نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية الإنسان الكامل (51)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قوله: فالأمر كله منه ابتداءه وانتهائه وإليه يرجع الأمر كله كما ابتدأ منه جواب شرط مقدر.

    في البحث السابق وفي الدرس السابق وقفنا عند نقطة أساسية ومهمة في فهم المعارف, خصوصا فيما يتعلق بفعل الإنسان وأن الفعل الإنساني والاختيار الإنساني هل هو مترتب على الأعيان الثابتة أو لا؟

    هنا قد يتصور بأن هذه الأعيان الثابتة للأشخاص وللبشر هذه في علمه الأزلي الله (سبحانه وتعالى) نظمها كما يريد وفعلي الخارجي إنما هو مترتب على الأعيان الثابتة من هنا تلوح رائحة الجبر لأنه هذا الفعل إنما وجد بمقتضى العين الثابتة لزيد والعين الثابتة لزيد كانت أن تكون زيدا من الناس كانت تكون فرعونا عينه الثابتة طيب كيف هو يستطيع إذا كانت عينه الثابتة فرعون أن يكون موسى مثلا.

    بعض الأعلام من أساتذتنا أجابوا عن ذلك: بأنه هذه العين الثابتة ليست هي بنحو العلة التامة وإنما هي بنحو المقتضي وعلى هذا الأساس فلا يفقد الإنسان في الخارج اختياره, نعم مقتضى عينه الثابتة ذلك لكنه بنحو الاقتضاء لا بنحو العلية التامة.

    هذا الجواب وإن كان يخفف من المشكلة شيء إلا أنه لا يدفع الإشكال لماذا؟ لأنه في النتيجة هل يوجد هناك بمقتضى العين الثابتة ميل وانجذاب إلى أن يكون فرعون أو لا يكون؟ لا يكون هذا القدر أنا خارج عن اختياري وخارج عن إرادتي, يعني بعبارة أخرى: أنت تجعل الشرائط والامكانات والظروف وكل الظروف تجعلها باتجاه أن يكون الإنسان فرعونا نعم يبقى عنده احتمال واحد من الألف أن يكون موسى ثم تحاسبه, طيب هذا ليس بمقتضى العدل الإلهي.

    الجواب أخواني كما أشرنا إليه بالأمس ولكن بشرط الدقة ثم الدقة ثم الدقة, لأنه أنا من خلال الأسئلة التي تسأل أفهم أن نكتة البحث لم تتضح, فذلكة البحث لم تتضح.

    لو فرضنا أضرب مثال آخر, لو فرضنا أن الله أوجد عالما إنسانيا بلا علم منه أبدا أصلا لم يكن عالما أوجد عالما ثم أن هؤلاء الناس فعلوا ما أرادوا فعلوا ما أرادوا هذا صار يزيد وهذا صار حسين وهذا صار فرعون وهذا صار موسى وهذا صار محمد’ وهذا صار أبو لهب و.. إلى غير ذلك, ثم كتب في علمه الذاتي ما رآه خارجا من البشر هذا العلم الذاتي هو سبب وجود هذا المعلوم خارجا أو المعلوم سبب وجود هذا العلم في الواجب؟ وإلا هو يقول أنا لم أفعل لكم شيئا كل ما في الأمر ضبط ما علمته منكم الآن هذا العلم المتأخر أجعلوه متقدما لماذا يلزم الجبر منه؟ هذا العلم المتأخر كان فيه جبر أو لا يوجد فيه رائحة جبر؟ (كلام أحد الحضور) لماذا؟ لأنه علم وجود من المعلوم, علم وجد مما علمته منك طيب الآن لو فرضنا أن هذا العلم الأزلي منه أيضا ضبط وكتب وهندس على ما علمه من العبد طيب لماذا يلزم منه الجبر؟ ما أدري واضحة النكتة, والروايات تؤكد هذه النكتة والحقيقة بشكل واضح مثل هذه القضية, أنا أشير إلى روايتين في هذا المجال.

