نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية ولاية الفقيه (10)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    في المقدمة بأن الحوزة معطلة غد والأربعاء لا يوجد عندنا درس ولكن معطلة أيضاً ويوم السبت إن شاء الله تعالى ونكون في خدمتكم يوم الأحد.

    انتهى بنا الحديث إلى أنّه الولاية الثابتة للفقيه في عصر الغيبة يمكن بيانها بالمراتب الخمس التي أشرنا إليها فيما سبق, وهي ولاية الإفتاء وولاية القضاء وولاية, طبعاً يكون في علم الإخوة, قد لا يصطلح على الإفتاء بالولاية ولكنّه من مراتب الولاية, وولاية إقامة الحدود واستيفاء الحدود وولاية الإذن في التصرف وولاية الأولوية في الأمور العامة, هذه بيناها بنحوٍ تفصيلي, وقلنا بأن هذه المسألة تقريباً جملة من كبار أعلام الإمامية قالوا بها. طبعاً أنا لم أشر إلى بعض علمائنا المعاصرين الذين قالوا بهذه النظرية باعتبار أنه تحصيل للحاصل.

    من الأعلام الذين أشرنا إليهم النراقي وكذلك صاحب الجواهر وكذلك الشيخ الأنصاري وكذلك السيد الإمام+, فإذا صح هذا التقسيم وهو المدرسة النجفيّة والمدرسة القميّة مع ما بين هاتين المدرستين من فوارق منهجية في عملية الاستنباط لعلنا نوفق أن نشير إلى بعض ملامحها العامة باعتبار أن مدرسة النجف, طبعاً عندما أقول مدرسة النجف أعزائي مقصودي من زمان الشيخ الأنصاري إلى يومنا هذا, طبعاً مدرسة النجف أقدم من هذا, ولكنّه من زمان الشيخ الأنصاري هذه المدرسة متصلة وإلا قبل ذلك هناك مواقع متعددة كانت الحوزة العلمية في مواقع أخرى غير النجف, تكون في الحلة مثلاً كأن تكون في كربلاء مثلا ونحو ذلك, ولكنّه من زمن الشيخ الأنصاري استمرت هذه المدرسة بمبانيها المعروفة ولم يخرج أحدٌ من إطارها العام إلى يومنا هذا, بل جملة من الأعلام كالنائيني وغيره كانوا يفتخرون بأنه شرّاح مباني الشيخ الأنصاري, وشرّاح نظريات الشيخ الأنصاري لا أنهم لهم شيء جديد في قبال نظريات الشيخ الأنصاري.

    في قبال هذه المدرسة, مدرسة قم التي لعله تاريخيها يقل عن مائة عام مذ أسست كمدرسة علمية ناضجة لها مبانيها -إذا صح هذا التقسيم إلى المدرسة النجفية الحديثة والمدرسة القميّة- يتضح بأنه مسألة ولاية الفقيه جذورها في المدرسة النجفية وليس كما يحاول البعض أن يقول أن هذه النظرية مرتبطة بمدرسة قم ولا علاقة لها بمدرسة النجف, وإلا من الواضح أن الشيخ الأعظم الأنصاري هو مؤسس مدرسة النجف الحديثة وكذلك صاحب الجواهر+ وهكذا أعلام آخرون ذهبوا إلى هذه النظرية كما قلت ولكنّه الآن لسنا بصدد استقصاء الأسماء, وتبين أنه لا توجد هناك فوارق أساسية بين هؤلاء الأعلام يعني النراقي صاحب الجواهر والأنصاري والسيد الإمام+, الإطار العام تقريباً واحد, الآن قد تقع هناك بعض الاختلافات التفصيلية ولكن هذه لا تؤثر كثيراً على أصل النظرية.

