المحاضرة﴿369﴾
أعوذ بالله السميع العليم من شر شيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
والصلاة والسلام على الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد
انتهينا بالأمس إلى النظرية الثالثة أو الاتجاه الثالث الذي تبناه سيدنا الشهيد قدس الله نفسه في مسألة ما هو المنكشف بإجماع المتقدمين؟
ذكرنا أن هذه المسألة من المسائل الأساسية و كثيرا ما يستند إلى الإجماع لإثبات جملة من الأمور ولعله تكون منشأ للاحتياط، يعني أن الفقيه حتى عندما لم يجد دليلا حتى مثل السيد الخوئي قال لا نجرؤ على مخالفة الإجماع، من هنا القضية الواقع تستحق أن نقف عندها أكثر من هذا الذي نقف ولكنه باعتبار أن البحث بحث فقهي وليس بحثا أصوليا أنا أبحث القضية بالقدر الذي يرتبط بالبحث الفقهي عندنا، بالقدر الذي يرتبط بقاعدة الاشتراك، لنرى أن هذا دليله هل يمكن الاستناد إليه كما استند إليه جملة من الأعلام كالشيخ اللنكراني وغيره لإثبات حجية قاعدة الاشتراك في الأحكام وهنا عندما نقول قاعدة الاشتراك لا يذهب ذهنكم إلى الاشتراك بين العالم والجاهل لأنه هذه قاعدة الاشتراك قد تطلق ويراد بها الاشتراك بين العالمين بالأحكام والجاهلين، له بحث آخر عرضنا له، ولكن هنا نتكلم في قاعدة الاشتراك بين المخاطبين وغير المخاطبين، بين من كانوا في صدر الإسلام ومن جاءوا بعد ذلك، يعني الإطلاق الأفراد والأحول والاجتماعي ونحو ذلك.
النظرية الثالثة: هي نظرية السيد الصدر، هذه النظرية تقوم على الأركان التالية التفتوا حتى نفكك المسألة لأنه من خلال تفكيك النظرية نستطيع أن نعرف مواطن القوة والضعف في النظرية، هذه النظرية تقوم على الأركان التالية:
الركن الأول: أن المنكشف بإجماع المتقدمين ليس هو الدليل اللفظي، أو أصل أو قاعدة حتى يرد عليه ما أوردنا على النظرية الأولى والنظرية الثانية وإنما المستكشف بالإجماع هو سيرة من المتشرعة موجود عمل خارجي وحدناه من المتشرعة لا من العقلاء، نتكلم من المتشرعة، لماذا نضع يدنا على المتشرعة؟ باعتبار أن السيرة المتشرعية تكشف عن وجود حكم شرعي أما السيرة العقلائية فلا تكشف عن ذلك، الآن لو أن العقلاء اقتضت سيرتهم عملاء معين هل هذا يكشف أن الحكم الشرعي هو هذا، لا ، ولذا تجدون أن الأعلام قالوا أن السيرة العقلائية لا تكون حجة إلا إذا أمضيت من قبل المعصوم أما في السيرة المتشرعية لم يشترط أحد أنها تكون ممضاة من قبل المعصوم، نعم يشترطون أن تكون السيرة المتشرعية متلقاة من المعصوم فإذا تلقيت من المعصوم إذن فهي تكشف كشفا إنيا عن أن هذا هو رأي المعصوم، من قبيل أن مجموعة من المتدينين الذين لا يفعلون إلا ما يقتضيه رأي مرجعهم إذا وجدناهم بالحسب العمل الخارجي لا يفعلون إلا عمل الكذائي نقول لابد رأي المرجع كذا، وإذا لماذا أنهم يلتزمون عن أري ديني وهذا عنوان متشرعة يعني لا يعملون إلا بمقتضى الدين يعني بشرط المحمود، إذن الركن الأول أن المستكشف ليس هو لفظ دليل لفظي، أو أصل أو قاعدة وإنما المستكشف ارتكاز من المتشرعة وعمل وسيرة من المتشرعة.
