نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية وحدة الوجود العرفانية (07)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    والرهان لا يوجب عليه الا جفاء لأنه طور لا يصل إليه الا من اهتدى, ولا يجده عيانا الا من زكى نفسه واقتدى, هولا يعتقدون بان هناك مجموعة من الحقائق هذه الحقائق لا يمكن الوقوف عليها لا من خلال الحواس الظاهرية ولا من خلال القوى الجزئية والكلية التي ترتبط بعالم المفاهيم لان الحس له دائرة يستطيع أن يقف عليها وما هو خارج الحس لا يمكن للحواس أن تقف عليه وهذا ما قرأتموه في الإشارات والتنبيهات أن الإنسان لم يرزق قوة حسية تستطيع أن تدرك من خلال تلك القوة الجوهر, فالجواهر مع انها امور مادية ومرتبطة بعالم المادة ولكنه يمكن الوقوف عليها حسا أو لا يمكن؟

    لا يمكن الوقوف عليها لأنها تلك امور الحس قاصر على أن يقف عليها وهكذا القوى الداخلية عند الإنسان من المتخيلة والمتوهمة إلى أن نصل إلى القوة الفكرية والعاقلة فهذه تستطيع أن تقف على هذه الحقائق أو تقف على الحقائق في دائرة عملها وفيما هو خارج عن دائرة عملها لا يمكنها أن تفهم تلك الحقائق, ومدعى هؤلاء القوم والحق معهم أن دائرة المعارف الموجودة في هذا العالم ليست مقتصرة على المحسوسات أو القوى الجزئية أو الكلية في عالم المفاهيم, وإنما هناك دائرة لا طريق للوصول إليها الا من خلال أدوات خاصة بها هذه الأدوات الخاصة بها هي التي عبر عنها القرآن الكريم بالبصيرة كما قال السيد حيدر الآملي من أن للإنسان أعين ظاهرية واعين باطنية, {لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} على هذا الأساس تلك الحقائق لمن أراد أن يقف عليها, من الواضح لا يمكنه الا من خلال الطريق الخاص بتلك الحقائق, الآن لو وصل الإنسان إلى تلك الحقائق من الطريق الخاص وأراد أن يوصلها إلى الآخرين بالطريق المناسب لهم, لان الجميع لا يوجد عندهم ذلك الطريق, وهو الطريق الخاص والأداة الخاصة لكشف عالم الغيب, أراد أن يوصلهم, الآن لا طريق له الا أن يوصلها إليهم الا من خلال المفاهيم أو من خلال الامور المادية والمحسوسسة, وهذه, أي عندما نصل إلى هذه المرتبة الذي أنا عبرت عنه في مدخلي إلى منهاج المعرفة عند الإسلاميين, عبرت عنه المقام الثاني من البحث, المقام الاول من البحث اكتشاف هذه الحقائق عن طريق الكشف عن طريق السير والسلوك عن طريق التزكية عن طريق العيان وصل إليها العارف, أما المقام الثاني من البحث وهو انه يريد أن يوصل هذه المعارف للآخرين من الواضح انه هنا تأتي هذه الحكمة النبوية > أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم< طبعا مراده من العقول هنا ليس بالضرورة يعني العقل في مقابل الحس أو الوهم أو الخيال يعني انه أن كل انسان نريد أن نخاطبه لا بد أن نخاطبه بالمفردات والقضايا التي يستطيع أن يدركها, وهذه ليست هناك فقط,انت عندما أن تريد أن تخاطب ابنك الذي عمره عشر سنوات ببعض القضايا تضطر إلى أن تتكلم بلغة يفهما ذلك الطفل الصغير, وعلى هذا الأساس تفهمون حقيقة لماذا أن القرآن الكريم من أوله إلى آخره جاء على طريقة المثل, طبعا كما قلت في بعض ما كتبته في تأويل القرآن, هناك قلت أن المثل لا بد أن يلتفت إليه على نحوين: مثل طولي, ومثل عرضي, المثل العرضي هو انه في هذا العالم حقيقة عقلية, ولكن لا يفهم هذه الحقيقة العقلية كل انسان فتضطر أن تجعلها في قوة الخيال تعطيها صورة جزئية, من قبيل قوله تعالى {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله مثل حبة انبتت سبع سنابل} مثل قوله تعالى الحقيقة القرآنية{ لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا} ولكن القرآن هذه الحقيقة القرآنية بينها في مكان آخر في آية أخرى قال بأنه في مثال العبد له مولى وله موالي متعددين متشاكسين فيما بينهم, هذا المثال مرتبط بهذه الحقيقة وكلاهما مرتبط بنشأة المادة, بنشأة الدنيا, بنشأة عالمنا, أما هناك لا, عندنا حقائق مرتبطة بعالم المثال, بنشأة المثال, وحقائق مرتبطة بنشأة العقل وحقائق مرتبطة بالصقع الربوبي, وحقائق مرتبطة بالتعين الأول مقام الأحدية, الآن نريد أن ننزلها إليكم بلسان عربي مبين يقينا أن هذه الالفاظ بلغت من القوة ومن البيان لا تستطيع أن توصل إليك الحقيقة على ما هي عليها, أن ثوبا خيط من تسعة وعشرين حرفا عن معاليه قاصر, لا يمكن لتلك الحقائق أن تكون في ظرف هذه الالفاظ أولاً, وفي عالم أن هذه الالفاظ وضعت لمصاديق معهودة مادية في عالمنا, انت تريد أن تعطيها مصاديق غير مادية أصلاً, لذا واقعا القرآن الكريم بلغنا ما بلغنا في العلم الحصولي وفي عالم التفسير لا نستطيع أن نفهم الا الدرجة الدانية منه وهو وجوده اللفظي لا أكثر من ذلك, يعني نستطيع أن نفهم هذا القدر فقط{أنا جعلناه قرانا عربيا لعلكم تعقلون} بلغت ما بلغت عقولنا من القوة والفهم والاستدلال والمنطق والأدوات فقط نفهم أي درجة من القرآن؟ نفهم الدرجة التي هي عربي مبين والتي هي أدنى درجات القرآن, هذه في سلم الدرجات تقع في أدنى هذا السلم وفوقه درجات غير متناهية لأنه علم الله سبحانه, >تجلى الله لخلقه كتابه ولكن لا تبصرون< .