    المسألة الأخرى التي لابد أن يلتفت إليها الأعزة وهي لم تبحث بحثاً كافياً في كلمات القائلين بهذه النظرية وهي مسألة أساسية ومهمة وهي الإشارة إلى أنّه هذه, أو هذه الأنواع أو هذه الأقسام من الولاية لأنه نحن أثبتنا هذه الولاية أولاً وبالذات لله سبحانه وتعالى ثم ثبتت للنبي’ ثم ثبتت للأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) ثم أثبتناها للفقيه الجامع للشرائط في عصر الغيبة. طبعاً هذه الأنواع الثلاثة -إن صح التعبير- ثلاثة أو اثنين في الواقع هما اثنين في الواقع أنه يوجد جامع مشترك أنه وجوب الطاعة لا فرق أن الأمر يصدر من الله سبحانه وتعالى أو يصدر من النبي’ أو يصدر من الإمام المعصوم× أو يصدر من الفقيه الجامع للشرائط فإن الراد عليهم كالراد علينا, أو >فإنهم حجتي عليكم< فمن الواضح مخالفة الحجة الذي ينصبه الإمام المعصوم من الواضح أنه جائز شرعاً أو ليس بجائز شرعاً؟ من الواضح أنّه لا يجوز ذلك, هذا هو العنوان العام وهو أنه وجوب الطاعة إذا تتذكرون نحن عندما جئنا إلى أقسام وأنواع الأحكام الشرعية قلنا بعضها فرض ربكم بعضها سنة نبيكم بعضها حكم ولائي ولكن هذه يجمعها جامع واحد أنه الجميع تجب طاعته الآن سواء كان جزءً من الشريعة أو لم يكن جزءً من الشريعة.

    المهم عندي هنا الإشارة إلى بعض الفوارق التي توجد بين هذه الأقسام من الولاية. في المقدمة:

    الفرق الأول: أن الولاية الثابتة لله سبحانه وتعالى هي ولايةٌ بالذات ولايةٌ ذاتية, ما معنى ذاتية؟ يعني أنها ليست مجعولة من أحدٍ لله سبحانه وتعالى, الآن كيف استنبطناها ما هو دليلها, هذه أبحاثٌ كلامية وقرآنية وعقلية الآن ليس محل بحثنا, المهم أن الولاية الثابتة المطلقة العامة لله سبحانه وتعالى هل هي بجعل جاعل أو ليست بجعل جاعل؟ ليس بجعل جاعل وإنما هي ولاية ذاتية لله سبحانه وتعالى, ثابتةٌ له بالذات يدركها العقل بلا حاجة إلى أي دليل آخر. وهذا بخلافه عندما نأتي سواء كنّا في ولاية النبي أو كنّا في ولاية الأئمة أو ولاية فقهاء عصر الغيبة أو الفقيه الجامع للشرائط في عصر الغيبة فهي ولاية مجعولة لا أنها ولاية بالذات, ولذا قلنا بأنها الأصل عند هؤلاء ما هو؟ عدم الولاية إلا إذا قام الدليل على إثبات الولاية, ولكنّ الأصل في الله سبحانه أيضاً عدم الولاية أو الأصل فيه الولاية؟ الأصل فيه الولاية هناك, وهذا هو الفارق الأول بين الولاية الثابتة لله سبحانه وتعالى, والولاية الثابتة للنبي وللأئمة وللفقيه في عصر الغيبة. وهذه قضية واضحة أتصور لا نحتاج فيها إلى كلام كثير.

    إنما الكلام كل الكلام في الفرق الثاني, وهو: أن الولاية الثابتة للنبي’ وللأئمة وللفقيه في عصر الغيبة وإن كانت مشتركة في أنها جميعاً مجعولة لا أنها بالذات ولكن مع ذلك تختلف, ما هو اختلافها؟

    الاختلاف الأول: هو أنّ الولاية التي هي ثابتة للنبي وللأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) ولايةٌ مجعولةٌ من قبل الله سبحانه وتعالى, من جعل الولاية للنبي؟ {إنما وليكم الله ورسوله} هذه الولاية التي جعلت للرسول من الذي جعلها له؟ الله هو الجاعل لها, من الجاعل للولاية أو ولاية الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) من بعده (عليه أفضل الصلاة والسلام)؟ الجاعل لها هو الله سبحانه وتعالى, التفتوا جيداً, لا أن الجاعل لولاية علي والأئمة هو رسول الله, لا لا أبداً, الرسول هو مبلغ ولاية علي وأهل بيته, وهذا هو الذي يقع فيه الغلط والتسامح في بعض كلمات الأكابر فضلاً عن غيرهم وهو أن رسول الله نصب علياً إماماً من بعده, لا لا أبداً, {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} أصلاً مرتبطة بمقوم من مقومات رسالة الله رسالة الإسلام, إذن لا يتبادر إلى ذهن أحد أن الإمامة والولاية التي أعطيت لعلي إنما هي بجعل ممن؟ بجعل من الرسول’.