    الرواية الأولى: واردة في البحار المجلد العاشر ص170 السائل يسال الإمام × يقول: فما بال ولد آدم فيهم شريف ووضيع؟ قال: الشريف هو المطيع والوضيع العاصي, قال السائل أليس فيهم فاضل ومفضول؟ قال: نعم, قال: فتقول إن ولد آدم كلهم سواء في الأصل لا يتفاضلون إلا بالتقوى, قال الإمام نعم إني وجدت أصل الخلق التراب والأب آدم والأم حواء خلقهم إله واحد وهم عبيده الآن التفت جيدا, طيب إذا كان الأمر كذلك لماذا قال هذا آدم وهذا موسى وعيسى وهذا نبي وهذا إمام وهذا عاص وهذا, طيب هذا في عمله رتبه, قال: إن الله عز وجل اختار من ولد آدم أناسا طهر ميلادهم هو اختار اختياره من هنا تأتي شبهة الجبر, طيب انت اخترت بحسب علمك الأزلي وبمقتضى أن المعلوم يوجد على أساس ذلك العلم, طيب أبدانهم وحفظهم في أصلاب الرجال وفي أرحام النساء أخرج منهم الأنبياء والرسل فهم أزلي فروعي آدم هذه الشجرة المباركة, طيب سؤال: لماذا فعل ذلك؟ هنا يأتي جوابين: إما يأتي الجواب يقول {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} هذا علمي الذاتي وهو الأحسن انتهى ونحن نقول سمعا وطاعة, هذا لازمه أن المعلوم في الخارج تابع للعلم, ولكن الإمام لم يجيب هكذا أخواني الاعزاء, يقول: فعل ذلك لا لأمر استحقوه من الله عز وجل ليس الله (سبحانه وتعالى) أعطى لهذا ما لم يرد أن يعطيه لذاك وإنما ماذا, ولكن علم الله منهم حين ذرأهم أنهم يطيعونه ويعبدونه ولا يشركون به شيئا, علم منهم بالعلم الأزلي هؤلاء ماذا يريدون أن يكونوا؟ عين الطاعة له, فإذن ثبت في الهندسة للإنسان والنظام للإنسان جعلهم ماذا؟ ما أدري عندما أسال يعني السؤال غير واضح أم أنه؟ (كلام أحد الحضور) جيد جدا, التفتوا جيدا يعني عندما أقف واقعا لأنه المسألة عميقة ودقيقة وإذا لم تتضح اطمأنوا من هنا إلى آخر العرفان من الآن لا تأتي, لماذا؟ لأنه نحن نرتب الفيض المقدس نرتبه على الفيض الأقدس فإذا صار الفيض الأقدس أمر خارج عن اختيار الإنسان فالفيض المقدس لا قيمة له أخي العزيز تقول أنا مجبر من الأزل الله أرادني من الأزل أن أكون كذلك وانتهت القضية, تجدون أني ثلاث حلقات واقف عند هذه القضية وأسأل أن الفيض الأقدس منشأه ما هو؟ علمه بما يريد العبد وما يختاره في عالم الخارج.

    قال: فعل ذلك لأنه علم منهم حين ذرأهم أنهم يطيعونه ويعبدونه ولا يشركون به شيئا فهؤلاء بالطاعة نالوا من الله الكرامة والمنزلة الرفيعة عنده, لماذا جعل عين رسول الأعظم الصادر الأول؟ لأنه علم منه أنه يريد درجة من الطاعة توجد عند غيره أو لا توجد؟ فكتبه على ما أراد, هو أراد ذلك فكتبه, ولو فرضنا فرض المحال بالوقوع لو كان يعلم أن رسول الله ليس هكذا إنسان عادي ولكن هو يعطيه عين ثابتة لكي يجعله الصادر الأول يعني عنده صداقة خاصة مع هذا الموجود فأعطاه مع أنه لا يستحق, فهذه الإرادة الجزافية, ولذا نحن قلنا في قوله {الله أعلم حيث يجعل رسالته} متعلق أعلم ماذا؟ أعلم بعبده ماذا يريد وعلى أساسه جعله رسولا, وإلا لو لم يعلم منه هذا أيضا كان يجعله رسولا أم لما علم منه يريد الرسالة جعله رسولا؟ (كلام أحد الحضور) لا لا إرادة يعني باختياره أراد الطاعة أنا الآن موجود مختار بالضرورة أم لا؟ فعلم مني من الأزل أنا أريد أن أختار الإيمان فعيني الثابتة ماذا كتبها؟ مؤمن, ليس هنا أنا أختار الإيمان بالجبر أنا هنا اخترت الإيمان بملأ إرادتي يعني حتى لو لم أكن من أبوين طاهرين علم مني أريد الطهارة فماذا فعل لي؟ كتب لي عينا ثابتة طاهرة من الأصلاب والأرحام (كلام أحد الحضور) بالاختيار, (كلام أحد الحضور) عجيب, أقول الإنسان موجود مختار, آقاي جعفر, الإنسان مختار أو غير مختار؟ (كلام أحد الحضور) اسمع الآن ليس وقته, (كلام أحد الحضور) اسمع آقاي جعفري الآن ليس وقته, إذن فهم بالطاعة نالوا من الله الكرامة والمنزلة الرفيعة عنده.