الركن الثاني: أن هذه السيرة المتشرعية لكي تعتبر حجة، لابد من افتراض أنها متلقاة من المعصوم مباشرة، وإلا إذا لم تكن متلقاة من المعصوم كما لو كانت متلقاة من علماء معينين، هذا لا يكشف إلا عن رأي ذلك العالم ولا يكشف إلا عن رأي الشارع، لأن الحجية للكتاب والسنة، الأعم من القول والفعل والتقرير للمعصوم، أما السيرة المتشرعية التي هي ناتجة من رأي مجموعة من الفقهاء، هذه لا تدل على شيء، تدل على أن فقهاء ذلك الزمان هذا رأيهم ولكنه أين الحجية؟ الحجية ليس لرأي الفقهاء وإنما الحجية لكلام المعصوم، لقول المعصوم لفعل المعصوم، إذن الركن الثاني أن هذه السيرة المتشرعية لابد أن تكون متلقاة من المعصوم مباشرة بلا واسطة. وهذا معناه أنه لابد أن تكون إما معاصرة للمعصوم أو قريبة جدا من عصر المعصوم.
الركن الثالث: أن ما أدركه العلماء أو المتقدمون من فقهاء الإمامية أنما عرفوه من هذه السيرة كان حسيا أو قريبا من الحس لا كان اجتهاديا، مرة أنت الآن جالس هنا تقول أنا من خلال القرائن أستكشف السيرة المتشرعية قبل خمسة قرون، هذا بعد حدس أو حس؟ هذا حدس هذا اجتهدا قد يصيب وتقد يخطي، ومرة أنت تعيش في الجمهورية الإسلامية تعيش في بلد إسلامي وتجد سيرة معاصرة لك، لكي تكون هذه السيرة الإجماعات حجة كاشفة عن ارتكاز، ذلك الارتكاز لابد أن يكون إما محسوسا لهؤلاء الفقهاء وإما ما هو قريب من الحس، أما لو كان حدسيا اجتهاديا له قيمة أو ليس له قيمة؟ ليس له قيمة، هذا الأركان الثلاثة التي أشرنا إليها طبعا في كلمات سيدنا الأستاذ السيد الشهيد لم يفكك ولكنه هذا مقصوده.
أقرأ العبارات حتى يتضح كيف هذه التقريرات مدمجة بعضها ببعض، يقول وبالتالي تعيين الاحتمال الآخر، إذن الاحتمال الأول وهو المستكشف لفظ ساقط عن الاعتبار أو أصل ساقط عن الاعتبار، إذن ما هو؟ وهو أن الفقهاء المتقدمين الذي أجمعوا بعد ذلك سنقول إلى أي حد، هو أنهم قد تلقوا الحكم المذكور بنحو الارتكاز العام، ارتكاز متشرعي كان بين المتشرعة في أوساطهم، الذي لمسوه عند الجيل الأسبق منهم، وجدوا عاصروا هذا بأنه الأجيال التي قبلهم كانوا يعملون على هذا وهم جيل أصحاب الأئمة، لماذا يربطه بأصحاب الأئمة؟ حتى يجعل سيرة المتشرعة معاصرة للمعصوم عليه أفضلا لصلاة والسلام، وإلا السيرة المتشرعة في زماننا لا تكشف إلا عن رأي ماذا؟ افترضوا أن المتشرعة الآن كلهم يقولون أن أهل الكتاب نجس، عملا ينجسونهم، هذا رأي فقهاءهم، بكره يتبدل الرأي، يقولون بطهارة أهل الكتاب وكلهم يبنون عملهم على الطهارة، هذه لا تدل على شيء، قال وهم جيل أصحاب الأئمة ألذي هم حلقة الوصل بينهم وبين الأئمة، يعني أنه لا يوج واسطة أخرى ومنهم من أصحاب الأئمة انتقل كل هذا العلم والفقه إليهم، إلى هؤلاء الفقهاء المتقدمين الذين هم عاصروا عصر الغيبة وما بعد ذلك، وهذا الارتكاز ليس رواية محددة حتى يرد عليه إشكال المحقق الأصفهاني ، ليس رواية محددة لكي تنقل في الكتب الحديثية، بل هو مستفاد بنحو وآخر من مجموع دلالات السنة، من فعل المعصوم، تقرير المعصوم، قول المعصوم على إجماله لا نص معين، ولهذا لم تضبط في أصل معين، ولذا أن فقهاءنا عندما أجمعوا لم