    الآن لماذا أقول هذا الكلام أعزائي, لأن البعض قد يقول بأن الرسول لم يجعلها مطلقةً وإنما رشح أمير المؤمنين للإمامة ثم قال للناس أنتم أحرار إذا انتخبتوه فهو ولي وإذا لم تنتخبوه, فكان هناك ترشيح من رسول الله. لا أعزائي القضية جداً أعمق من هذا وهو أن الله سبحانه وتعالى كما جعل الولاية لرسول الله’ جعل الولاية لعليٍ وأهل بيته من بعده, الآن قد يقول قائل سواء كان هذا أو كان ذاك ما هي الثمرة المترتبة على ذلك.

    أعزائي هنا تظهر الثمرة وهو أنّه: أساساً الولاية الثابتة للفقيه أي نوعٍ من أنواع الولاية, هل هي أيضاً ولاية جعلت من قبل الله سبحانه وتعالى أو ليست كذلك, هنا الذي نعتقده نحن والأدلة تؤيد ما نقول, هو أن ولاية الفقيه في عصر الغيبة ليست مجعولة من قبل الله سبحانه وتعالى وإنما هذه الولاية مجعولة من قبل الإمام المعصوم (عليه أفضل الصلاة والسلام).

    إذن على هذا الأساس يتضح هناك فارق مهم بين الولاية المجعولة للنبي والأئمة فإنها مجعولة من قبل الله والولاية الثابتة للفقيه فإنها مجعولة من قبل الإمام المعصوم, فإن قلت ما الفرق؟ الجواب: فرق كبير جداً بين هذين النوعين من الولاية, ما هو الفرق؟ وهذا هو محل الكلام, والشاهد الذي أريد أن أشير إليه, وهو أنّه الولاية الثابتة للنبي والأئمة تُعد جزءً من الشريعة وجزءً من الدين, طبعاً هذا خلاف الولاية الثابتة للفقيه الجامع للشرائط, ليست جزءً من الدين وإنما هو حكمٌ ولائيٌ صدر من المعصوم لظروف استثنائية وهي ظروف الغيبة وبعد حضور الإمام× هل تبقى هذه الولاية أو يرتفع موضوعها أو يفعل بها شيء آخر, سواء ثبتت هذه الولاية أو لم تثبت هذه الولاية فهي جزء من الدين أو ليست من الدين؟ ليست جزءً من الدين, من قبيل كل الأحكام الولائية التي صدرت من الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

    يتذكر الأعزة نحن ميزنا بين الأحكام الشرعية قلنا هناك أحكامٌ شرعيةٌ تعد جزءً من الدين سواء كانت من فرض ربكم أو كانت سنة نبيكم وهناك أحكام صادرة منهم بعنوان أنها أحكام ولائية, تعد جزءً من الدين أو لا تعد جزءً من الدين؟ لا تُعد جزءً, نحن نعتقد أن الولاية لمن يعتقد بها, التي أنا معتقد بها, نحن نعتقد أن الولاية الثابتة للفقيه الجامع للشرائط في عصر الغيبة هي ولايةٌ ثابتةٌ بمقتضى الأحكام الولائية الصادرة من المعصوم (عليه أفضل الصلاة والسلام). وعلى هذا الأساس فهل هي جزءٌ من الشريعة أو ليست جزءً من الشريعة؟ ليست جزءً من الشريعة, ما معنى أنها ليست جزءً من الشريعة يعني قد تكون في زمان موجودة وقد لا تكون في زمانٍ آخر موجودة, وهذا بخلافه في أحكام الشريعة الثابتة, تلك >حلاله ثابت إلى يوم القيامة, وحرامه حرامٌ إلى يوم القيامة< يمكن تغييرها يمكن زيادتها يمكن … أبداً تلك ليست قابلة للزيادة والنقيصة ليست قابلة للجعل والوضع والرفع والتخفيف ونحو ذلك, ما هو الدليل على ذلك؟ أعزاء إذا يتذكر الأعزة فيما سبق نحن عندما جئنا إلى رواية علي ابن مهزيار صحيحة علي ابن مهزيار التي قراناها تفصيلاً فيما سبق, قلنا أن هذه الرواية أشارة إلى نوعين من الخمس: نوعٌ ثابت جزء من الشريعة, ونوعٌ ثابت بحكم ولائي من الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) بأي قرينة قلنا أن هذا النوع الثاني حكمٌ ولائي؟ قلنا التعبيرات التي استعملها الإمام, مرة يقول وضعت, مرة يقول رفعت, مرة يقول خففت, ينسب الحكم إلى نفسه وضعاً ورفعاً وتخفيفاً وهذا خير شاهد على أن الحكم لو كان من الأحكام الثابتة في الشريعة هل تنطبق عليها هذه الضوابط أو لا تنطبق؟ ليس بيد الإمام وضعه ولا رفعه ولا التخفيف عنه.

