم الأول

    المقدم: السلام عليكم وتحية موصولة لسماحة آية السيد كمال الحيدري.

    سماحة السيد هذا العنوان قد يراه البعض أنّه عنوانا استفزازيا أو مبهما، ما الذي تريدون أن تقولوه من خلال هذا العنوان؟

    سماحة السيد:

    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل وفرجهم

    في المقدمة أستميح الأعزة جميعا العذر أنه إذا كان هذا العنوان يستفز البعض، أنا في هذا البرنامج والبرامج الأخرى لا أقصد الأشخاص بل أتكلم عن العناوين العامّة والأطر العامّة وإلّا الأشخاص حتّى يكون طرفي الشيخ ابن تيمية لا أرضى أن تتوجه إهانة. نعم عندما تصل القضيّة إلى الأفكار إلى المفاهيم إلى العناوين والقضايا المرتبطة بالعقيدة بالقرآن اطمئنوا يكون لي موقف وموقف حاد.

    بودي أن الذين يستمعون إلى هذا العنوان وقد اتصلوا بي الكثير وقالوا واقعا هذا العنوان بالنسبة لنا غير واضح، أنا أطالب الذي يريدون أن يعرفوا ماذا أريد من هذا البحث لا أقل أن يواكبوا البحث من الأول إلى الآخر، يعني هذا البحث لا يمكن تلخيصه في حلقة أو حلقتين أو ثلاثة، لعله إذا استطعنا في عشرة أو 15 حلقة إن شاء الله تعالى لا أقل قبل أن ينتهي شهر رمضان ننتهي من هذا البحث لتتضح الرؤية والاتجاه والنظرية والمشروع الذي أعتقده من خلال هذا العنوان وهو الانتقال من إسلام الحديث إلى إسلام القرآن. الانتقال من إسلام الرواية إلى إسلام النص القرآني.

    في المقدمة أقف عند مفردات هذا العنوان، هذه طريقتي ومنهجي، أنه لابد أن نشخص المفردات، ما هو المراد من الإسلام والقرآن والحديث؟ هذه هي مفردات هذا العنوان. أما في ما يتعلق بالعنوان الأول وهو الإسلام فأتصور أنه غني عن التوضيح لأن المراد من الإسلام هنا ليس الإسلام العام وهو الذي جاء فيه قوله تعالى { إن الدين عند الله الإسلام } ذاك الإسلام نوح أيضا من المسلمين، إبراهيم من المسلمين، كل الأنبياء من المسلمين، هذا ليس مرادنا من الإسلام ذلك المعنى العام المشترك بين جميع الشرائع وبين جميع الكتب السماوية، ذاك معنى عام للإسلام، المراد من الإسلام هنا هو الإسلام الخاص، يعني هذه الشريعة هذا الذي يعبر عنه بالدين الإسلامي، أو الشريعة الإسلامية، يعني هذه المنظومة من المعارف التي جاءت مع مجيء النبي الأكرم، هذه المنظومة المعرفية، لا مجمل المنظومة المعرفية التي توجد في الشرائع السابقة، هذه المنظومة بحقولها المتعددة ودوائرها المتعددة، من العقيدة ومن العمل والسلوك ومن الأخلاق، ومن التاريخ و من القصص، مجموعة هذه المنظومة المعرفية التي جاءت عند مجيء النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، هذا هو مرادي من الإسلام.