يذكروه لأنه ليس لفظا حتى يذكروه، لأنه لم تضبط في أصل معين، ولهذا السيد الشهيد يقول وهذا هو التفسير الوحيد الذي تلتئم به قطعياتنا الوجدانية في المقام، يعني هذا هو التفسير الوحيد الذي لا ثاني له لأنه نحن نقطع بأنه هؤلاء لا يمكن بأنهم اجمعوا بلاد ليل، ولا يمكن أن نشكك لا في علمهم ولا في دينهم ولا في عدالتهم إذن لابد كان عندهم دليل هذا الدليل لا يمكن أن يكون رواية، لا يمكن أن يكون أصلا وقاعدة، إذن يبقى الاحتمال الثالث وهو الارتكاز، وباعتبار أن هذه الافتراضات، هذا الركن الثالث، قد يقول قائل أن هذه الارتكازات هؤلاء وصلوا إليها بالحدث والاجتهاد لأنه لم يكونوا معاصرين يقول وهذه الافتراضات، كلها قريبة من الحس لأن إذا صارت حدسية تكون اجتهادية الاجتهاد ليس حجة علينا، قريبة من الحس لأن الارتكاز أمر كالحس، وليس كالبراهين العقلية الحدسية، فلا يقال لعلهم أخطئوا جميعا في فهمه، لأن سيرة خارجية والسيرة الخارجية غير قابلة للخطأ، فلا محال يحصل الجزم أو الوثوق بالحكم ضمن شروط وتحفظات لابد من أخذها بعين الاعتبار، لتتم الحسابات الكاشفة عن الدليل الشرعي، ولعل دعاوى الإجماع من قبل بعض الأقدمين تحكي عن إجماع غير مكتوب حقيقته الارتكاز المذكور، وعلى ضوء هذا الفهم تندفع إشكالات المحقق الأصفهاني و… بالنحو الذي أشرنا إليه سابقا، هذا أفضل ما يمكن أن يقال في المقام، سؤال هل أن هذا الدليل أو أن هذا البيان تام أو غير تام، القضية كما قلت ليست قضية فرعية لو نذر بل مئات إن لم أقل آلاف المسائل أنتم لو تراجعون كتاب الخلاف نادرا تجد أن الشيخ عندما يذكر مسألة لا يقول دليلنا إجماع الفرقة، يعني عموم المسائل يدعي فيها إجماع الفرقة وأيضاً إلى آخره… دليلا ودليلنا إجماع الفرقة.
إذن القضية جد خطيرة، قبل بيان أو الوقوف عند هذا الوجه الثالث أو النظرية الثالثة هناك مقدمة لابد أن تلتفتوا إليها، ما هو المراد من إجماع المتقدمين؟ من هم المتقدمون؟ أنا أتلكم على رأي نفس هؤلاء الأعلام، السيد الصدر رحمة الله تعالى عليه، في تقريرات السيد الهاشمي الجزء الرابع ص 312، يقول وأما التطبيق الصحيح فيتمثل في إجماع الفقهاء المعاصرين، لعصر الغيبة الصغرى، أو بعيدها، بعد الغيبة الصغرى، إلى فترة المفيد والمرتضى والطوسي والصدوق، يعني نحن إذا أردنا أن نتكلم لابد أن نقول الصدوق والمرتضى والمفيد والطوسي، يعني بعبارة أخرى نحن إنما نقبل دعاوى الإجماع ونعطي لها قيمة كدليل لاستكشاف الارتكاز إذا صدرت من هذه الطبقة، أما من جاء بعدهم من ادعاءات الإجماع ليس لها قيمة، قيمتها أنها اجتهادية قد تصيب وقد تخطئ، أما هذه حسية أو قريبة من الحس، يعني بعبارة أخرى إلى أواسط القرن الخامس ونهاية القرن الخامس، لأنه وفاة الشيخ الطوسي في سنة 460 من الهجرة، يعني ما يتجاوز النصف الثاني من القرن الخامس، وأنتم تعلمون بأنه أساساً الغيبة الصغرى تبدأ من أواسط القرن الثالث يعني تبدأ من سنة 260 من الهجرة، إذن الفاصلة لا أقل قرنين إلى قرنين ونصف، يعني أنت افترض الآن تتكلم ونحن في سنة 1434 تتكلم قبل في سنة 1200، الفاصلة جدا كبيرة، ليست قليلة، فاصلة واسعة النطاق قرنين إلى قرنين ونصف.
