نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية الإنسان الكامل (46)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قوله: وقد كان الحق أوجد العالم كله وجود شبح مسوا لا روح فيه فكان أي العالم كمرآة غير مجلوة ومن شأن الحكم الإلهي أنه ما سوا محلا إلا ولابد أن يقبل روحا إلهيا عبر عنه بالنفس فيه.

    كان الكلام في هذه النقطة المحورية والأساسية وهي أنه بعد أن ثبت الحكمة في إيجاد الكون الجامع والإنسان الكامل يأتي تساؤل آخر وهو: أنه ما هي العلاقة التي تحكم وجود الإنسان الكامل مع العالم؟ هل هي علاقة عرضية هل هي علاقة طولية وإذا كانت علاقة طولية ما هي هذه العلاقة؟ بينا في الحلقة السابقة بأن هذه العلاقة ليست علاقة أو لا يوجد هناك انفصال وليس كما يتصور انه لا ارتباط بين الإنسان الكامل والكون الجامع والعالم, بل هناك علاقة وارتباط بين الإنسان الكامل والكون الجامع والصادر الأول وبين العالم, ما هي هذه العلاقة ما هو نحو هذه العلاقة؟ من خلال مثال بين لنا أن هذه العلاقة كعلاقة الروح والجسد, وعلى هذا الأساس فإن هذا العالم هو الجسد وأن الإنسان الكامل هو الروح هذا أولا, وأشرنا إلى الكلمات وبعض الروايات التي تشير إلى هذه الحقيقة.