    الآن جدا أفضل لك أن تسمع آقاي جعفري واقعا مقام تسمع وليس مقام تسأل, تتكلم.

    إذن التفتوا جيدا, الصورة التي هندسها الله (سبحانه وتعالى) في مقام الواحدية للإنسان هذه الصورة مأخوذة مما علمه أزلا من كل إنسان ماذا يريد أن يفعل؟ إذن قولنا أن علمه في مقام الواحدية تابع للمعلوم لا يتبادر إلى ذهنكم كما أشرنا في الحلقة السابقة أنه مرتبط بكل عالم الإمكان أبدا ولا مرتبط بنظام الإنسان بنحو القضية الكلية بل مرتبط بالإنسان بنحو القضية الخارجية الشخصية, هذا مورد رواية توجد فيه.

    المورد الثاني الذي توجد فيه رواية أيضا وهذه قرأناها نحن مرارا وتكرارا وهو ما ورد في أول دعاء الندبة, طبعا موارد متعددة أنا ذكرتها في كتاب العصمة الأخوة يراجعونها هناك, قال: بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية وزخرفها وزبرجها فشرطوا لك ذلك وعلمت منهم الوفاء به, أنا أيضا لعله في عالم الميثاق عندما شرط علي أيضا قبلت الشرط ولكن علم الله مني الوفاء أو لم يعلم؟ فإذا كان يعلم مني الوفاء لأعطاني ما أعطى أوليائه الخاصين وحيث أنه لم يعلم مني الوفاء بما شرطة له فأعطاني في هذا العالم هيأ لي ما هيأ لأوليائه الخاصين أو لم يفعل؟ لم يفعل, ولذا تجد القران بشكل واضح وصريح يقول: {وعلم فيهم خيرا لأسمعهم} الآن تقول طيب امتحنهم, يقول: {لو أسمعهم لتولوا وهم معرضون} أدري هؤلاء ماذا, أنا الذي أعلم الممتنع لو يوجد كيف يوجد لا أعلم أن هؤلاء ماذا يريدون أن يفعلوا في الدنيا؟ طيب ماذا ترتب على ذلك يعني ماذا ترتب على علمه الأزلي أن هذا يريد الطاعة وهذا يريد المعصية؟ ما أريد أن أقول أن هذا يريد أن يكون بقرا وهذا يريد أن يكون حمارا لا لا ذاك ليس فيه ثواب وعقاب وجنة ونار المشكلة لم توجد هناك المشكلة أين توجد؟ في الإنسان والذي يترتب عليه الطاعة يترتب عليه من الثواب والعقاب, علم من زيد أنه لا يريد منه إلا لا يريد إلا الطاعة لله وعلم من عمر لا يريد إلا المعصية, يقول: الله (سبحانه وتعالى) بلسان ماذا أعبر عنه بلسان المسؤولية بلسان الوجود يقول جيد لما علمت منك أزلا لا تريد إلا الطاعة فالآن ماذا أفعل لك؟ أوفر لك كل مقدمات الطاعة والتيسير وذاك الذي يريد العسر والمعصية يقول علمت منك أنك ماذا تريد باختيارك ماذا تريد حتى جنابك أو زيد من الناس الذي يريد المعصية بشق الأنفس يعصي أم براحة يعصي؟ براحته أصلا هذا نظامي هذا, {كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك} نحن بنائنا هذا, إذا رأيناك انك تريد أن تمشي على الصراط المستقيم نهيأ لك ألف ولي ومرشد وأستاذ يدلك على الصراط المستقيم وإذا وجدناك تريد أن تذهب إلى الطريق المنحرف نقيض لك ألف شيطان {قيضنا له قرناء سوء} نحن نهيأ له, ولذا تجد القران الكريم بشكل واضح وصريح يقول {فسنيسره لليسرى}. ولذا أنا أتذكر في بحث العدل الإلهي راجعوا أنتم راجعوا لي في بحث العدل الإلهي لعله قبل خمسة عشر سنة أو عشرين سنة, أنا هناك طرحت نظرية جدا استغربوها وجدا يستغربوها الطلبة وغير الطلبة ونقلت أيضا وصارت ضجة قلت أن يكون الإنسان ابن طاهر أو ابن نجس هذا باختياره؟

