نصوص ومقالات مختارة

  • شروط المرجعية الشمولية العلمية (8)

  • أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللّهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

    يتذكر الأعزة أننا في الأبحاث السابقة انتهينا إلى إثبات ولاية الفقيه أو إثبات الولاية للقائم مقام الأئمة في عصر الغيبة الكبرى، وذلك بنصّ الحديث المعتبر والصحيح والتوقيع المعتبر الصادر من الإمام (سلام الله عليه) قال: وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، هذا النصّ المعتبر يثبت المرجعية لرواية الحديث فارجعوا، إذن من هنا المرجع في عصر الغيبة هم رواة الحديث، ثم المقطع الآخر فإنهم حجتي عليكم، قلنا بأن الإمام نصب هؤلاء مراجع وجعلهم حجته على الأمة في حال غيبته ومن هنا قلنا أن هذا المنصب حكمٌ ولائيٌّ لرواة الحديث وليس حكماً ثابتاً لرواة الحديث، وقد ميّزنا سابقاً بين الأحكام الثابتة والأحكام الولائية وقلنا أن أهم ما يميز الحكم الثابت عن الولائي أن الحكم الولائي متغيرٌ من زمانٍ إلى آخر وقد يثبت وقد ينتفي وقد يزيد وقد ينقص بخلاف الأحكام الثابتة فإنّه لا يحقّ لأحدٍ أن يتصرف فيها، من هنا طرحنا هذا التساؤل الأساس وهو أنّه ما هي شروط هذا المرجع الديني لكي تثبت حجيته على الأمة؟ هل بمجرد أن تعلّم الطهارة والنجاسة وصار عالماً بالحلال والحرام فإنّه يتبوّء المرجعية والحجية أم لا؟

    من هنا قلنا لابدّ من الدخول في تفاصيل هذا البحث وهو الذي اصطلحنا عليه بشروط المرجع الديني العلمية، الآن سواء على مستوى العمل أم على مستوى السلوك؟، هل تشرط العدالة أم لا تشترط؟ العدالة بأيّ درجة؟ تلك مرتبطة بالأمور العملية للمرجع الديني، أنا الآن أتكلم بالأمور العلمية، هل أنّه يشترط أن يكون شجاعاً لا يشترط، هل يشترط أن يكون مديرا لا يشترط، هذه كلها الآن ليس البحث فيها وإنّما الكلام فقط في شروط المرجع الديني العلمية وما زاد فله بحثٌ آخر، ما هي تلك العلوم التي إذا توفّر عليها المرجع الديني يكون منصوباً من قبل الإمام (عليه الأفضل الصلاة والسلام) ويكون حجةً على الأمة في حال غيبة الإمام وفي عصر غيبة الإمام، هل يكفي أن يكون عالماً بالحلال والحرام كما هو الآن في أذهان البعض أم أنّه القضية ليست كذلك، قلنا بأنه لكي نقف على هذه الشروط لابدّ من التوفر على الأدلة، تكلمنا في الأقوال فيما سبق قبل التعطيل، أمّا الأدلة، الأدلة على ذلك وقفنا عند آيتين:

    الآية الأولى وهي آية 122 من سورة التوبة التي وقفنا عندها تفصيلاً وهي هذه الآية المباركة من سورة التوبة، قال تعالى:  ﴿فلولا نفر من كل فرقةٍ منهم طائفة ليتفقهوا في الدين﴾ وقفنا عند المراد من التفقه ووقفنا عند المراد من الدين واتضح بأنه ليس المراد من التفقه والفقه هنا هو المعنى المصطلح في الحوزة العلمية وإنّما المعنى الأعم، والشاهد على ذلك قوله في الدين، لأنّ الدين ليس خصوص الحلال والحرام بل مجموعة المعارف وقرأنا مجموعة من النصوص، يذكر الأعزة، في ذيل هذه الآية المباركة التي في الأعم الأغلب كانت مرتبطة بالبحوث العقائدية، بأصول العقيدة، لا أنّها مرتبطة بالبحوث الفقهية.