    النقطة الأخرى التي تترتب على هذه العلاقة: هو أنه بوجود الإنسان في العالم لأنه هو بمنزلة الروح للجسد بوجود الإنسان في العالم يعني بوجود الروح في هذا البدن الذي هو العالم يوجد عندنا إنسان حقيقة ولكنه إنسان كبير وبهذا يتضح أن التعبير عن العالم بالإنسان الكبير ليس تعبير مجازي وإنما هو تعبير عن حقيقة لماذا يسمى إنسان؟ لأن الإنسان مركب من روح ومن جسد وهذا العالم بما فيه من روح أيضا إذن موجود واحد حقيقي لا أنه نظامه فقط واحد, لأن البعض يتصور أن هذا العالم واحد يعني النظام الذي يحكمه واحد لا, هذا العالم واحد يعني موجود واحد حقيقة روحه الإنسان الكامل والعالم أجزاء هذا الموجود أجزاء هذه الحقيقة الواحدة, إذن التعبير عن العالم بأنه الإنسان الكبير لا يصح هذا التعبير إلا بعد وجود الروح في العالم وإلا قبل وجود الروح في العالم لا يسمى العالم الإنسان الكبير لماذا؟ لأن حقيقة الإنسان هي التركيب من الروح والجسد فمع عدم الروح الآن لو وضعنا يدنا على زيد من الإنسان إنسان ولكن إنسان صغير لا كبير إنسان صغير هذا الإنسان الصغير متى يكون إنسانا؟ إذا كان فيه الروح والجسد أما إذا كان جسدا بلا روح هل يسمى إنسان؟ نعم قد يسمى إنسان بعلاقة ما كان يعني علاقة مجازية يعني كان إنسانا وإلا الآن ليس بإنسان حقيقة. ولذا تجدون أنه في نقش النصوص هذه عبارته والحق معه يقول: وكذلك ولهذا يقال في العالم أنه الإنسان الكبير ولكن بوجود الإنسان في العالم وإلا إذا لم يوجد الروح في العالم الذي هو الصادر الأول الذي هو الحقيقة المحمدية إذا لم تكن في العالم يسمى الإنسان الكبير أو لا يسمى الإنسان الكبير؟ لا يسمى الإنسان الكبير. وهذا المعنى طبعا في مواضع متعددة أشير إليه منها كما في الشرح يعني شرح نقش الفصوص في ص91 هذه عبارته قال: ولهذا أي لكون العالم بمنزلة الجسد وكون الإنسان الكامل بمثابة روحه, التفتوا جيدا الآن لماذا يقول بمنزلة الجسد لماذا يقول بمثابة روحه؟ لهذه النكتة يعني لا يتبادر ذهنكم نحن إذا قلنا علاقة الروح والجسد يعني كل الخصوصيات الموجودة هنا لابد أن تكون موجودة هناك, وهذه مشكلة أخواني الأعزاء في بعض الأحيان نحن نذكر المثال وفي ذهننا جهة معينة من المثال ولكنه أنت تأخذ المثال وتذهب إلى الآخر فتتصور أن كل القواعد والأحكام والقوانين الموجودة في المثال لابد أن نطبقها على ماذا لابد أن نجد لها مثيلا في الممثل, لا ليس الأمر كذلك, فقط هذا المثال يريد أن يشير إلى هذه النقطة, أن حياة العالم بحياة الإنسان الكامل وموت العالم بموت الإنسان الكامل, فإذا كان الإنسان الكامل موجودا فالعالم موجود وحي وتترتب عليه الآثار كما إذا كانت الروح في البدن تترتب عليها الآثار يحيا ويسمع ويبصر ويذهب ويأتي ويفهم ويعقل و.. أما إذا فارقت الروح البدن فلا تترتب عليه الآثار, فقط يريد أن يبين هذه العلاقة الوجودية بين الإنسان الكامل وبين ما سوا الله (سبحانه وتعالى) لا أنه يريد كل ما يوجد من خصوصيات في الإنسان الصغير يعني العلاقة الموجودة بين الروح والجسد لابد أن نجد ما يناظرها ويماثلها هناك يعني في علاقة الإنسان الكامل بالعالم, فلذا دائما التعبير بمثابة بمثابة للإشارة إلى أن هذا مثال فلا يأخذكم هذا المثال أن تفرطوا فيه وتتصوروا أن الممثل لابد أن توجد فيه كل آثار وكل قوانين وخصائص المثال, وهذه نقطة أساسية في الأمثلة أخواني الأعزاء القرآن الكريم عندما يقول {وتلك الأمثال نضربها للناس} التفتوا جيدا الأمثال نضربها للناس ولكنه لا يكتفي بهذا يضع قيدا معها ماذا يقول؟ (كلام أحد الحضور) لا لا {وما يعقلها إلا العالمون} هذه الأمثلة من يفهمها العالم لا تأخذه الأمثلة وتذهب به إلى الآخر لا أبدا وإنما العالم هو الذي يتفهم يتعقل ما هو المطلوب من هذا المثال يعني أي جهة يريدها المثال أن يوصلنا إلى الممثل لا كل الجهات, ولذا تجد القران الكريم ضرب للناس في القران من كل مثل ولكنه في مكان آخر قال {ولله المثل الأعلى} لا يتبادر إلى ذهنك أنه عندما نضرب أمثلة يعني مثل هذا لا لا, ليس الأمر كذلك, {ولله المثل الأعلى} هذه القاعدة احفظوها أخواني, هنا ستجدون أنه واحدة من الإشكالات التي ترتب على ذاك إذا كانت العلاقة هي علاقة الروح والجسد يعني بين الصادر الأول والعالم طيب تعالوا معنا أنا وأنت روحنا قبل جسدنا أم جسدنا قبل روحنا؟ خصوصا بناء على الحركة الجوهرية يوجد الجسد ثم تفاض الروح فيه, ألسنا نقول بأنه في الشهر الأول في الشهر الثاني في الشهر الثالث في الشهر الرابع ماذا تفاض الروح, فإذن الجسد قبل الروح أم الروح قبل الجسد؟ (كلام أحد الحضور) يعني العالم قبل الصادر الأول؟ إذا مشينا مع المثال لابد أن نلتزم كما أن الجسد قبل الروح عندنا في العالم في الإنسان الكبير أيضا الله أوجد العالم أولا يعني كأعضاء بتعبيره كجسد مسوا لا روح فيه, ثم أفاض عليها الروح, طيب هذا كيف ينسجم مع قاعدة (أن أول ما خلق نوري) ينسجم أم لا؟ المشكلة نشأة من أين؟ نشأة أنه تصورنا أن كل الأحكام الموجودة هنا لابد أن نجدها في الممثل وليس الأمر كذلك, وبحثه سيأتي بعد ذلك. المهم قال ولهذا أي لكون العالم بمنزلة الجسد وكون الإنسان بمثابة روحه يقال في حق العالم أنه الإنسان الكبير, الآن اتضح في قبال من؟ في قبال زيد وعمر وبكر و سماء, أقول هؤلاء البشر هذا إنسان صغير وذاك إنسان كبير, فإنه كما أن الإنسان عبارة عن جسد وروح يدبره كذلك العالم عبارة عنهما لا عبارة عن الأعضاء الاعضاء بما هي أعضاء لا يسمى عالما متى يكون عالما ومتى يكون حيا؟ إذا كان فيه روحه مدبره وهو الإنسان الكامل مع أنه أكبر منه صورة ولكن هذا القول إنما يصح ويصدق بوجود الإنسان الكامل في العالم أي في العالم, فإنه لو لم يكن موجودا فيه أي لو لم يكن الروح الذي هو الإنسان الكامل موجودا في العالم كان كجسداً مُلقى لا روح فيه كإن إطلاق الإنسان على الجسد الذي لا روح فيه لا يصح إلا مجازا كذلك إطلاق العالم عليه على العالم من غير الإنسان الكامل يكون إطلاق مجازي.

