قسّم القرآن الكريم آياته الى محكمات ومتشابهات، قال تعالى: (مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ) (آل عمران 7) وبإرجاع المتشابهات إلى محكمات يستقيم معنى الآية بشكل واضح، وهذه الآية هي من المتشابهات، حيث يشتبه المراد منه على المستمع حين الاستماع، لا أنه ألفاظها متشابه، فإذا رجع إلى مثل قوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (الشورى: 11) وقوله: (سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الصافات: 159) استقرّ الذهن على أن المراد به التسلّط على الملك والإحاطة على الخلق دون التمكّن والاعتماد على المكان المستلزم للتجسّم المستحيل على الله سبحانه؛ لذا ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال في جواب السائل عن قوله: (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى):«بذلك وصف نفسه، وكذلك هو مستولٍ على العرش باينٌ من خلقه من غير أن يكون العرش حاملاً له ولا أن يكون العرش حاوياً له ولا أن يكون العرش ممتازاً له، ولكنا نقول: هو حامل العرش وممسك العرش ونقول من ذلك ما قال: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ) فثبتنا من العرش والكرسي ما ثبتّه ونفينا أن يكون العرش أو الكرسي حاوياً، وأن يكون عزّ وجلّ محتاجاً إلى مكان أو إلى شيء مما خلق بل خلقه محتاجون إليه .