    فلذا عبارة -من باب الاستذكار- عبارة الرواية التي قراناها في وسائل الشيعة المجلد التاسع ص501 قال: >ولم أوجب ذلك عليهم في كل عام ولم أوجب ذلك عليهم في متاع, فأما الذي أوجب من الضياع< أما عندما يأتي إلى الغنائم يقول: >فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام قال الله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم}<.

    ولذا قلنا أن هذا اللسان وهذه قاعدة ضابط عام التفتوا إليه وهو أن الإمام بأي لغة يتكلم؟ يتكلم بلغة الإبلاغ يتكلم بلغة أنها جزء من الشريعة, أم يتكلم أنّه هذا مرتبط بي وبصلاحياتي التي أوكلت إليّ, أيّ منهما؟ هذا على الفقيه أن يتدبر في النص ليعرف أنه بهذا الاتجاه أو بذاك الاتجاه, الآن إذا تمت هذه الضابطة, تعالوا معنا إلى محل الكلام أعزائي للإشارة إلى نصين من أهم النصوص التي استدل بهما على إثبات الولاية للفقيه في عصر الغيبة, لنرى أن الإمام× كيف يعبّر عن هذه الولاية, كيف يعبّر عن هذا الحكم الشرعي, فهل ينسبه إلى الله وأنّ الله شرعه أو ينسبه إلى نفسه وأنّه هو الذي جعله أي منهما؟ فإن كان الأول فيعد جزء من أجزاء الشريعة الثابتة, وإن كان الثاني لا يُعد جزء من الشريعة الثابتة.

    الرواية الأولى في المقام: هي الرواية المعروفة برواية عمر ابن حنظلة أو مقبولة عمر ابن حنظلة, هذه الرواية موجودة في >وسائل الشيعة المجلد السابع والعشرين مؤسسة آل البيت في ص136< الرواية >عن محمد ابن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد ابن الحسين عن محمد ابن عيسى عن صفوان ابن يحيى عند داود ابن الحصين عن عمر ابن حنظلة< السند لا إشكال فيه وإنما المشكلة أين في عمر ابن حنظلة, عمر ابن حنظلة الذي فيه ما فيه, بعبارة أخرى: لم يرد فيه توثيقٌ ولم يترجم له أنه يمكن الاعتماد عليه أو لا, بعبارة أخرى: مجهول الحال.

    من هنا حاول الأعلام أن يصححوا هذه الرواية من خلال عمل الأصحاب بها, يعني انجبار هذا الضعف من خلال استناد الأصحاب عليها. طبعاً هذه القضية مناقشة صغرىً وكبرىً.

    أما الصغرى: لم يُعلم أن الأصحاب استندوا عليها بدليل أنهم لو كان قد استندوا أيضاً لقالوا بولاية الفقيه ولكن ليس الأمر كذلك.

    وأما الكبرى, حتى لو استندوا طيب من قال بأن عمل الأصحاب جابرٌ لضعف السند.

