نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية الإنسان الكامل (79)

  • أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
    بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
    قال : (فان قلت : الكامل ختم حافظ للخزائن، ولا يلزم من انتقال الختم الحافظ انتقال الخزائن، فكيف قال )

    أيضاً هذا الإشكال منشئه التشبيه، لأنه بعد أن شبّه الإنسان الكامل بالختم على الخزائن، قال جيد إذا ذهب الختم فلماذا تذهب الخزائن، إذا انتقل الختم فلماذا تنتقل الخزائن ؟ وأيضاً أشار الشارح بأنه هذه من خصائص المشّبه به، وإلاّ المشبّه له خصوصية أخرى، هذه القاعدة التي أسسنا لها مرارا وتكرارا وقلنا التشبيه والتمثيل يقرب من جهة، ولعله يبعد من جهات أخرى، إذا لم يوجد مطلب أساسي فنحاول اليوم نقرأ أكثر لنعوض عن الأيام السالفة التي ما كنا نستطيع أن نقرا العبارة .

    قال : ( فإن قلت : الكامل ) يعني الكون الجامع، يعني الإنسان الكامل، وظيفته ختم حافظ للخزائن، ومن الواضح إذا كان دور الإنسان الكامل هو الختم والخاتمية، (ولا يلزم من انتقال الختم الحافظ لا يلزم انتقال الخزائن، إذن فكيف قال ولم يبقى فيها ما اختزنه الحق فيها وخرج، وخرج ما كان فيها ولحق بعضه ببعض) هذه العبارة اجعلوا إلى جنبها [إلى آخره] لأنه قال (وكيف يبقى فيها ما اختزنه الحق) هذا ليس هو الإشكال، بل الإشكال في تتمته (وخرج ما كان فيها، ولحق بعضه ببعض، وانتقل الأمر إلى الآخرة ) يقول إذا كان دور الإنسان الكامل هو دور الختم، فمع زوال الختم لماذا تزول الخزائن، فإذا انتقل الختم لماذا تنتقل الخزائن؟ فإذن هذه الجملة :  (ولم يبقى فيها ما اختزنه الحق) ليست هي الإشكال ،بل الإشكال : ( وانتقل الأمر إلى الآخرة ) إذن هذه اجعلوا إلى جانبها نقاط (…. إلى آخره ) أي إلى آخر ما قاله ابن عربي، أو ما قاله الماتن في المتن، ( قلت : فرق بين المشبّه به والمشبّه ) نعم الختم الاعتباري الوضعي هكذا، فإن الختم الذي يختم به الملك على الخزائن إذا ذهب لا تذهب الخزائن ولا تنتقل الخزائن، نعم هذا الختم وهو الإنسان الكامل له دور آخر وهو : أنه >بيمنه رزق الورى< وبوجوده ثبتت الأرض والسماء، واسطة الفيض هذا، وإذا كان واسطة الفيض، وإذا كان بتعبيرنا علة فاعلية، في رتبة العلة الفاعلية، فبطبيعة الحال إذا كان موجودا فهي موجودة، وإذا عدم فهي تعدم، إذا انتقل فهي تنتقل، قال : ( قلت: الكامل ) أي الإنسان الكامل (ختم للخزائن، وحافظ لوجودها بقاءً، إذ الأسرار الإلهية ) أي الحقائق الإلهية، يعني الكمالات والشؤون الإلهية جميعا (مفصلة في العالم) على نحو التفصيل موجودة (ومجموعة في الكامل، كما قال الشاعر :

