نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (350)

  • محاضرة ﴿350﴾

    أعوذ بالله السميع العليم من شر شيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

    والصلاة والسلام على آله الطيبين الطاهرين

    اللهم صل على محمد وآل محمد

    في الواقع أن هذا البحث يستدعي دقة في تحرير محل النزاع، لأن البعض عندما يسمع هذا المصطلح وهو تاريخي السنة، قد يتبادر إلى ذهنه أننا نريد أن نلغي السنة في فهم المعارف الدينية، أو نقلل من قيمة دور السنة في استنباط المعارف الدينية، ومن هنا مباشرة يتخذ موقفا بإزاء هذه الدعوة، وفي المقابل قد يتصوّر البعض أن هذه ليست مسألة جديدة حتى تعطى عنوانا جديدا وإنما كل علماءنا يقولون أنه الأحكام تابعة لموضوعاتها مع تغير الموضوع يتغير الحكم، كما ذكروا ذلك في باب الاستحالة وفي باب الانقلاب وغير ذلك، ما الجديد الذي يوجد في هذه المسألة؟ ولذا نحن إن شاء الله تعالى خصوصا الأعزة الذين كانوا في الدروس السابقة من خلال مجموعة الأمثلة التي أشرنا إليها يمكنهم أن يفهموا جيدا ماذا نريد أن نقول ومع ذلك نزيد ذلك إيضاحا، في المقدمة لابد أن يعرف الأعزة نحن لسنا بصدد إلغاء دور السنة بالمعنى الأعم، يعني ما ورد من قول النبي (صلى الله عليه وآله) وقول أئمة أهل البيت، لأننا ذكرنا في الأبحاث السابقة الآن لسنا بصدد البحث عن التقرير وعن الإمضاء وعن الفعل، الآن حديثنا في السنة القولية لا في السنة التقريرية أو الفعلية.

    مقدمة أن هذا الاصطلاح وهو تأريخي السنة قد يستعمل في بعض الكلمات ويراد منه إلغاء بعض أحكام السنة، في بعض كلمات المعاصرين من عرب وغير عرب، من مستشرفين وغير مستشرقين عندما يقولون أن السنة تاريخية يريدون من هذا المصطلح أن هذا الحكم له كان ظرف ودور وتأريخ معين وبتجاوز ذاك التاريخ ألغي ذلك الحكم، من قبيل أعزّائي الأحكام التي كانت في الشرائع السابقة قبل الإسلام عندما جاء الإسلام ألغى دورها، النسخ ما هو معناه؟ يعني أن هذا الحكم كان لهذا الظرف وانتهى دوره إذن لا معنى بعد نقول إذا تجدد الموضوع يتجدد الحكم الشرعي، لا أبدا لا يتجدد الموضوع، لأن ذلك الحكم كان مرتبطا بظرف زماني معين مرتبط بنمو وتطور البشر وقد تجاوزنا تلك المرحلة إذن لا يمكن الرجوع إلى الوراء، بعض من المعاصرين يستعملون تأريخي السنة ومرادهم من التاريخية في السنة يعني أن جملة من الأحكام التي جاءت في كلمات النبي كانت مرتبطة بعصر معين وبتاريخ معين وبظروف معينة وانتهت تلك الظروف بعد لا يمكن إعادتها مرة أخرى، إذن بطبيعة الحال سالبة بانتفاء الموضوع، أساسا منسوخة ولكن لا النسخ الاصطلاحي لأنه لا دور لها أساسا، وهذا ما يدعيه البعض في مسألة تعدد الأزواج، البعض يعتقد أن في المجتمع الجاهلي الذي جاء فيه رسول الله كانت هناك فوضى في مسألة الزواج ليس محددا، لابعدد ثلاثة أو بأرعبة أو بخسمة أو بعشرة، ماشاء الله من النساء، الآن بعضن جواري بعضهن نساء، نعم الإسلام جاء كمرحلة أولى حددها بملك اليمين والعدد الأربعة، لا أكثر من ذلك، وفي زماننا أن البشر وصل إل مرحلة بعد واحدة لواحدة، انتهت القضية، لا يوجد فيها مجال أنه ننظر أن الرجال أكثر عدد من