    الآية الثانية وهي آية 44 من سورة المائدة، وهي قوله تعالى: ﴿إنا أنزلنا التوراة فيها هدىً ونور يحكم بها النبيون الذي أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار﴾ وبينا من كلمات المفسرين وكلمات أهل البيت أن المراد من الأحبار هم العلماء، وهم غير الربانيون وهم غير الأنبياء، والروايات عامة وخاصة من طرق المدرستين تشير إلى أنّه الأحبار دون الربانيون والربانيون دون الأنبياء وهذا البحث أيضاً تقدّم.

    من هنا انتقلنا إلى بحث العلماء، قلنا إذن ما هي وظيفة هؤلاء الأحبار وما هي المسئولية التي ألقيت عليهم، انتقلنا أعزائي إلى بحث العلماء ورثة الأنبياء، هذا المقطع من روايةٍ أشرنا إليها مراراً فيما سبق، هذه الرواية أعزائي قلنا يقع البحث فيها في مقامين، المقام الأوّل في سند هذه الرواية، المقام الثاني في متن ومضمون هذه الرواية، أمّا سند الرواية، اجعلوا ذهنكم معي هذا بعضه تقدّم وبعضه توجد إضافات التي سندخل فيها، أمّا الأمر الأوّل وهو ما يتعلق بسند الرواية، هذه الرواية كما أشرنا خلافاً لمن قرأنا عنهم الرواية صحيحة أو معتبرة (حتى بشكل عام) معتبرة سنداً في بعض طرقها الواردة عندنا، يعني على مستوى ما ورد عندنا الرواية أيضاً معتبرة.

    الإخوة إذا يتذكرون في أصول الكافي هذه الطبعة الحديثة الجزء الأوّل صفحة 76 وصفحة 82، يعني رقم الحديث 48 ورقم الحديث 61، باب صفة العلماء وفضله وفضل العلماء، الرواية الثانية، قالت:… إلى أن تقول إن العلماء ورثة الأنبياء وذاك أن الأنبياء لم يورّثوا درهماً ولا دينارا، الآن هذا المقطع الثاني إنشاء الله سأشير إليه، والرواية الثانية أيضاً بسندٍ آخر واردة في باب ثواب العلم والمتعلم الرواية الأولى، قال وإن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهما ولكن ورثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظٍّ وافر، هذا من حيث ورود الرواية أمّا من حيث سند الرواية في مرآة العقول الجزء الأوّل صفحة 103 وصفحة 111 (باعتبار أنّه تقدّم هذا البحث فقط أريد أن أشير) الرواية الأولى قال ضعيفٌ.

    أمّا الرواية الثانية في صفحة 111 قال له سندان الأوّل مجهول والثاني حسنٌ أو موثقٌ لا يقصران عن الصحيح، إذن الرواية بحسب طرقنا معتبرة، ولا يُلتفت إلى ما ذكره البعض من أن الرواية ضعيفة السند، وأمّا عند القوم أيضاً تتذكرون وأنا فقط أريد أن أذكر الأعزة، هذه الرواية وردت في صحيح البخاري، وكذلك في صحيح سنن أبي داود، مراراً ذكرنا، ليس كل ما ورد في سنن أبي داود روايات صحيحة السند، بل فيها صحيحٌ وفيها ضعيف، وكذلك باقي السنن الأربعة، لا يتبادر إلى ذهنكم فقط، نعم هؤلاء يعتقدون بصحة كتابين فقط، هما صحيح البخاري وصحيح مسلم، هذا هو المشهور وفي هذا المشهور أيضاً مغالطةٌ أعزائي، لم يقل أحدٌ من علماء السنة أن كل ما ورد في الصحيحين صحيح، يقول لي ليس معقولٌ هذا؟ أقول لا، هم صرحوا وكذلك كل من شرح البخاري صرح أنّه ليس كل ما ورد في صحيح البخاري وصحيح المسلم صحيح، تقول لماذا إذن سموهما صحيحان؟

