أعوذ بالله السميع العليم من شر شيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد
عود على بدأ وهو الرجوع إلى محمد بن عيسى ابن عبيد اليقطيني، وأنّه هل هو ثقة أو ليس بثقة؟
يتذكر الأعزة قلنا بأن النجاشي والكشّي وثّقا محمد بن عيسى، نعم في المقابل نجد أنّ هناك تضعيفاً من الشيخ كما قرأنا في كتاب الفهرس، وكذلك في الرجال وغيره من كتب الشيخ.
من هنا تأتي هذه المسألة وهي مسألة كبروية قبل أن تكون مسألة مرتبطة بمحل الكلام، وهذه مسألة عامة، وكم له من مورد أيضاً، وهو أنه ما لو ورد التوثيق والتضعيف الجرح والتعديل في شخص واحد فأيهما يقدم؟ هذه قاعدة أو مسألة من مسائل علم الرجال طرحها علماء مدرسة أهل البيت وطرحها علماء السنة أيضاً وهي قد أخذت مساحة واسعة من كلمات علماء الرجال، وهو أنّه في النتيجة هل التقديم للجرح أو التقديم للتعديل؟ أو أنّه يتعارضان أو يتساقطان؟ أو لا توجد هناك ضابطة عامة في هذا المجال.
المشهور بين علماء السنة والشيعة أنّه إذا تعارض الجرح والتعديل فالتقديم للجرح، وإن كان المعدِّل ـ الذين عدلوا وقالوا بالعدالة والوثاقة ـ كان عددهم أكبر وكانوا أحفظ و… و… إلى غير ذلك.
هذا هو المشهور بين علماء السنة والشيعة بل لعله ادُّعي في بعض الكلمات أنه عليه الإجماع، طبعاً مثل هذه الإجماعات كما تعلمون ليست المراد منها الإجماع الذي في الأبحاث الفقهية، ولكن كأنه يريدون أن يقولوا أن المسألة متفق عليها، ليس الإجماع الاصطلاحي في علم الأصول وهذا ما أشرنا إليه في العام الماضي قلنا في كثير من الأحيان يطلق الإجماع لا يراد أن يبيّن حجيته كالحجية المذكورة في باب الاجتماع في الفقه مثلاً، لا لا، وإنما يراد أن يقال أن هناك اتفاق بين العلماء على هذه المسألة.
كلماتهم في ذلك كثيرة وأنا أشير إلى بعض هذه الكلمات الواردة في المقام، من هذه الكلمات ما ذكره الشهيد في الدروس قال: لو تعارض الجرح والتعديل، قُدّم الجرح لاستناده إلى اليقين، وقال الشهيد الثاني في مسالك الأفهام: إذا تعارض الجرح والتعديل فالجرح مقدّم، وقال الشيخ البهائي: قد اشتهر أنه إذا تعارض الجرح والتعديل قُدّم الجرح.
طبعاً الآن أنا سوف لا أدخل في أدلة القائلين وإلا يأخذ وقتاً طويلاً، ولكنه بحسب الظاهر أنه في النتيجة أنّ المعدِّل قائم على أساس أنّه لم يرى شيئاً ممّن عدله مما يخل بعدالته وتوثيقه، ولكن الجارح رأى شيئاً منه حتى فسّقه وضعّفه، فإذا تعارض الأمر الوجودي مع الأمر العدمي يقدم الأمر الوجودي على الأمر العدمي، المعدِّل والموثِّق يقول لم أر منه شيئاً يخلّ بعدالته وبوثاقته، والآخر يقول لم أر أو رأيت منه؟ من الواضح بأنه الذي يقول رأيت لعله ذاك الذي لم ير في مكان آخر كذا فعل.
هذه واحدة من أهم الوجه التي استند إليها أصحاب هذه القاعدة في تقديم الجرح على التعديل، ولهذا نحن نجد أنّ البعض كشرف الدين في كتابه أبو هريرة عندما يأتي إلى أبي هريرة يقول هناك وناهيك تكذيب كل من عمر وعثمان وعليّ وعائشة له، باعتبار أنه يوجد توثيق لأبي هريرة من مصاديق هذه القاعدة، ويوجد تكذيب وتضعيف له أيضاً من كبار أصحاب رسول الله، أمثال أمير المؤمنين، أمثال عمر عثمان عائشة، روايات صحيحة السند توجد في كتبهم، هنا تطبق القاعدة، وهو ما لو تعارض الجرح والتعديل يقدَّم الجرح، ولذا يقول وناهيك تكذيب كل من عمر وعثمان وعلي وعائشة له، وقد تقرر بالإجماع تقديم الجرح على التعديل في مقام التعارض، على أنه إلى آخره.