    كل الجمال غدا لوجهك مجملا لكنه في العالمين مفصلُ

    ولا يتجلى الحق على العالم الدنيوي إلاّ بواسطته، كما مرّ، فعند انتقاله ) أي الإنسان الكامل (ينقطع عنه الإمداد ) أي ينقطع الإمداد عن العالم، عمن هو واسطة بالنسبة إليه، واسطة المد، هو يمد ماذا ؟ وبتعبير ابن عربي (ممد الهمم) ممد كل شيء هو، قال ( فعند انتقاله ) أي عند انتقال الكامل (ينقطع عن العالم الإمداد الموجب لبقاء وجوده ) كان التامة (وكمالات وجوده )كان الناقصة، عند ذلك ليس ينتقل من في الدنيا إلى الآخرة ، بل (فتنتقل الدنيا عند انتقاله وتأتي الآخرة ) يعني بعبارة أخرى : فتظهر الآخرة ، وإلاّ الآخرة  الآن موجودة، ذكرنا >ليس منا من لم يؤمن أن الجنة والنار الآن مخلوقتان، وان أهل الجنة الآن يتنعمون، وان أهل النار الآن في النار يتعاوون < الآن، ولكنه هذا يظهر بعد أن كان باطنا، يعني {يوم تبلى سرائر} يوم تظهر السرائر، قال (فتنتقل الدنيا عند انتقاله، ويخرج ما كان في الدنيا من المعاني والكمالات إلى الآخرة ) قال في كتابه (التسمية الإلهية بالاسم الرباني) فهذا الكتاب اسمه هذا أو شيء آخر، لأنه النسخ متعددة الموجودة، يقول في القسم الإلهي بالاسم الرباني، لا أعلم الآن أين ما قاله، ليس بمهم، المهم أن هذه عبارة الشيخ ينقلها يقول : (ألاَ ترى الدنيا ) يعني بينك وبين الله أنت إذا أردت أن تكتشف مباني شخص من أين تكتشفها؟ تكتشفها من تصريحاته، وتصريحات بهذا الوضوح، يقول : ( إلاّ ترى الدنيا باقية مادام هذا الشخص الإنساني ) شخص ليس كليات البقاء، ليس عنوان عام، ليس وجوده الروحاني، لا لا أبدا، شخص إنساني موجود في الدنيا، لا في عالم الملكوت وجاء هنا ثم ذهب، لا، موجود في الدنيا، والآن من هذا الشخص الإنساني ؟ أنتم ارجعوا إلى كلمات الشيخ، في عدة مواضع يصرح في فلان تاريخ فاني رايته، في فلان تاريخ رأيت الختم الذي في ظهره، في فلان تاريخ التقيت به، وهذا الإنسان عندما يصرح لا معنى لإن نحمل كل هذه التصريحات بأنه مقصوده نفسه، مقصوده نفسه، هذا الحمل يكون على المجاز أو شيء آخر لا أعلم له معنى مجازي، هو يقول أريته كذا، التقيت به كذا، إذن يوجد شخص آخر هو معتقد به غير نفسه، أنه هو الذي بوجوده ثبتت الأرض والسماء، >وبيمنه رزق الورى< قال : (مادام هذا الشخص الإنساني فيها، والكائنات تتكون والمتسخرات أو المسخرات تتسخر، فإذا انتقل إلى الدار الآخرة ، مارت هذه السماء مورا، وسارت الجبال سيرا، ودكت الأرض دكا، وانتثرت الكواكب، وكورت الشمس، وذهبت الدنيا، وقامت العمارة في الدار الآخرة  بنقل الخليفة إليها )

    (احد الحاضرين) : ….

    ج/ ينزل، لا لا ينزل، بنعم أحسنتم، أبدا لأنه إذا كان عيسى، يوجد بحث آخر لعيسى وهو أنه عيسى مات أم لا ؟ إذا مات ويرجع من باب الرجعة، هذا الكلام صحيح، أما إذا قالوا لا، الآن هو موجود، كالخضر مثلا ولكن ارتفع إلى السماء، لا هذا قد يطبق على عيسى، لأنه لم يقل أحد أنه إذا كان موجودا لابُدّ أن يكون في فلان منطقة في الأرض، فلعله في السماء، ولكنه موجود له نشأة أرضية، إذا قبلنا نظرية موت عيسى، فلازم أن نطبق عليها النظرية العرفانية، أما إذا لم نقبل نظرية الموت، وآمنا بنظرية الارتفاع مع وجوده في هذه النشأة، لا، قد يطبق ويقال أن المصداق عيسى، ولكن في روايات الفريقين المتفق عليها إسلاميا: أن عيسى عندما ينزل لا ينزل إماماً، بل ينزل مأموماً، توجد روايات يرويها كلا الفريقين تثبت أنه يكون خلف ذلك الخليفة، خلف ذلك الإمام .