    الجواب: في البخاري ومسلم، التفتوا إلى القاعدة إنشاء الله إذا صار وقتاً أشرح لكم  المنهج، لأنّه أنا في هذه الأبحاث فقهاً وأصولاً باعتبار أنه نحن ليس لدينا درس مثلاً علم الخلاف، ليس لدينا درس كلام، ليس لدينا درس تفسير، فمضطر أن مجموع مباني المنهجية التي اعتقدها من حيث التطبيق أطبقها هنا حتى يكون واضح للأعزة، التفتوا لي، البخاري (خصوصاً البخاري) ينقل روايات عن رسول الله، هذه الروايات صحيحة السند ورواتها ثقاة عندهم، (التفت) ولكن بعد أن ينقل بعض الروايات ينقل مجموع من الروايات بعنوان الشواهد والمؤيدات، هذه لا يلتزم لا بصحة سندها ولا بصحة الرواية، يعني ما ذكره من الضوابط إنما هو للروايات التي نقلها لا للمؤيدات والشواهد.

    تقول من أين نشخص؟ أقول يوجد ضوابط لتشخيصها، ولذا ليس كل رواية تقرأه من البخاري تقول الرواية واردة في البخاري إذن الرواية صحيحة وسندها… ورواة السند كلهم ثقاة، لا أبدا ليس كذلك، الروايات المنقولة بعنوان رواية عن رسول الله فهي ماذا؟ صحيحة السند عنده حتى (التفت جيداً) لو ضعّف رواتها في تأريخه، في تأريخ الكبير له، تقول إذا ضعف رواية…؟ الجواب: شرّاح البخاري يقولون لأنّه حصل له الاطمئنان بالصدور، نفس المنهج الذي ذكرناه عن الأصول الكافي، هذا الذي لم يلتفت إليه السيد الخوئي أو ما أراد أن يلتفت وهو أنّه الراوي ضعيف السند من حيث الرجال ضعيف ولكنه مع ذلك ينقلها البخاري ويقول ثقاتنا، الروايات الصحيحة.

    الجواب لأنّه منهجه كان الاطمئنان بالصدور وحصل له اطمئنان في الصدور، ومع الأسف أنّه الوقت لا يوجد حتى أذكر لكم الشواهد، مجموعة من الروايات التي هي… من هذه الروايات المعروفة وهي الرواية: ما زال عبدي يتقرب إليّ بالفرائض… إلى أن يقول مازال يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت كنت كنت كنت، في سند هذه الرواية يوجد خالد بن مخلد الذي هو ضعيف، خالد ابن مخلد متهم عندهم، ومع ذلك البخاري ينقل الرواية، ولذا بشار عواد، شعيب الأرنؤوط، كل من جاءوا إلى هذا قالوا لأنّه هو لا يعتمد فقط السند وإنّما يعتمد اطمئنان الصدور، وهو كان قد حصل له العلم بالصدور فنقل الرواية وإن كانت ضعيفة السند، علي أيّ الأحوال الرواية واردة في صحيح البخاري، هذه بنحو الإجمال إن شاء الله في وقت آخر أذكر لكم شواهد متعددة.

    وكذلك واردة في سنن أبي داوود بروايةٍ صحيحة السند وكذلك واردة في سنن ابن ماجه بروايةٍ صحيحة السند، إذن من هنا القرينة الأولى للرواية هو أنّها السند معتبرٌ عندنا، القرينة الثانية هو أنّها صحيحةٌ عندهم، لا ضعيفة عندهم، القرينة الثالثة هي أنّه حصل الإجماع عليها، إجماع المسلمين، ونحن ذكرنا بأن الإجماع قرينة صحّة الصدور وخصوصاً إذا كانت الرواية بألفاظٍ واحدة وهنا الألفاظ واحدة كما أشرت، جيد، تعالوا معنا إلى القرينة الرابعة وهي أنّها مطابقة للقرآن، الآن بغض النظر عن أنّها السند صحيح أم لا، افترضوا أن السند ضعيفٌ ولكن مطابقة للقرآن لما قرأناه، والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله، هؤلاء العلماء، هؤلاء الأحبار، ورثوا من الربانيين والربانيون ورثوا من الأنبياء.