    قالوا كيف يعقل هو يختار لنفسه أن يكون؟ قلت لا, هو لم يختار علم الله ماذا سيريد أن يختار فهيأ له هذا الجو أو هيأ له هذا الجو, لأنه في الآخر لأنكم تعلمون أن الاضطرار بالاختيار لا ينافي الاختيار هو اختار علم منه أنه يريد ذلك, فهيأ له المقدمات {فسنيسره لليسرى} {فسنيسره للعسرى} الآن التفت لي جيدا انظروا البحث كيف يتسلسل مثل المنطق الرياضي, وعلى هذا الأساس تفهم أخبار الطينة لماذا الله (سبحانه وتعالى) جعل طينة أهل البيت من طينة عليين أعلى عليين لماذا؟ أيوجد عشق خاص به لأهل البيت وعنده عداوة منه مع الطرف الآخر حتى يخلقهم من سجين وهؤلاء يخلقهم من عليين؟ الجواب: لا, قال علمت منهم أنه لا يريدون إلا الطاعة فهيأت كل المقدمات ومنها طينتهم الطاهرة, وعلمت من أولئك أنهم لا يريدون إلا المعصية وإلا النصب والعداء لأهل البيت فهيأت لهم ما ييسر لهم الوصول إلى مبتغاهم, أخبار الطينة إنما هي قائمة على أساس ما علمه من كل إنسان لأنه قال {ونيسره} ومن التيسير أن يهيأ ماذا له؟ أرضية تناسب إرادته واختياره, ومن التيسير أن يوجد ويهيأ له كل المقدمات التي توصله إلى الغاية التي يريد تحقيقها, هذا من التيسير. ولذا أنتم عندما تأتون إلى الروايات الواردة في أخبار الطينة تجدونها بشكل واضح وصريح في هذا المضمون إذا لم تجعلوها في ذلك الإطار يعني في إطار المد والتيسير الإلهي واقعا لا تخلو من رائحة الجبر, هذا خلق من فاضل طينتها فصار مال قلبه إلينا, طيب وذاك خلق من فاضل طينة سجين فصار إذا ذكرنا اشمأز قلبه ونفر منا, طيب ما هو ذنبه هذا الذي خلق من هذه الطينة وذاك الذي خلق من تلك الطينة ماذا الثواب والكرامة لهذا والعقاب والخسة لذاك من أين جاءت؟ ما أدري واضح هذا المعنى.

    ولذا تجد أن أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام هذه القضية بشكل واضح وصريح في أخبار الطينة ذكروها وعلمائنا قدس الله نفسهم أيضا أشاروا إلى هذه النكتة, التفتوا جيدا.

    في أخبار الطينة الروايات في ذلك كثيرة أنا أشير إلى بعض هذه الروايات.

    من الروايات المهمة في هذا المجال هذه الروايات الواردة في البحار المجلد الخامس ص238, الرواية عن الإمام الصادق قال: إن الله عز وجل خلق ماء عذبا فخلق منه أهل طاعته) طيب كيف صار هذا أهل طاعته وهذا أهل اختياره, إذا هو بعلمه الأزلي أراد طيب القضية واضحة أن هذا يصير من أهل الطاعة وذاك يصير من أهل المعصية طيب وأنا ما هو ذنبي ولو حتى بنحو الاقتضاء, ما هو ذنبي أنا خلق ماء عذبا وخلق منه أهل طاعته طيب صار هذا ماذا؟ صار مطيع طيب هذا معنى أن المعلوم تابع للعلم, حتى لو كان بنحو الاقتضاء لا بنحو العلة التامة, 99% من أين جاءت هذه الطاعة؟ من خلق ذلك الماء, وجعل ماء مرا فخلق منه أهل معصيته.