هذا على مستوى كلمات القوم، على مستوى كلمات الآخرين أيضاً كذلك، من الكتب الجيدة في علم الرجال عند القوم هذا كتاب اختصار علوم الحديث لابن كثير المفسّر والمؤرخ المعروف، هذا الكتاب شُرح وعُلِّق من قبل علمين معاصرين الأول العلامة أحمد محمد شاكر ـ هذا الكتاب يقع في مجلدين ومن الكتب المفيدة والمختصرة والأخوة الذي يريدون أن يقفون على مباني علوم الحديث عند القوم هذا من الكتب الجيدة، وأنا اخترت هذا الكتاب باعتبار أن آراء المعاصرين أيضاً موجود هنا ـ الأول الشارح هو العلامة أحمد محمد شاكر والتعليق على الشرح هو للعلامة ناصر دين الألباني صاحب موسوعة الحديث الصحيحة والضعيفة، وصاحب المؤلفات الكثيرة الذي هم يعبرون عنه في هذا الزمان يقولون بخاري هذا الزمان، العلامة الألباني عند القوم يُعدّ بخاري هذا الزمان، ولذا إذا من المعاصرين قال الألباني بعد أنت أعرف واقعاً لا يمكن لأحد أن يناقشه، ومؤلفاته وتحقيقاته الرجالية وكتبه الرجالية وتصحيحاته، أنا لا أقل في مكتبتي توجد من كتب هذا الرجل تتجاوز 130 كتاب، رجل كان كثير العمل، وأسس مؤسسات كثيرة، وعمل أعمال واسعة النطاق عموم الكتب التي هي مورد الحديثية عند تعليق على تلك الكتب، وأنصح الأعزة لا أقل يطالعون يوجد كتاب أو كتابين عنه في علومه أو كل مبانيه الرجالية يطالعونها مفيدة، هناك في هذا الكتاب وهو الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لأحمد محمد شاكر، يقول في الجزء الأول صفحة 289 هذه عبارته ـ طبعاً العبارة هذه عبارة ابن كثير ـ يقول: أما إذا تعارض جرح وتعديل فينبغي أن يكون الجرح حين إذن مفَّسرا، هناك بحث أنه المعدِّل يقول ثقة، والجارح يقول ضعيف، ولكن لا يقول لماذا ضعيف هل له قيمة أو ليس له قيمة؟ هنا أيضاً خلاف بأن التضعيف إنما يكون له قيمة إذا كان مشفوعاً مع التفسير، لماذا ضعيف؟ أمّا إذا لم يفسَّر فلا قيمة له، لعله مبناه شيء نحن لا نوافق عليه، مثلاً يقول لأنه غالٍ مثلاً يقول لأنه فطحي لأنه مثلاً ناصبي ونحو ذلك، ثم يقول وهل هو المقدَّم ؟ أو الترجيح بالكثرة أو الأحفظ؟ أيهما نقدم هل الأكثر أو الجرح؟ يقول فيه نزاع مشهور في أصول الفقه وفروعه وعلم الحديث، والصحيح أنَّ الجرح مقدَّم مطلقاً إذا كان مفسَّراً، إذن أيضاً يقول والصحيح هذا، ولذا أحمد محمد شاكر في الحاشية يقول: إذا اجتمع في الراوي جرح مبين السبب وتعديل، فالجرح مقدم وإن كثر عدد المعدِّلين، لماذا؟ لأنه مع الجارح زيادة علمٍ لم يطلع عليها المعدِّل، المعدِّل يقول لم أر منه ما يفسقه أو يضعفه، ولكن المضعِّف يقول رأيت منه، ومن الواضح أن الأمر الوجودي على الأمر العدمي؛ ولأنه إلى آخره.