    إذن هذه الرواية مطابقة للقرآن أم لا؟ مطابقة  للقرآن، إذن التفتوا لي: هذه الرواية التي اجتمعت فيها الأمور التالية تعد من الصحيح الأعلائي الأعلائي، ما هي؟ أن تكون صحيحة عندنا وأن تكون صحيحة عندهم ومعنى ذلك حصول الإجماع عليها بين المسلمين وأن تكون مطابقة مع القرآن، تقول لي سيدنا ما هي الفائدة؟

    الجواب: إذا وجدنا رواية أخرى صحيحة ولكنها ليست مطابقة للقرآن، لا أقول مخالفة إذا صارت مخالفة تسقط، لا وإنّما القرآن لم يتعرض لمضمونها، هذه تقدم عليها، لأنه هذه أقوى من تلك، إذن اعزائي ما هو الصحيح الأعلائي عندنا؟ الصحيح الأعلائي بحسب موازيننا الرجالية لا أنه في سندها فقط محمد بن مسلم وزرارة ويونس بن عبد الرحمن، لا، إذا اجتمعت فيها هذه القرائن التالية: أن تكون (هذه المضمون لا أتكلم فيه أتكلم في السند) أن تكون صحيحة عندنا وعندهم، هذا معناه الإجماع عليها، وأن تكون مطابقة للقرآن يعني فحواها موجود مضمونها موجود في القرآن.

    إذن إلى هنا، الرواية معتبرة سنداً الآن أعزائي نريد أن نتنزّل لو فرضنا أنّ الرواية ضعيفة السند كما ذكر البعض وقرأنا فيما سبق وقلنا أن السيد الخوئي أصلاً لم يعلّق عن السند، لم يقل عنها صحيحة ولكن لم يقل أيضاً أنها ضعيفة، الآن لماذا له بحثٌ آخر، المهم في مصباح الفقاهة لم يعلّق على الرواية وإنّما فقط ناقش مضمون الرواية إذا تتذكرون وسيأتي البحث إن شاء الله تفصيلاً، الرواية إذا سلّمنا أنها ضعيفة السند، فهل يوجد هناك طريقٌ لتصحيحها أم لا (لتصحيح السند لا نتكلم في المضمون، المضمون له بحثٌ آخر)؟

    الجواب: تقريباً اتفقت كلمة المحققين من علماء السنة والشيعة أن الرواية الضعيفة سنداً (دعونا من المتن) إذا تعددت طرق الرواية بشروطٍ معيّنة ترتقي من الضعف إلى الاعتبار والقوة، هذه القاعدة أحفظوها، هذه القاعدة موجودة عند القوم وعندنا، لم تنقح عندنا بشكل دقيق ولكن موجودة أيضاً، الرواية إذا تعدّد طرقها ولكن لو نظرنا إلى كل طريقٍ طريق لكان بحسب الموازين السندية ضعيفٌ، ولكن تعدّدت هذه الطرق الضعيفة، هنا أعلام المسلمين يقولون أنها تتقوّى، يقوّي بعضها بعضاً، يشدّ بعضها بعضا فتنتقل إلى الاعتبار والاحتجاج، هذه أين تنفعنا؟ أهمّ ما تنفعنا في نهج البلاغة لأنه كثير من خطب نهج البلاغة إذا نريد أن نطبّق عليها المنهج السندي الحرفي للسيد الخوئي ماذا تصير؟ ضعيفة السند، فتبقى على الاعتبار أم تسقط؟ تسقط عن الاعتبار، ولكن إذا وجدنا أن هذه الخطبة المباركة بغض النظر أن المضمون دالٌّ على صحتها، ذاك طريقٌ آخر أنا اتكلم الآن في السند فقط، السند ورد من هذا الطريق ومن هذا الطريق ومن هذا الطريق… ست أم سبع طرق كلّ طريقٍ طريق لو أُخذ بمفرده تتم به قواعد الجرح والتعليل، تتم الوثاقة أم لا؟ لا تتم ولكنه إذا انضم بعضها إلى بعضٍ يشهد بعضها على بعضٍ، ولذا تجدون هذه الخطبة المعروفة التي قال فيها إمام الموحدين أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) اللهم لا تخل الأرض من قائمٍ لله بحجة، يا كميل، الذي أخذ بيده وأصحر به، بعدُ تبين جداً أن كان قلبه مورم (أمير المؤمنين سلام الله عليه) يقول أخذ بيدي لما أصحرنا قال يا كميل… الذي يقول إن هاهنا لعلماً جما لو أصبت له حملة، الآن كميل جنبه ويقول هذا، لا، كميل أن يستطيع أن يتحمل، هذه الخطبة أعلام المسلمين كتبوا فيها شروح.