    ومن هنا ناقش جملة من الأعلام قالوا أن هذا الاستناد أو أن هذه الدعوى مناقشة أو مردودة من حيث الصغرى ومن حيث الكبرى, وتسمية الرواية أو تسمية النص بالمقبولة مبنية على هذا الاتجاه, لماذا يسمونها مقبولة عمر ابن حنظلة؟ يعني أن الفقهاء قبلوها هذا سبب التسمية, وإلا نحن لا توجد عندنا رواية, نحن الروايات تنقسم عندنا إما صحيحة وإما موثقة إما حسنة إما ضعيفة, لا يوجد عندنا من الأقسام المقبولة. الجواب: أنهم يقولون أنها معتبرة ومنشأ الاعتبار فيها هو قبول الأصحاب لها. هذا التوجه الأول لتصحيح سند الرواية, على المبنى الأعزة إن شاء الله عندما يحققون ويكونون أصحاب نظر بإذن الله تعالى ينتخبون أن هذا يكون مبناهم في تصحيح الرواية أو مبناهم الاتجاه الثاني وهو: أن يقال بأن هذه الرواية كما هي واردة في قراناها لكم, أن عمر ابن حنظلة وإن لم يوثق في كتب الرجاليين, التفتوا وهذا هو السبب الذي أدّى إلى البعض أن يقول أن هذه الرواية ليست مقبولة وإنما هي صحيحة صحيحة عمر ابن حنظلة, ما هو الدليل على أنها صحيحة السند؟ قالوا: أن عمر ابن حنظلة وإن لم يرد له توثيق له في كتب الرجاليين, ولكن ورد كلامٌ عن الإمام الصادق هذا الكلام يستكشف منه توثيق الرجل, وهذه الرواية واردة في >وسائل الشيعة< وهي رواية الجزء الرابع ص156< الرواية هذه وهي باب أوقات الصلوات الخمس باب كتاب الصلاة الباب العاشر من أوقات الصلوات الخمس الرواية 4790 من مؤسسة آل البيت, الرواية: >محمد ابن يعقوب عن علي ابن إبراهيم عن محمد ابن عيسى عن يونس< إلى هنا السند سندٌ أعلائي ما فيه مشكلة, >عن يزيد ابن خليفة قال: قلت لأبي عبد الله الصادق: أن عمر ابن حنظلة أتانا عنك بوقت< ذكر لنا وقت الصلاة ما هو >فقال إذن لا يكذب علينا< توثيق جيد هذا من الإمام×, إذن عمر ابن حنظلة يكذب أو لا يكذب؟ الإمام يقول أنه يكذب أو لا يكذب؟ لا يكذب, إذن هذا توثيق للإمام الصادق لمن؟ لعمر ابن حنظلة. ولكنّ المشكلة أن هذه الرواية يوجد فيها يزيد ابن خليفة الذي هو غير موثق, ما أدري واضح أم لا, وإلا لو كان يزيد ابن خليفة موثق فالرواية تثبت وثاقة عمر ابن حنظلة, ماذا نفعل بيزيد ابن خليفة؟ يزيد ابن خليفة هناك طريقٌ لتصحيحه ولكن أيضاً مبني على أصل هذا الأصل إن شاء الله تحقيقه في محله, وهو: أن يزيد ابن خليفة روى عنه أحد الثلاثة الذين لا يرون إلا عن ثقة, يعني البزنطي وابن أبي عمير وصفوان ابن يحيى, صفوان روى عن من؟ عن يزيد ابن خليفة, من هنا أعزائي من يقبل هذا الأصل وهذه القاعدة, طبعاً دعونا ننظر إلى الرواية التي روى فيها, الرواية واردة في >فروع الكافي< هذه الطبعة الجديدة لمركز بحوث دار الحديث, >فروع الكافي المجلد السابع في ص587 رقم الرواية 6573< الرواية: >أبو علي الأشعري عن محمد ابن عبد الجبار عن صفوان ابن يحيى عن يزيد ابن خليفة قال: شكوت إلى أبي عبد الله الصادق× فقلت إني أصدّع إذا صمت هذه الثلاثة أيام ويشك, قال: …< إلى آخره, جيد.