    الرواية الثانية: عن علي ابن الحسين, إن الله عز وجل خلق النبيين من طينة عليين قلوبهم وأبدانهم وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة وخلق أبدانهم من دون ذلك, يقول له يا ابن رسول الله لماذا من دون ذلك؟ يقول لأنه لو كنتم مثلنا لصرتم أنبياء وائمة, تبين إذن يوجد صداقة لأنه أنت يريد أن يجعلك نبي وأنت ماذا؟ فلو كان جعل طينتي لم تختلط مع طينة سجين أنا كذلك لصرت مثلك, إذن لماذا إلهي فعلت ذلك لماذا هذا صار طينته خالصة من عليين ولكن هذا طينته مخلوطة من عليين وسجين لماذا فعلت ذلك؟ الجواب جوابان كما قلنا: تارة يقول هكذا يعجبني أنا هكذا هكذا اقتضت مشيئتي ولا نقول له شيء لان الامر بيده, وهذا الجواب جواب ينسجم مع علمه مع حكمته أو لا ينسجم؟ لا ينسجم, وتارة يقول لا, خلقته من طينة عليين لما علمته منهم لا يريدون إلا الطاعة لي كما قرأنا في الرواية السابقة من الجزء العاشر, واضح.

    قال: وخلق الكافرين من طينة سجين أو سجيل قلوبهم وأبدانهم فخلط بين الطينتين فمن هذا يلد المؤمن الكافر ويلد الكافر المؤمن, يعني ومن هذا تجدون يخرج الخبيث من الطيب ويخرج الطيب من الخبيث لماذا؟ لأنه هو بمقتضى خباثته لابد أن لا يخرج منه {قل كل يعمل على شاكلته} لا يخرج منه إلا الخبيث بمقتضى طيبه المفروض لا يخرج منه إلا الطيب, ولكنه لماذا قد يخرج هذا من ذاك وذاك من هذا؟ طبعا هنا لابد أن نتأكد ما هو الخبيث, هل المراد من الخبيث مطلق من لا يؤمن بأهل البيت؟ قناعي ليس هذا, المراد من الخبيث في الروايات يعني المعاند يعني الناصبي يعني المعادي هؤلاء المراد, لا مطلق من لا يعرفهم ولو عن جهل قصوري هذا ليس المراد, ذاك بحث آخر الآن لا أريد أن ادخل فيه, ما أدري واضح هذا المعنى.

    ولذا تجد الروايات بشكل واضح أشارت إلى هذا المعنى, عند ذلك الآن أهل البيت عليهم السلام رتبوا على ذلك نتيجة التفتوا إلى النتائج التي رتبوها.

    في أصول الكافي الجزء الأول ص402 رواية قيمة موجودة هناك مرتبطة بمحل الكلام, الرواية عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله الصادق يا أبا محمد إن عندنا والله سرا من سر الله وعلما من علم الله, طيب يا ابن رسول الله الله لماذا اعطاكم سرا من سر الله وعلما من علم الله أنا لماذا لم يعطيني؟ ما هو الجواب؟ لك جوابين: إما أن تقول باختياره {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} أو تقول هو في النظام الأحسن كان قد وضع في الحلق السابقة بينا كان قد وضع هندسة يريد من هؤلاء البشر الصادر الأول واحد منهم يريد ولكن من؟ قال أريد أسوي بعد ذلك السباق بينكم علمت منكم أن الذي يخرج منكم من هو؟ محمد وأهل بيته بحسب العين الثابتة ماذا كتبته؟ الصادر الأول, وبالاختيار هؤلاء وصلوا إلى ما وصلوا إليه بدليل أنه وجدنا بأنه ما أوذي نبي بمثل ما أوذيت تراجع أم لا وهذا بالاختيار كان, لماذا أنا وانت أقل قضية تصير خمسين مراجعة والآن هذا الذي أمام أعيننا ما يجري في العراق انظروا ماذا يصير, ماذا قبل أن نأتي إلى السلطة هذا الكلام كنا نقبله من أحد أم كان ألف واحد يقول لنا بكرة سوف تأتون إلى العراق وتحكمون العراق وتفعلون ما لم يفعله الذي قبلكم, كان يصدق أحد منهم أم لا؟ يقول استغفر الله استغفر الله نحن نفعل يقول بلي, الله لم يكتب هكذا ولكن علم منه أنه سوف يفعل هكذا فكتبه في العين الثابتة وفي علمه الأزلي أي في مقام الواحدية بهذا الشكل, المهم.