    أما الآن لو ترجع إلى كتبنا يقول والخطبة ضعيفة، أنت تصور بأنه في مفتاح السعادة لابن قيّم لا أقل أربعين صفحة يشرح هذه الخطبة، ابن يقيم تلميذ ابن تيمية، ولكن ما استطاع أن يتجاوز هذه الخطبة، وتعبيره عن الخطبة (إنشاء الله تعالى إذا صار وقت آتي لكم العبارة) وتعبيره تبعاً لابن عبد البر يقول: والخطبة مستغنيةٌ عن الإسناد لشهرتها، ولهذا الإمام السفاريين الحنبلي القول العلي في شرح الأثر الوارد عن علي، يشرح هذه الخطبة في خمسمائة صفحة، بودي أن تراجعوه، الآن دليني من الشيعة واحد شرح في هذه الخطبة عشرين صفحة، لأنه فيها معارف كثيرة هذه الخطبة التي لا تتجاوز صفحة ونصف، الآن تعالوا معنا إلى: العلماء ورثة الأنبياء، طبعاً هذه القاعدة أمامك، أشار إليها الذي هو أحد أعلام الوهابية المعاصرين وهو العلامة محمد بن صالح العثيمين وقلت مراراً للأعزة هذا الرجل يعد واحد من أهم وأركان المدرسة الوهابية المعاصرة، ليكون في علمكم، في كل تراثه وهو من الشموليين يعني تفسيره مفصل جداً، شرحه للبخاري، فتاواه الفقهية التي الآن صدرت في تسعة وعشرين مجلد، أعجوبة من حيث التدريس، هو كان يدرس كثير وهذه كلها منقولة منها، هذه إحدى كتبه بعنوان مصطلح الحديث.

    هناك يقول الضعيف إذا تعدّدت طرقه على وجهٍ يجبر بعضها بعضاً ولكن بشرطين (اجعل ذهنك معي، أحفظ الشرط) الأول: أن لا يكون فيها كذابٌ الثاني أن لا يكون هناك متهم بالكذب يعني مجهول الحال، إذا صار مجهول الحال يقول هذه يشد بعضها بعضا ولهذا يعبر عن هذا الحديث بالحسن لغيره، يعني هو في ذاته السند ليس بتام ولكن جمع الأسناد المتعددة جعله حسن لغيره، وإنّما سمي حسن لغيره لأنه لو نظر إلى كل طريقٍ بانفراده لم يبلغ رتبة الحسن فلمّا نظر إلى مجموع طرقه قوي حتى بلغها، ولهذا هؤلاء أيضاً يميزون بين الصحيح لذاته وبين الصحيح لغيره، ما هو الصحيح لذاته؟ إذا توافرت شروط الصحة عندهم، ما هو الصحيح لغيره؟ يقول إذا تعدّدت طرق الرواية وكانت حسنة يجعلها صحيحاً لغيره، جيد، هذه الرواية بناءً على هذا الضابط، أنظروا ماذا يحدث، ابن حجر في فتح الباري المجلد  الأول صفحة 283 في ذيل هذه الرواية التي فيها إن العلماء هم ورثة الأنبياء كتاب العلم باب العلم قبل القول والعمل.