    ما هو مرادنا من القرآن؟ القضية أيضا واضحة يعني هذه المجموعة من الآيات المباركة التي جاءت في القرآن الكريم، هذه المجموعة من الآيات التي جاءت في القرآن الكريم التي تبدأ من سورة الحمد وتنتهي عند سورة الناس. سؤال: هذا القرآن الذي بأيدينا فيه زيادة؟ الجواب كلا وألف كلا. فيه نقيصة؟ الجواب كلا وألف ومليون كلا. إذن نحن لا نعتقد بأي تحريف في القرآن الكريم لا في الزيادة ولا في النقيصة. لي كتاب اسمه صيانة القرآن من التحريف السيد كمال الحيدري، بودي أن الأعزة يرجعوا إلى هذا الكتاب وهو ليس مفصل، بإمكانهم أن يرجعوا إليه وأنا نقلت كلمات أعلام مدرسة أهل البيت، شهادات أعلام مدرسة أهل البيت أجمعت كلمة المحققين من علماء مدرسة أهل البيت، تقول سيدنا يعني لا يوجد من الشيعة من يقول بالتحريف؟ أقول قد ينسب إلى المحدث النوري أنه قال بالتحريف، ولكنه لم يقبل أحد من علماء الإمامية أن المحدث النوري هو من العلماء المحققين، ولذا عبرت أجمعت كلمة المحققين من علماء مدرسة أهل البيت على رفض احتمال التحريف بالمعنى المختلف فيه، ما هو المعنى المختلف وهو أن القرآن ناقص وأن التتمة سوف تأتي على يد الإمام الثاني عشر عليه السلام. ونقلت كلمات الشيخ الصدوق قال اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) هو ما بين الدفتين، هو ما في أيد الناس ليس بأكثر من ذلك، ومن نسب إلينا أنا نقول أنه أكثر من ذلك فهو كاذب. وهكذا الشريف المرتضى والشيخ الطوسي والشيخ الطبرسي والشيخ جعفر كاشف الغطاء والشريف الرضي والشيخ المفيد والرازي والراوندي والمازندراني والحلي وابن طاووس والعلامة الحلي والمقداد السيوري والعلامة الكركي والأردبيلي والقاضي التستري وما شاء الله أعلام الطائفة، إلى أن أنتهي إلى علمين من الأعلام المعاصرين هما علم من أعلام النجف سيدنا الأستاذ السيد الخوئي قال: > وجملة القول أن المشهور بين علماء الشيعة ومحققيهم < يعني إذا وجدتم هنا وهناك من ينسب إليه التحريف فهو خارج عن دائرة التحقيق، هذا الإنسان ينقل حكايات، المحدث النوري كما قرأنا في حكاياته في رؤية الإمام (عجل الله تعالى فرجه )، قال: > بين علماء الشيعة ومحققيهم بل المتسالم عليه بينهم هو القول بعدم التحريف <. وعلم من أعلام مدرسة قم السيد الإمام قدس الله نفسه قال: « إن الواقف على عناية المسلمين بجمع الكتاب وحفظه وضبطه قراءة وكتابة يقف على بطلان تلك المزعمة < يعني مزعمة نقصان القرآن وتحريف القرآن، > إن الكتاب العزيز هو عين ما بين الدفتين، لا زيادة فيه ولا نقصان <. إذن مرادنا من القرآن هذا القرآن ولا يوجد عندنا قرآن غيره. لا يقول أحد أنهم يقولون من باب التقية، واقعا أنا أتصور الذي هكذا يقول ليس له عقل حتى نتكلّم معه، ولذا الشيخ الرئيس ابن سينا عنده جملة عندما يخاطب من يريد يخاطبه يقول أنت ومن يستحق الخطاب، لأن البعض واقعا لا يستحق أن تخاطبهم أن تجعله مخاطبا لك، أنا عاقل بكل إرادتي وبكل قواي أقول لك لا أعتقد إلا بهذا، تقول أنا لا أصدق، أنت حر، وليس لي خطاب معك. هذه هي عقيدتنا في القرآن الكريم. لا يتبادر إلى الذهن أنه فقط أنا أو الشيعة نقول، هذا أمامكم من أعلام مدرسة الأزهر، الإمام محمد الغزالي، دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين، هناك في ص 219 يقول: « سمعت واحدا من هؤلاء يقول في مجلس علم أن للشيعة قرآنا آخر يزيد أو ينقص عن قرآننا المعروف < هذا الذي الآن نسمعه على الفضائيات، يقول: « ولحساب من تفتعل هذه الشائعات، وتلقى بين الأغرار ليسوء ظنهم بإخوانهم وقد يسوء ظنهم بكتابهم، إن المصحف واحد يطبع في القاهرة فيقدسه الشيعة في النجف أو في طهران ويتداولون نسخه بين أيديهم وفي بيوتهم دون أن يخطر ببالهم شيء إلا توقير الكتاب ومنزله جل شأنه ومبلغه، فلم الكذب على الناس وعلى الوحي ومن هؤلاء الأفاكين من روج أن الشيعة … < إذن القضية ليست فقط دعوى قالها الشيعة وإنما جملة من كبار أعلام السنة أيضا قالوا بأن الشيعة لا يوجد عندهم قرآن إلا هذا القرآن. هذه المفردة الثانية.

    المفردة الثالثة: الحديث، عندما يطلق الحديث يعني السنة القولية لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولكن أنا عندما أقول الحديث ليس مرادي فقط السنة القولية، مرادي كلما نقل عن رسول الله إلينا من أقواله، ومن أقاريره، ومن أفعاله ومن أخلاقة ومن صفاته ومن ملبسه ومن مأكله ومن مشربه ومن أي شيء مرتبط برسول الله نقل إلينا أعبر عنه الحديث، إذن كل ما نقل إلينا في هذه الدائرة، كل ما نقل إلينا من الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) من أقواله وأقاريره وأفعاله وحركاته وأخلاقه وملبسه إلى آخره…، طبعا في مدرسة أهل البيت هذه الدائرة تتسع لأنهم يعتقدون بعصمة مدرسة أهل البيت، إذن كل ما نقل إلينا من أفعال وأقارير وأقوال وصفات وأخلاق المعصومين فمرادي من الحديث هذا المعنى.