    قال: وكما يقال للعالم الإنسان الكبير كذلك يقال للإنسان العالم الصغير, وكل من هذين القولين إنما يصح بحسب الصورة وأما بحسب المرتبة فالعالم هو الإنسان الصغير والإنسان هو العالم الكبير   

    أتزعم أنك الجرم الصغير       وفيك انطوى العالم الأكبر

    الإنسان هو العالم الكبير لا العالم هو العالم الكبير, الآن هذا مربوط بالاصطلاح.

    إذن النقطة الأولى التي أنا بودي أن الأخوة يلتفتون إليها هذا المثال أخواني الأعزاء يريد أن يشير إلى هاتين المسألتين المهمتين:

    أولا: أن واسطة الفيض بالنسبة إلى العالم هو الإنسان الكامل يعني لا يأتي شيء إلى أجزاء هذا العالم إلا بتوسط من؟ بتوسط الصادر بتوسط تلك الحقيقة المحمدية, التفتوا جيدا, لا يأتي شيء كما أنه لا يحصل شيء للبدن والجسد إلا بتوسط الروح يعني ما من شيء يمكن أن ينسب للجسد إلا وأولا وبالذات ينسب للروح وإلا الروح إذا لم تكن موجودة هذا الجسد يحس أو لا يحس؟ لا يحس ولا يشعر ولا يحترق ولا يتألم ولا يلتذ ولا ولا .. هذا أولا.

    ثانيا: ويترتب على ذلك الأمر الثاني وهو أنه حياة هذا العالم إنما بوجود من؟ بوجود الإنسان الكامل فيه, وبموت الإنسان الكامل يموت من؟ يموت العالم, فإذا أراد الله أن يبدل الأرض غير الأرض وأن يبدل السماوات الطريق إلى ذلك بحسب حكمته ما هو؟ أن هذا الإنسان الكامل يغادر هذا العالم أو يغادر هذه الأرض وإلا بعد ذلك سيتضح بأنه أساسا لو غادر الإنسان الكامل العالم غادر يعني ماذا؟ يعني عدم, وبتعبير العرفاء يعني رجع إلى عالم البطون, فيوجد عالم أو لا يوجد عالم؟ لا يوجد عالم, ولذا وساطة الفيض للصادر الأول ليس فقط في قوس النزول في قوس النزول وفي قوس الصعود, يعني ماذا في قوس الصعود وأيضاً في قوس النزول؟ يعني ما من شيء يوجد في عالم العقول ووساطة الفيض من هو؟ الصادر الأول, في عالم المثال الصادر الأول, في عالم الدنيا الصادر الأول, في عالم البرزخ الصادر الأول, في الحشر الأكبر في الجنة والنار لا يتبادر إلى ذهنكم أن هذه قضية في واقعة {إني جاعل في الأرض خليفة} هذه ليست قضية في واقعة وانتهى الله جعل وانتهى, لا هذا ليس هكذا, ولذا قلنا أن هذا الجعل يدل على الاستمرارية نظام الوجود متوقف عليه, ولذا هؤلاء يصرحون بأنه وساطة الفيض للإنسان الكامل هي نزولا وصعودا بعبارة أخرى: أزلا وأبدا, ولذا عبارته بعد ذلك يقول: ولم يزل ولا يزال هذا الصادر الأول وأنه وساطة الفيض وأنه الحياة به لم يزل ولا يزال وهذا أيضا أشار إليه هؤلاء الأعلام وحده منها في هذا الموضع كما في الجامي قال: التجليات الإلهية في ص99 التجليات الإلهية لأهل الآخرة إنما هي بواسطة الكامل لا يتبادر إلى الذهن أن الله (سبحانه وتعالى) هناك في الآخر تتبدل سنته ويتبدل قانونه, كما في الدنيا والمعاني المفصلة لأهلها متفرعة من مرتبته ومقام جمعه أبدا كما كانت أزلا, كما تفرع منه أزلا وما للكامل من الكمالات في الآخرة لا يقاس على ما له من الكمالات في الدنيا وهذا إن شاء الله بحث آخر إذا كانت كل هذه الكمالات في قوس النزول هكذا في قوس الصعود مثلها؟ يقول: لا أضعافها لأنه في قوس الصعود الكمالات جدا أكثر من كمالات قوس النزول إذ لا قياس لنعم الآخرة على نعم الدنيا, وقد جاء في الخبر الصحيح (إن الرحمة مئة جزء جزء منها لأهل الدنيا وتسعة وتسعون لأهل الآخرة) إذا كانت كل هذه النعم هي جزء من مئة جزء من الرحمة الإلهية وفي الروايات أساسا هذا الجزء يضم إلى التسعة والتسعين فيجعلها لأهل الآخرة, جيد.