هذا المعنى بشكل واضح موجود الإخوة يراجعوه، وتفصيل البحث إذا يريدون يراجعوه في كتاب تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي للحافظ جلال الدين السيوطي، هذا تدريب الراوي من الكتب الأساسية في علم الرجال من كتب السيوطي صاحب التفسير المعروف، يقع في ثلاث مجلدات المجلد الأول صفحة 518 يقول: وإذا اجتمع فيه جرح وتعديل فالجرح مقدّم، إذا اجتمع في الراوي جرح مفسَّر وتعديل فالجرح مقدم، ولو زاد عدد المعدِّل هذا هو الأصح عند الفقهاء والأصوليين، ونقله الخطيب البغدادي في كتابه الكفاية ـ من أهم كتب علم الدراية عن القوم الدراية للخطيب البغدادي صاحب تاريخ بغداد، أو تاريخ دار السلام ـ ونقله الخطيب عن جمهور العلماء؛ لأن مع الجارح زيادة علم لم يطلع عليها المعدِّل وقيده فلان ورد واستثني، بحث مفصل الإخوة يراجعون هناك الآن ليس محل كلامنا.
ولذا نجد في مفتاح الكرامة للعاملي في شرح قواعد العلامة هذه الطبعة التي هي مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجامعة المدرسين، المجلد الثامن صفحة 273، هذه عبارته يقول: ويرد عليه أنّه قد اشتُهر بينهم تقديم الجرح على التعديل عند التعارض، إذن عند التعارض المشهور ما هو؟ مسلَّم أنه يقدم الجرح على التعديل.
هذا هو القول الأول، طبعاً إذا تمّت القاعدة عندما نأتي إلى المقام بعد يقدم قول الشيخ الطوسي على النجاشي والكشي، إذن له ثمرة، لا يتبادر إلى ذهنكم أنه بحث نظري، لا لا له ثمرات كثيرة.
هذا هو القول الأول، القول الثاني هو العكس، ولكنه أنا بحسب تتبعي لم أجد له قائل، وهو أنه إذا تعارض يقدم المعدل على الجارح، وإن كان ذكروه كاحتمال وكقول في المسألة.
القول الثالث وهو الذي ذهب إليه جملة من الأعلام، هو أنه لا توجد ضابطة عامة وكليّة ومطلقة في تعارض الجرح مع التعديل، وإنما في كل مورد ننظر إلى القرائن الموجودة في طرف المعدِّلين، والموجودة في طرف الجارحين، فقد يتقدم التعديل على الجرح، وقد يتقدم الجرح على التعديل، هذه هي القاعدة العامة، إذن لا توجد عندنا ضابط كلما تعارض قُدّم، لا لا أبداً، قد يُقدّم الجرح على التعديل، وقد يكون الأمر بالعكس، هذا الكلام أشار إليه المحقق الداماد صاحب القبسات أستاذ ملا صدرا الذي له كتاب جيد ومفيد، ويظهر أن الرجل من المحققين ولهذا كلماته بين علماء الرجال منقولة في هذا المجال، وهذا الكتاب تحت عنوان: الرواشح السماوية، في صفحة 104، تحت عنوان الراشحة الثانية والثلاثون، يقول: إذا تعارض الجرح والتعديل، فمنهم من يُقدم الجرح مطلقاً، ومنهم مع كثرة الجارح، ومنهم من يُقدّم التعديل مع كثيرة المعدِّل، والتحقيق إن شيئاً منهما ليس أولى بالتقديم من حيث هو جرح أو تعديل، هنا لا توجد ضابطة، وإنما الضابطة لأي شيء للقرائن الموجودة في طرف الجرح أو في طرف التعديل، وكثرة الجارح أو المعدِّل أيضاً لا اعتداد بها، لعله في هذا الطرف يوجد ثلاثة أو أربعة من الجارحين، ولكنه واحد معدل في الطرف الآخر يعادل عشرة من هؤلاء، من حيث الخبرة، من حيث الدقة، من حيث الاطمئنان، من حيث التمحيص، من حيث القرائن، من حيث القرب أقرب منهم جميعاً هذا قريب منه معاصر له وعاش معه ومارس معه، وقال بأنه ثقة وذاك بعد 150 سنة 10 نفرات قالوا ضعيف، لا قيمة له، لماذا؟ لأن هذا يوجد عنده ما لا يوجد عند الآخرين، بل الأحق بالاعتبار في الجارح أو المعدل قوة التمهّر، وشدة التبصر وتعوّد التمرّن على استقصاء الفحص، وما يقال أنّ الجرح أولى بالاعتبار؛ لكونه شهادة بوقوع أمر وجودي بخلاف التعديل، ضعيفٌ، لماذا ضعيف؟
إذا نظرتم إلى هذا الوجه وجدتم أنه يقول أنّ المعدِّل يقول لم أر، فهو أمر عدمي، وأن المضعِّف يقول رأيت منه ما يخلّ بوثاقته وعدالته، فهو أمر وجودي، الجواب: هذا مبني على أنّ العدالة والتوثيق على أي أساس قائم؟ ما هو المبنى في هذه المسألة؟
هناك مبنيان في مسألة العدالة المبنى الأول هو حسن الظاهر، يعني بمجرد أن ظاهره حسن تقول أنه عادل، يعني بمجرد أن لا ترى منه شيئاً، فتقول هو عادل، هذا مبنى، المبنى الثاني أنّ العدالة قائمة على أنها ملكة يتصف بها صاحب العدالة، ومن الواضح لإحراز الملكة لا يكفي حسن الظاهر، إحراز الملكة يعني إحراز أمر وجودي، لا أنه أمر عدمي، إذن قولكم إذا تعارض أمر عدمي مع أمر وجودي يقدّم الوجودي، هنا التعارض بين أمرين وجوديين، أحدهما يقول أنا عاصرته، عشت معه، مارست معه، تعاملت معه ذهاباً إياباً الحق والإنصاف في مواضع كثيرة وجدت أنّ هذه الملكة موجودة، نعم الملكة أمر معنوي، ولكن آثارها أمر حسّ،ي ومن هنا قالوا أنه لابد أن تكون الشهادة عن أمر حسي أو ما يقرب من الحس، لماذا أمر حسي؟ باعتبار أنه يراه في المواضع الكذائية، إذن يقع التعارض بين ماذا وماذا؟ بين أمرين وجوديين، إذا كان بين أمرين وجودين لماذا يُقدم هذا الأمر الوجودي على ذاك الأمر الوجودي؟ من أين تقولون؟ هذا أيضاً يقول أنّه أنت قلت أنّه عصى، أقول لا لم يعصي، يقول: إذ التعديل أيضاً شهادة بحصول ملكة وجودية هي العدالة، إلّا أن يكتفى في العدالة بعدم الفسق من دون ملكة الكفّ والتنزّه، إلّا إذا قلنا أن العدالة حسن الظاهر، ولا تحتاج إلى ملكة، وربما تنضاف إلى قول الشارح أو المعدلِّ شواهد مقوية، وإمارات مرجحة في الأخبار والأسانيد والطبقات، وبالجملة يختلف الحكم باختلاف الموارد والخصوصيات، ولذلك كله إلى آخره …
ومن هنا انتم تجدون بأنه صاحب مفتاح الكرامة بعد أن ذكر بأنّ المشهور تقديم الجارح على المعدِّل، قال: ولا يتأتى إلا على القول بأنّ عدالة حسن الظاهر، يعني تقديم الجارح على المعدِّل إنما يتمّ على نظرية أن التعديل هو حسن الظاهر، وأمّا على القول بأنها الملكة فلا يتجه، لأنّ المعدِّل إنما ينطق عن علم حصل له بعد طول المعاشرة والاختبار، أو بعد الجهد في تتبّع الآثار.