    المفردات اتضحت.

    البحث الثاني: أنت عندما تأتي إلى القرآن الكريم بلا إشكال أنه لو وقفنا على القرآن نستطيع أن نستخرج منه منظومة جميع المعارف، يعني نريد عقائد نجد أنّه موجود في القرآن، نريد أخلاق، نريد الفقه، نريد علم التاريخ، نريد قصص الأنبياء، السياسة، الإدارة و… كلها موجودة في القرآن ولذا تجد القرآن الكريم بشكل واضح وصريح أشار إلى هذا المعنى في آيات متعددة كما في هذه الآيات الثلاثة قال: { ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء }، إذن القرآن يشتمل على كل المعارف الدينية، الآن لا أقول كل شيء ولكن المعارف الدينية كلها موجودة في القرآن، { ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء }، إذن القرآن الكريم يشتمل على منظومة وكل المعارف الدينية، لا أتصور أن إنسانا مسلما عارفا يقول القرآن ناقص، بل القرآن كامل، { وأنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء } هذه قضية.

    القضية الثانية: وعندما نأتي إلى مجموعة الصحاح والمسانيد والسنن والمتممات لها، مما ورد في الحديث أيضا نجد منظومة كاملة لجميع المعارف الدينية، لا يوجد نقص في السنة للمعارف الدينية، ما نحتاجه موجود في السنة، نحتاج العقائد، الأخلاق، الفقه، التاريخ، الإدارة، السياسة كلها موجودة في السنة، ولذا مئات الآلاف من الأحاديث التي وردت في المصادر السنية والشيعية، إذن توجد عندنا منظومتان من المعارف الدينية، الأولى اشتملت عليها الآيات القرآنية والثانية اشتملت عليها الروايات الواردة عن النبي والأئمة. في هذه المقدمات لا يوجد بحث، من هنا يبدأ البحث الأصلي.

    هاتان المنظومتان يعني دائرة المنظومة القرآنية والمنظومة الدينية الموجودة في الروايات، هل هما جزيرتان مستقلتان إحداهما عن الأخرى؟ هل أحدهما هو الأصل والآخر هو الفرع؟ أو أحدهما أصل والأخر يرمى به عرض الجدار؟ لأنه نحن يوجد عندنا معارف القرآن في التوحيد وكذلك موجودة معارف في التوحيد في السنة، يوجد عندنا عن المعاد عن الإمامة عن كل شيء، ما هي العلاقة بين هاتين المنظومتين؟ أصل البحث هنا. توجد هنا اتجاهات ثلاثة:

    الاتجاه الأول قال: نرمي كل الذي نقل إلينا من السنة في البحر ونكتفي بالقرآن، كفى بالقرآن مصدرا لجميع المعارف. رفض السنة بالكامل، لا رفض السنة، أريد أن أصحح هذه المعلومة، لا رفض السنة، يقول لو كنا عند رسول الله وقال لنا لسمعنا منه، ولكن نحن لا نقبل ما نقل إلينا من السنة لأنه ظني أو مشكوك أو موضوع و… فهم لا يقبلون السنة المنقولة، لا أنهم يرفضون رسول الله. لا يقال هؤلاء كفار وليسوا بمسلمين لأنه من أنكر نبوة الخاتم فهو ليس مسلم، هو يؤمن بنبوة الخاتم ولكن يقول هذا الذي وصل إلي أنا أشك أنه من الخاتم، طبعا هذا الاتجاه اصطلح عليهم بالقرآنيون، طبعا هؤلاء لهم كتب ونظريات ومباني وقواعد عند السنة وعند الشيعة، ولهم كتبهم أصلا لست بصدد ذكر أسمائهم، فقط من باب المثال أتيت بواحد من كتبهم وهو كتاب القرآن وكفى مصدرا للتشريع الإسلامي، أحمد صبحي منصور، نحن لا نحتاج إلى غير القرآن للوقوف في المعارف الدينية، ولذا أقرأ لكم بعض العناوين في الفهرس، يقول القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد للمسلمين، لا إله إلا الله ولا كتاب للمسلم إلا القرآن كتاب الله، المؤمن يكتفي بالله تعالى ربا وبالقرآن كتابا، القرآن هو الحق الذي لا ريب فيه وما عداه ظن ولا ينبغي إتباع الظن، القرآن هو الحديث الوحيد الذي ينبغي الإيمان به، الوحي المكتوب الذي نزل على الرسول هو سور وآيات القرآن، لا السنة، { ما ينطق عن الهوى } يعني الآيات وليس السنة، البشر مطالبون يوم القيامة بما نزل على الرسل من آيات الوحي، لا مثيل للقرآن و…. لذا يقولون العقائد، الفقه، السياسة، وكلها نأخذها من القرآن، هذا اتجاه القرآنيون وهم الذين قالوا أن المرجعية أوّلاً وأخيرا للقرآن ولا اعتبار للسنة المنقولة والمحكية إلينا، لا أصلا ولا فرعا، لا مفسرا ولا مبينا ولا في عرض القرآن.