    سؤال: طيب إذا يكون العالم عالما ويكون العالم إنسانا كبيرا إذا وجد فيه الروح طيب متى يكون عالَما؟ ما هو العالَم ما معنى العالم؟ كما قالوا العالم على وزن قالب ما هو القالب؟ يعني ما يقلب به شيء على وزن طابع يعني ما يطبع به الشيء ما معنى عالم؟ يعني ما يعلم به شيء آخر, يقول: هذا العالم إنما يعلم به شيء آخر إذا كان فيه الإنسان الكامل وإلا إذا لم يكن فيه الإنسان الكامل يكون كمرآة مغبرة غير مجلوة والمرآة غير المجلوة تعكس أو لا تعكس تري غيرها أو لا؟ لذا قال كمرآة غير مجلوة الإنسان الكامل إذا لم يوجد فيه, إذن التفتوا جيدا الآن أشار إلى دورين:

    الدور الاول: هو أن حياة العالم بالإنسان الكامل.

    الدور الثاني: أنه لو لم يكن الإنسان الكامل في هذا العالم لعكس الله لأوصل إلى الله أو لم يوصل؟ لم يوصل (من عرفكم فقد عرف الله) وإلا إذا هم غير موجودين فهذه المعرفة تتم أو لا تتم؟ طيب الآن إذا تمت أولا لا تتم تكون في ضلال بعيد ولكن إذا تمت تكون تامة تكون كاملة أم ناقصة؟ تكون ناقصة, من قبيل إذا من باب المثال, المرآة غير المجلوة التي تقف أمامها قد ترى بعض الأشباح ولكن تستطيع أن تعكسك كما هي أو لا؟ (من عرفكم فقد عرف الله ومن جهلكم فقد جهل الله) لا يمكن ومبناه العرفاني ومبناه الفلسفي في هذه النقطة وهي نسبة الإنسان الكامل إلى العالم هي نسبة الروح إلى الجسد ونسبة, قال: ولقد كان الحق أوجد العالم كله وجود شبح مسوا لا روح فيه فكان يعني فكان العالم, فكان أي العالم كمرآة غير مجلوة ومن شأن الحكم الإلهي. إذا أمكن تجلسون وتعاينون وإلا أنا حساس مولانا, تجلسون وتعاينون مع أحد الأخوة الدرس شيخنا, (كلام أحد الحضور) أقول أنا لا استطيع مولانا مع كل احترامي إليكم أرى شخص يجلس لم يرى في الكتاب, فقط يعاينون, (كلام أحد الحضور) أنا كذلك أقول تفضلوا مع أحد الأخوة ما قلت شيء, قلت مولاي الجليل أجلسوا مع أحد الأخوة أنظروا, (كلام أحد الحضور) بلي هذا الذي قلت وانتم أيضا عندكم كتاب, طيب لماذا لأنكم تعرفون حساسيتي يا سيدنا يا شيخنا أقول احترموا احترموني في هذا القدر.