النساء ونعطي، هذا الحكم وهو جواز التعدد إنما كان مختصا بذلك الزمان، بتلك الظروف التي جاء فيها الإسلام، أما لو يأتي الإسلام في هذه الزمان أساساً لا يوجد له حكم إلا رجل واحد وامرأة واحدة، هذا معناه إلغاء الحكم، هذا ليس معناه أن الموضوع تبدل فيتدل الحكم، إلغاء نسخ الحكم، الأعزة الذين يريدون أن يراجعون هذا البحث طبعا من باب المثال أنا أضرب وإلا أمثلة كثيرة موجودة، من المورد الذي أشار إليه نصر حامد أبو زيد صاحب القضية المشهورة الذي حكم بارتداده في مصر وطلقت زوجته عنه، وطرد من مصر لأنه قال ببعض الآراء الذي المؤسسة الرسمية حكمت بارتداده وبقي مدة طويلة في اروبا هناك وبعد سقوط نظام الكان في مصر رجع إلى مصر، لأن الحكم صدر في زمان سابق، فعندما رجع إلى مصر أسبوعين الذين حكموا بارتداده قتلوه وانتهت القضية، وكتب كثيرة عنده، جيدة في تأويلات وفي تفسير القرآن وفي تاريخية السنة وتاريخية القرآن عنده أبحاث مفصلة في هذا المجال، من كتبه دوائر الخوف قراءة في خطاب المرأة، في صفحة 288 و 289، يقول إن إباحة التعدد حتى العدد أربعة يجب أن يفهم ويفسر في سياق طبيعة العلاقات الإنسانية في المجتمع العربي قبل الإسلام، هذا الحكم لابد أن نفهم في ذلك، في هذا السياق سنرى أن هذه الإباحة كانت تمثل تضييقا وفي هذا السياق نرى تحديد العدد بأربعة يثمل تاريخيا نقل في طريق تحرير المرأة من الارتهان الذكوري، إلى أن نصل فإن حصر الزوج في امرأة واحدة بعد خمسة عشر قرن من تطور البشرية يعد نقلة طبيعية في الطريق الذي بدأه الإسلام، الآن الواحد لا يجوز أن يتزوج إلى امرأة واحدة، هذا معناه بأن الحكم السابق نسخ لا أنه الموضوع تبدل، أعزّائي إذا اتضح هذا نحن لسنا بصدد إلغاء الأحكام الشرعية، نحن نعتقد بأن الأحكام الشريعة حلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة وأن ما شرّعه رسول الله من الأحكام الثابتة لا الأحكام الولائية التي شرحناه مفصلا هذا ثابتة إلى، نعم قد تتبدل موضوعاتها من زمان إلى آخر، إذن تاريخية السنة بالمعنى الذي نقوله ليس بهذا المعنى الذي هو إلغاء دور السنة أو بعض أحكام السنة، وقد تصطلح التاريخية في جملة من كلمات السيد البروجردي، طبعا هو لم يستعمل كلمة التاريخية ولكن جاء آخرون ووقفوا على نظريات السيد البروجردي وواقعا نصيحتي للأعزة خصوصا العرب، نصيحتي لهم أن يقرؤوا تراث هذا الرجل، أن يقرؤوا تراثه الأصولي وأن يقرؤوا تراثه الحديثي له منهج كاملا يختلف عن منهج النجف، أولئك الذين الآن يتصورون بأنه أساسا ما أنزلت السماء إلا أصول وفقه النجف هذا من الاشتباهات الفاضحة، نعم النجف لها طريقة لها مدرسة لها أصول فيما يتعلق بعملية الاستنباط كذلك في قم وخصوصا على مباني السيد البروجردي له منهج آخر في الحديث وفي الرجال وفي الفقه وفي الأصول وفي الاستنباط وكتب متعددة موجودة في هذا المجال واحدة منها المنهج الرجالي عند السيد البروجردي الذي كتبه السيد محمد الجلالي، من الكتب الجيدة في هذا المجال وكتب أخرى موجودة في هذا المجال،على أي الأحوال أو مكتبة اجتهاد عن السيد البروجردي من الكتب الجيدة في اللغة الفارسية، السيد البروجردي قدس الله نفسه يعتقد أننا في روايات