    قال : (وذهبت الدنيا وقامت العمارة في الدار الآخرة  بنقل الخليفة إليها)، قوله : (والتحق بعضه ببعض ) قال: ( أي التحق بعض ما اختزنه الحق في الدنيا، ببعض ما اختزنه الحق في الآخرة ) الآن يريد أن يؤسس هذا الأصل، يقول في النتيجة الآخرة هي الأصل والدنيا هي الفرع، أم بالعكس؟ يقول : لا، من الواضح أن الآخرة هي عالم الباطن والدنيا هي عالم الظاهر، والظاهر هو الفرع، والباطن هو الأصل (والتحق بعضه ببعض ) يعني التحق الفرع بالأصل، قال (وذلك لإن كل ما هو موجود في الظاهر من الحقائق والمعاني) موجود أين ؟ في عالم الباطن، {وإن من شيء إلاّ عندنا خزائنه وما ننزله إلاّ بقدر معلوم } إذن الأصل أين موجود؟ {عندنا خزائنه} فرعه هنا في عالم الدنيا، قال : ( موجود في عالم الباطن، الذي بظهوره ) ظهور ماذا ؟ بظهور عالم الباطن، يعني ما كان باطنا يكون ظاهرا، وهذه قضية نسبية، ما كان باطنا لمن ؟ لنا، وإلاّ هو بنفسه ليس بباطن، هو من مشهودات عالم الحق سبحانه وتعالى، ومن مشهودات الإنسان الكامل، بالنسبة للإنسان الكامل عالم الباطن ليس باطن وإنما ظاهر، نعم لعالم الظاهر عالم الباطن يكون باطنا (فيكون لهم ) الذين كانوا في الظاهر، يكون عالم الظاهر ظاهرا لهم عند ذلك يسمى الآخرة ، وهذا تفسير جديد في الآية ما هي الآخرة ؟ إذا صارت باطن الدنيا ظاهرة لنا، هذه الآخرة بحسب مراتبها، المرتبة الأولى منها البرزخ، المرتبة الثانية منها الحشر الأكبر، المرتبة الثالثة منها الجنة إلى آخره .

    قال : ( موجود في عالم الباطن الذي بظهوره ) بظهور عالم الباطن تحصل الآخرة ، ولكن تحصل الآخرة على أي صورة ؟ (على صورة يقتضيها عالم الباطن ) لا على الصورة التي يقتضيها عالم الظاهر ( وهو أصل بالنسبة إلى ما في الظاهر ) يعني عالم الباطن هو الأصل لكل ما يظهر في عالم الظاهر (فإذا انتقل هذا البعض منها ) أي من الدنيا (التحق ببعضه الذي هو أصله في الآخرة ، وانتقل الأمر الإلهي إليها ) بعد أن كان الأمر الإلهي في الدنيا، الآن يكون الأمر الإلهي في الآخرة (فكان ختما) أي هذا الكامل كان ختما (وحافظا خزانة الآخرة ) يعني وساطة الفيض التي كانت له تبقى محفوظة، ولكنه هنا كنا في عمى لا نرى هذه الوساطة، وهناك ماذا نكون ؟ {ربنا أبصرنا وسمعنا } إذا عندك قدرة هنا أبصر، إذا عندك قدرة أبصار شهودي حضوري، ولو لم تكن لك قدرة على الإبصار الشهودي فعلى الأقل فلتكن لك قدرة على العلم الحصولي، على أن يحصل لك هذا المستوى من العلم ،وإن شاء الله العلم هنا بذر المشاهدة هناك، أما إذا لا كنت من {ومن كان في هذه أعمى } هناك لا يبقى أعمى وإنما يبصر، هم أعمى وبصير، نعم جزاكم الله خير، يحصل له البصر فيتحقق العلم، وأيضاً الابتعاد عن الحق حاصل فهو العمى، فيتحقق الألم .