    قال: يا أبا محمد إن عندنا سرا من سر الله وعلما من علم الله والله ما يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان والله ما كلف الله ذلك أحدا غيرنا, طيب هذا مقامنا هذا, ولا استعبد بذلك أحدا غيرنا أما وإن عندنا سرا من سر الله وعلما من علم الله أمرنا الله بتبليغه فبلغنا عن الله عز وجل ما أمرنا بتبليغه فلم نجد له موضعا ولا أهلا ولا حمالة يحتملونه حتى خلق الله لذلك أقواما خلقوا من طينة خلق منها محمد وأهل بيته, وإلا هؤلاء لو لم يختلقوا من طينتنا يحتملون علمنا أو لا يحتملون, يحتملون ولايتنا أو لا يحتملون؟ هذا هو التسهيل طيب لماذا أعطاهم ما لم يعطي غيرهم لماذا أنا خلقني من فاضل طينتهم حتى أحتمل ولم يخلق ذاك من فاضل طينتهم حتى يحتمل أين المشكلة كانت؟ المشكلة ما عمله مني حتى لو لم أخلق من فاضل طينتهم أريد ولايتهم ومحبتهم فماذا فعل بي؟ سهل لي ويسر لي {وسنيسره لليسرى}.

    قال: خلقوا من طينة خلق منها محمد وآله وذريته ومن نور خلق الله منه محمد وذريته وصنعهم بفضل صنع رحمته التي صنع منها محمدا وذريته فبلغنا عن الله ما أمرنا بتبليغه فاحتملوه وقبلوا ذلك, أما وبلغهم ذكرونا فمالت قلوبهم إلى معرفتنا وحديثنا فلولا أنهم خلقوا من هذا لما كان كذلك هذا الميل والانجذاب منشأه تلك الطينة أما لا والله لا احتملوه, ثم قال: إن الله خلق أقواما لجهنم والنار, انظروا هنا يأتي رائحة الجبر, طيب أنت من الأساس باني على أن هؤلاء أين تأخذ بهم؟ للنار وماذا تفعل لهم؟ تهيأ لهم طينة من سجين, بيني وبين الله يحتاج إلى صادر الأول لكي يحتاج من كل هذه المقدمات التي هيأها له وأين يذهب؟ إلى نار جهنم, أما لماذا هؤلاء خلقهم هذا وأولئك خلقهم ذاك؟ لما علمه قلنا أن العلم تابع للمعلوم يعني نظمت الاعيان الثابتة وهندست ورتبت وجعلت درجات استعداداتها وكمياتها وكيفياتها على أساس ما علمه من عباده.

    قال: فأمرنا أن نبلغهم كما بلغناكم عند ذلك اشمأزوا من ذلك ونفرت قلوبهم وردوه علينا ولم يحتملوه وكذبوا به وقالوا ساحر كذاب فطبع الله على قلوبهم وأنساهم ذلك ثم أطلق الله لسانهم ببعض الحق فهم ينطقون به وقلوبهم منكره ليكون ذلك دفعا, الآن يقول لماذا يفعلون؟ يقول هذه توجد مصالح وإلا إذا لم توجد لو كان البناء أن يرفعوا الراية ضدكم لأبادوكم, وهذا هو الدليل خلط الطينة الحسنة مع الطينة السيئة, يقول: ثم ليكون ذلك دفعا عن أوليائه وأهل طاعته ولولا ذلك ما عبد الله في أرضه فأمرنا بالكف عنهم والستر والكتمان فاكتموا عما أمر الله بالكف عنه واستروا عمن أمر الله بالستر عنه, ثم قال رفع يده وبكى وقال اللهم إنها هؤلاء لشرذمة قليلون, هذا دعاء أهل البيت لشيعتهم, اللهم إن هؤلاء لشرذمة قليلون فأجعل محيانا محياهم ومماتنا مماتهم درجة أعلى ولا تسلط عليهم عدوا لك فتفجعنا بهم فإنك إن أفجعتنا بهم لم تعبد أبدا في أرض وصلى الله على محمد وآله.