    إذن صفوان ابن يحيى ناقل عن يزيد ابن خليفة, فإذا صار مبناكم قبول تلك القاعدة التي ناقشها السيد الخوئي بمناقشاتٍ مفصلة ورد عليه بمناقشات أكثر تفصيلاً منها, طبعاً هناك رسائل متعددة مكتوبة في هذا المجال وهو توثيق ما ورد من مسانيد ومراسيل هؤلاء الثلاثة, يعني لا أنهم لا يرون إلا عن ثقة, لا يرسلون إلا عن ثقة, ويكون في علم الإخوة وهو أنه إذا تمت هذه القاعدة لا أقل تصح عندنا ألف رواية, القضية ليست بهذه البساطة, يعني القضية ليست نظرية ترفيّة لا لا, أبداً وإنما إذا سقطت هذه القاعدة >قاعدة لا يرون إلا عن ثقة ولا يرسلون إلا عن ثقة< إن صحت القاعدة فهذه المئات من الروايات في مختلف الأبواب سوف يكون سندها صحيح ومعتبر, أما إن لم تصح هذه القاعدة كما لم يقبل السيد الخوئي فعند ذلك كل هذه الروايات تسقط عن الاعتبار.

    طبعاً يكون في علم الأعزة, بأنّه هذه قاعدة متصيدة من قبل أعلام فقهاء مدرسة أهل البيت يعني لا يوجد هناك شهادة من أحد هؤلاء الثلاثة أننا لا نروي إلا عن ثقة ولا نرسل إلا عن ثقة لا توجد مثل هذه الشهادة, وإنما هي متصيدة من كلمات هؤلاء الثلاثة, على أي الأحوال.

    فإن قبلنا هذا المبنى, طبعاً جملة من المعاصرين منهم السيد الشهيد+ يعتقد بصحة القاعدة, في الأعم الأغلب أعزائي يقبلون هذه القاعدة, فإن بنينا على صحة هذه القاعدة وليس ببعيدٍ, إذن فعلى هذا الأساس فإن هذه الرواية تكون صحيحة السند وإذا صارت صحيحة السند ففيها توثيق لعمر ابن حنظلة إذن نحن نتكلم عن ماذا عن مقبولة عمر ابن حنظلة أو صحيحة عمر ابن حنظلة؟ عن صحيحة ابن عمر حنظلة, جيد. إذا تمت هذه الرواية, عند ذلك تعالوا معنا إلى الرواية الواردة فيها, قال (عليهم أفضل الصلاة والسلام): >قال ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإنّي قد جعلته عليكم حاكما< لا الله جعله عليكم حاكماً, لا أنه مجعول حاكم عليكم لا لا أبداً, الجعل ممن؟ من الإمام المعصوم×, فيكون اللسان لسان ذاك النوع الثاني من الخمس الذي قال: >وضعت ورفعت وخففت< ونحو ذلك, هذه هي الرواية الأولى في المقام مع بحثها السندي.