    قال : ( أي هذا الكامل كان ختما حافظ على خزانة الآخرة ختما أبدياً بعد أن كان ختما أزلياً ) في قوس النزول الآن في قوس الصعود (وهذا معنى ما يقال : أن القران يرفع إلى سماء) لماذا يرفع ؟ يقول لإن القران خلق الكامل، فإذا ارتفع القران ارتفع الكامل وإذا ارتفع الكامل ارتفع القران، كما قالت عائشة : >وخلقه القران بل هو القران < فلو يقول أحد في القنوات الفضائية : أمير المؤمنين هو القران، يقولون له رويدا رويدا، كما قال لي بعض أهل العلم، وبعض الفضلاء : سيدنا خفف من هذه الكلمات قليلا، ولو كان التخفيف يأتي لمراعاة حال السامع، أنا اعتقد بهذا، لابُدّ أن يراعى التخفيف، أما أنا معتقد أن هذا التخفيف الذي يقال لي، معناه هذه المباني خفف من غلوها، (بل هو القران والكتاب المبين، كما قال) من القائل ؟ المصنف الماتن، والماتن لم يقل عن نفسه بل هو يقوله عن الإنسان الكامل لا يتبادر إلى الذهن بأنه يقول >أنا القران والسبع المثاني<، انظروا هنا يصرح بأنه أنا ذلك الإنسان الكامل، لا، هذا المعنى تقدم في صفحة (113) وهناك شرحناه فلا نعيد، قال : (أنا القران والسبع المثاني، وروح الروح لا روح الأواني :

    فؤادي عند مشهودي مقيم يشاهده وعندكم لساني )

    هذه المرتبة الدانية عندكم، هنا إذا يتذكر الإخوة في الدرس (98)، هناك شرحنا مفصلا، قلنا أنه نسبة الإنسان الكامل إلى الموجودات، نسبة الروح إلى الجسد، لإن الإنسان الكامل ماذا يقول ؟ قول : >أنا وروح الروح لا روح الأواني< يعني كيف أن البدن يقوى بالروح ويحيى ويبقى بالروح، كذلك الأرواح تقوم بروح الإنسان الكامل، >وأرواحكم في الأرواح، وأجسادكم في الأجساد < لأنه كما أن حياة الأرواح بروحه، حياة الأجسام بوجوده العنصري، وهذا ما سيشير إليه، (قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب × : >وأنت الكتاب المبين الذي بأحرفه يظهر المضمر < وجاء في الخبر أيضاً أن الحق تعالى ينزع العلم بانتزاع العلماء حتى لا يبقى على وجه الأرض من يعلم بمسالة علمية ومن يقول الله الله، ثم عليهم تقوم الساعة ) يعني {يوم تبدل الأرض غير الأرض} ( وكون الكامل ختما على خزانة الآخرة دليل) على أن وساطة الفيض غير مختصة بهذه النشأة، الخلافة غير مختصة بهذه النشأة، بل الخلافة مستمرة إلى تلك النشآت أيضاً، (دليل على أن التجليات الإلهية لأهل الآخرة إنما هي بواسطة الكامل كما في الدنيا ) واضح هذا المعنى ؟ يقول : إذن قضية وساطة الفيض في قوس الصعود لا تنتهي إلى هنا، نحن في نظرية الإمام عندنا كان كل بحثنا إذا أردنا أن نصوره، نصوره في أن دور الإمامة في الدنيا، وإذا الححنا في البحث نقول سكرات الموت أيضاً موجودة، وبعد قليل نقول البرزخ والحشر الأكبر، إلى أن كل واحد يدخل إلى الجنة، فإذا كل واحد دخل الجنة ودخل ذاك إلى النار، فحينئذٍ كل منا مشغول بنفسه، لالالا أبدا أبدا، بعبارة أخرى: مد يد التكوين هذا أصلا مأخوذ في ذاتياتنا، أزلاً وأبدا لابُدّ أن نمد يدنا إلى وسائط الفيض ^، {  يسأله } إرجاع الضمير عليك أنت أرجعه {يسأله من في السماوات ومن في الأرض} هذا السؤال ينقطع أو لا ؟ ولا يخفى أن الكل يسال، ولكن كل بحسبه، الصادر الأول أيضاً أزلاً وأبدا هو سائل، ولكن غير الصادر الأول أيضاً يسال، ولكنه بتوسط الصادر الأول، {كل يوم هو في شأن } والأصل هو الله سبحانه وتعالى هو الآية اسمحولي أتذكرها، اللهم صل على محمد وال محمد {كلا نمد هؤلاء وهؤلاء} المد الإلهي لا ينقطع ولكنه من الذي يأخذ المد الإلهي بشكل مباشر ؟ الصادر  الأول أزلاً وأبدا والآخرون يأخذون بتوسط الصادر الأول، ولذا أنت بهذه الرؤية ادخل إلى الروايات، تجد أنه أساسا ما من عمل يريد الرسول الأعظم ’، وهناك سوف يظهر بغير لباس خاتم الأنبياء، ولكنه يظهر بلباس واسطة الفيض، بذلك اللباس يظهر، لإن ذلك العالم عالم ظهور الولاية، لا عالم ظهور النبوة والرسالة، النبوة والرسالة كانت لهذا العالم، انتهى هذا العالم، فهناك يظهر بلباس الولاية ووساطة الفيض الإلهي، ترون هناك : كل عمل يريد أن يؤديه، يؤديه بتوسط من ؟ بتوسط علي بن أبي طالب ×، إذا كان جواز على الصراط ، فلابد أن يعطيه علي ×، إذا دق لفتح باب للجنة، لابُدّ أن يدقه علي ×، إذا كان سقي على الكوثر، لابُدّ الذي يسقي هو علي ×، لماذا ؟ لأنه هنا ظُلِمتْ وغُصِبتْ وجُهِلتْ، وأما هناك عالم الحقائق، لا مجال فيه للغصب والظلم أبدا، اذهبوا وقراوا دورة روايات في البحار، أقرأ الروايات فقط، اقراها تستذكر هذه المباني التي اشرنا إليها في وساطة الفيض، تجد أنه كل شيء، يقول له : >يابن رسول الله الم تقل لنا بأنه أول داخل إلى الجنة أنت، والآن تقولنا أول داخل إلى الجنة علي ×، فلا نعرف أنت أول داخل أم علي × ؟ قال الم تعلم أنه صاحب لوائي ؟ قال : نعم، قال الم يكن صاحب اللواء قبلي ؟ قال نعم، قال هو يدخل حتى ادخل خلفه<، وانظروا إلى روايات اللواء أنه يسلم لواء الحمد من رب العزة ثم يسلمها لعلي ×، انظروا إذن لا تنافي، لأنه واسطة الفيض باعتبار كل الموجودات الأخرى بمن تستفيض ؟ تستفيض بمن صدقه أولاً وآدم بين الماء والطين، تعطى لخاتم الأوصياء والأولياء، وفي الجنة أيضاً كذلك، لا تتصور بأنه كل واحد يدخل إلى الجنة وخلص، لالالا، هذه الحاجة موجودة، وهذا الارتباط موجود فانظر إلى الجنة ودرجاتها، ستجد المعارف التي يمكن استخراجها .