    الاتجاه الثاني: هذا الاتجاه أحاول أن أقف على هذا الاتجاه في أتباع مدرسة أهل البيت، في هذا الاتجاه يقول أن المرجعية للحديث لا للقرآن، إذن في مقابل الاتجاه الأول الذي جعل المرجعية أقصى اليسار وهذا أقصى اليمين، قال المرجعية للحديث، تقول وهل يوجد للقرآن دور أو لا؟ هنا في هذا الاتجاه الثاني يوجد فريقان من علماء الإمامية، التفتوا لي جيّداً.

    الفريق الأول وهو الذي أسقط القرآن من الاعتبار، قال أن القرآن معتبر وحجة ولكن لمن خوطب به، وهو النبي والأئمة، ولا علاقة لنا، لم يخاطبنا القرآن، هذا الخطاب غير موجه إلينا، هذه رسالة نزلت من السماء، والأئمة والنبي المخاطبين بها، والأئمة أخذوا على عاتقهم أن يبينوا القرآن للأمة، فإذن ما وردنا عن النبي والأئمة من الحديث هو الذي يجب الاعتقاد به، أما القرآن فلا يحق لنا أن نرجع إليه، لأنه لم نخاطب بهذه الآيات وبالقرآن الكريم، وهذا هو الاتجاه المعروف بالاتجاه الإخباري وهو الاتجاه المعروف باتجاه المحدثين، عندما يقولون الشيخ الصدوق من المحدثين، المجلسي من المحدثين، البحراني من المحدثين، الاسترابادي من المحدثين، وهكذا و… طبعا على اختلاف في الدرجات، بعضهم يجمّل جمالية ورجوع بسيط يرجع إلى القرآن ولكنه بفهم الرواية لا بفهم القرآن، يعني يفهم القرآن بدلالة من الرواية، هذا البحث أنا طرحت هذه النظرية بشكل واضح ومفصل في كتابي اسمه الظن، دراسة في حجيته وأقسامه وأحكامه، السيد كمال الحيدري، في صفحة 308، أدلة المنكرين لحجية ظواهر القرآن، يقولون ظواهر القرآن ليست حجة علينا وإنما حجة على النبي والمعصوم، من هنا يقولون أن الحاجة إلى الإمام ضرورية، لأنه إذا قلنا نحن لا نفهم القرآن والإمام غير معصوم، إذن لا يوجد عندنا مصدر للتشريع، من هنا آمنوا بهذا الاتجاه، طبعا هذا الاتجاه موجود في الوسط الشيعي كما هو موجود في الوسط السني، في الوسط السني إمام المحدثين والإخباريين السنة احمد بن حنبل، هو الاتجاه الإخباري، الاتجاه الإخباري عند أهل السنة هو الإمام احمد بن حنبل، يسمونهم بأهل الحديث. هذا الفريق الأول من الاتجاه الثاني.