    قال: فكان العالم كمرآة غير مجلوة يعني ماذا؟ يعني بأنه أساساً إذا لم يكن الإنسان فيه فهو يعكس أو لا يعكس؟ لا يعكس, طيب الآن انتهى البحث أجعل نقطة هنا. ومن شأن الحكم الإلهي هذه بيان سنة, يقول الله (سبحانه وتعالى) من سننه العامة أنه إذا خلق شيئا فيه قابلية أن يحصل على شيء آخر يعطيه, البدن إذا وجد وفيه قابلية أن يسنخ فيه روح ماذا يفعل؟ ينفخ فيه روح يعطيه روحا, قال: ومن شأن الحكم الإلهي يعني السنة الإلهية, ومن شأن الحكم الإلهي أنه ما سوا محلا سوا المراد تسوية هذه سوا مأخوذة من قوله تعالى {فإذا سويته ونفخت فيه من روحي} فسويته {ونفس وما سواها} طبعا هناك التسوية للنفس وهذه التسوية للبدن, وقال: ومن شأن الحكم الإلهي يعني من شأن السنة الإلهية أنه ما سوا محلا إلا ولابد أن يقبل ذلك المحل روحا إلهيا ونفخت فيه من روحي, عَبر عنه أو عُبر عنه, هذا عُبر عنه هذا الضمير في عُبر عنه إلى ماذا يعود؟ هذا يعود على الروح أو يعود على القبول, عُبر عن الروح بالنفخ أو عُبر عن القبول بالنفخ؟ (كلام أحد الحضور) الآن يلزم ما خلوه سيدنا فقط اسمع, إذن احتمالان يوجد:

    الاحتمال الاول: أن المراد عُبر عن الروح بالنفخ, عبر عنه يعني عبر عن الروح الإلهي هذا احتمال.

    الاحتمال الثاني: يقول لا, عبر عنه يعني عبر عن ذلك القبول في النفخ التفتوا جيدا وهذا الاحتمال الثاني هو الذي يرجحه الشارح, القيصري يقول بأنه: هذا القبول وهذا الاستعداد الموجود في الجسد المسوا هو المعبر عنه بالنفخ, أما جملة من الأعلام كالجندي يقول لا, أن الروح هو المعبر عنه بالنفخ لا أن القبول معبر عنه بالنفخ لماذا؟ لجملة واحدة, وهو أن النفخ ليس شأنا من شؤون القابل بل هو شأن من شؤون الفاعل فلا معنى لأن يقول أنه بالنفخ أوجد القابلية طيب أوجد القابلية إذن الروح من أوجدها يحتاج إذن إلى نفخ ثاني مع أن الآية المباركة ماذا تقول؟ تقول {فإذا سويته} فالتسوية فيها القابلية أيضا {ونفخت فيه من روحي} إذن النفخ متعلق بأي شيء؟ بنفخ الروح لا بإيجاد الاستعداد والقبول, ما ادري واضح هذا المعنى. إذن يوجد احتمالان:

    الاحتمال الاول: عُبر عنه ضمير عبر يعود إلى الروح ومعنى ذلك بالنفخ يحصل الروح.

    الاحتمال الثاني: عبر عنه أي عبر عن القبول بالنفخ يعني النفخ يوجد الاستعداد ويوجد القبول.

    قال: عبر عنه بالنفخ فيه وما هو, هذه ضمير وما هو يعود بشكل واضح إلى القبول ما هو القبول؟ يقول: وما هو ذاك القبول الذي يوجد للمحل المسوا وما هو أي القبول إلا حصول الاستعداد من تلك الصورة المسواة الاستعداد لأي شيء, هذا القبول متعلق باستعداد, المسواة لقبول لقبول ماذا؟ لقبول الفيض, الآن بدل عن الفيض ماذا قال؟

    قال: التجلي الدائم فالتجلي الدائم بدل الفيض هذه على قراءة, وعلى قراءة لا, لقبول فيض التجلي الدائم, هنا التجلي الدائم ليس بدل عن الفيض بل الفيض حاصل من التجلي, الله تجلى فمن تجليه حصل الفيض, إذن توجد هنا قراءتان:

    القراءة الاولى: لقبول هذا الاستعداد عندما حصل للمحل لقبول الفيض هذا الفيض ما هو؟ بدل منه, التجلي الدائم هذه القراءة الأولى.