    قال : ( دليل على أن التجليات الإلهية لأهل الآخرة إنما هي بواسطة الكامل كما في الدنيا، والمعاني المفصلة لأهل الآخرة ، متفرعة عن مرتبته ومقام جمعه أبدا، كما تفرع منها أزلاً ) كما تفرعت هذه التفاصيل في قوس النزول هي شؤونه وهو واسطة الفيض بالنسبة إليها في قوس الصعود (كما تفرع منها أزلاً، فما للكامل من الكمالات في الآخرة ، لا يقاس بما له من الكمالات الدنيا ) قد يخطر على ذهنك عندما أقول : كما في الدنيا، قد تتصور بأنه ما يظهر من كمالات  الإنسان الكامل في الآخرة بقدر ما ظهر من كمالاته في الدنيا، لالالا، هذه المقايسة في اصل الكمال، أما في درجات الكمال فلا مقايسة بين ما يظهر من كمالات الإنسان الكامل في الآخرة ، بالنسبة إلى ما ظهر من الإنسان الكامل في الدنيا، جيد هذه الروايات تؤيدها، فكيف بالصادر الأول، إذن هذه الحقيقة، فلذا هذه الجملة الأخيرة (فما للإنسان الكامل ) هذه لبيان أن ما ذكره (كما في الدنيا ) هو لبيان اصل المقايسة، لبيان أصل الحاجة، لا لبيان درجات الكمال، إذن الإنسان الكامل ووسائط الفيض بالنسبة إلى الله سبحانه وتعالى، سيظهر لنا من كمالاتهم ومن شؤونهم الوجودية ما لا يقاس به هذه الكمالات التي في الدنيا قال : ( فما للكامل من الكمالات في الآخرة ، لا يقاس بما له من الكمالات في الدنيا إذ لا قياس لنعم الآخرة بنعم الدنيا) ليس فقط نعم الدنيا، ذلك الطرف أيضاً كذلك، أي نعم {لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد } لا قياس كما أنه لا قياس بين النعم الأخروية واللذائذ الأخروية بالنسبة إلى اللذائذ الدنيوية، كذلك بالنسبة إلى النقم والعذاب الأخروي، أعاذنا الله منها، (وقد جاء في الخبر الصحيح >أن الرحمة مائة جزء جزء منها لأهل الدنيا وتسعة وتسعون لأهل الآخرة < ومن يتحقق بهذا المقام ويمعن النظر فيه تظهر له عظمة الإنسان الكامل وقدره ) يقول هذا جانب مما ذكرناه في الإنسان الكامل عند ذلك تعرف نظرية الإنسان الكامل في المدرسة العرفانية، هذا هو الموحد الحقيقي، هذا هو الصراط المستقيم، هذا هو القران، ولذا قال أنا القران الناطق، هذه مرارا ذكرت قلت هذه
    >أنا القران الناطق< مع الأسف وجدت من يفسرها، يقول يعني الناطق الرسمي، مع أن الإمام × عندما يقول أنا القران الناطق يريد أن يقول : أن هذا الوجود لو تجسد خارجا وصار شخصا لصار علي ×، في مقابل القران اللفظي أو الكتبي الذي هو الوجود الصامت للقران، يريد أن يقول الوجود الناطق، والوجود الخارجي للقران أنا، ليس معناه أنا انطق باسم القران، بل أنا القران الناطق، >أنا الصراط المستقيم <، عند ذلك تتضح لك تلك الروايات التي أشار إليها هو ×، قال >أنا السماوات والأرض، أنا اللوح أنا العرش، أنا القلم < لماذا ؟ لأنه واجد لكل هذه الكمالات طيا وإجمالاً، بالتفصيل الذي تقدم في مقدمات الكتاب، (ومن يتحقق بهذا المقام ويمعن النظر فيه تظهر له عظمة الإنسان الكامل وقدره، فظهر )

