نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية الإنسان الكامل (77)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قال: (هو من العالم كفص الختم من الخاتم الذي هو محل النقش والعلامة التي بها يختم المكل على خزائنه وسماه خليفة من أجل هذا )

    جيد إذا تتذكرون تعالوا معنا إلى صفحة (237) قال : (فسمي هذا المذكور إنساناً وخليفةً، فأما إنسانيته ) هذا من صفحة (237) إلى صفحة ( 246) في بيان وجه تسمية الكون الجامع بأنه إنسان، من هنا يبدأ ببيان وجه تسميته بأنه خليفة، لذا عبارة الشارح : (قوله) عني قول ابن عربي، قول الماتن (شروع) خبر قوله (شروعٌ في بيان تسميته بالخليفة) وهذا بحث مهم أساسي في النظرية العرفانية، الآن أن وافقت هذه القراءة للعرفاء للنص القرآني، يعطيك نظرية أخرى، يعني عندما يقول : {إني جاعل في الأرض خليفة } فأنت عندما تقرا هذه الآية المباركة في القرآن الكريم، يتضح لك المراد من الخليفة، تأتي قراءة تقول خليفة يعني الإنسان بما هو إنسان الله تعالى جعله خليفته في هذه الأرض، ولا نختلف معهم، ولكن هؤلاء يقولون : لا، عنوان الخليفة لا يصدق على كل احد، وان كان بنحو من الأنحاء أيضاً يصدق على كل إنسان، ولكن المستحق لهذا العنوان ولهذه الحقيقة بالأصالة هو الكون الجامع هو الإنسان الكامل، ولكن في اعتقادي لو كان يركز على مسالة الخليفة ويعطي أبعادها لكان أفضل بكثير من الذي جاء في المتن؛ لأنه هو ماذا فعل ؟ حاول أن يدخل من مدخل آخر وهو: من باب أنه فص الخاتم كتمهيد للدخول في بحث الخلافة، ونحن الآن واقعا لا يوجد عندنا نص قراني ولا روائي شبّه الإنسان الكامل بالفص، ولكنه لعله والله والعالم في ذهن الماتن هذه القضية : أنه الإنسان الكامل سمي بالخاتم، الآن هذا الخاتم أما أن يؤخذ بمعناه ما يُختمَ به، يعني ختم الشيء، وإما يؤخذ بالمعنى الذي عند الملوك، عندما يقولون يختم، يعني يوجد عنده شيء يختم به، وإذا كان عنده شيء يختم به، أنا أريد أن أوجه وجه التسمية، إلى الآن تجدون الماتن ذكر تشبيهات ثلاثة للإنسان الكامل :

    التشبيه الأول: شبهه بالروح بالنسبة إلى البدن إلى الجسد إلى العالم .

    التشبيه الثاني: شبّهه أن هذا العالم كمرآة غير مجلوة، وبالإنسان الكامل حصل جلاؤها .

    التشبيه الثالث: يقول نسبة الإنسان الكامل إلى العالم كنسبة الفص إلى الخاتم، وعندما تأتي أنت إلى الفص الخاتم، تجد أن الأثر لأي شيء ؟ هذا الركاب وكل المقدمات لأجل ماذا ؟ لأجل الفص فهو العلة الغائية، وكل التأثير لهذه الحواشي والحلق والركاب أم لنفس الفص؟ فتجدون وجوه تشبيه بين الإنسان الكامل وبين فص الخاتم، باعتبار أنه من خلال الفص تحفظ الأشياء والخزائن، فإذا كان الختم موجود، الخزائن لا تمس، وإذا فك هذا الختم تتبعثر الخزائن وتنهب، بحذف المتعلق، أحسنتم باعتبار أنه الفص هو الذي له كل هذه الآثار، ومنه عندها يدخل إلى بحث الخلافة وأن الخليفة أيضاً يقوم بنفس الدور الذي يقوم به الفص بالنسبة إلى الخاتم، كيف أن الملك هو الذي يحفظ خزائنه، التفتوا جيداً، وحفظه للخزائن بنحوين :

    1ـ أما يحفظها مباشرة، لا يعطي إذناًَ لأحد بالتصرف في خزائنه، و{وإن من شيء إلاّ عندنا خزائنه}، هذا نص القرآن الكريم، كيف أن الملك يحفظ الله تعالى أيضاً ملك الملوك، وهو الملك بنص القرآن الكريم، هذه التعابير مستعملة قرآنياً، فإذن ليس المقام تشبيه فقط، بل له استعمال قراني، هو الملك، الله سبحانه وتعالى ملك، ولكن له لا كالملوك، كما أنه شيء لا كالأشياء، فكيف أن الملك حفظ الخزائن بنحوين: تارة يلفظها بنحو مباشر، فلا يأذن لأحد التصرف فيها، هذا بشكل مباشر.