الأحكام، لا يتكلم في روايات التفسير، في روايات العقائد، في روايات الأخلاق أبدا، بل يتكلم في روايات الاستنباط الأحكام الفقهية يعني الفقه الأصغر، يقول نحن عندما نأتي إلى روايات الفقه الأصغر في مصادرنا لابد أن نتعرف على زمان صدور الرواية في أي زمن صدرت يعني صدرت من الإمام السجاد، صدرت من الإمام أمير المؤمنين، صدرت من الإمام الرضا، صدرت من الإمام الجواد، لابد من معرفة زمان صدور الرواية، التفتوا جيدا، سيدنا لماذا؟ ما الذي يهم؟ طبعا هذا لا تجد له أثر في مدرسة النجف، لا يفرق عندهم الرواية صادرة من الإمام الجواد أو صادرة من الإمام أمير المؤمنين لأنهم نور واحد، أنا لا أدري هذه نور واحد للعرفاء انتم في مكان تكفرون العرفاء ومكان تستندون إلى مباني العرفاء؟ يعني ماذا نور واحد، هؤلاء إثنى عشر، اثنى عشر تكلموا وكلهم تكلم، ودرجاتهم مختلفة، فضائلهم مخلتفة بعضهم أفضل من بعض وإلى آخره، هذه الروايات موجودة بأيدينا، أصحاب الكساء لا يقاس بهم أحد من الأئمة، علي و رسول الله لا يقاس به أحد من الأئمة، الحجة لا يقاس به أحد من الأئمة غير علي، إذن أعزّائي القضية ليست بهذه البساطة وكلهم نور واحد، هذا جدا تعبير ساذج، شيء قاله العرفاء له معنى في محله ولكن يفهموه وجاءوا به إلى المباحث الحديثية الروائية، اثنى عشر إمام وكل إمام صدرت من رواية، مدرسة النجف لا تفرق أن الرواية صدرت في هذا الزمان أو ذلك الزمان، السيد البروجردي يقول لابد أن نميز جيدا بين الرواية صادرة في الزمن ألف والرواية الصادرة في الزمن باء والرواية الصادرة في الزمن ج، طبعا الآن أنا لست بصدد التقويم والتقييم، هذا صحيح أو خطأ، بل وصف الحال، يقول: لأن الأئمة خصوصا الإمام الصادق وخصوصا الإمام الباقر وخصوصا الإمام الرضا، هؤلاء عندما كانوا يتكلمون كانوا ينظرون إلى الفتاوى الفقهية السائدة في زمانهم، يعني أنه كانت هناك فتاوى فقهية مشهورة بين المسلمين والاتجاه العام كان الاتجاه العامي وليس الاتجاه الخاصي، يعني أنه الفقه الحاكم ليس هو فقه أهل البيت، وإنما فقه فقهاء العامة أيا كان، إذن لابد أن نذهب لمعرفة الفتاوى المشهورة والتي عليها المعول في زمان صدور الرواية، ثم نفهم الرواية بصدد تصحيح تلك الفتاوى، وإلا ما لم نستطع الظروف الزمانية التي صدرت فيها الرواية، يعني ما لم نستطع التعرف على الفتاوى الفقهية التي صدرت فيها الرواية، لا نستطيع أن الإمام لماذا يقول هذا الكلام، إذا جردناها عن ظروف الفتوى وفتاوى الفقهاء، العامة في ذلك الزمان لا يمكن فهم الرواية، هذا الذي حاول البعض أن يعبر عنه وهو تعبير خاطئ وغير صحيح أن فقه أهل البيت، يعد كالهامش لفقه أهل السنة، لا بل هذا باطل وغير صحيح، السيد البروجردي رحمة الله عليه يريد أن يقول لابد من الوقوف على زمان، مثل الآن، الآن نحن في أبحاثنا الكلامية أو التفسيرية أو الفقهية، لعله توجد فتاوى تنتشر من زماننا وهذه خلاف مباني مدرسة أهل البيت، فالفقيه يتكلم بصدد مناقشة هذه الفتاوى المشهورة لا أنها بشكل عام بغض النظر عن الزمان الصادرة فيه. في كتاب نهاية التقرير في مباحث الصلاة تقريرات السيد البروجردي بقلم الشيخ الفاضل اللنكراني، لأنه هذه نهاية التقرير