    إذن: إذا أردنا أن نصعد درجة فدرجة, كل درجة من هذه الدرجات تحتاج الأداة الخاصة بها, من هنا تجدونه يقول بأنه نحن نقيم البرهان ونستدل بالأدلة النقلية ولكن هذا لا يوضحه, لان ذاك مرتبط بعالم آخر لا يمكن ولا يمكن للاستدلال والمفاهيم أن توصلنا إلى تلك الحقائق, تعالى معي إلى صفحة 200 من الكتاب هذه عبارته: فعلوم الأولياء والكُمّل غير مكتسبة بالعقل, هذا في المقام الأول, ولا مستفادة من النقل, لا هذه ولا تلك لا مفهوم ولا ألفاظ, بل مأخذوة من الله معدن الأنوار, طبعا عندما يقول مأخذوة من الله لا يذهب ذهنك بغير واسطة, إذا كان الصادر الأول مأخوذ من عند الله, عندما تقول الآية المباركة { آتيناه من لدنا علما} لا يذهب ذهنك مباشرة بلا واسطة, هذا العلم اللدني أيضاً له مراتب بعضه بواسطة وبعضه بلا واسطة, بل مأخوذة من الله معدن الأنوار ومنبع الإسرار, لماذا يأتون بهذه الامور؟

    قال: واتيناهم بالمنقولات, إذا وجدتم يستدلون بآية أو رواية, فيما بينوه إنما هو استشهاد لما علموه, لماذا يفعلون ذلك؟