    إذن اخواني الاعزاء هذه القضية قضية واضحة جدا في الرواية بأن الله (سبحانه وتعالى) بحسب مقام الواحدية نظم القضية الشخصية والفردية نظم أصل الاستعداد وكمال الاستعداد ودرجة الاستعداد كما وكيفا على أساس ما علمه من عباده. الآن أخبار الطينة أخواني الاعزاء الآن بما أنه وصلنا إلى هنا أنا أشير إلى نكتتين فقط, وإلا أخبار الطينة جدا مفيدة لأنه كثيرا من الأعلام واقعا ما استطاعوا لم يفهموا نكاتها ولهذا جعلوها في خانة الجبر وتجاوزوها.

    اخواني الاعزاء تترتب على ذلك على مسألة أخبار الطينة وخلط الطينة الحسنة مع الطينة السيئة, تترتب على ذلك مسألتان أساسيتان:

    المسألة الأولى: لماذا تصدر من شيعتهم الذنوب والمعصية؟ ولماذا تصدر من معاديهم والناصبين لهم العداء الطاعة؟ هذه الروايات صريحة في هذا المعنى أن منشأه اختلاط الطينة, فلذا الرواية قالت: فلولا ذلك ما ولد ومن ها هنا يصيب المؤمن السيئة ويصيب الكافر الحسنة فقلوب المؤمنين تحن إلى ما خلقوا منه وقلوب الكافرين تحن إلى ما خلقوا منه, وحيث أن جزءا من طينة الكافر موجودة عند المؤمن وجزء من طينة المؤمن موجودة عند الكافر يحصل هذا, هذا على مستوى الدنيا, هذا أين.