    الرواية الثاني في المقام: وهي ما وردت أيضاً في وسائل الشيعة في ص140 وهي الرواية المعروفة بالتوقيع, الرواية في >كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة وسائل الشيعة ص140 كتاب القضاء أبواب صفات القاضي الباب الحادي عشر الرواية التاسعة رقم الحديث الكلي 33424< الرواية: >عن محمد ابن محمد ابن عصام عن محمد ابن يعقوب يعني الكليني عن إسحاق ابن يعقوب< هناك بحث مفصل بين الأعلام أن هذا إسحاق ابن يعقوب هو أخو محمد ابن يعقوب الكليني أم لا, جملة من الرجاليين يقولون أنّه هو إسحاق ابن يعقوب الكليني إذن ابن يعقوب ينقل عن من؟ عن أخيه, قال: >سألت محمد ابن عثمان العمري< من الأوتاد من النواب الخواص, >قال: سالت محمد ابن عثمان العمري أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليّ فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان قال: أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبتك ..< إلى أن قال, جيد, سند الرواية أعزائي أيضاً عندنا في هذه الرواية التي هي أهم روايتين لنظرية ولاية الفقيه, التفتوا ما هو سندها؟ سندها فيها إسحاق ابن يعقوب, وإسحاق ابن يعقوب أيضاً لم يترجم له, لا توجد له ترجمة لا بتوثيق ولا بعدمه, ولذا أولئك الذين يصرون على مسألة ولاية الفقيه ويحاولون الاستدلال على ذلك بهذه الرواية واقعاً شمروا عن سواعدهم لتصحيح سند هذه الرواية, من جملة الأمور التي قالوها, طبعاً عدّة وجوه ذكروها لتصحيح الرواية, من الوجوه التي ذكروها قالوا أنّه أساساً من غير المنطقي أن محمد ابن يعقوب الكليني على عظم قدره وفقاهته وعلمه بالحديث أن يقبل توقيع من الإمام الحجة وهو لم يتأكد من ذلك, أساساً يعقل ذلك؟ إذا لم يكن متأكداً من ذلك كيف أساساً ينقل مثل هذه الأمور, كيف أن الشيخ ينقل هذه الرواية, على أي الأحوال, ما عندنا بحث في هذه, هذه قضية تحتاج إلى بحث مفصل لتصحيح السند والمشكلة كما قلت للأعزة هو إسحاق ابن يعقوب.

    أما محل الشاهد: >قال: فأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنّهم حجتي عليكم وأنا حجة الله< القائلون بهذا الذي أشرت أو أنا الذي أقول بهذه النظرية وهي أنّه أساساً هذه الولاية والمقام إنما هو بجعل من من؟ بجعل من الإمام المعصوم توجد قرينتان: القرينة الأولى: وهي المقابلة بين أنّه حجتي وهو حجة الله, إذا كان هذا أيضاً مجعول من قبل الله إذن هذه المقابلة تتم أو لا تتم؟ لا معنى لها, لأنه كما أن الله جعلك حجة جعل الفقيه الجامع للشرائط حجة, مع أن الإمام ماذا يفعل؟ يقابل بين حجية الفقيه في عصر الغيبة وحجيته وكونه حجة (عليه أفضل الصلاة والسلام) >أن هذا حجتي وأنا حجة الله< وثانياً: ولعله أوضح من القرينة الأولى, وهي: أنه لم يقل حجة قال حجتي, هذا مرتبط بي أنا لا بغيري, خصوصاً وهي صادرة من الإمام الثاني عشر (عليه أفضل الصلاة والسلام) الذي هو سوف يغيب عن شيعته وعن أتباعه وعن مواليه وهم يحتاجون إلى من يقوم بأمر الشيعة في عصر الغيبة, إذن هاتان القرينتان على أن الفقيه الجامع للشرائط في عصر الغيبة جعل من قبل النبي؟ لا, من قبل الله؟ لا, جعل من الإمام بعنوان أنه عنصر ثابت في الشريعة؟ لا, وإلا لو كان كذلك فعندنا أحكام صدرت منهم وهي لم يعبروا عنها بهذه التعبيرات, هذه التعبيرات علامة على أنها من الأحكام الولائية الصادرة منهم.

    ولعله في كلمات الشيخ الأنصاري إشارة من بعيد إلى هذا المعنى, هذه الإشارة موجودة في المكاسب المجلد الثالث ص586, يقول: >فكان هذا منصب< هذا المنصب الذي أعطي للفقيه في عصر الغيبة, >فكان هذا منصب ولاة الإمام من قبل نفسه< الإمام ينصب ماذا؟ ولي كيف أنه في حياته ينصبهم, كيف أن رسول الله ينصبهم للولاية في حياته يعني ذاك الولي يكون جزءً من الشريعة؟ لا, وإنما مرتبط بزمان معين يبقى في زمان ويعزل بعد ذلك, ولو كان جزءً من الشريعة ولاية زيد أو عمر أو خالد طيب لا معنى لأن يثبت يوم ويعزل في يوم آخر, كما أن الولاية الثابتة للنبي والأئمة لا معنى لأن تثبت في يوم وتعزل في يوم آخر, هي ثابتة ولا يمكن نفيها ولا يمكن التلاعب بولاية النبي والأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) ولكنّه الشيخ الأعظم يقول: >فكان هذا منصب ولاة الإمام من قبل نفسه< التفتوا إلى العبارة >لا أنه واجب من قبل الله سبحانه< أنا أتصور أن العبارة واضحة جداً. نعم, الشيخ الأعظم لم يبين ما الفرق سواء كان ثابتاً من قبل الله أو ثابتاً من الإمام؟ الجواب: أنا قلت أن الفرق أنه إذا كان ثابت من قبل الله يكون جزءً من الشريعة أما إذا كان ثابتاً من قبل المعصوم فلا يكون كذلك, يقول: >لا أنه واجب من قبل الله سبحانه على الفقيه بعد غيبة الإمام وإلا لو كان الإمام يريد أن يثبت ذلك المعنى وإلا كان المناسب أن يقول إنهم حجج الله عليكم لا أن يقول حجتي عليكم< هكذا ينبغي أن يفهم هذا الكتاب العميق.