    باعتبار أن بعض الناس قدرتهم الفكرية وسطحهم يقتصر على النقل, النقل هو الحط الأوسط عنده, هذا رفق بالمخاطبين, رفق بهؤلاء الذين هذا مقامهم, وإثباتهم المعاني بالدلائل العقلية تنبيه للمحجوبين, في الواقع هذا محجوب لأنه هذا يرى الاشياء من وراء ستار من وراء ستار عالم الشهادة لان ذلك عالم الغيب له حكمه الخاص به, وإثباتهم المعاني بالدلائل العقلية تنبيه للمحجوبين وتأنيس لهم, رحمة منهم, من العرفاء, عليهم, على هؤلاء الذين هم أصحاب النقل وأصحاب العقل, إذ كل احد لا يقدر على الكشف والشهود, هذا الطريق غير متيسر لكل احد كما انه في الدليل العقلي أيضاً ذلك, ليس كل احد يستطيع أن يفهم البداية والنهاية والإشارات وهذه الاستدلالات العقلية, لذا الله سبحانه وتعالى يطلب منهم التوحيد, البعرة تدل على البعير ليس أكثر من ذلك, فكيف بطريق الكشف والشهود, إذ كل احد لا يقدر على الكشف والشهود, ولا يفي استعداده بادراك أسرار الوجود, هذا الذي قلنا مرارا أن المراد من السر يعني الغيب, يعني ما وراء الحواس وما وراء المفاهيم, فلهم نصيب من الأنباء والرسالة هذه النبوة التي يعبرون عنها إذا لم تفهم جيدا هذه النبوة نبوة الأنباء وليست نبوة التشريع, فلهم نصيب من الأنباء والرسالة بحكم الوراثة لا بالأصالة, وهذا ما بيناه مرارا, كما للمجتهدين من العلماء في الظاهر, يقول ولا تستغربون علينا, في عالم التشريع المجتهدين لما يشرعون يقولون هذا واجب وهذا حرام كثير من هذه الواجبات والمحرمات, وعندما ترجعون بحسب الظواهر الموجودة قد لا تجدوها ولكن هو يقول أن الآية تدل على هذا الوجوب أو تدل على هذه الحرمة, فبائكم تجر وبائنا لا تجر, كما انه انتم لو اخطأتم فله اجر ومن أصاب فله أجران فنحن كذلك في سيرنا وسلوكنا وكشفنا نحاول أن نسترشد بكلمات كشف المعصوم فان أصبنا لنا أجران وان اخطأنا فلنا اجر واحد, لا يقول لنا قائل يكثر عندكم الخطأ ويقل عندنا الخطأ.

    الجواب: أن الأدلة العقلية إذا كان وجود الخطأ مانعا عن الاعتماد على علم فلا يفرق كثرته عن قلته وهذا ما ذكرناه مفصلا في مبحـث حجية الدليـل العقلـي عندمـا ناقشنـا المحـدثيـن الأستر آبادي وغيره, قلنا أن هذا إذا كان دليلا لسد أبواب المعرفة فأول ما يسد يسد به باب الفقه, الآن بعض المسائل تصل فيها إلى عشرين رأي, فإذا كان هذا سبب لسد باب علم فأول باب يسد يسد باب هذه العلوم.

    يقول: كما للمجتهدين من العلماء في الظاهر نصيب من التشريع لذلك لا يزالون مُنبئون, أي العرفاء, عن المعاني الغيبية والأسرار الإلهية, وقد يصيبون فيها وقد يخطأون, تعالوا معنا إلى أصل المقدمة حتى ننتهي منها.

    قال: وما ذكر فيه مما يشبه الدليل والبرهان إنما جيء به تنبيها للمستعدين الإخوان, أما للمحجوبين وأما لغيرهم, بعضهم نقل, بعضهم عقل, وبعضهم نقل وعقل وهكذا, رحمة منهم عليهم, إذا الدليل لا يزيد فيه الا خفاء والبرهان لا يوجب عليه الا جفاء لماذا؟

    يقول: لأنه هذه المعارف التي قالها في هذا الكتاب مرتبطة بطور لا يصل إليه الأمن اهتدى, تحتاج إلى الطريق الخاص بها, ولا يجده عيانا الا من زكى نفسه واقتدى, فارجوا من الله الكريم أن يحفظني على الطريق القويم ويجعل سعيي مشكورا وكلام مقبولا, واسأل الله العون والتوفيق والعصمة من الخطأ في مقام التحقيق, ونحن أيضاً نسأل الله العون والتوفيق والعصمة في مقام البيان والتقرير, لأنه واقعا تقرير هذه المطالب تحتاج إلى عناية إلهية ليس هنا فقط بل في أي موضع آخر( كلام لاحد الحظور) واقتدى بالنبي الأكرم وبالقران> لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة< والعصمة من الخطأ في مقام التحقيق.

    الفصل الأول:

    قبل الدخول في الفصل الأول لابأس بالإشارة إلى بعض المقدمات التي اشرنا إليها في الابحاث السابقة سواء كانت الابحاث الفلسفية أو الابحاث العرفانية في أبحاث القواعد ولكن نشير إليها هنا إجمالا لجمع أطراف البحث والا يوجد عندنا شيء جديد أن نقوله هنا الا جمع البحث.