    يقول: وأن العلماء (أو وإن العلماء على الاختلاف) يقول حديثٌ أخرجه أبو داوود والترمذي وابن حبان والحاكم مصححان من حديث أبي الدرداء وحسّنه حمزة الكناني وضعّفه غيرهم باضطرابٍ في سنده لكن (محل الشاهد هذه الجملة) لكن له شواهد يتقوّى بها، حتى لو سلمنا أن الرواية ضعيفة ولكن هناك شواهد ومؤيدات الرواية على أساسها تكون صحيحة، هذا مورد أعزائي والمورد الثاني ما ورد في جامع بيان العلم لابن عبد البر الذي هو تحقيق أبي الأشبال الزهيري الجزء الأول صفحة 168 ورقم الرواية 169 باب ذكر حديث أبي الدرداء ينقل الرواية: أن العلماء هم ورثة الأنبياء، (التفت إلى العبارة وأن المحقق ماذا يقول) يقول: إسناده ضعيفٌ والحديث حسنٌ، عجيب كيف يجتمعان؟ إسناد ضعيف ولكن الحديث حسنٌ، هذان لا يوجد تناقض بينهما لأنه بحسب رواة السند، السند ضعيف ولكن بحسب جمع القرائن الرواية حسنة، لا يصير عندكم ذهن تناقض هذا ليس تناقض، إسناده ضعيف والحديث حسنٌ.

    هذا أيضاً مورد والمورد الآخر وهو ما ورد في مسند الدارمي، أنا إنما أذكر هؤلاء باعتبار أن المحققين متعددين، هناك المحقق أبو الأشبال الزهيري هنا المحقق حسين سليم أسد الداراني الذي هو من كبار محققي القوم، في مسند الدارمي في دار المغني الرياض في الجزء الأول رقم الرواية 354 بحسب التسلسل، يقول: إسناده ضعيف إلى أن يقول وضعفه عندهم سنده لكن له شواهد يتقوى بها، أنظر هذا المنهج الحق والإنصاف منهجٌ قويم، واطمئن أن علماء الإمامية في الصدر الأول كلهم بنو على هذا المنهج، ولكن مع الأسف الشديد أنه نحن الآن لم نلتفت إلى الأصل الذي ساروا عليه فتصورنا… كيف يقول الشيخ الصدوق أنه أقول الذي حجة بيني وبينه وفي سند بعض الرواية وضاعون، كذابون، متهمون؟