    2ـ وأخرى يحفظها بواسطة ختمه على الخزائن، فلا يجسر احد على التصرف في الخزائن من غير فتحها .

    إذن حفظ الملك للخزائن تارة يكون بالأصالة وأخرى يكون بالخلافة، هذا الختم يقوم مقام مباشرة الملك لحفظ الخزائن، إذن الخليفة يقوم، الخليفة من هو ؟ وهو الختم الموجود على الخزائن، ومن هنا قلت لكم ينتقل من الفص ودور الفص الذي هو الختم إلى الخلافة، أن الخليفة أيضاً يحفظ الخزائن ولكنه بالنيابة والخلافة .

    نعم يبقى عندك بحث وهو: أنه عادة أن الموجود يحتاج إلى خلافة وخليفة إذا غاب، عند ذلك يحتاج إلى من ينوب عنه إلى من يخلفه إلى من يقوم مقامه، والله لا يغيب، إذن فما هي الحاجة إلى الخليفة؟ (كلام لأحد الحاضرين) : …..

    ج/ نعم؟ نحن عادة عندما نتكلم عن المشبه به نريد أن نرى توجد، واقعاً هذا المشبّه فيه جهات تختلف عن المشبه به، أنت تقول خلافة، والخلافة يحتاجها الإنسان إذا غاب عن بلده وسافر، نقول >أنت مني بمنزلة هارون من موسى< فهو غير موجود في المدينة، فخلف علي بن أبي طالب × >أنت مني بمنزلة هارون من موسى<، ولكنه لا معنى للغيبة بالنسبة إلى الأصل، فما هي الحاجة إلى الخلافة والنيابة ؟ هذه أسئلة لابُدّ أن نجيب عنها في هذا البحث .

    قال: (فهو من العالم) هذا هو التشبيه الثالث كما قلنا، تارة فهو من العالم كالروح من الجسد، وثانيه فهو من العالم كالمرآة غير المجلوة التي تجلى بواسطته، وثالثة فهو من العالم، يعني فرضنا العالم مثل الخاتم، والخاتم فيه حلقة دائرية فهو بالنسبة إلى العالم فص ذلك الخاتم، وهذا إذا يتذكر الإخوة في مكان وقفنا عنده، أين توقفنا عنده؟

    (كلام لأحد الحاضرين) : …

    بلي أين؟ أين قوس الصعود؟ لا في مكان بين أنه معنى الفص، لا في أوائل الفص كان صفحة إذا يتذكر الإخوة هنا، عثرتم عليها ؟ جيد جداً في صفحة (282) قال : (وفص الشيء خلاصته) إلى أن قال: بأنه أساساً (وعلى الثاني و يؤيده) إلى أنه قال (عبارة عن خلاصة عن علوم حاصلة لروح نبي من الأنبياء، المذكورين التي يقتضيها، وعلى الثاني فمعناه كذا) إلى آخره، هناك ذكر معنى للفص ولكنه هنا يعمق مسألة الفص هذه صفحة (208- 209) جاء البحث، جيد، قال: (فهو من العالم كفص الخاتم من الخاتم) وبينا بأنه فرضنا أن العالم دائري قوس النزول والصعود، لا أنه على خطين متوازيين، فيكون العالم كحلقة، وهذه الحلقة نقشها وفصها هو الإنسان الكامل، وبه يختم الحق على هذه العالم، وعلى خزائن هذا العالم، وعليه فلا يحق لأحد أن يتصرف في خزائن هذا العالم إلاّ من خلال إذن هذا المسؤول هذا الحافظ هذا الختم هذا الخليفة هذا الأمين، هكذا نعبر لان النصوص جاءت على هذا الغرار، >أمين الله في أرضه< خليفته في أرضه، خليفته في خزائنه، هذه كلها نصوص موجودة بهذه الألسنة، قال: (هو من العالم كفص الخاتم من الخاتم).