    (احد الحاضرين) : …

    ج/ من ؟ لا، شهود هذا، نحن باعتبار ضعاف الايمان الآن نجلس هنا نتكلم العلم الحصولي، وإلاّ مراده من (ومن يتحقق بهذا المقام) يعني ليس من يعلم هذا المقام، هذه العبارة واضحة، لا يريد أن يقول ومن علم، واقعا أيضاً العلم الحصولي يعطيك رائحة بعيدة من الحقيقة، نعم العلم الشهودي يعطيك معرفة عظمة الإنسان الكامل وقدره، وإلاّ العلم الحصولي بالتوحيد بعض الأحيان لا يؤثر، {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم } علم حصولي عنده يعلم، ولكنه مع ذلك يجحد .

    (احد الحاضرين) :….

    ج/ بلي نعم، مقصودي أنه لا، الأثر لا يظهر، هذا المقصود، يعني العلم موجود ولكن لا يظهر الأثر ولا يظهر الإيمان .

    (فظهر جميع ما في الصورة الإلهية في هذه النشأة الإنسانية ) إذن هذه النشأة الإنسانية، هي التي ظهرت فيها جميع الكمالات الإلهية، (وبهذا صار مستحقا للخلافة دون غيره من الموجودات)، يعني هو مظهر جميع الكمالات والصور الإلهية، إذن هو الذي يستحق أن يكون خليفة الله، وان يقال فيه {إني جاعل في الأرض خليفة }، (فظهر جميع ما في الصورة الإلهية) هناك بحث هل يطلق على الله سبحانه وتعالى صورة أو لا ؟ لأنه يقول صورة إلهية، ومراده من الصورة الإلهية واضح، مراده الكمالات الإلهية، مراده الشؤون الإلهية، من الاسماء والصفات، هل يطلق عليها صورة أو لا يطلق؟ هذا بحثه سيأتي فيما بعد، (فظهر جميع ما في الصورة الإلهية) ماذا في الصورة، بيان لما في الصورة، يعني بيان ما معنى الصورة (جميع ما في الصورة الإلهية من الاسماء ) ظهر أين ؟  ( في هذه النشأة الإنسانية ) باعتبار هي نشأة في قبال النشآت الأخرى، (فحازت ) من ؟ هذه النشأة الإنسانية (رتبة الاحاطة والجمع بهذا الوجود) أي وجود ؟ عندما أضيف إليها الوجود العنصري الأرضي، (تم العالم بوجوده) بهذا الوجود أي وجود هو ؟ ذلك الوجود الذي تم العالم بوجوده (وبه) وبهذا الوجود (قامت الحجة لله )

    إلى الآن كم لفظ استعمل ؟ استعمل : خليفة، والإنسان الكامل، ولي، كون الجامع، والآن استعمل الحجة .