سؤال: هؤلاء علماء الرجال كم كان عندهم وقت الشيخ الطوسي حتى يعدل ألفين نفر؟ أين سمعهم أين جلس معهم أين اطلع على أحوالهم حتى يقول ثقة أو ماذا؟ إذن في الأعم الأغلب انه ثقة أو ضعيف نقلي أو حسي يعني انتم الآن في حياتكم الشخصية بينكم وبين الله كم شخص تستطيعون أن تجلس معه تتعرفون ما يجاوز عدد أصابع اليد عشرات، ما يمكنك المئات تتعرف على أوضاعهم نعم بإمكانك من خلال النقل، فإذا كان نقلياً إذن يحتاج إلى السند وإذا فقد السند فلا قيمة للتضعيف والتوثيق، ولهذا نحن بالأمس قلنا أنّ من أهم الكتب في علم الرجال هو كتاب الكشي، باعتبار أنّه في الأعم يذكر الأسانيد له، يذكر الرواية يقول يونس هكذا ورد فيه محمد بن زرارة هكذا ورد فيه وهكذا أنت من حقك أن تنظر إلى السند، أمّا بمجرد أن يقول الشيخ ضعيف من أين ضعيف؟ وخصوصاً الفاصلة بينه وبين ذاك مئتين سنة، بل حتى لو كان معاصراً له من أين عرف انه ضعيف؟ عاصره كان في بلده؟ لعله في مدينة أخرى، افترضوا معاصر له ولكن هو في مكان وذاك في مكان آخر، ولذا يقول بعد طول المعاشرة والاختبار أو بعد الجهد في تتبع الآثار، وعند هؤلاء يبعد صدور المعصية فيبعد صدور الخطأ من المعدِّل، يرشد إلى ذلك تعليلهم في تقديم الجرح على التعديل أنّا إذا أخذنا يقول الشاهد أنهم يقولون هذا أمر عدمي هذا أمر وجودي، إذن هذا بعد مرتبط بمبناك في أنّ العدالة والتوثيق قائم على أمر عدمي أم على أمر وجودي.
هذا المبنى هو المبنى الذي نختاره، نحن لا نقبل لا أن الأصل تقديم التعديل على الجرح، وإنما نختار القول الثالث الذي اختاره المحقق الداماد، ميرداماد صاحب القبسات قال: هذا تابع للموارد، المورد قد نقدم الجرح وقد نقدم التعديل، هذا المبنى هو الذي أيضاً اختاره العلامة الألباني، والذي يوجد عنده كتاب اسمه النصيحة، طبعاً هو يرد على عبد المنان هو كان مختلف كثيراً مع الألباني، يظهر معاصر له، ولهذا هو أيضاً يعبر عنه الهدام، ويظهر المعركة بينه وبين هذا الرجل كثيرة، هناك يقول بالتحذير من تخريب بن عبد المنان لكتب الأئمة الرجيحة، وتضعيفه لمئات الأحاديث الصحيحة، يردّه في هذا الكتاب يأتي في صفحة 193 يقول: والهدام (مقصوده ابن عبد المنان) على منهجه المنحرف عن الجماعة يأخذ أسوأ ما قيل في الراوي، مقدّماً الجرح على التعديل مطلقاً، وهو مذهب باطل بداهةً، يقول: لا يمكن القول بأن الجرح مقدم على التعديل مطلقا، بل لابد من التفصيل كما اشرنا إليه.
بناءاً على ما تقدم تعالوا معنا إلى تطبيق هذا الأمر على المقام وهو محمد ابن عيسى ابن عبيد، كما تعلمون وقرأنا انه ورد وتوثيقه من النجاشي، وورد توثيقه أيضاً من الكشي عبر عنه الثقة في ترجمة محمد ابن سنان، وورد تضعيفه من الطوسي في الفهرس والرجال والاستبصار، كما اشرنا إليه سابقا، فماذا نفعل؟
هنا تارةً نبني على ما قاله السيد بحر العلوم ووافق عليه جملة من الأعلام، من أنه إذا تعارض النجاشي والطوسي، فالتقديم للنجاشي للأسباب التالية 1-2-3-4 التي اشرنا إليها في الأبحاث السابقة، بناءاً على هذا يتقدم توثيق النجاشي على تضعيف الطوسي، ولكن نحن أيضاً لا نقبل هذه القاعدة، أيضاً لا يوجد عندنا أصل كلما قاله النجاشي فبالضرورة أوثق وأدق مما قاله الطوسي، أيضاً تختلف الموارد، لعله في بعض الموارد القرائن تكون مع النجاشي، وفي بعض الموارد القرائن تكون مع الطوسي، إذن هذا الأصل لا نوافق عليه.