    الأصل الأول الذي نحتاج أن نقف عنده وهو انه لا بد أن نعرف أن هناك فارقاً أساسياً بين منهج العرفاء وبين منهج الحكماء هذا الفارق الأساسي ينطلق من هذه النقطة وهي أن العرفاء يرون أن الأصل هو الوحدة, نعم ينبغي أن يوجوه هذه الكثرة لان الكثرة أمر وجداني أمر فطري لا ينكره الا مكابر واقعا لاينكره الا مكابر, مسألة الكثرة في هذا العالم لا مجال لإنكار هذه الكثرة, نعم الأصل عند العارف هو الوحدة من هنا ينصب كل جهده على توجيه الكثرة وكيف يمكن أن تنسجم هذه الكثرة مع  تلك الكثرة وهذه نقطة مركزية في فهم العارف وهذا تماما في نقطة مقابلة للحكيم, لا اقل أن يكون كلامنا خصوصا عند هؤلاء باعتبار أن مشرب الحكمة المتعالية بعد لم يكن موجودا عندما بينت نظريات وجدة الوجود, في المنهج المشائي كان يرى أن مسألة الكثرة مما لا ريب فيها ولكن هل توجد وراء هذه الكثرة وحدة أو لا توجد؟

    من هنا صاروا بصدد إقامة دليل ودليلين وعشرة وألف لإثبات وحدة واجب الوجود وراء هذه الكثرة ومن هنا تجد قالوا أن هناك ألف دليل لإثبات وحدة واجب الوجوب.

     إذن: الأصل عند الكثرة, لان هذه أمر وجداني وفطري ولا بحث في ذلك, إنما الكلام كيف نرجع هذه الكثرة إلى وحدة, وكيف تنسجم هذه الوحدة مع هذه الكثرة, وهذان مشربان, لذا تجد أن العارف كل همه ينصب لإثبات الكثرة والا الوحدة هي الأصل عند وإنما يثبت هل توجد كثرة أو لا توجد, وإذا كانت هذه الكثرة موجودة كيف تنسجم مع الوحدة الاطلاقية الثابتة لذلك الواحد, لذا وجدتم أقصى ما انتهوا إليه كما سنبين انه توجد كثرة وهي كثرة اعتبارية نفس أمرية, وبعضم لم يستطع أن يوجه هذه الكثرة فقال أن الكثرة كثنائية ما يراه الأحول, ما عنده شك في الوحدة ولكن لماذا؟

    التفتوا جيدا العارف ينطلق من منطلق والحكيم ينطلق من منطلق آخر, انت تنظرون في الفضائيات يعرضون ما وراء الخبر, رحمة الله على السيد محمد الصدر كتب ما وراء الفقه, الآن نريد ما وراء هذه الكلمات, لماذا هذه المشكلة قائمة واطمأنوا ستبقى قائمة ولن تنتهي.

    والسبب في ذلك أن الحكيم ينطلق من الحس, وانتم تعلمون أن الحكيم ينطلق من المحسوسات ثم يقشرها حتى تكون معقولات ومفهومات كلية, والحس يرى الكثرة فلهذا الأصل عنده الكثرة من هنا يبحث عن الوحدة, أما العارف ليس كذلك العارف يبدأ من حركة شهودية يعني يرى بعين الباطن, عندما يقف الإنسان على ملكوت الاشياء أولاً يرى وجهها الملكوتي لا وجهها الخلقي ووجها الملكوتي واحد, لذا تجد أن القرآن الكريم بشكل واضح ودقيق يقول {وكذلك نري ابراهيم ملكوت السموات والارض وليكون من الموقنين} من رأى ملكوت السموات يرى الاشياء أو يرى قيوم الاشياء؟

    يرى قيوم الاشياء يرى الوجه الأمري للأشياء, ذاك الوجه الأمري وليس الوجه الخلقي, عند ذلك عندما يأتي إلى حالة الصحوة أو عندما يأتي إلى حال البيان يرى أن الأصل هو الوحدة ولكن بالوجدان يرى الكثرات فيكف يوجه الكثرة؟