    الفريق الثاني: يقولون المرجعية للحديث ولكنه في جملة من الأحيان هذا الحديث الذي وصل إلينا من النبي أو الأئمة يقع فيه تعارض وتهافت فلا نعلم نرجح هذه الكفة أو هذه الكفة؟ لأنه قلنا نحن لسنا في خدمة النبي حتى نسأله يا رسول الله نعمل بهذا الحديث أو نعمل بهذا الحديث، جاءنا حديثان متعارضان كما يقال ولم نجد طريقا لرفع التعارض فماذا نفعل؟ هذا الاتجاه يقول هنا يبرز دور القرآن، يبرز دور القرآن في التعارض، وإلّا قبل التعارض لا نحتاج إلى القرآن، لا يوجد دور للقرآن، الدور للقرآن يأتي في مراحل متأخرة وهو في بعض المراحل الثالثة أو الرابعة عندما تتعارض الروايات للترجيح هنا يقول هذا الاتجاه ما وافق القرآن يتقدم على ما لم يوافق القرآن. إذن هو يقبل القرآن ولكنه لا كمحور بل السنة عنده أصل ومحور، ولكنه في مرحلة من المراحل لا يسقط القرآن مطلقا عن الاعتبار كما في الفريق الأول وإنما يقول له دور هنا يظهر، وعلى رأس هؤلاء، أنا أذكر أعلام الأصوليين المعاصرين، السيد الخوئي، أعزّائي في مصباح الأصول التفتوا، طبعا أنا أعلم أنه سوف ترتفع الأصوات، كيف تصنف السيد الخوئي على أنه لا يقبل القرآن، لا عزيزي، تعالوا وكونوا من أهل العلم وبينوا أين السيد الخوئي قال أن المحورية الأول للقرآن قبل السنة، مصباح الأصول للسيد أبو القاسم الخوئي، تحقيق نشر الفقاهة، المجلد الثالث، صفحة 435، قال: « الكلام في علاج التعارض….. ما ذكره من أن الأخبار الدالة على أن مخالف القرآن زخرف أو باطل < إذن نحتاج القرآن في باب التعارض لا مطلقا، إذن أصحاب هذا الفريق يقبلون القرآن ولكن لا كأصل أولي وله المحورية وترجع إليه الرواية، المحورية للرواية فإذا ضاقت علينا الرواية نذهب إلى القرآن، يكون في علمكم أصحاب هذا الاتجاه لم يعتنوا بالقرآن، يعني لم تتوجه أبحاثهم الدالة الدرسية والتراثية والكتابية وتربية العلماء باتجاه القرآن وإنما صار باتجاه الحديث، السيد الخوئي بحمد الله تراثه بعشرات المجلدات، خمسين مجلد في الفقه، ثلاثين مجلد في الرجال، لعله عشرين ثلاثين في أصول الفقه، ولكن لا يوجد له إلا كتاب يتيم واحد في القرآن وهو البيان في تفسير القرآن، لماذا السيد الخوئي أيضا لم يكن له خمسين مجلد في القرآن؟ لماذا لم يكن له درس في الحوزة العلمية؟ لأنه بيني وبين الله هو يعتقد أن المحورية العامة في فهم المنظومة الدينية إنما تكون من خلال الرواية، وليس من خلال القرآن، وإلا لو كان منهجه ورؤيته العلمية قائمة على محورية القرآن، طبعا هذا ليس فقط عندنا، في الواقع السني أمر من هذا وأشد بمراتب، أنت لا تجد تفسير عند السنة، نعم توجد كتب تفسيرية ولكن أنا أتكلم في الحواضر العلمية، الدرس التفسيري أيضا غائب ولكن كل التأكيد على كتب الفقه وكتب الحديث، يعني كل هم طالب العلم عند السنة أن يقرأ كتاب البخاري وكتاب مسلم وكتب الحديث، الآن أيضاً عندما تسأل يقول رواه مسلم رواه البخاري، نادرا يذهب إلى آية من القرآن، عندي شاهد آخر على أن السيد الخوئي ومن هو على منهجه، من تلامذة السيد الخوئي وأستاذته، لا يتبادر إلى الذهن هذا شخص بل أنا ذكرت نموذج، السيد الخوئي في كتابه التنقيح في شرح العروة الوثقى تأليف ميرزا علي الغروي التبريزي مؤسسة آل البيت، في المجلد الأول ص 20 يقول: « مباحث الاجتهاد < يعرف الاجتهاد ثم يأتي في ص 24، يقول: « مبادئ الاجتهاد < ما هي العلوم التي يحتاجها المجتهد لاستنباط المعارف الدينيّة؟هم لا يقبلون أنهم علماء الحلال والحرام، هم يقولون أنهم علماء الدين، الآن لو أقول أن السيد الخوئي هو عالم الحلال والحرام تقوم الدنيا ولا تقعد، هم يعتقدون أن السيد الخوئي عالم ديني يعني مجتهد في جميع المعارف الدينية، يقول: « يحتاج إلى علمين: العلم الأول علم الأصول، العلم الثاني علم الرجال < علم الأصول للفقه، علم الرجال لمعرفة السند، ثمّ يقول: « يحتاج إلى علم اللغة وقواعد اللغة < وثم يأتي يقول: « علم الأصول احدهما والثاني علم الرجال < تعالوا إلى ص 27 يقول: « والمتحصل أن علم الرجال… من أهم ما يتوقف علي رحى الاستنباط والاجتهاد، وأما غير ما ذكرناه من العلوم فهو فضل <، يعني يشترط على أن يكون مفسر أو لا؟ لا يشترط، يعني هامش، تريد أن تكون مفسر فبها ونعم، لا تريد أن تكون مفسر لا تكون مفسر، تريد أن تكون متكلم تعرف العقائد فهذا جيد لا تريد أن تعرف لا يؤثر على كونك مجتهدا تام الاجتهاد.