    سؤال: ما هو دور الفص (الذي) هذا بيان الفص، وليس بيان الخاتم (هو) أي الفص (النقش والعلامة) التي توضع على الفص، وهذه النقش والعلامة ما هو دورها (التي بها ) بهذه العلامة (يختم الملك على خزائنه) {وإن من شيء إلاّ عندنا خزائنه} وعليه فمن هو الخاتم على هذه الخزائن، ما هو الختم الذي يختم، ما هو الخليفة على هذه الخزائن ؟

    هو الإنسان الكامل (التي بها يختم الملك على خزائنه وسماه ) أي سماه الحق تعالى، أي سمى الإنسان الكامل خليفة من أجل هذا، يعني من أجل أنه بالإنسان الكامل يختم على خزائن الحق سبحانه وتعالى .

    الآن توجد عندنا عدة أسئلة:

    1ـ وجه التشبيه .

    2ـ وجه الخلافة.

    3ـ الفروق الموجودة بين المشبه والمشبه به، لأنكم تعلمون أن التشبيه والتمثيل عموما وان كان يقرب من جهة أو جهات، لكنه يبعد من جهات أخرى، ولذا لابُدّ أن يلتفت إلى هذا البحث بطوله هو النظر إلى هذه الأسئلة التي نشير إليها:

    1ـ وجه التشبيه .

    2ـ وجه تسميته بالخليفة مع عدم غياب الأصيل.

    3ـ وجه أنه إذا ذهب الخليفة ذهبت الخزائن، لا، عادة إذا ذهب الختم تنهب الخزائن بل تذهب، مع أن ذلك يقول : لا، خصوصاً إذا انتقلنا من عهد إلى عهد آخر يكون النهب مركّز، باعتبار أن الجيوب فارغة إلى أن تمتلئ، وهذا في كل العهود لا يتبادر ذهنكم إلى، تعالوا إلى التاريخ العباسي والأموي تجدون هذه الأربعة أو خمس سنوات الأولى من زمن الخليفة العباسي الأول السفاح انظروا ماذا حدث، نعم انضبطت الأمور في زمن المنصور، أما الخمس أو الست سنوات الأولى..، توكل على الله.

    نرجع إلى البحث، لأنه بعد ذلك هو سيقول: هذا الخليفة إذا انتقل من الدنيا إلى الآخرة الخزائن لا تبقى، بل لعله تنتقل إلى الآخرة، بمجرد تبدل نشأته الوجودية من نشأة عنصرية إلى نشأة أخروية ماذا يحدث؟ {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات}، لا يمكن أنه الأمين والحافظ والخاتم والخليفة يذهب والخزائن تبقى، هذا أين يخرج من الختم على الخزائن، نحن نعلم الختم على الخزائن إذا كان موجودا لا يتصرف وإذا ذهب الختم ليس فقط تذهب وإنما يتصرف بها، إذن توجد فروق بين المشبه وبين المشبه به، وهذه كلها جاءت من التشبيه الفص والخاتم، ولو لم يقل ذلك لما كانت في البين مشكلة، كل هذه التساؤلات ووجوه الفرق جاءت من تشبيه الإنسان الكامل أنه فص الخاتم، ثم الانتقال من قبيل تطويل المسافة، الانتقال إلى الخلافة من خلال كونه فص الخاتم، وإلاّ لو دخل من أول الأمر مباشرة إلى أنه إنما سمي خليفة، تعال نعرف ما هو دور الخليفة، الخليفة كذا الخليفة كذا، وإذا وجد، وجد المستخلف عليه، وإذا ذهب، ذهب المستخلف عليه وهكذا، على أي الأحوال.

    قال: (شروع في بيان تسمية الإنسان الكامل بالخليفة )من أين بدأ الماتن ؟ قال : (شبّه حال الإنسان بالفص) هذه الكلمة (بالفص) متعلقة بشبه (شبه حال الإنسان بالفص) ولكن هذا الإنسان له اعتبار واحد أم له اعتباران وحيثيتان ؟ قال ( الإنسان باعتباريه ) ما هما الاعتباران للإنسان ؟

    1ـ اعتبار كونه من العالم، هذا اعتبار (فتم بوجوده العالم ) جزء صار من هذا العالم.