    ترون أن المنهج المعرفي وكيفية اقتناص الحقائق كيف توثر على الإنسان انت إذا بدأت بداية حكمية ستنتهي إلى نتائج وإذا بدأت بداية سلوكية تنتهي إلى نتائج أخرى, إذا بدأت بداية عقلية تنتهي إلى نتائج إذا بدأت بداية تجريبية مادية ستنتهي إلى نتائج أخرى, إذا بدأت بداية أصولية فقهية ستنتهي إلى نتائج, إذا بدأت ببداية كلامية فلسفية عرفانية تنتهي إلى نتائج أخرى هذا الذي نحن مرارا في دروسنا نذكر الاخوة بأنه ينبغي لكل حقيقة من الحقائق أن ننظر إليها من خلال الزواية التي تستطيع أن تدركها, العقائد لا يمكن أن تفهم من خلال نظارة الفقه لأنه العقائد مرتبطة بعالم والفقه مرتبط بعالم آخر, ذاك مرتبط بالحقائق الوجودية وهذا مرتبط بفعل الإنسان, عند ذلك تفهمون لماذا أن هؤلاء صارت عندهم هذه الاختلافات التي وصلت إلى مئة وثمانين درجة, عند ذلك أيضاً نفهم محاولات صدر المتألهين, كل هم صدر المتألهين هو في فلسفة يعني مفتاح مدرسة صدر المتألهين يعني نقطة الدائرة في هذا المحور في أن الوحدة عين الكثرة وان الكثرة عين الوحدة, انت أينما تذهب تجد أثراً  لهذا الأصل في مبانيه الفلسفية, أما هل وفق في هذا أو لم يوفق؟

    ذاك محل ثاني من البحث لكن هذه محاولات للحق والإنصاف يشكر عليها هذا العلم المحقق, لأنه هو الذي عرف أن المشكلة الأصلية هو في أن هذه الوحدة كيف نفهمها بنحو لا تنفي الكثرة وهذه الكثرة كيف نفهمها بنحو لا تقلل اثر الوحدة وليكون في علمكم أيها الاخوة إلى الآن لا العرفاء استطاعوا أن يثبتوا وحدة لا توثر على الكثرة, اثبتوا وحدة ولكن صبغة الكثرة ذهبت وأصبحت اعتبارية, فصار لون الكثرة الوجودي باهتا,( كلام لاحد الحضور) لم يستطيعوا أن يبقوا الوحدة على عمقها وعلى دقتها وعلى سعتها وشمولها ويعطوا للكثرة لونها وما تستحقه, أما الحكيم فعل العكس بحيث أعطى للكثرة عمقا ولونا مؤثراً بالنحو الذي انت لابد من وسط ركام هذه الكثرة أن تبحث عن الوحدة, فلهذا انت في كل همك الفلسفي والكلامي كيف تثبت وحدة واجب الوجود فكان الوحدة ضاعت في وسط هذا الركام الكثير, ولقائل أن يقول الحق مع المنهج العرفاني, هذا ليس بحثنا, أساساً القران يقول{صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة} هو الله يقول أنا صابغ الاشياء كلها بصبغتي,{ أينما تولوا فثم وجه الله} تقول لم أرى, يقول لأنه انت أعمى, والا لو كنت بصيرا لرأيت, لأنه هو الاول هو الآخر هو الظاهر هو الباطن, لان الاشياء ما ذا يوجد فيها؟

    أما ظاهر وأما باطن وأما أول وأما آخر, فإذا كان هو كل هذه الاشياء فلا يبقى للكثرة شي ولا يبقى لسواه شيء(كلام لاحد الحظور) هو هذا الكلام, هو هذا الذي أقوله.

    انظروا إلى المشكلة الأصلية هذه النقطة المركزية في المعرفة وستبقى, أنا لا أريد أن ازرع روح اليأس في أنفسكم لأنه أنا في عقيدتي انه إلى يوم القيامة لا تحل, الله سبحانه وتعالى هو الذي هندس العالم على هذا الشكل, هذه تحل أو لا تحل؟