    إذن إلى هنا اتضح لنا بشكل واضح وصريح في الاتّجاه الثاني يوجد فريقان، فريق يسقط القرآن وكلاهما متّفق على محورية السنّة، ولكن الفريق الأوّل يسقط القرآن عن الاعتبار والفريق الثاني يعطي للقرآن اعتبار ولكن عند التعارض، يعني في دائرة ضيّقة جدا، سؤال: سيدنا ما هو موقفكم انتم؟ أنتم من أصحاب الاتّجاه الأوّل أو الثاني؟

    الجواب نحن نرفض رفضا قاطعا الاتّجاه الأوّل، القول بأنّنا نرفض الحديث، نهمش الحديث عن الاعتبار كلام لا نوافق عليه، لأنّه هذا خلاف القرآن، القرآن قال لرسوله {لتبين للناس ما نزل إليهم }، القرآن قال لنا: {ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهيتم عنه فانتهوا }، إذن كيف يمكنني أن أسقط السنّة عن الاعتبار، إذن هذا الاتّجاه وهو الذي يصطلح عليه بالاتجاه القرآني لا نوافق عليه.

    وأمّا الاتّجاه الثاني فهو باطل جزما، جزما. نحن لا نوافق لا على ما يقوله الفريق الأوّل وهو عدم الاعتبار بالظواهر القرآنيّة ولا نوافق أن نحصر دور القرآن فقط عندما تتعارض الأدلّة.