في مباحث الصلاة ثلاث مجلدات، هذه كتاب الصلاة للسيد البروجردي وبتقرير تلميذه الشيخ فاضل لنكراني قدس الله نفسهما معا، هناك في الجزء الثاني صفحة 336، هذه عبارته ثم إنه، هذه كلمات علم من أعلام مدرسة أهل البيت يعني الشيخ اللنكراني بعد لا نستطيع أن نقول هذه لعله السيد البروجردي لم يقله، بل هذه كلمات شيخ فاضل الذي هو احد المراجع والمحققين الحق والإنصاف، ثم إنه حيث كان فقه الإمامية مأخوذا غالبا من الأئمة الهداة، عليهم الصلاة والسلام، عموم الفقه لم يأخذ من النبي وإنما مأخوذ من الأئمة، وكان كل واحد منهم من الأئمة معاصرا لعدة من المخالفين المتصدين لمقام الإفتاء والمراجعة، في النتيجة كانت هناك فتاوى مشهورة لبعض فقهاء العامة، فلابد في تحقيق مفاد الرواية وتوضيح مدلولها من ملاحظة فتاوى المعاصرين للإمام الذي صدرت منهم الرواية، هذا معناه بتعبيرنا إذن التاريخ له مدخلية أو لا؟ أيضاً إذن يصطلح عليه بتاريخية السنة ولكن ليس التاريخية بالمعنى الذي نقوله بل النظر إلى الفتاوى الموجودة في عصرهم، وحينئذ، من هان يدخل في مصداق، وهو أن التكفير يعني وضع اليمين على اليسار هل هو جائز هل هو مكروه هل هو محرم أي منهما؟ يقول الروايات الواردة عندنا بعضها شبهت ذلك بفعل المجوس، قالوا أن هذا فعل المجوس، البعض استفاد من التشبيه أن الحرمة، باعتبار أن التشبه بفعل المجوس حرام شرعا، وبعضهم استفاد المرجوحية والكراهة، السيد الطباطبائي، السيد البروجردي قدس الله نفسه، يقول أن هذه الروايات التشبيه أنه بفعل المجوس لا دالة على الحرمة ولا دالة على الكراهة، ولهذا عبارته يقول فإن الرواية فالأولى، لا يدل لا على الحرمة ولا على الكراهة، فلا يستفاد منها الحرمة ولا الكراهة بل ولا المبطلية، هذه الروايات، الآن تقول أدلة أخرى عندكم؟ يقول عندنا، فالأولى التمسك بالإبطال بأدلة أخرى، هذه الأدلة لا تدل، لماذا لا تدل مع أنه تشبه بالمجوس؟ يقول أن الأئمة عليهم السلام لأن المشهور في زمانهم كان أن هذه من آداب الصلاة، أئمة أهل البيت أرادوا أن يقولوا هذه ليست من آداب الصلاة، إذن هم بصدد أنه يبينون منشأ هذا الأدب ما هو ؟ منشأ هذا التكفير ليس نبوي وإنما هو فعل المجوس، هو فقط كان بهذا الصدد، ليس في صدد بيان الحرمة أو الكراهة، فرق بين الأمرين، لو جردناها عن زمانها نقول إما الحرمة وإما الكراهة أما لو نظرنا إليها في زمانها، فلهذا يقول وحينئذٍ فما ورد من بعض الروايات من أن التكفير من فعل المجوس ليس بناظر إلى حرمته من جهة التشبه بالمجوس، بل النظر فيه إلى رد العامة القائلين بأنه سنة من السنن النبوية، وأنه ليس منه بل منشأه من المجوس فلا يكون من سنن الصلاة أصلا، الإمام بصدد رد منشأ هذا الأمر لا أنه حرام أو حلال أو مكروه أو جائز أو غير جائز، وهكذا وهكذا، هذه أيضاً نحو من التاريخية في السنن، من هنا تجدون مع الأسف الشديد واقعا الإنسان يأسف، تجدون أن العلماء الطائفة الكبار عموما كان عندهم كتب ماذا؟ ليس كتب أهل السنة، بل كانوا عندهم كتب الخلاف، يعني الشيخ الطوسي الخلاف له موجود، العلامة موجود، أصلا جملة منهم كان يدرسون عند علماء السنة، وجملة من علماء السنة كان يدرسون عندهم، انظروا الآن أنا لا أريد أن أعبر، ولكن واقعا تخلف في الأفق في حوزاتنا العلمية، لا تتصور فقط عندنا لعله عندهم أشد مما عندنا، وإن كان سمعت أخيرا أن بعض الأعلام يكتبون موسوعات خلافية، هذا جيد جدا، حتى نعرف أنه ماذا يقول ونعرف ماذا يقول، ولذا تجدون عندما كتبت موسوعة جمال عبد الناصر ذكر فيها ثمانية من المذاهب ومنها المذهب أهل البيت، أما الموسوعة الكويتية في الفقه حذفوا أهل البيت، الآن في هذه الآونة الأخيرة 20، 50 سنة الأخيرة أصلا لا نعرف شيئا عما يقول السنة، مع أن الطوسي اقرءوا الآن ست مجلداته تجدوه كاملا واقف على مباني علماء السنة، هذا نحو من التاريخية. ولكن هذه ليست هي التاريخية التي نحن بصددها، فقط ملاحظة أشير إليها للأعزة وهو أنه هذا المنهج الذي ذكره السيد البروجردي جد مهم لا فقط في الفقه، في التفسير أيضاً وفي العقائد أيضاً وفي الأخلاق وفي التاريخ، السيد البروجردي طبقه فقط في الفقه، ولكنه واقعا إذا أردنا أن نقف على روايات التفسير يعني التفسير بالمأثور علينا أن نقف على روايات المأثور عندنا، إذا أردنا أن نفهم الروايات الواردة في العقائد عندنا لابد أن نعرف أن هذه الرواية في أي زمن صدرت، وماذا كان المشهور في زمان الإمام الرضا الذي الإمام الرضا يقول هذا الكلام، لماذا الإمام الرضا يقول هذا الكلام وفي كلام الإمام الصادق غير موجودة، في كلمات الإمام الباقر غير موجودة، باعتبار أن هذه المسألة لم تكن مطروحة في زمن الباقر والصادق عليهما السلام بل طرحت في زمن الإمام الرضا، اضطر الإمام الرضا أن يفيض في الكلام فيه، ولعله والله العالم نستطيع أن نقول أن هذا المعنى يستفاد من بعض الروايات، توجد رواية قيمة واردة في معاني الأخبار، طبعة مؤسسة النشر الإسلامي، صفحة 93، الرواية عن أبي عبد الله الصادق أنه قال: حديث تدريه خير من ألف حديث ترويه، ولا يكون الرجل منكم فقيها، مرارا ذكرنا ليس المراد من الفقه في روايات الواردة من أهل البيت يعني الفقه الأصغر، وإنما المراد معارف الدين، ليفقهوا في الدين، ولا يكون الرجل منكم فقيها حتى يعرف معاريض كلامنا، معاريض جمع معرض، حتى يعرف في أي معرض ورد هذا الكلام؟ محل هذا الكلام لابد أن يتعرف له، وهذا هو التاريخية، تقول لماذا لم يسميه الإمام الصادق تاريخية؟ هذا من قبيل لماذا لم يسمي الإمامة أصل من أصول المذهب؟ ما علاقته؟ هذه اصطلاحات متأخرة، أين نحن عندنا في الروايات انقلاب النسبة، أين عندنا في الروايات استصحاب قهقرائي؟ هذه كلها مستحدثات، إذا أنت تقول من أين جئتم بهذه البدع، نحن أيضا أنتم من أين جئتم في علم الأصول بهذه البدع، إذن أعزّائي حتى يعرف معاريض كلامنا، أن كلامنا في أي معرض، نحن لا نعد الرجل لا يكون الرجل منكم فقيها، نفي فقاهته، أصلا لست عالم أنت بروايات أهل البيت، إذا فصلت الروايات عن الظرف الزماني الذي صدرت فيه تلك الروايات، إذن الأمر الثاني أنه نحن عندما ندعي أنه لابد من التاريخية والنظر إلى التاريخية ليس مقصودنا التاريخية الذي قالها، وإن كانت معتبرة ولها قيمة ولكن ليس بحثنا الآن في هذه التاريخية التي قالها السيد البروجردي، إذن ما مقصودنا من التاريخية؟ مقصودنا يتكون من ركنين أساسيين:

    الركن الأول: أننا عندما نقرأ مصطلحا عنوانا موضوعا لابد أن نفهم ذلك الموضوع ضمن الاستعمالات التي كانت موجودة في ذلك الزمان لا أن نفهم الموضوع من خلال القواميس اللغوية فقط، الآن كثير من الموضوعات نحن نريد أن نعرفها نرجع إلى قاموس اللغة، حتى بحث العلماء حجية الكلام اللغوي، من أين جاء هذا لأنه الآن في تشخيص المفاهيم نرجع إلى الغلة مع أنه لا بالضرورة أن المشرع أن النبي أو الإمام عندما أطلق هذه اللفظة كان يريد منها المعنى اللغوي المحض وإنما لعله كان يريد استعمال آخر. ولهذا حتى تتضح الرؤية تعالوا إلى مثال، الآن بينكم وبين الله في أوساطنا عندما نقول صدقة ما هو المراد منه؟ يتصدق وصدقة وتصدق، أنت تقول لواحد يخرج من بيته أو يريد أن يفعل كذا ادفع صدقة، ما مقصودنا من الصدقة؟ هذا المعنى المتعارف للصدقة يعني أعطي شيء في سبيل الله، تعالوا معنا إلى خبير في الروايات مثل صاحب الحدائق، لا أريد أن أقول أن الآخرين، لأنه هذا الرجل يدعي أن خبرتي كلها منصبة على الروايات، يقول الصدقة في زماننا صارت بهذا المعنى وإلا في النصوص في الأعم الأغلب عندما تطلق الصدقة يراد منها الوقف، الصدقة أين والوقف أين؟ في كتاب الحدائق المجلد 22 صفحة 128، لا يخفى على من له أنس بالأخبار، ومن جاس خلال تلك الديار، أن الوقف في الصدر الأول أعني زمن النبي(صلى الله عليه وآله) وزمن الأئمة إنما يعبر عنه بالصدقة. ثم يدخل في بحث يقول ومن ذلك خبر صدقة علي بداره التي في بني زريق، هذا ما تصدق به علي بن أبي طالب، يعني ما أوقفه، لذا يقول: وهو حي في فلان صدقة لأتباع، ولا توهب حتى يرث الله التي، وأسكن في هذه الصدقة لخالات فلان فإن انقرضوا فهو لذوي الحاجة من المسلمين، هذه أحكام الوقف المؤبد، أنت إذا لم تميز تعطي أحكام الوقف للصدقة وتعطي أحكام الصدقة للوقف، مع أنه أحدهما ليس غير الآخر، وأخبار صدقة فاطمة، أنها جعلتها لبني هاشم، وصدقة أمير المؤمنين لما جاءته فلان، إلى غير ذلك من الأخبار وبذلك علم اشتراك هذا اللفظ بين الوقف وبين الصدقة بالمعنى الآتي في المقصد الثاني. إذن الركن الأول في منهجنا الفقهي هو أنه عندما نأتي إلى موضوعات الأحكام لا نفهم موضوعات الأحكام كما في استعمالاتنا المعاصرة ثم نقول بالاستصحاب القهقرائي في ذلك الزمان كان بهذا الشكل أو السيد محمد باقر الصدر يقول وبأصالة الثبات في اللغة هذا الذي نفهمه هو الذي كان يفهمه السابقون، وكلاهما باطل جزما، لأنه لكل زمان استعمالاته، البحث ليس بحث لغوي محض حتى أنه ندخل فيه، أما إذا جئت إلى القرآن واويلاه واويلاه، الطامة واقعا في فهمنا اللغوي من القرآن، لأنه عندما نسمع بل يداه مبسوطتان، مباشرة نذهب إلى اللغة اليد يعني جارحة فالله عنده جارحه، وسع كرسيه إذن عنده كرسي، استوي على العرض عنده كذا، وهكذا وهكذا لأنه أنت تريد أن تفهم الاصطلاحات القرآنية من خلال قواميس اللغة مع أنه كما ذكرنا في منطق فهم القرآن للقرآن لغته الخاصة فيه، له لغة خاصة به لابد أن تفهم لغته، حتى تفهم القرآن الكريم، هذا الركن الأول والثاني يأتي والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2013/07/31
    • مرات التنزيل : 1028

  • جديد المرئيات