    الجواب هو ما كان ينظر إلى رواية واحدة وإنّما إلى مجموع الروايات الواردة بهذا المضمون، يقول حصل لي الاطمئنان بالصدور وإن كان في السند ضعفٌ وهكذا الكافي وهكذا المفيد وهكذا الطوسي وهكذا كل الأعلام المتقدمين، ولهذا لا تتعامل مع كتب المتقدمين تعامل الجرح والتعمير، هذا تعامل الرياضي على معجم الرجال الحديث على للسيد الخوئي، أبداً أعزائي، بهذا المنهج أكثر معارفنا واقعاً لا يبقى لها أصلٌ، لماذا؟ لأنه أولئك لم يتبعوا هذا المنهج في إيراد الروايات، وكذلك أعزائي في صحيح ابن حبان أعزائي بتحقيق شعيب الأرنؤوط المجلد الأول صفحة 290 رقم الرواية 88 ذكر وصف العلماء الذين لهم الفضل الذي ذكرنا قبل، الرواية يقول: حديثٌ حسنٌ إسناده ضعيفٌ، إذا كان إسناده ضعيف كيف يكون حديثه حسن، ومن هنا خذ بيدك فتأمل وتدبر واغتنم القاعدة المقابلة لها قد يكون السند صحيحٌ والرواية ماذا… أحسنتم، أنت تقول هؤلاء عجيب يتناقضون يقولون السند صحيح رجاله رجال الصحيح ولكنه ضعيفٌ، لا عزيزي باعتبار أنه عنده قرائن أخرى هو لا ينظر إلى هذه الرواية فقط فلا تناقض أبداً ولهذا هذا التعبير الذي تقرؤونه في مجمع الزوائد وغيره يقول رجاله ثقاة رجاله صحيح أو رجاله رجال الصحيح هذا ليس معناه قبول الرواية، لا يختلط عليكم الأمر، فقط يقول السند صحيح، أما في النتيجة ماذا تحكم على الرواية، تقبل أم لا تقبل؟ قد يقبل وقد لا يقبل، هذا الذي نحن عندنا فأعلامنا ماذا قالوا؟ قالوا أن الرواية كلما اشتدّ صحته كلما قوي سندها ولكن وأعرض الأصحاب عنها اشتد ضعفها، عجيب أنت تقول كلما صح ماذا؟ قوي صحة السند، يقول لا لأنك عندك قرينة أخرى وهي إعراض ماذا؟ وهذه قرينةٌ، هذا على المبنى ليس فيه أي مشكلة ولكن أيضاً السيد الخوئي ما قبل، ما قبل لا لشيء بل لأنه مبناه مبنى الجرح والتعديل فقط، ليس مبنى المتقدمين، مبنى المتقدمين شيء آخر، هذا أيضاً شعيب الأرنؤوط، وكذلك ما ورد في مسند الإمام أحمد، الإخوة الذين لديهم هذه الطبعة التي هي مؤسسة الرسالة جزء 36 رقم الرواية 21715 بحسب هذا الترقيم، أيضاً يقول: (التفت إلى عبارة شعيب الأرنؤوط) هذا إسنادٌ ضعيفٌ حسنٌ لغيره، بعد واضح الاصطلاح، إذا صار إسناد ضعيف كيف يكون حسن لغيره؟ لأنه فيه طرقٌ متعددة يشدّ بعضها بعضا.

    وهذا هو نفس المنهج الذي سار عليه جملة من أعلام الإمامية ومنهم أيضاً ملا صدرا، ليكون في ذهنك، ملا صدرا في شرح أصول الكافي الجزء الأول صفحة 80 بعد أن ينقل هذه الرواية، قال: هبط جبرائيل على آدم، فقال: يا آدم إني أمرت أن أخيرك واحدةً من ثلاث، فاخترها ودع اثنتين، فقال له آدم: يا جبرائيل وما الثلاث؟ فقال جبرائيل: العقل والحياء والدين، فقال آدم: إني قد اخترت العقل، فقال جبرائيل للحياء والدين: إنصرفا ودعاه، فقالا: يا جبرائيل إنا أمرنا أن نكون مع العقل حيث كان، متلازمات هذه، أنظر إلى عبارة ملا صدرا، يقول هذا الحديث وإن كان ضعيف السند لوقوع الضعفاء فيه، مثل سهل ابن زياد، الآن عنده ضعيف ولكن عندنا ليس ضعيف، الآن لو فرضنا، إلا أن ذلك لا يقدح في صحة مضمونه، المضمون صحيح ليس فيه مشكلة.

    إذن ضعف السند يسقط الحديث أم لا؟ لا يسقط الحديث، وهذه قضية أساسية أعزائي التفتوا إليها، نعم يبقى مطلب إنشاء الله نجيب عليه غد وهو أنه سيدنا بعد أن صححت هذا الحديث في فقرات هذا الحديث وفي هذا الحديث فقراتٌ نحن لا نوافق عليها وهي أنهم لا يورّثون ديناراً ولا درهما وهذه هي المعركة في فدك، ماذا تفعلون في هذه الفقرة؟ إذا صححتم الحديث لابد أن تصححوا لا فقط العلماء ورثة الأنبياء لابد أن تصححوا لا يورثون درهماً ولا ديناراً، هذا جوابه إنشاء الله يأتي

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2016/03/08
    • مرات التنزيل : 1578

  • جديد المرئيات