    أنا اعتقادي هو الاتّجاه الثالث. أعنونه كفتوى كعنوان، كمتن، أعتقد أن القرآن الذي بأيدينا، بما اشتمل عليه يشكل هو المحور والمصدر الأصلي، الذي لا يدانيه مصدر ولا يقع في قباله أي شيء آخر، هو المصدر الأوّل والأخير لجميع المعارف الدينيّة. ولكن القرآن هو الذي يبيّن الأطر والقواعد والأسس والقوانين الدستورية إن صحّ التعبير، وتأتي السنّة في ظل القرآن، ومن هنا فأيّ رواية من الروايات وصلت إلينا مرة نحن نعيش مع رسول الله ونسمع منه مباشرة، هنا بعد لا نعرض كلامه على كتاب ربنا، لا لا، لأنّ الله قال: ما آتاكم الرسول فخذوه، أنا أتكلم في الحديث المنقول إلينا، أقول أي حديث جاء سواء كان في صحيح البخاري أو في صحيح الكافي، لا فرق عندي، يعرض على كتاب ربنا فإن كان منسجما معه فهو مقبول، وإن كان غير منسجم، مخالف، معارض، مباين، مناقض فهو زخرف نرمي به عرض الجدار. ولهذا تجدون أن المجالس النيابية والمجالس التشريعيّة التي تقنن دائما تقنن ضمن الأطر والقوانين الدستورية، ولهذا تجدون أن هناك مجالس يسموهم فقهاء الدستور، عندما تشرع المجالس النيابية أو التشريعيّة شيء لابدّ يعطى القانون حتّى يصادق عليه من فقهاء القانون الدستوري، لأنّه ذاك هو الأصل والمرجع، والمصدر الأصلي، مجلس الدستور في إيران أو المحكمة الدستورية في البلدان الأخرى، إذن نحن نحتاج إلى أن يوجد عندنا فقهاء القرآن، قبل فقهاء الرواية، وهذا هو المائز الأساسي بين ما أقول وبين ما يقوله أصحاب الاتّجاه الثاني وخصوصا سيدنا الأستاذ السيّد الخوئي، تلامذته وأساتذته من المنهج، هم لا يقولون لكي يكون فقيها في السنّة لابدّ يكون فقيها في القرآن، عالما في القرآن، بدليل ما قرأنا في التنقيح، في حين أن الخطوط العامّة هي في القرآن. أضرب مثال مباشر: هذا أصول الكافي، حتّى تعرفون المنهج أصوله أين، المجلّد الأوّل، في ص 238، رقم الحديث 262، كتاب التوحيد، باب في إبطال الرؤية، رقم الرواية الثانية والرواية يقول العلّامة المجلسي في مرآة العقول الجزء الأوّل ص 328، الرواية صحيحة السند، يعني من حيث السند لا يوجد فيها شكّ، الرواية > عن صفوان بن يحيى قال سألني أبو قرة المحدث أن أدخله على أبي الحسن الرضا < إذن الداخل عليه من أهل الحديث، > فاستأذنته في ذلك فأذن لي، فدخل عليه، فسأله عن الحلال والحرام والأحكام حتّى بلغ سؤاله إلى توحيد < إذن لم يسال المحدّث أبو قرة في الفقه الأصغر فقط، بل سأل في الفقه الأكبر، > فقال أبو قرة إنا روّينا أن الله قسم الرؤية والكلام بين نبيين <، يعني روي لنا أن الله قسّم الرؤية للنبي والكلام لموسى، كلم الله موسى تكليما وبالنسبة إلى رسول الله ولقد رآه نزلة أخرى، هكذا عندنا وردت الرواية فماذا تقول يبن رسول الله تقبل أو لا؟ > فقال أبو الحسن، فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجن والإنس { لا تدركه الأبصار }، {ولا يحيطون به علما}، {وليس كمثله شيء }، أليس محمّد (صلى الله عليه وآله) < انظروا رجع أوّل إلى الرواية أو إلى القرآن؟، استدلّ بالرواية أو بالقرآن؟ ما قال هذا ينافي ما قاله رسول الله أن الله لا يرى بل رجع إلى القرآن، > قال: بلى، قال: كيف يجيء رجل إلى الخلق جميعا، فيخبرهم أنّه جاء من عند الله وأنّه يدعوهم إلى الله بأمر الله فيقول لا تدركه الأبصار ولا يحيطون به علما ليس كمثله شيء ثمّ يقول أنا رأيته بعيني <، كيف يمكن أن يتناقض مثل هذا الإنسان؟، هو جاء بكتاب من الله يقول لا يرى، ثمّ هو يأتي ويقول رأيته، كيف هذا؟ يعني وقع التناقض بين المنظومة القرآنيّة والمنظومة الروائية، الإمام يستنكر يقول كيف يعقل أن رسول الله هو يأتي إلى الناس بقرآن يقول لا تدركه الأبصار وهو يقول رأيته بعيني وأحطت به علما، وهو على صورة البشر، > فقال أبو قرة: فتكذب بالروايات < لأنّه هو محدث، يعني يقول للإمام أنت تكذب الروايات؟ روايات وردت عندنا عن رسول الله، يعني إسلام السنّة أو إسلام القرآن؟، يعني إسلام الحديث، إسلام الرواية، مستغربا أبو قرة المحدّث يسأل فتكذب بالروايات؟ الآن لو أنا قلت هذه الرواية اضربوا بها عرض الجدار، يقولون لي فتكذب رسول الله؟ أنا لا أكذب رسول الله بل أكذب الرواية هذه، أنا حاشا أن أكذب رسول الله، أنا خادم معارف رسول الله، أنا لو قال لي رسول الله رأيت، عند ذلك اسأله يا رسول الله كيف في القرآن تقول كذا والآن تقول كذا؟ يبيّن لي، أمّا أنا لا أكذب رسول الله بل أكذب ما نقل إلي، لهذا عبرنّا السنّة المحكية، الرواية السنّة المنقولة، قال أبو قرة فتكذب بالروايات؟ فقال أبو الحسن عليه السلام: > إذا كانت الروايات< احفظوا القاعدة وتعلموا هذا الأصل، والله من يتكلّم لكم على منبر على فضائية على مجلس علميّ في جامعة من معمم من الدعاة من أهل العلم من أهل الجهل من الشيعة من السنّة إذا قرأ لك رواية قل له إذا كنت من أهل العلم هذا أين يوجد في القرآن؟ أصله في القرآن أين؟ أريد واقعا الثقافة في الأمة تكون ثقافة قرآنيّة، قال أبو الحسن >إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها < أصل. > إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها <، يبن رسول الله هذه الروايات خمسين رواية، يقول والله لو خمسمائة رواية كذبوها، يبن رسول الله هذه جاءت في صحيح البخاري وصحيح مسلم، يقول والله ليس في صحيح بخاري بل في عشرين صحيح بخاري ومسلم، يبن رسول الله هذه أتت في الكتب الأربعة، جاءت عند ثقة الإسلام الكليني والطوسي والصدوق والعلامة المجلسي والوسائل للحر العالمي، الإنسان واقعا يخاف، تكذبها؟ نعم نعم نعم أكذبها، لو جاءت في مائة مصدر سني وشيعي ولو أجمعوا عليها إذا كانت مخالفة للقرآن أخالفها، ولكن بشرط أن تكون فقيها في القرآن، لا أن تكون إنسانا لا تعرف من القرآن شيئا، تكون مجتهدا في القرآن، تكون عالما بالقرآن، إذا كنت ذلك إذا قال لك تكذبها تقول نعم أكذبها تقول على أي أساس تقول لقوله تعالى أوّلاً وثانيا وثالثا ورابعا وعاشرا.