    2ـ كون جامع للعالم، وهذا غير الاعتبار الأول، كون الجامع ليس جزء من العالم، هو حضرة مستقلة، أما الإنسان كما يوجد فيه بعد مستقل كون جامع حضرة، فلذا نحن عندما عددنا الحضرات جعلنا واحدة من الحضرات حضرة الكون الجامع، هذا باعتباره المستقل عن العالم لأنه محيط بالعالم، لأنه الخليفة على العالم، واعتبار أنه جزء الذي قال فيما سبق (فتم العالم بوجوده ) الذي قلنا أنه وجوده العنصري، إذن للإنسان يوجد اعتباران .

    قال: (اعتبار كونه من العالم) جزء من العالم (واعتبار كونه عالما آخر برأسه له شأن آخر) لأنه إذا جزء من العالم يكون محكوما بأحكام العالم، ومن أحكام العالم أنه حادث زماني هو بهذا اللحاظ حادث زماني بوجوده العنصري حادث زماني، وبهذا اللحاظ ليس هو واسطة الفيض، بل هو جزء من هذا العالم فهو يحتاج إلى مد وفيض واستمداد، أما بلحاظ كونه الصادر الأول والكون الجامع عالم برأسه واسطة بين الوجوب الإمكان، إذن للإنسان اعتباران، يقول الفص بالنسبة إلى الخاتم أيضاً له اعتباران، يقول: (شبّه حال الإنسان باعتباريه) بمن شبهه (بالفص لان الفص أيضاً له اعتباران) هذه العبارة مني وليست ناقصة، يعني ماذا؟ التفتوا أليّ جيداً، مرة أنت هذا الركاب تصنعه وترتب كل شيء وتقول له هذا بعده ناقص، متى يتم عندما تجعل فيه الفص، فعندما جعلت فيه الفص كمل الخاتم، هذا (فتم العالم بوجوده) فيصير جزء من الخاتم، هذا كله ترتبه، ولكن تجد هذا الخاتم إذا ما تجعل فيه الفص ناقصا، ويتم ويكمل بوضع الفص، فبوضع الفص يصبح خاتما، هذا بلحاظ جزء من العالم الإنسان كيف كان جزء من العالم فتم بوجوده العالم، هذا أيضاً بهذا اللحاظ، ومرة لا، كل هذا قد صنعته، هذا الفص هو المقصود وان الأثر كله للفص، فأنت تنظر إلى الملوك هذا الخاتم ليس بالضرورة أن يكونوا قد لبسوه، بل له وجود مستقل في مكان أمين، وقت الحاجة ماذا يصنع، جعل له هذه الحلقة على ماذا؟ حتى يمسكها بيده وإلاّ الأصل هو الفص، هذا اعتباره المستقل.