    القراءة الثانية: لقبول فيض التجلي الدائم هذا الذي وصف التجلي الدائم الذي لم يزل ولا يزال, لا أنه حادث التفتوا جيدا هو ملتفت أن هذا التجلي الدائم منقطع الأول أو لا؟ لا اشكال إنه غير منقطع الآخر صحيح, أما منقطع الأول أو لا؟ يقول: لم يزل ولا يزال أزلاً وأبداً هذا التجلي الدائم موجود. وهناك قراءة ثالثة يعني نسخة أخرى تقول: لقبول التجلي الدائم أصلا لا الفيض ولا فيض لقبول هذا الاستعداد لأجل ماذا؟ لقبول التجلي الدائم الذي لم يزل ولا يزال, طبعا الأول والثاني أشار إليهم القيصري أما الثالث لم يشر إليه. هذا هو المتن بشكل الإجمال. أما توضيح المتن, قال اعتراض, وقد كان يقول اعتراض, وقع بين الشرط والجزاء, إذا تتذكرون في ص211 قال هذه قوله لما شاء الحق (سبحانه) هذا جوابه أين شاء هو فعل الشرط جوابه ما هو؟ قلنا يوجد قولان: قول يقول محذوف وقول يقول فاقتضى الأمر الذي يأتي في ص225 إذا على هذا القول الثاني هذه الجملة ماذا تصير؟ وقد كان الحق واقعة بين الشرط والجزاء فلهذا قال بناء على هذا القول.

    يقول: اعتراض واقع يعني جملة معترضة واقعة بين الشرط يعني لما شاء الحق (سبحانه وتعالى) وبين الجزاء الذي يأتي في ص225 فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم على أن قوله فاقتضى جواب لما بناء على الاحتمال الثاني الذي تقدم في ص211 لا الاحتمال الأول, جيد والواو انتهى هذا الأمر. والواو للحال قال وقوله وجود شبح مسوا يقول هذا وجود منصوب صفة لموصوف محذوف صفة مصدر محذوف أي أعطى وجودا مثل وجود شبح مسوا, إذن التفتوا جيدا بناء على ذلك لا يريد أن يقول أنه خلق العالم أولا وكان شبحا مسوا لا روح فيه ثم بعد ذلك شاء أن يوجد فيه روح لا, أعطاه قال أعطى وجودا مثل شبح هذه مسألة مثال لا أنه واقعا أوجد العالم أولا بلا روح ثم أوجد روحه بعد ذلك حتى يلزم الإشكال. الآن معنى العبارة ومعنى المقطع, أن الحق تعالى قد كان أوجد الأعيان الثابتة التي للعالم الكبير دون الصغير أوجدها بالوجود العيني مفصلا, أنظروا هذا الدخول يورث الإشكال, يقول أوجده وجودا لا فقط أعينيا في الفيض الأقدس بل عينيا في الفيض المقدس, ولكنه بلا روح, ثم أوجد روحه, طيب هذا أوجد ثم أوجد هذا دال على التراخي والتركب يعني وجد العالم العيني ولكن لا روح فيه ثم وجد الروح فصار, ولعله هذا هو مقتضى قوله تعالى {إني جاعل في الأرض خليفة قالوا} فيظهر من هذا الحوار الموجود بين الملائكة والله أن هذا الخليفة كان مجعولا أو غير مجعول؟ غير مجعول يعني الملائكة والعالم كانوا ولكن هذا الخليفة كان موجود أو غير موجود؟ هذا ظاهر العبارة, ولكنه إذا حملنا القضية على قصة لتبين حقائق العالم عند ذلك هذه, أما إذا حملناها على قضية في واقعة, طيب الآية تقول {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة} صحيح, طيب قبل أن يقول لهم هؤلاء الملائكة موجودين أم لا؟ تبين أنه موجودين وأحياء ويعيشون ويذهبون ويأتون ولكن الخليفة موجود أم لا؟ غير موجود, هذا هو الذي تثيره القصة والإشكال, ولكن بعد ذلك عندما يقول {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة, يا آدم أنبئهم} (أول ما خلق نور نبيكم) (سبحنا فسبحت الملائكة) تبين انه لا أزلا وأبدا أنه وإلا يلزم أن يكون الصادر الأول يكون صادر أول أو لا؟ لا يلزم أن يكون الصادر الأول صادرا أولا, وهذا لا إشكال خلاف المقطوع به من الروايات الواردة من الفريقين, على أي الأحوال. ومعناه أن الحق تعالى قد كان أوجد الأعيان الثابتة التي للعالم الكبير دون الصغير الإنساني أوجده بالوجود العيني مفصلا ولكن أوجده كالموجود الذي لا روح فيه والمرآة التي لا جلاء لها, بينا لا روح فيها تشير إلى نكتة ومرآة لا جلاء فيه تشير إلى نكتة أخرى.

