لمّا عجزت الأحزاب الحاكمة منذ رحيل رسول الله صلّى الله عليه وآله عن تطويع القرآن والتمدّد في مساحته، تكالبوا على الروايات والأخبار، فوجدوا فيها ضالّتهم، وكان ثمن إعمار سلطانهم أن تحوّلت أمّة القرآن إلى أمّة السلطان، وكانت الأخبار هي الموءودة التي وئدت على أيادي زعماء الإسرائيليّات، بأمرٍ من السلطان، وبسكوتٍ من الأعيان، حتّى تربّت أجيالٌ، وتولّد ـ في ظلّ النشأة الجديدة للأخبار، وتحت عباءة السلطان ـ إسلامٌ صار يُدعى فيما بعد بإسلام الحديث، وما هو إلّا حديث السلطان!
فكان لابدّ من انعطافةٍ جديدةٍ، تُوقف تلك السيول الجارفة، التي ما أبقت لأمّة القرآن إلّا انحناءة الرؤوس لأمر السلطان، وكلّ استجابةٍ لحديثٍ دوّنه السلطان هو انحناءةٌ له وطاعةٌ عمياء.
لذا سعى سماحة المرجع الديني السيد كمال الحيدري(دام ظله) في كتاب موجز، التعرّف على حلقةٍ مهمّةٍ من حلقات تلك الانعطافة التاريخيّة التي ما جاءت إلّا لتلفّ سلاطين الماضي بعباءتهم السوداء، وتُشير بإصبع اليقين إلى ساحة القرآن؛ لتعي الأمّة سرَّ ما هي عليه من الخواء، وتنتفض لمستقبلها الذي لابدّ أن تتحوّل فيه من أمّة السلطان إلى أمّة القرآن.
ولذلك سيصدر قريباً إن شاء الله تعالى كتاب (الموروث الروائي، بين النشأة والتأثير) تقريراً لأبحاث سماحته من سلسلة محورية إسلام القرآن بقلم سماحة الدكتور الشيخ طلال الحسن، وبرعاية وإشراف مؤسسة الإمام الجواد(ع) للفكر والثقافة في 330 صفحة بقطع الوزيري بإذن الله تعالى.