    انظروا هذا كله ما كنا نحتاجه، ولو كان لم يشبه كان أفضل، فالشيخ عجبه أن يشبّه، وإلاّ هذا كله نحن في غنى عنه، نعم لو ورد هذا في نص فنحن نتعبد بالنص القرآني أو من المعصوم، نقف عليه ونحلله كلمة كلمة، ولهذا أنا في مكان ذكرت في الباب المفيد قلت: بيني وبين الله المدرسة الأخرى أخذتنا إلى بحث ليس له أي ضرورة، أخذونا إلى بحث الصحابة، عدالة الصحابة وعدمها، مع أنه لم يطالبهم إلى الآن أنتم الصحابة من أين جئتم بهم، يوجد عندنا نص قراني بعنوان الصحابة؟ نحن في القرآن يوجد عندنا مهاجرين وأنصار تعال نجلس معاً عشر سنوات نبحث في المهاجرين والأنصار، أما الصحابة ماذا ؟ نص قراني ورد به؟ تقولون نعم في البخاري، نحن لا نعتقد بالبخاري، كما أنتم تقولون لا نعتقد بالبحار والمجلسي وبكذا، وعلى ماذا أنا اعتقد بالبخاري؟ فعندما نقول لهم إمامة، يقولون أين النص القرآني الذي يدل على الإمامة؟ فنحن لماذا لا نسألهم أين النص القرآني الدال على الصحابة، دائما في فن الجدل لا تذهب إلى المكان الذي يريدك الطرف الآخر، لأنه هذه هي الطريقة من أهم الطرق، أنه هو جعل نفسه في موقع محصن مبحوث، سد ثغوره، فيحاول أن يأخذك إلى موقعه، وعندما تصل إليه تجد نفسك أنت غريب لا تعلم من أين تدافع عن نفسك؟ وهذا الذي مع الأسف الشديد ألف وأربع مائة سنة أجروه لنا في الإمامة، ألف وأربع مائة سنة جعلوا الإمامة إمامة سياسية وخلافة رسول الله’، فنحن كل بحثنا في القرآن خلافة وإمامة وولاية اتجه إلى البحث السياسي، وها نحن بعد ألف وأربع مائة سنة هم يقولون رابع ونحن نقول أول والى الآن المعركة غير منحسمة، والله القرآن استعمل الخلافة لا يريد الخلافة السياسية، واستعمل الولاية لا يريد الولاية على الأمة، استعمل الإمامة لا يريد الإمامة بالمعنى السياسي، ما استعمل هذه الكلمات في هذه المعاني، ثبت العرش ثم انقش، تعال حرر محل النزاع قرآنيا ثم تعال نبحث، التفتوا نفس المشكلة الآن هنا، الشيخ عاجبه يمثل، يقول دور الإنسان الكامل بالنسبة إلى العالم دور الفص بالنسبة إلى الخاتم، تحيرنا ما هو وجه التشبيه أين هو؟ نحن لا نحتاج إلى هذا، إلاّ على ذلك الوجه البعيد الذي ذكرته أنا وأشرت ليه وهو أنه: باعتبار أنه ’ خاتم النبيين، وفسر الخاتم بما يختم به الشيء، وما يختم به الشيء ليس هو حلق الخاتم وإنما هو فص الخاتم، عند ذلك نجد وجه التشبيه .

    قال: (لان الفص) هذا بيان لاعتباري الفص حتى يشابه اعتباري الإنسان، وفي العبارة إغلاق وتعقيد وعدم وضوح كما سأبين، قال ( لان الفص أيضاً قد يكون جزء من الخاتم ) هذا التعبير (جزءً من الخاتم) يعني جزء من العالم، مع أنه ليس مقصوده جزء من الخاتم أي جزء من العالم، يريد الشأن الآخر والوضع الاستقلالي، ولكن عبر بالجزء مع أنه لا مناسبة، وعندي شاهد بعد ذلك هو ذكره، قال : (لان الفص أيضاً قد يكون جزء من الخاتم) هذا الخاتم ما هو ؟ (وهو محل النقش) وهذا هو المراد بكونه عالما آخر له شأن آخر، وليس الجزئية (تم وجوده) (وقد يكون الفص مركبا على الخاتم، وإنما يركب في الخاتم ليكون جزءً من الخاتم) هذه الجزئية بمعنى تم العالم بوجوده، لا الجزئية الأولى (عند الفراغ من عمله فهو ) يعني تركيب الفص على الخاتم (آخر العمل) وإلاّ هو عمل واحد ينتهي بتركيب الفص على الخاتم، إذن هنا المنظور (فتم العالم بوجوده) لا الشطر الأول (كذلك الإنسان نوع من الحيوان) هذا له شأن (وآخر ما تنتهي به دائرة وجوده العيني) هذا به تم العالم بوجوده، الآن جئنا إلى بيان التشبيه بين الإنسان باعتباريه وبين الفص باعتباريه، باعتبار أنه آخر العمل وباعتبار أنه محل النقش، باعتبار أنه آخر العمل يعني تم به العمل، باعتبار أنه محل النقش يعني له شأن مستقل، شاهدي هذا يقول : (وكما أن الفص له شأن آخر وهو كونه محل النقوش) إذن مراده من محل النقوش شأن آخر يعني استقلاليه لا الجزئية، إذن كونه يكون جزء من الخاتم وهو محل النقش ليست الجزئية وإنما الاستقلالية بقرينة له شأن آخر، يعني جعل محل النقش من قبيل عالم آخر برأسه وله شأن آخر، لذا نحن فسرنا عبارته قلنا جزء ليس المراد الجزء تمام العمل، وإنما الجزء الاستقلالي، قال: (وكما أن الفص له شأن آخر) ما هو الشأن الآخر  (وهو كونه محل النقوش التي بها) بهذا المحل (يختم ويحسن الخزائن كذلك الإنسان) الإنسان بأي اعتبار يكون ؟ ليس باعتباره تم بوجوده العالم، باعتباره عالم برأسه له شأن آخر، قال: (كذلك الإنسان هو محل جميع النقوش) التي تصدر من عالم الواحدية، من الأسماء والصفات، كل اسم من الأسماء الإلهية لها نقش معين، هذه النقوش كلها أين تنتقش؟ في قلب الإنسان الكامل، لا في الإنسان الكامل حتى بوجوده العنصري، لا في قلب الإنسان، >الحمد لله الذي جعل قلوبنا أوعية لأرادته< كل النقوش التي تنزل، والله يريد أن يختم بها على شيء بمقتضى أسمائه وصفاته ممرها من قلب الإنسان الكامل، قال: (هو محل جميع نقوش الأسماء الإلهية والحقائق الكونية التي يتمكن الإنسان الكامل بها) أي بهذه النقوش (من الخلافة) إذن الآن انظروا جعله جسما، للانتقال من كونه فص الخاتم بهذا الاعتبار لكونه خليفة، وكان بالإمكان من دون أن يطول المسافة مباشرة يدخل على الخط ويقول : الله سبحانه وتعالى سمى هذا الإنسان بأنه {إني جاعل في الأرض خليفة} بلا أن نمر بهذا التشبيه من الفص باعتباره الذي هو الختم وله شأن آخر حتى ننتقل إلى الخلافة والأمر سهل.