    قال: والمرآة التي لا جلاء لها وكان من شأن الحق يعني من سنته من سننه الإلهية وكان من شأن الحق وحكمة الإلهي وسنته انه ما أوجد شيئا وسواه إلا ولابد أن يكون ذلك الموجود قابلا للروح الإلهي فيه قابلية واستعداد, لتكون به لابد أن يكون ذلك الموجود قابلا للروح الإلهي ليكون أو لتكون هنا لابد أن تصير؟ (كلام أحد الحضور) لتكون من يعني؟ لتكون الروح الإلهي, لتكون الروح به حياته يعني لتكون الروح به بالحياة؟ ما يصير, (كلام أحد الحضور) بلي (كلام أحد الحضور) لتكون من تكون من؟ (كلام أحد الحضور) بلي (كلام أحد الحضور) لا أقول لتكون من الضمير على من يعود العالم أم الموجود؟ (كلام أحد الحضور) لا إلا أن نرجعه إلى الأعيان الثابتة للعالم الكبير يعني لتكون لتلك الأعيان الثابتة التي وجدت في الوجود العيني تفصيلا لتكون به أي بهذا الروح ماذا؟ هنا لابد أن تكون حياتها لا حياته, ولذا هنا الأفضل أن تصير ليكون ذلك الموجود الذي هو العالم, ليكون به يعني بالروح حياته يعني ليكون بالروح حياة ذلك العالم, ويترتب على ذلك العالم كمالاته ويترتب على ذلك العالم ماذا؟ كمالاته ويظهر به أي بهذا العالم الذي وجد فيه الروح الربوبية فيه وإلا إذا لم تكن فيه روح فلا معنى لأن يكون مظهرا لربوبية رب العالمين والأمر سهل. طيب سؤال هذا وذلك القبول ما هو؟ قال هو النفخ, التفتوا إذن شرح عُبر عنه بالنفخ أرجع الضمير إلى القبول لا إلى الروح, عبر عنه لا عبر عن الروح الإلهي عبر عن القبول.

    قال: وذلك القبول هو المعبر عنه بالنفخ فيه أي في المحل قال تعالى في آدم {فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} فنفخه تعالى ما هو؟ ما هو نفخه؟ هو إعطائه القابلية والاستعداد, إذن جعل النفخ لأجل ماذا؟ لا لأجل أعطاء الروح بل لأجل إعطاء القابلية والاستعداد, هذا وجه.

    الوجه الثاني كما أشرنا للأخوة هو أنه الجامي يقول لا ليس الامر كذلك عفوا, الجندي, الجندي في ص134 عبارته هذه يقول: {فإذا سويته ونفخت فيه من روحي} ما هي التسوية؟ التفت جيدا كيف يفسر التسوية, يقول: فالتسوية عبارة عن حصول القابلية في المحل التسوية هي حصول القابلية لا بالنفخ توجد القابلية, التسوية من أجزاء ومقومات التسوية أن يكون الشيء فيه قابلية وإلا إذا كان الشيء لا توجد فيه قابلية هذا مسوا أو غير مسوا؟ ليس مسوا, إذن النفخ مرتبط بالقابلية أو بالفاعل؟ بإعطاء الروح لهذا الذي فيه قابلية قبول الروح, فالتسوية عبارة عن حصول القابلية في المحل للنفخ الإلهي وهو أي النفخ الإلهي وهو عبارة عن التوجه الرحماني بالفيض الوجودي هذا هو النفخ, إلى أن يقول يعني ليس تسوية الحق للمحل ليس تسوية الحق للمحل قبول الروح إلا حصول الاستعداد التسوية ما هي؟ إلا حصول الاستعداد, فهو في قوله وما هو لسان الحكم الإلهي وفي قوله عُبر عنه يعود الضمير إلى الروح لا إلى القبول, الشارح جعل الضمير يعود على من؟ الى القبول الجندي ماذا يقول؟ يقول: لا الضمير يعود إلى الروح. يعود الضمير إلى الروح لا بمعنى أن الروح هو النفخ لا, بالنفخ توجد الروح لا أن النفخ هي الروح, بل بمعنى أن الله, ثم أعلم أن تسوية الحق للمحل أن يعطيه الاستعداد والقابلية. لذا هذا المقطع من المتن توجد فيه احتمالان واقعا يعني فهم الجندي كما أشرنا وفهم القيصري.