    هذا الكتاب كتاب المكاسب في ظرف من الظروف في النجف الذي كان يستطيع أن يدرس المكاسب بالحمل الشائع يعني بشرطها وشروطها بالنحو الذي الآن نشرحه لكم لا إشكال أنّه كان يقال باجتهاده, ولذا كثير من الناس, ما أريد أن أدخل في هذا البحث, كثير من الناس ما يدرس المكاسب مباشرة يذهب ويدرس بحث خارج أروح له .. لماذا؟ لأنه في البحث الخارج لا توجد عبارة لابد أن يفتح مغاليقها, ماذا يخطر على ذهنه يقوله, يقال له من أين جئت به, يقول رأي هذا وانتهت القضية انحلت.

    ولذا تجدون بأنه ضعف الطالب والمطلوب الآن في حوزاتنا العلمية السبب أن درس السطح ضعف في الحوزة العلمية وتبع ذلك ماذا؟ درس الخارج, واقعاً الآن دروس الخارج في الأعم الأغلب انتهت في حوزاتنا العلمية ليس له قيمة علمية, أي طالب مجد يستطيع أن يراجع أي كتاب من الكتب الأعلام يطالع يجد بأنه شيء مبتسر وناقص ومبتور ينقلون من تقريرات فلان وفلان ويأتون يعطوها في أكل الطالب, وإلا هذه العبارة التي يقول بها >وإلا كان المناسب أن يقول أنهم حجج الله عليكم كما وصفهم في مقام آخر بأنهم أمناء الله على الحلال والحرام< إذن لماذا عبر الإمام هذا؟ ولذا تجدون نفس هذا المطلب موجود في عبارات السيد الإمام+ طبعاً من غير بيان النكتة وهي: أنّه لماذا ما الفرق سواء كان من قبل الله أو من قبل الإمام المعصوم؟ النكتة نحن بيناها في كتاب البيع المجلد الثاني ص475 >ومعلومٌ أن المراد أنما هو ولي< طبعاً يشرح >أنا حجة الله وهم حجتي عليكم< >أن المراد أنما هو ولي من قبل الله تعالى لهم من قبلي ومعلومٌ أن هذا يرجع إلى جعل إلهي له× وجعلٍ من قبله للفقهاء< إذن حجيته جعلٌ إلهي له حجة الله, أما الفقهاء ليس جعل من الله للفقهاء وإنما جعل من الأئمة للفقهاء.

    يبقى عندنا عنوانان آخران لابد أن نشير إليهما إن شاء الله:

    العنوان الأول: إذا تتذكرون نحن قلنا بأنّه هذه الولاية الثابتة للفقيه قد تكون للأمة دورٌ فيها وقد لا يكون, التي عبرنا عنها بالولاية الانتصابية والولاية الانتخابية, ما هي الثمرات والفروق المترتبة على هاتين النظرتين.

    والأمر الثاني أو البحث الثاني: أنه من هو المصداق الذي أعطيت له هذه الولاية.

    وهذا ما سيأتي إن شاء الله تعالى يوم الأحد.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2015/11/24
    • مرات التنزيل : 1425

  • جديد المرئيات