     قال: وبهذا الاعتبار الحق خليفة بقوله {إني جاعل في الأرض خليفة} إذن العرفاء هذه الآيات من سورة البقرة، سياقها يعتبرون آدم أبو البشر أم هو الخليفة وهو الإنسان الكامل، لأنه {إني جاعل في الأرض} وبعد هذا قال {يا آدم أنبئهم بأسمائهم} وهناك عشرات الشواهد سوف تأتي، ولكني فقط أذكرك بالشواهد، نظرية العرفاء نظرية تقول هذا ادم في الآية، هذا خليفة في الآية ليس المراد منه آدم أبو البشر الذي هو مظهر من مظاهر الإنسان الكامل، وإنما المراد من {فسجد الملائكة كلهم أجمعون} من هؤلاء الملائكة {فالمدبرات أمرا} هؤلاء الذين كل شؤون العالم بيدهم.

    سؤال: هذا {فسجد الملائكة كلهم أجمعون} هذه قضية في واقعة شخصية، يعني الآن غير ساجدين؟ أي قاموا من سجدتهم وذهبوا إلى دورهم ؟ أم هم أزلاً وأبداً هم ساجدون ؟ إذن كان هذا الحدث في الزمان أم لم يكن؟ كان فوق الزمان، وإلاّ لو كان في الزمان قضية في واقعة سجدوا فقاموا إلى بيوتهم، ولكن عجيب هذا أنه إبليس لم يسجد والى يومك هذا لم يسجد، فهو معارض، من إبليس يقول هذا دائمي مادام هذا دائمي، ولكن عندما يصل إلى الملائكة يقول : قضية في واقعة سجدوا وقاموا وذهبوا، يا أخي بمقتضى السياق هؤلاء، إبليس يضل باستمرار والملائكة يطيعون ويخضعون ويسجدون باستمرار، وهذا أي نوع من أنواع الخضوع ؟ قلنا : غير معلوم أن ذلك السجود مثل هذا سجودنا على التربة الحسينية، ولكنه سجود طاعة وانقياد وأصل الأوامر من الإنسان الكامل .

    قال: (قوله) أي قول الماتن (هناك) وجه التشبيه، من هنا يبدأ لماذا سمي هذا الختم فص الخاتم؟ لماذا لم يسمى خليفة؟ يقول تعليل لتسميته خليفة؟ يعني تعليل لتسمية الإنسان الكامل الذي هو فص الخاتم سماه خليفة، قال: (قوله : لأنه تعالى به) بمن بهذا الختم أو بالإنسان الكامل أيضاً صحيح ولكنه مقودي الختم الذي هذا الإنسان الكامل (الحافظ خلقه) كما أن الختم يحفظ الخزائن (كما تحفظ بالختم الخزائن، فما دام ختم الملك عليها) أي على الخزائن (لا يجسر أحد على فتح تلك الخزائن، إلاّ بأذن الأمين على تلك الخزائن، إذن فاستخلفه) الحق استخلف الإنسان الكامل (في حفظ العالم) لأنه هذا العالم خزائنه (فلا يزال العالم محفوظا موجودا حادثا باقيا مادام فيه هذا الإنسان الكامل).