إذن مراد هؤلاء الأعلام من اجماعات المتقدمين ليس اجماعات العلامة ليس اجماعات ابن إدريس الذي هو تقريبا قرن كامل بعد الشيخ الطوسي، ولا إجماعات ما بعد العلامة صاحب البحار وإلى غير ذلك، هؤلاء الذين يقولون الإجماع حجة مرادهم ذاك.
تعالوا معنا إلى مجموعة من الاستفهامات والأسئلة والملاحظات على هذه النظرية:
السؤال الأول: لو الأعزة يتابعون هذه المسألة في المبسوط، يجدون الشيخ في المبسوط عندما يستدل على مسألة عندنا أو عندهم بعض الأحيان يدعي الإجماع، بعض الأحيان يدعي الروايات، يقول للرواية كذا، وبعض الأحيان يدعي السيرة يقول لأن عملهم كان على كذا وكذا، ونحن عاصرناهم عملهم كان كذا وكذا، أين يقول هذا؟ مورد واحد أشير، المبسوط الجزء الأول ص 332، في المسألة رقم 83، قال: يجب الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وفي كل سورة بعدها كما يجب بالقراءة إلى أن يقول وهو مذهب الشافعي، إلا أن لم يذكر استحباب الجهر فيما يسر فيه بالقراءة وذكر ابن المنذر عن عطاء وطاووس ومجاهد وسعيد ابن جير، كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم إذن كان عمل، يعني السيرة هو فقيه ويجهر ببسم الله الرحمن الحريم، ليس عنده رأي يقول يجب الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، ولكن عملا يجهر، فلا أقل نقول إذا لم يدل على الوجوب يدل على الاستحباب، يقول كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم وروي مثل ذلك يعني كان يجهر، عن ابن عمر انه كان لا يدع الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، إذن الشيخ هنا يستند إلى عمل وليس لفظ، سؤال بيني وبين الله نقلب السؤال على السيد الصدر، نقول إذا كانت رواية لما لم ينقلوها لنا، إذا كانت سيرة عملية للمتشرعة، لما لا يقل نستند إلى إنه سيرة الشيعة كانت قائمة على هذه المسألة وكم له نظير في المبسوط، لماذا أن يقول الإجماع ولا يذكر المدرك؟، إذا تقول أن مدرك هذا الإجماع هو عمل الشيعة أنا بيني وبين الله أتصور كان واحدة من أهم الأدلة يقول وقد عاصرنا من قبلنا من أعلام الإمامية وجدنا أن عملهم وسيرة المتشرعة وأصحاب … مسألة واضحة بعد، إذن نفس الكلام الذي أشكلت به سيدنا على نظرية اللفظ ترد عليك، وهو أنه لماذا لم يشر، نعم لو لم يذكر في المبسوط عمل الآخرين كنا نقول أن هذا غير متعارف أن يذكر السيرة ولكنه في المبسوط موجود ذكر السيرة، إذن التساؤل الأول والملاحظة الأولى هو أنه لماذا لم يشير أحد منهم إلى مدرك هذا الإجماع.
التساؤل الثاني: متى يمكن فرض ظاهرة للشيعة كمجموعة منسجمة اجتماعيا تستطيع أن تؤدي أعمالها كما تريد؟ إذا كان وضع الشيعة بنحو بيني وبين الله لا يخافون السلطة لا يخافون القتل ولا يخافون الملاحقة ولا يخافون كذا وكذا وكذا إلى غير ذلك، يعني الآن نحن كثير من الأعمال نقوم بها الآن في قم وفي النجف وفي كربلاء وفي حواضرنا الدينية، لأنه لا نخشى شيئا، ولكن كثير من هذه الأمور عندما نذهب إلى بلدان أخرى لا نقوم بها لأنه الوضع لا يسمح بذلك، إذن لابد أن نرجع لنرى بأن وضع الشيعة في القرن الثاني والثالث، طبعا نحن نعيش إلى غيبة الإمام، في القرن الثاني والثالث هل كان الشيعة كتلة معروفة تستطيع أن تؤدي أعمالها كما تريد أو كانت ملاحقة من هنا وهناك؟ يعني أنتم لو تراجعون حياة الأئمة خصوصا الأئمة الثلاثة الأخير، يعني إمامة الإمام الجواد والهادي والعسكري، كانت حياتهم مولانا في عصر العباسيين، خصوصا في عصر المتوكل وأمثال المتوكل أساسا نعلم ماذا فعلوا بقبر الإمام الحسين عليه السلام والشاهد على ما نقول بأن الإمام الحجة سلام الله عليه استطاع أن يلتقي بشيعته أو لم يستطع، إذن الوضع كان غير طبيعي، إذن متى يستطيع الشيعة أن يشكلوا مجتمعا وكتلة واضحة المعالم حتى تنقل هذه إلى من لحقها، نعم إذا هذه الظاهرة كانت في قم أقول نعم، إذا كانت في نجف وكربلاء أقول نعم، أما بيني وبين الله ظاهرة الذين يعرفون أنهم إذا كانوا شيعة يسجنون يلاحقون يقتلون ويفعلون بهم ما يشاءون بيني وبين الله يمكن أن تتشكل مثل هذه الارتكازات أو لا؟ ولذا في كتاب الظن هذا الإشكال أشرنا إليه، في كتاب الظن صفحة 411، قلنا بأن أتباع أهل البيت خصوصا بعد الإمام الحسين أي الفترة التي عاشوها في العصرين الأموي والعباسي لم يكن بمقدورهم أن يظهروا ككتلة فكرية ثقافية لها ارتكازاتها الخاصة في المجتمع بهذه الطريقة التي يشير إليها السيد الشهيد، حتى تنتقل من جيل إلى جيل، لكي نرجع إلى الارتكازات الموجودة بينهم ونقول أنها انتقلت من جيل إلى آخر بل كانوا مطاردين في كل مكان حتى أنهم كانوا في الأعم الأغلب يحاولون إخفاء هويتهم المذهبية وارتباطهم بأهل البيت ومن هنا نفهم … . السؤال الثاني أن هذا الكلام إنما يتم إذا كان هناك كتلة بعنوان شيعة أهل البيت تستطيع أن تظهر سلوكها بشكل طبيعي ومنطقي.
السؤال الثالث: في التساؤل الثالث أنه افترضوا أن الشيعة كان وضعهم تنزلا من الإشكال الثاني، أن الشيعة كان وضعهم بنحو يستطيعون أن يظهروا بمظهر مجتمع موحد لهم قواعدهم دينهم شعائرهم أعمالهم إلى آخره.
الشيخ الطوسي تلقى هذه الارتكازات من الجيل الذي قبلهم، تعلمون أن عمر الجيل على أفضل التقادير لا يتجاوز أكثر من ثلاثين عاما، يعني عندما نقول جيل مراد منه هو 30 سنة، الشيخ الطوسي الذي هو في أواسط القرن الخامس كان يعاصر أي متشرعة، متشرعة معاصرين للأئمة أو يوجد وسائط متعددة بينه وبين الأئمة، افترض كان يعاصر الذين كانوا قبل ستين سنة، كانوا قبل سبعين سنة، هذا معناه بعد عصر غيبة الصغرى بحدود 50، 60 سنة وهكذا في عصر الغيبة، إذن من قال لكم أن هذه السيرة المتشرعية كان نتيجة أقوال المعصوم أفعال المعصوم، تقريرات المعصوم، لعلها كانت أقول نتيجة آراء المراجع والعلماء الذين عاصروهم هؤلاء المتشرعة، هذا إذا افترضنا، إذا قبلنا أن السيرة كانت لها أصل ديني، وإلا هذه أمامكم الآن كثير من شعائرنا في العراق، تعالوا إلى كثير من شعائرنا في إيران، التي يقومون بها في المناسبات في الأعياد في المصائب هذه لها أصل ديني؟ والذي يقوم بها من هم؟ كلهم فسقة فجرة؟ لا والله بل كثير منهم فجرة؟ إذن ليس بالضرورة أن هذا الأمر أخذوه من المعصوم أولا لعله أخذوه من علماء زمانهم وثانيا لعله مقتضى العادة لا أنه لها أصل ديني.