    المهم على مستوى الآخرة, الله هذا الأصل الأصيل الإمام × عند ذلك في البحار المجلد 231 المجلد الخامس يقول يوم القيامة إذا فصل كل شيء وانتهى كل شيء يقول الله (سبحانه وتعالى) إذا عرضت هذه الأعمال كلها على الله عز وجل قال أنا عدل لا أجور ومنصف لا أظلم وحكم لا أحيد ولا أميل ولا أشطط ألحق الأعمال السيئة التي اجترأها المؤمن بسنخ الناصبي وطينته, ولذا قلت ليس المخالف الروايات الناصبي المعاند, وألحق الأعمال الحسنة التي اكتسبها الناصب بسنخ المؤمن وطينته ردوها كلها إلى أصلها, {بضاعتنا ردت إلينا} كما يقول الإمام زين العابدين, ذيل الرواية أيضا شاهد على ما نقول يقول: فإني أنا الله, إلهي طيب لماذا تفعل ذلك فهذا خلاف العدل {أن ليس للإنسان إلا ما سعى} طيب هذه الخيرات صدرت من أولئك وهذه الشرور صدرت من هؤلاء, يقول: {فإني أنا الله لا إله إلا أنا} التفت إلى الجواب نفس هذا المضمون الذي حققناه في ثلاث دروس عالم السر وأخفى من السر وأنا المطلع على قلوب عبادي لا أحيد ولا أظلم ولا ألزم أحداً إلا ما عرفته منه قبل أن أخلقه, أتريدون أوضح من هذا نص, عمي هي لا تنقض اليقين بالشك نص العمل فيه كثير , الآن لا أقل عشرات النصوص تثبت أنه أنا أمنظم هذا العالم على ما عرفته من عبادي على ما علمته من عبادي, لا أظلم ولا ألزم أحداً إلا ما عرفته منه قبل أن أخلقه. فهناك السيد الطباطبائي (رحمة الله تعالى عليه) عنده حديث قيم في هذا الحديث في الرواية ابراهيم الليثي المعروفة عنده بحث لطيف ومهم وجدا مهم الأخوة إذا عندهم خلق يراجعونه في المجلد الثامن من الميزان ص195 تحت عنوان عفوا, بلي ص95 من المجلد الثامن هذه عبارته هناك يقول: بحث روائي مختلط بغيره يبحث بحث الطينة هنا من ص95 إلى ص109 عنده في ص106 هذه الإشكالية وهو أنه هذا يلزم منه شبيه الجبر أو يلزم منه نسبة الفعل إلى غير فاعله هذه أعمال الخير ممن صدرت؟ من الكافر, أنت تريد أن ترفعها وتضعها وتعطيها لمن؟ للمؤمن, أعمال الشر ممن صدرت؟ من المؤمن ففاعلها من المؤمن, تريد أن تضعها أين؟ في الكافر طيب هذا ينسجم مع القواعد القرآنية {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} ينسجم أو لا ينسجم؟ عنده بحث 106 يقول بلي بحسب الظاهر لا ينسجم ولكن الحساب الإلهي بحسب الباطن والملكوت يعني أن الخير حيثية الصدور فيه تراب وطينة المؤمن لا حيثية وطينة الكافر, فالفعل ينسب إلى فاعله حقيقة نعم بحسب الظاهر ينسب إلى غير فاعله, بحث دقيق وعميق والإمام× اللطيف وبيان مأخوذ من الرواية لأن الإمام× يقول له أخذتني بالظاهر, هذه أحكام الملكوت الإمام السجاد, يقول له أن هذا الذي أقوله لك ليس أحكام الظاهر هذه أحكام الملكوت واللطيف السائل يبقى في حيرة يقول له لا تستغرب العبد الصالح الذي مع موسى عمل بالحكم الظاهر أم بالحكم الباطن؟ يقول ما عمل بالظاهر وإلا هذا المسكين كان عاصي أم لا؟ لم يفعل شيئا ولم يؤذي والديه ولكنه قتله أخاف يؤذيهم, هذه أحكام الظاهر أم أحكام الباطن؟ الرواية طويلة الذيل. كم بقي من الوقت؟ (كلام أحد الحضور) دقيقتين مع الأسف الشديد, أنا بودي أن الاخوة إن شاء الله تعالى اليوم يذهبون ويقرأون هذه الرواية التي تقع في حدود ثلاثة صفحات لأن الإمام× يقول له هذا الذي أنا قلته لك لا أقل في ثلاثين آية في القران موجودة, والله عجيب قال له يا ابن رسول الله هذا الذي تقوله أصلا فيه أصل قراني, قال له في ثلاثين موضعا من القران, في ثلاثين موضع هذا المعنى موجود, قال: يا ابن رسول الله وما حكم الملكوت, لأنه قال له هذا ليس حكم الظاهر حكم من؟ حكم الملكوت, قال: حكم الله وحكم أنبيائه وقصة الخضر والموسى حين استصحبه فقال {إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا} إلى أن قالت الآيات الإمام × بدأ ينقل له مجموعة من الآيات الدالة على هذه الحقيقة التي منها {وقدموا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} هؤلاء يستفيدون من هذه أعمالهم النواصب أو لا؟ لا يستفيدون ثم قال بأنه الآيات الأخرى التي قالت فيها الإمام × أبحث عن الآيات التي تقول بأنه يحملون أثقالهم الآية {وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم} نعم واضحة يحملن أثقالهم سيئاتهم مع سيئات من؟ سيئات غيرهم.

    فقط نكتة واحدة أشير حتى هذا البحث أنا انهيه هنا, السيد الطباطبائي (رحمة الله تعالى عليه) في هذا الميزان في هذا الكتاب القيم الذي آثاره ونتائجه وخزائنه لم تنتهي, هناك عنده عبارة يقول: من الحسنات لم يقل ما هي فقط يذكر القاعدة, يقول: من الحسنات ما يدفع سيئات صاحبها إلى غيره هذه أي حسنة؟ هذه حسنة الولاية ويجذب حسنات الغير إليه كما أن من السيئات ما يدفع حسنات صاحبها إلى الغير ويجذب سيئاتها إليه وهذا من عجيب الأمر في باب الجزاء والاستحقاق واقعا من عجيب الأمر ثم يستدل بقوله تعالى {ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم} ثم أرجعوا إلى قوله تعالى {كما بدأكم تعودون} فإذا بدأتم من الطينة الخبيثة ترجعون إلى مستقر الخبيث, أما إذا بدأتم من الطينة الطيبة الطاهرة فترجعون إلى هناك, بحثي ليس في الطينة وإلا لوقفتها عندها طويلا وفتحت لكم ببركة هذه المعارف بابا ينفتح منه ألف باب واقعا هذه أخبار الطينة من أعاجيب أخبارهم عليهم السلام, ولكنه كاملا مغفول عنها.

    والحمد لله رب العالمين

    • تاريخ النشر : 2016/03/07
    • مرات التنزيل : 1747

  • جديد المرئيات