     يعني بينكم وبين الله بغض النظر عن أن المتكلم من هو، وبغض النظر عن أن الأدلة ماذا تقول، أنت لو أردت أن تبين نظرية أهل البيت ومدرسة أهل البيت في مقامات أهل البيت، هل تجد بيانا ونظرة أقوى من هذا البيان والنظرية، إذا وجدتم في مكان آخر دلوني عليه، قولوا لا والله سيدنا هؤلاء لا يعترفون بالنظرية العرفانية ونجدهم يصورون دور أهل البيت ودور النبي الأكرم ’ نجدهم يصورون ذلك أفضل من تصويركم وبيانكم ونظريتكم، وأنا بيني وبين الله طلاب الحق وطلاب الحقيقة طلاب البرهان، ولذا أنت في آخر الزيارة الجامعة تقول >بيني وبين الله لو وجدت شفعاء أقرب إلى الله منهم لاتبعتهم < صداقة ليس لنا، ولكن وجدناكم الأوجه والأعلم ووو إلى آخره، اتبعناكم، يا إخوان هؤلاء يقدمون نظرية، ولعله عندما تقول له هذا هو علي بن أبي طالب × يقول لك لا أوافق عليه، بل تجده يقول بعبد القادر الكيلاني، لا إشكال لنا في ذلك، لأننا نتكلم معه على مستوى الكبرى، الصغرى قد نختلف أنا وأنت.