وأخرى نقبل هذه النظرية المشهورة، كلما تعارض الجرح والتعديل يقدّم الجرح، إذن يتقدم الطوسي أو تضعيف الطوسي على توثيق النجاشي والكشي، وأيضاً نحن لم نوافق على هذه القاعدة، إذن ما الأمر؟ نطبق على المقام لنرى الآن لماذا أن الشيخ الطوسي ضعّف محمد ابن عيسى؟ وأساساً تضعيفه لمحمد بن عيسى هل كان مفسّر أو غير مفسّر؟ وأساساً هو ضعّفه من عنده أو استند إلى تضعيف الآخرين؟ وإذا استند إلى تضعيف الآخرين ما هو دليل الآخرين على تضعيف محمد ابن عيسى؟
المشكلة الموجودة في محمد ابن عيسى هذا الرجل يظهر أنّه كان له صلة قريبة جداً مع يونس بن عبد الرحمن، يونس بن عبد الرحمن فيه كلام كثير، حتى قيل في يونس كان يعبرون عن محمد بن عيسى بن عبيد يقال عنه يونسي، من قبيل من يقولوا له كافر، فلهذا في مقدمة جامع الرواة يقول هذا محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني رمي بأنه يونسي أنّها مدعاة لكفره وخروجه عن الملة، مشكلة يونس ما هي؟ تعالوا معنا إلى اختيار معرفة الرجال للكشي صفحة 485 الرواية قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد عن أخيه جعفر بن عيسى، قال كنا عند أبي الحسن الرضا وعنده يونس بن عبد الرحمن، إذ استأذن عليه قوم من أهل البصرة، فأوما أبو الحسن الرضا إلى يونس ادخل البيت، فإذا بيت (مراد من البيت في الروايات يعني الغرفة) مسبل عليه ستر (اكو حجاب) وإياك أن تتحرك (لا يفهم احد أنت موجود هنا عندي) حتى يؤذن لك، فدخل البصريون وأكثروا من الوقيعة والقول في يونس، (هذا كذا هذا ضال هذا مضل هذا خارج عن المذهب هذا خارج عن طريقة أهل البيت هذا كافر على الطريقة من شيعة أهل البيت)، وأبو الحسن مطرق سلام الله عليه، حتى لمّا اكثروا وقاموا فودعوا وخرجوا، فأذن ليونس بالخروج، فخرج باكياً، فقال جعلني الله فداك، إني احامي عن هذه المقالة، وإنّما دفاعي عن مدرستكم وهذه حالي عند أصحابي، فقال له أبو الحسن: يا يونس، وما عليك مما يقولون إذا كان إمامك عنك راضي، يا يونس حدّث الناس بما يعرفون، واتركهم مما لا يعرفون، كأنك تريد أن تكذب الله على في عرشه، يا يونس وما عليك لو كان في يدك اليمنى درّة، ثم قال الناس بعرة، أو قال الناس بعرة فقال الناس درة، هل ينفع ذلك شيء، إذا كان في يدك درة واعتقد الناس أنها بعرة أو كان في يدك بعرة واعتقد الناس أنها درة هل ذاك يضرك، قال لا، هل ذلك ينفعك قال: لا فقلت لا فقال: أنت هكذا أنت يا يونس إذا كنت على الصواب وكان إمامك عنك راضياً لم يضرك ما قال الناس، اقترن اسم محمد بن عيسى بن عبيد بيونس، وحيث أن يونس هذا وهذه واحدة من أسباب ماذا؟ ولذا بعد ذلك سيتضح انه ما ضعف محمد بن عيسى بن عبيد، وإنما قالوا الروايات التي اختص بنقلها عن يونس فهي غير معتبرة، فرق بين تضعيفه وبين رواياته التي اختص بها عن نقلها عن يونس، هذا توضيحه إنشاء الله يأتي بعد التعطيلات.
هذا الكتاب الذي بأيديكم خلاصة نظرياتي في مباحث القرآن وعلوم القرآن وقواعد فهم القرآن موجود في هذا الكتاب، خلاصته، كل المنظومة يعني كل ما موجود في منطق فهم القرآن ثلاثة مجلدات، ما موجود في كتاب أصول التفسير، ما موجود في تأويل القرآن، ما موجود في كتبنا الأخرى المنهج التفسير عند الحيدري كلها تقريباً موجودة هنا، ولذا الأعزة الذين يريدون يقفون على مبانيّ بإمكانهم إمّا يطالعوا وإما يبحاثوا ويرجعوا إلى الكتب الأخرى، لأنه كثير من الأعزة يأتون ويسألون في قضية الفلانية ما هو مبناكم؟ في العرض ما هو مبناكم؟ ما هو مرادكم؟ كيف يفهم القرآن؟ هذا في هذا الكتاب خلاصة الأمور موجودة.
والحمد لله رب العالمين