التساؤل الرابع: وهذا التساؤل سوف تهدم أصل هذا الاستدلال، وهو من قال لكم أن الأئمة عليهم السلام كان بناء على في زمانهم على أن يظهروا الشيعة بمظهر كتلة واحدة، وجماعة واحدة، بل هناك عشرات الروايات التي صدرت من الأئمة نحن أوقعنا الخلاف بينهم، يعني أن أئمة أهل البيت كانت إستراتيجيتهم قائمة على جعل الشيعة كتلة واحدة أو جعلهم متخالفين؟ أي منهم؟ هذا هو المنشأ الذي أدى بصاحب الحدائق أن يقولوا بأن أكثر الروايات واردة تقية، الرواية الأولى في لكافي عن زرارة، قال: سألت عن مسألة فأجابني، ثم جاءه رجل فسأله عنه فأجابه بخلاف ما أجابني ، ثم جاء رجل ثالث فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي، فلما خرج الرجلان قلت يبن رسول الله رجلان من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان، فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه، هؤلاء كلاهما شيعي، فقال يا زرارة إن هذا خير لنا وأبقى لنا، ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا ولكان أقل لبقائنا وبقاءكم، وفي رواية أخرى الرواية أيضاً في التهذيب عن الصادق سأله إنسان قال يصلى الظهر فقال أنا أمرتهم بهذا، لو صلوا على وقت واحد لعرفوا فأخذ برقابهم، أنا قلت لهم واحد يصلي بهذا الشكل وواحد بهذا الشكل، رواية ثالثة أنه عن اختلاف أصحابنا في المواقيت فقال أنا خالفت بينهم، لماذا يبن رسول الله؟ قال حتى لا يعرفون أن هؤلاء كلهم شيعتنا، عندما يعرفون هذا يصلى فلان وقت شيعي عندما هذا يخالفه بعد يقولون ليس بشيعي، فلا يؤخذ على الظنة والتهمة، رواية أخرى في الاحتجاج إنه ليس شيء أشد علي من اختلاف أصحابنا، قال ذلك من قبلي، أنا فعلت ذلك، ومع وجود، يعني من إصرارا الأئمة على إيجاد الاختلاف كيف يحصل هناك ارتكاز متشرعي شيعي بين الشيعة؟ الشيعة لم يكونوا كتلة واحدة، الأئمة كان بناءهم على هذا، من هنا ذهب صاحب الحدائق إلى هذه النظرية المشهورة وهو أن التقية لا يشترط وجود المعارض، لا لا لا حتى مع عدم وجود المعارض التقية وكثير من رواياتهم محمولة على التقية، حتى لو لم يكن لها معارض، هذه جاءت من هذه الروايات، هو قرأها بهذه الطريقة الآن هذه القراءة صح أو خطأ له بحث آخر.
إذن التساؤل الرابع على نظرية السيد الصدر رحمة الله تعالى عليه هو أنه أساساً من قال أن الجيل السابق على الشيخ وأمثال الشيخ كان هناك ارتكاز عام بين المتشرع؟ من أين استنتجته؟ لا يوجد عندك دليل؟ أنت فقط لتصحح عمل المجمعين ادعيت هذا وإلا لا توجد لك أي قرينة، أي قرينة لا توجد.
التساؤل الأخير: وهو أنه هؤلاء وأمثال الشيخ الطوسي الذي يفصله عن عصر الغيبة الصغرى، لا أقل قرنين، أليس كذلك، هذه الارتكازات كانت له محسوسة، أو كانت اجتهادية؟ فما هو المحسوس له ليس متلقى من الإمام مباشرة لفاصلة قرنين، وما هو المتلقى من الإمام مباشرة محسوس له أو ليس بمحسوس؟ ليس بمحسوس فيكون اجتهاديا، فمرجع هذا الفهم نعم نحترم الشيخ الطوسي، واقعا بحث في أصحاب الأئمة في الجيل الذي سبقوه وانتهى إلى أنه كان ولكن هذا اجتهاد الشيخ الطوسي، حدسي وليس حسي، هذه مجموعة من التساؤلات تأدبا أمام سيدنا الشهيد، مجموعة من الملاحظات، والإشكالات على هذه النظرية ولذا في اعتقادي أن هذه النظرية أيضاً نظرية لا تستطيع أن توجه لنا ما يكشف عنه الإجماع، إذن إلى هنا صارت ثلاث نظريات وكلها غير صحيحة.
النظرية الأولى هي نظرية أن المنكشف الدليل لفظي.
النظرية الثانية هي نظرية الأصل والقاعدة لصاحب الجواهر.
النظرية الثالثة هي نظرية الارتكاز العام عند أصحاب الأئمة وقد اتضح عدم تماميتها.
إذن ما هو منشأ هذه الإجماعات؟ جوابه في درس التالي والحمد لله رب العالمين.