    (وبه قامت الحجة لله تعالى على الملائكة ) أي ملائكة ؟ الملائكة الذين قالوا {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك } هذا بحثه أن شاء الله تعالى بعد ذلك سيأتي شيئا فشيئا تفصيلا، يريد أن يدخل، لإن هذا بعد هذا النص تعالوا إلى آخر السطر هكذا يقول : (فتحفظ فقد وعضك الله بغيرك )

    علم الأخلاق يقول للإنسان، خذ حذرك أن تسلك طريق الشياطين إلى آخره، بل سير في طريق الحق، العرفان العملي يقول لك خذ حذرك من أن تكون مثل الملائكة، لإن مقامك أسمى، الآن انظروا إلى المسافة الشاسعة بين الأخلاق والعرفان العملي، الآن عرفتوا الفرق بين الأخلاق والعرفان العملي، لو سألك سائل ما هو الفرق الأساسي بين العرفان العملي والأخلاق ؟ علم الأخلاق يريد أن يخرجك من البهيمية إلى أدنى درجات الإنسانية، والعرفان العملي يريد أن يأخذك إلى أعلى درجات الإنسانية، ولهذا يقول لك خذ بالك افتح عينك إياك وان تصبح مثل الملائكة، لا أبدا هذا غير مناسب لك، فلهذا انظر إلى الجملة ( فتحفظ فقد وعضك الله بغيرك ) لأنه هو هذه الكلام يوجهه إلى الملائكة، أنتم لماذا هكذا تقولون، خذ حذرك من أن تتكلم بكلمة التي تجعل رتبتك رتبة الملائكة (وانظر من أين أتي على ما أتي عليه) تأمل في هؤلاء أين نقطة المشكلة والثغرة التي أدت بهم إلى هذا القول، ولا أقول يعترضوا، لإن الجهاز الإلهية لا يوجد فيه اعتراض، ولكنه فقط هذا الكلام وهو أنه { أتجعل فيها من يفسد } بعض أهل المعرفة كان يقول أن وظيفة هؤلاء هي أن الله تعالى عندما قال : {إني جاعل في الأرض خليفة } يقولون سمعا وطاعة، بعد { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} ونحن مخلوقات جيدة وما تجد أحسن من عندنا {نسبح بحمدك ونقدس } بينك وبين الله أصلا هذا محل مثل هذا الكلام، أم هو محل سمعا وطاعة؟ كما في قضية موسى ×، عندما قالوا له {وما تلك بيمينك } لو كان الله تعالى سال رسول الله ’ لرأيتم كيف يجيب، لقال رسول الله كما تريد، عصاي لأنك تريدها أن تكون عصا، وإذا تريد أن تجعلها حية تسعى ماذا تفعل، تصبح حية تسعة، إذن ليس هي عصاي، بل ثم عصاي، أنت قلت هي عصاي {أهش بها على غنمي ولي بها مآرب أخرى} هذا الكلام ليس له محل هنا، لأنه لم يسألك أحد ماذا تفعل بهذه العصا، وان كان من جهة أخرى العلماء يجيبون عن هذا الكلام، يقولون : لا كان في مقام المحبوب ويريد أن يتكلم معه، مع أنه المفروض كان، هذه قراءة أخرى للنص القرآني، هنا مقتضى أدب الطاعة كان ينبغي أن يقول سمعا وطاعة، {إني جاعل في الأرض خليفة } وليس أن الله تعالى فيما بعد يحاور ويذهب ويصعد يقول {لا علم لنا إلاّ ما علمتنا } كان المفروض هذه الكلمة تتقدم في بداية كلامك، فلهذا يقول (وانظر من أين أتي على ما أتي عليه، فإن الملائكة لم تقف مع ما تعطيه نشأة هذا العالم ) نعم لو كانوا يعرفون هذا الخليفة من هو ماذا هو وما هو قدره وعظمته لما ذكروا هذا الكلام، قال : ( أي لما استخلف الإنسان وجعله ختما ) يعني خاتما، ختما باعتبار أنه مثل الإنسان الكامل بالختم الذي يختم به الملك على الخزائن، قال : (لما استخلف الإنسان وجعله ختما على خزائن الدنيا والآخرة، ظهر جميع ما في الصورة الإلهية من الاسماء، في النشأة الإنسانية، الجامعة بين النشأة العنصرية والنشأة الروحانية ) هذا هو الكون الجامع، ليس فقط له نشأة روحانية، بل له أيضاً نشأة عنصرية، والمراد كما اشرنا، يعني لما صار واجدا لجميع ما في الصورة الإلهية استحق الخلافة في الأرض (أي صارت جميع هذه الكمالات فيها ) أي في النشأة الإنسانية (بالفعل، وقد صرح شيخنا ) مراده صاحب المفتاح القونوي، (في كتاب المفتاح : أن من علامات الكامل أن يقدر على الإحياء والإماتة وأمثالها ) بل أن يقدر على جميع ما تقدر عليها مظاهر الاسماء الإلهية .