    الآن انظروا إلى بيان القيصري تعالوا معنا، قال ( تعليل لتسميته بالخلية، وذلك لأن الملك إذا أراد أن يحفظ خزائنه) متى ؟ عند غيبته وإلاّ إذا كان حاضر، لا يجسر أحد على النظر إلى خزائنه، متى يحتاج أن يختم عليها ويستخلف عليها إذا غاب، فأول مشكلة تنشأ: وهو نحن كيف نوجه غيبته الذي {وهو معكم أين ما كنتم} {وهو بكل شيء محيط} لا عليم، لأن عليم قد يكون هو جالس وتبعث إليه التقارير، لا، محيط عنده إحاطة وجودية، قال (أراد أن يحفظ خزائنه عند غيبته عنها) بعد (يختم عليها) عندما يريد أن يذهب ماذا يفعل؟ وعنده علم بأنه لا يجسر أحد على كسر ذلك الختم أو يتجاوز الختم (لئلا يتصرف فيها ) أي في الخزائن (أحد فتبقى محفوظة) التفت إليّ جيداً، (فالختم حافظ للخزائن) ولكن بالأصالة أم بالخلافة؟  بالخلافة، هل تنظرون إلى ما قلته من أنه يطول المسافة، لأنه هو أخذنا إلى الفص، والفص يختم، والختم يكون بالنيابة، إذن هي الخلافة، فكان الأولى به أن يدخل مباشرة وقول خلافة، إلاّ لذلك الوجه الذي أشرنا إليه، قال: (فلئلا يتصرف فيها) أي في الخزائن (أحد فتبقى محفوظة، فالختم حافظ للخزائن بالخلافة لا بالأصالة) لأن الملك إذا كان حاضرا يحفظ خزائنه بالأصالة وإذا غاب عنها يحفظها بالختم الذي هو الخلافة، (فكذلك الحق خلقه بالإنسان الكامل) بعد حفظه بالإنسان الكامل يكون بالخلافة، لأنه أعطى دور الإنسان الكامل دور الختم، فإذن حفظه بالإنسان الكامل للخزائن لا يكون بالأصالة بل يكون بالخلافة، ولكنه دقيق هنا بدل التعبير، لم يقل عند غيبته، وإنما قال عند استتاره، لأنه هنا أصلا له معنى في المشبّه عند غيبته، له موضوع أو لا موضوع له؟ فلذا بدّل التعبير وهذا من الفروق بين المشبّه والمشبّه به، وقلت لكم أن هذه المشكلة جاءت من نفس التشبيه، وإلاّ إذا لم يكن ذلك التشبيه نحن لا نواجه هذه المشكلة حتى نضطر إلى الجواب، عند استتاره يعني ماذا؟ يقول: أن الله سبحانه وتعالى في كل شأن من شؤون هذا العالم هل يستطيع أن يظهر بالاسم الأعظم؟ أو كل شأن من شؤونه يحتاج الاسم المناسب له؟ يعني عندما يكون شخص مريض يظهر له بالاسم الأعظم، أم يظهر له باسم الشافي؟ لابُدّ يتجلى بما هو هو أم يتجلى بشأن من شؤونه؟ إذن بما هو هو حاضر أم غائب؟ مستتر أم ظاهر؟ مستتر، فالمشكلة من أين جاءت؟ من الفاعل أم من القابل؟ وإلاّ لو الله سبحانه وتعالى يريد أن يظهر بما هو هو، ويظهر بالواحد القهار ماذا يحدث؟ لا يبقى شيء، فلكي يبقى العالم لابُدّ أن يستتر، يعني يعمل بمقتضى الاسم الباطن لا الظاهر، لأنه إذا عمل بمقتضى ظهوره وهو يظهر بين النفختين بمقتضى اسم الواحد القهار، هل يبقى شيء؟ أو {فصعق من في السماوات والأرض} إذن فلكي يبقى العالم لابُدّ أن يستتر، فإذا استتر يحتاج إلى خليفة، وهذا الاستتار منشأه قصور القابل عن تحمل فيض الفاعل، وهذه هي نظرية الإنسان الكامل، نظرية الإنسان الكامل ووساطة الفيض، وهذه تعليل للوجه الحاجة، هل أن الله تعالى له مشكلة بأن يدير العالم؟ لا الله، ولكنه الأشياء كلها غير مرتبطة، في بحث العدل الإلهي كان عندي هناك بحث مفصل في منشأ الحاجة إلى الإنسان الكامل راجعوه لعله قبل اثنين أو ثلاث وعشرين سنة، قلت: يا أخوان مثال أتذكر إلى الآن ضربته للإخوة، قلت يا إخوان الآن يوجد محوّل كبير الذي ينتج الكهرباء للمدينة أو لكل البلد، ولكنه عندما يريدون أن يوصلون الكهرباء لنا، الأسلاك التي يعطوك تتحمل فولتية (110- أو 220) لأنه إذا جاءت الكهرباء (240) تحرق كل الأجهزة، فالمشكلة عندي، لأن هذه الأجهزة لا تتحمل إلاّ فولتية (220) فإذن تحتاج إلى أسلاك لتقليل الفولتية وتضعيفها، وإلاّ لو انتهى لأحرقت سبحات وجهه كل ما انتهى إليه، نعم من الذي يحتمل هذا النور، هذا الفيض؟ الذي هو برزخ بين الوجوب والإمكان، غاز الأنابيب عندما يصل إلى باب الدار يجعلون (الكراتور)، ما هو عمل هذا (الكراتور)؟ هذا ضغط الغاز الذي يأتي ينظمه، وإلاّ لو فقد هذا يحرق البيت، وعند ذلك تأملوا قليلا تجدون ضرورة وجود الإنسان الكامل.

    (كلام لأحد الحاضرين): من؟ نعم.

    فلذا قال: أنه ولم تبلغوا >قولوا فينا ما شئتم ولم تبلغوا < لكن أنتم أين؟ الله سلام الله عليه >لا يرقى إليّ الطير< نعم >ينحدر عني السيل< أنتم قفوا تحت عندما يأتيكم رذاذ ما تحصلوه، وإلاّ فيه خير الذي يصعد، >ينحدر عني السيل ولا يرقى إليّ الطير< فهل يوجد أحد يستطيع أن يصل إلى شأن من شؤون علي ولكنه هذه النظرية من أسسها، ماذا تريدون منا، بكفي العباس هذه النظرية لهؤلاء وإذا وجدتم لها آثار في كتب فلاسفتنا في الحكمة المتعالية في كتب المحدثين في كتب المجلسي في كتب غيره  هذه ….

     

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2016/05/22
    • مرات التنزيل : 1458

  • جديد المرئيات