    قوله: وما هو, (كلام أحد الحضور) بلي (كلام أحد الحضور) أنا في قناعتي الجندي, الجندي هو الصحيح وهذا هو الذي يؤكده شيخنا الأستاذ شيخ حسن زادة في الحاشية يقول بأنه الصحيح يقول وفيه مسامحة أي في محل وفيه مسامحة لأن قبول الروح ملازم للنفخ إلى أن يقول لأن النفخ صفة النافخ لا المنفوخ فيه, وقال الشيخ مؤيد الجندي ينقل العبارة التي أشرنا, ثم هنا في ص219 الحاشية رقم خمسة يقول: اضطرب جناب الشارح عند اصطلاح قول الشيخ الأجل, يقول الشارح واقعا هنا لم يستطع أن يعطي العبارة حقها. وقوله وما هو, هذا وما هو رجعه إلى النفخ مع أنه هذه وما هو مرجعه إلى القبول, هذا واضح أم لا. وما هو يقول أي ليس ذلك النفخ إلا حصول الاستعداد, طيب هنا الاستعداد قبول والقبول قبول ولكن ليس النفخ هذا النفخ بعد حصول الاستعداد, كما نحن شرحناها وما هو أي ذلك القبول إلا حصول الاستعداد, أي ليس ذلك النفخ إلا حصول الاستعداد من الصور المسواة أي من ذلك الموجود لقبول الفيض المقدس, طيب أنتم تعلمون كان عندنا بحث مفصل في تمهيد القواعد أن الفيض المقدس ما هو؟ مرتبط بعالم الأعيان الخارجية, لقبول الفيض وإن كان هناك قول أيضا ذكر بأنه يشمل الأعم من الصعق الربوبي والأعيان الخارجية لكن هنا المراد هذا. لقبول الفيض المقدس الذي هو التجلي الدائم الحاصل عليه أي على هذا الموجود وعلى غيره, يقول: ما هو؟ لقبول الفيض المقدس الذي هو لم يزل ولا يزال, هذا التجلي الدائم والفيض المقدس لم يزل ولا يزال, أزلاً وأبدا بواسطته, إذ لو فرض انقطاعه هذا التجلي والفيض المقدس الذي لم يزل ولا يزال إذ لو فرض انقطاعه آنا ما لعُدم الأشياء كلها لأنه هو منشأ الروح فإذا انعدمت انعدم كل شيء, (لولاه لساخت الأرض بأهلها). سواء كانت تلك الأشياء موجودة بالوجود العلمي أو موجودة بالوجود العيني لا فرق في عالم الإمكان الموجودات تنقسم إلى عين وإلى علم يقول: سواء كانت الموجودات العلمية أو الموجودات العينية فحياتها بمن؟ بالصادر الأول, فالتجلي قوله التجلي الدائم بدل الكلي من الفيض هذا هو الاحتمال الأول.

    الاحتمال الثاني: وفي بعض النسخ لقبول فيض التجلي بالإضافة فمعناه لقبول الفيض ذلك الفيض الحاصل من التجلي ولا يكون ذلك الفيض نفس التجلي على الاحتمال الأول يكون نفس التجلي لأنه بدل له, أما على الاحتمال الثاني يكون متولدا من التجلي. ولا يكون ذلك الفيض نفس التجلي بل يكون ذلك التجلي أو الفيض حاصلا من التجلي. ولا ينبغي, هذه إشارة إلى الإشكال وهو أنه هذا ظاهر العبارة أن العالم وجد بلا روح ثم وجدت الروح, يأتي جوابه.

    والحمد لله رب العالمين

    • تاريخ النشر : 2016/02/28
    • مرات التنزيل : 1569

  • جديد المرئيات