    الآن هنا يدخل في بحث، الوقت لا يسع، (وإطلاق الصورة على الله مجاز ) لإن العبارة ما هي ؟ قال : (فظهر جميع ما في الصورة الإلهية) يطلق على الله صورة أو لا يطلق ؟ عندنا بحث لابُدّ أن يلتفت الإخوة، نعنون البحث ونتركه إلى الغد، عندنا بحث: أساساً لابُدّ أن نميز بين التسمية وبين التوصيف، مسالة التوقيفية وجوازها وعدم جوازها وغيرها، هذه مرتبطة بالتسمية لا بالتوصيف، وهذا بحث عرضنا له فيما سبق مفصلا، وإلاّ التوصيف أنت من حقك أن تقول واجب الوجود، مع أنه افترضوا لم يرد في نص واجب الوجود، ولكن ليس من باب التسمية وإنما من باب التوصيف، كما ذكر القران الكريم قال : {أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون} وهذا الزارعون ليس اسما، بل الزارعون وصف من أوصاف الله سبحانه وتعالى، جيد إذا كان المراد هل يصح التوصيف بالصورة ؟ الجواب : نعم لا محذور في ذلك، إنما الكلام إذا كان المراد من الصورة يعني التسمية فهل يجوز أو لا يجوز ؟ نحن هنا ومن يقول بتوقيفية الاسماء، لابُدّ أن نرجع إلى الروايات لنرى أنه يجوز أو لا يجوز، ولكنه هو يدخل إلى البحث بشكل آخر يقول : ( وإطلاق الصورة على الله مجاز، إذ لا تستعمل ) الصورة ( على الحقيقة ) لا في الحقيقة ( إلاّ تستعمل ) الصورة (على نحو الحقيقة لا تستعمل إلاّ في المحسوسات ) ففي المعقولات ماذا يكون استعمالها ؟ الجواب : لا، ليس الأمر كذلك شيخنا، مع كل احترامنا للقيصري، لا، إذا كان استعمالها في المحسوسات، بعد استعاملها في غير المحسوسات مجاز أم غلط ؟ نحن عندنا استعمال صحيح واستعمال خاطئ، ثم الاستعمال الصحيح أما حقيقة وأما مجاز، وليس عندنا استعمال صح حقيقة واستعمال خطأ مجاز، لا يوجد عندا مثل هذا الأمر، إذا قبلنا أن الصورة لا تستعمل إلاّ في المحسوس، الله غير محسوس، إذن لا يصح استعمال الصورة، واستعمال الصورة فيه يكون خطأ، لا صحيحا على نحو المجاز، وإذا تستعمل الصورة في المحسوس والمعقول معا فإنه يصح استمعاله في الحق لا على المجاز، على الحقيقة بعد.

    والحمد لله رب العالمين.

     

    • تاريخ النشر : 2016/10/18
    • مرات التنزيل : 1815

  • جديد المرئيات