    الجواب: انه هندس هذا المهندس وهو الله ويطلق عليه في بعض الروايات المهندس, هندس هذا العالم بنحو انه هذه القضية تبقى بين الوحدة وبين الكثرة, لذا انت وسعيك وانظر كم تستطيع أن تقرب هذه الحقيقة كم تستطيع أن تقترب من حقيقة الوحدة بنحو لا تنفي الكثرة, وان تقترب من الكثرة بنحو لا يقل دور الوحدة, وطبعا ليست هذه المشكلة عندنا هناك, في الإمامة والتوحيد أيضاً عندنا نفس المشكلة, وهذه من أهم المشاكل, إلى الآن البحث الكلامي لنا, لأنه هذا البحث بحث كلامي وليس بحث فلسفي ولا عرفاني, نعم فيه بعد فلسفي وعرفاني ولكنه بحث كلامي, إلى الآن تجدون الأمة الاسلامية من تطرفت إلى درجة فنفت دور الإمام, قالت الإمام أي عالم من العلماء نعم نحبهم هؤلاء أولاد رسول الله وعموم المسلمين بهذا الشكل, ومع الأسف الشديد بدأت الآن رشحات من هذا التوجه تصل إلينا, واتجاه آخر قال: التوحيد دعوه إلى جهة وأعطوا كل الأدوار إلى الإمامة, بالنحو الذي حتى في التوجه العبادي أيضاً توجهك يكون إلى الإمام, أما الذي يستطيع أن يعطي للتوحيد حقه لا على حساب وان يعطي للإمامة حقها لا على حساب التوحيد, واقعا طبعا هذا يحتاج الصراط المستقيم هذا هو الصراط المستقيم, أن هذين الدورين كلاهما يحفظ, هذا دوره موجود وهذا دوره موجود, ليس دور احدهما على حساب دور الآخر, لايوجد تداخل بالأدوار.  في الوحدة والكثرة نحاول إنشاء الله تعالى في الوحدة الشخصية للوجود لا ندري كم نوفق, لا ادري الذين حضروا عندنا في التمهيد هم يستطيعوا أن يقرروا نحن استطعنا أن نعطي للوحدة والكثرة نعطي لكل منهما حقه, أو ظلمنا الوحدة لصالح الكثرة, أو ظلمنا الكثرة لصالح الوحدة, >عميت عين لا تراك عليها رقيباا<, > متى غبت حتى تحتاج إلى دليل< هذا يقولنه أصحاب نظرية الوحدة هو متى غاب حتى انت تبحث عنه, كيف يكون هو المظهر لك؟

    اذن: محل الحديث في الوحدة الشخصية للوجود هو أننا نستطيع أن نصور وحدة تكون هي الأصل ولكنها لا تنفي الكثرة, ونستطيع أن نصور الكثرة تكون هي المحور لان الاحكام كلها مرتبطة ليس الاحكام الشرعية, أصلاً كل شيء مرتبط بعالم الكثرة, جنة, ونار, وثواب, وعقاب, وأنبياء, ورسل, ودنيا, وملك, وملكوت, وقوس النزول, وقوس الصعود, ومؤمن, وفاسق, ما شاء الله, أصلاً بكل هذه المفردات قائم على أساس الكثرة, والا اذا صارت هذه الكثرة انت تنهيها إلى درجة تكون كأنه لا وجود لها, لا أريد أن اقول لا وجود لها, حتى لا تعترض علي أن هؤلاء لا ينكرون الكثرة ولكنه كأنه لا وجود لها, هذه ليست فقط تولد مشكلة انه الكثرة كأنه الكثرة لا وجود لها لأنه لازمه كان الجنة لا وجود لها كان الآخرة لا وجود لها كان الأنبياء لا وجود لهم كان الذوات المقدسة لا وجود كان الصادر الاول لا وجود له يأتي فيها جميعا, لذا صدر المتألهين في الاسفار في الجزء الثاني في كلماته هناك في الفصل السابع والعشرين من فصول العلة والمعلول في الجزء الثاني التي بحسب طبعة الشيخ حسن زادة الجزء2 ص393 انظر إلى عباراته: إن أكثر الناظرين في كلام العرفاء الإلهين حيث لم يصلوا لم مقامهم ولم يحيطوا بكنه مرامهم ظنوا انه يلزم من كلامهم في إثبات التوحيد الخاص في حقيقة الوجود والموجود بما هو موجود وحدة شخصية, اذن ظنوا من لزوم الوحدة الشخصية يلزم, أن هويات الممكنات امور اعتبارية محضة وحقائقها أوهام وخيالات لا تحصل لها الا بحسب الاعتبار حتى أن هؤلاء الناظرين في كلامهم من غير تحصيل مرامهم صرحوا بعدمية الذوات الكريمة القدسية والأشخاص الشريفة الملكوتية كالعقل الاول وسائر الملائكة المقربين وذوات الأنبياء والأولياء والإجرام العظيمة المتعددة المختلفة بحركاتها المتعددة المختلفة جهة وقدرا وآثارا وآثارها المتفننة وبالجملة النظام المشاهد في هذا العالم المحسوس والعوالم التي فوق هذا العالم لزمهم أن ينكروا كل ذلك, والامر إليك يلزمهم أو لا يلزمهم؟ هذا تابع إلى كيفية تصوير الوحدة الشخصية, في النتيجة ما سواه له حظ من الوجود أو ليس له حظ, إن قلت لا حظ من الوجود له, الآن سميه شؤون تعلقات مظاهر بالنتيجة لا حظ لها من الوجود امور اعتبارية, اعتباريات نفس أمرية ما تريد أن تقول قل, اذا قلت لها من الوجود اذن له سواء وله غير, ماذا نفعل بالنتيجة؟ (كلام لاحد الحظور) جزاك الله خيرا أحسنت سؤال في محله. أنا فقط أقرر مقدمة الجواب, الآن جنابك جالس أمامي انت لك كم اعتبار؟