    إذن أرجع وأقول فقال أبو الحسن سلام الله عليه: > إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها <. إذن الاتّجاه الذي أعقتده لأن اتّصل بعض الأعزة قالوا السيّد الحيدري لا يعتقد بالسنة، أنا أعتقد بالسنة أنا لست من أصحاب الاتّجاه القرآني وكذلك لست من أصحاب الاتّجاه الأصوليّ والإخباري كما في الحوزات الشيعية والسنية، عند السنّة أيضا كذلك وعندهم يوجد اتجاه محدث واتجاه أصوليّ، أنا معتقد بالاتجاه الثالث وهو أنّه السنّة لا استقلالية لها في قبال القرآن، وليست مصدرا في قبال القرآن، بل هي لابدّ أن تفهم في ظل القرآن، إذن الرواية بتعبير النصّ القرآني لتبين للناس ما نزل إليهم بالقدر الذي لا يتنافى مع القواعد العامّة القرآنيّة وسيأتي توضيح وتفصيل أكثر لدور السنّة بالنسبة إلى القرآن في الحلقات القادمة.

    المقدّم: نستمع إلى المداخلات:

    أبو أحمد من البحرين: سلام عليكم… سيدنا الجليل ذكرتم أنّه لا زيادة ولا نقصان في القرآن، السؤال ما حكم آية الكرسي فيها الآية المقتطعة من سورة طه؟ كما يقول الشيخ عباس القمّي.

    سماحة السيد: لا قيمة لا لكلام شيخ عباس القمّي ولا المحدّث النوري، كلّ ما قيل من سني أو شيعي يخالف ما ورد في النصّ القرآني وادعي في الزيادة والنقيصة غير القراءات فهو كلام باطل بائس يرمى به عرض الجدار، بل في سلة الزبالة.

    أبو أحمد من البحرين: لا يوجد زيادة ونقصان وإنّما تغيير مواضع.

    سماحة السيد: لا أقبل هذا المعنى، هذا القرآن الذي بأيدينا هو الذي وصل إلينا من الأئمة ومن النبي (صلى الله عليه وآله).

    علي من الكويت: سلام عليكم… بخصوص التفسير كما قلت يجب عالم الدين أن يكون مفسّراً، سؤالي هل التفسير يلجأ إلى الروايات أو هو اجتهاد شخصي؟

    أبو حسن من العراق: سلام عليكم… حول الرواية المنقولة في أصول الكافي أنّه إذا كانت الرواية مخالفة للقرآن كذبتها ولم يقل كذبوها، يعني هذا مختصّاً بالإمام.

    سماحة السيد: لا عزيزي هذا ليس مختصّاً بالإمام، باعتبار أنّنا بعد ذلك سنقرأ روايات أنّهم قالوا لنا قاعدة عامّة كلّما جاءكم عنا فاعرضوه على كتاب ربنا فإن وجدتموه موافقا أو عليه شاهد أو شاهدين أو فهو زخرف لم نقل به، ليست هذه الرواية فقط، في الأبحاث القادمة سوف أكمل الروايات، لا فقط كذبتها هذه ليست قاعدة شخصيّة للإمام، بل يريد أن يعطينا قاعدة أن كلّ ما خالف القرآن فهو كاذب لا قيمة له.

    أريد أن أقول هذه كانت مقدّمة وتوطئة البحث، وجدتم نحن لم نجب في كلّ هذا البحث إلّا عن سؤال واجب، وقد هيئت لهذا البحث وهو من إسلام الحديث إلى إسلام القرآن لا أقل يوجد هناك عشرين سؤال لابدّ أن نجيب عليه، ونحن في هذه الحلقة أجبناء على سؤال واحد، إن شاء الله ننتهي في هذا البرنامج إلى نظريّة وإلى مشروع لإحياء الثقافة الإسلامية في الواقع الإسلامي، هدفي أنّنا كيف نحيي القرآن لا نذهب إلى يوم القيامة وينطبق علينا أن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا.

    شكرا لسماحة آية السيّد كمال الحيدري

    • تاريخ النشر : 2013/07/18
    • مرات التنزيل : 4790

  • جديد المرئيات