    الاعتبار الاول انك أمر وجودي يشار إليك, طبعا هذا أمر وجودي يشار إليك كم مصداق له, أنا لا ادخل في مصاديقه, جوهري يوجد, عرضي يوجد, رابط يوجد في النتيجة انت أمر وجودي يشار إليك لا تقول يشار إليك بالاستقلال, المهم انت أمر وجودي يشار إليك ولو بنحو إلى الإشارة إلى ما تتعلق ولكن انت أمر وجودي, بتعبير إمام الموحدين>داخل في الاشياء< اذن لا بد أن توجد أشياء والا اذا لم توجد أشياء أصلاً تكون سالبة بانتفاء الموضوع, الا أن تقول هذا تقريب إلى ذهنك هذا حديث آخر, لأنه القائل بالوحدة الشخصية هذا من باب ما تراه انت أشياء, أي واقعا انه ليس أشياء, يعني بالحمل الشائع ليس أشياء, نعم انت تتصور انها أشياء, ظاهر العبارة داخل بالأشياء لا بممازجة وخارج عن الاشياء, اذن عندنا أشياء ويوجد دخول وخروج عنها,(كلام لاحد الحظور) سميه وجود, المهم سواه يوجد, هذا تقبل به هذا القدر, قرر الوحدة الشخصية بما ينسجم مع هذا القدر, وليكن في علمك أن هذا القدر هو الذي يدعيه صدر المتألهين في الوحدة التشكيكية.

    يقول: بان الممكنات جميعا لها نحو من الوجود ولكن وجود قائم في غيره, ولكن وجود, وجود قائم في غيره,(كلام لاحد الحضور) بلى وجود غير, انت عندما تقول متقوم, يعني عندك مقوم وعندك متقوم, اذا هذا المتقوم ليس سوى  وغيريه اذن يصدق له متقوم ومقوم أو لا يصدق؟ لا يصدق(كلام لاحد الحظور) بنحو ضعيف هذا الذي عبر عنه الوجود في غيره ولم يثبت له أي نفسيه, ووجود عالم الامكان وجود رابط, يعني وجود في غيره, يعني معنى حرفي, صدر المتألهين يقف إلى هنا؟

    لا يقول لا أقف إلى هنا في 372 من هذا الجزء الثاني الذي بتقسيمات حسن زاده آملي.

    يقول: وللثنويين الويل, هؤلاء الذين يقولون يوجد وجودين, لا ذاك وحدة واجب الوجود تجاوزناه الآن الكلام في أن الوجود واحد أو أن الوجود له ثاني, وللثنويين الويل مما يصفون إذ قد انكشف أن كل ما  يقع عليه اسم الوجود بنحو من الأنحاء فليس الا شانا من شان الواحد القيوم ونعتا من نعوت ذاته ولمعة من لمعات صفاته, يقول إلى هنا من أول الجزء الاول إلى أواخر الجزء الثاني, فما وصفناه أولاً أن في الوجود علة ومعلولا بحسب النظر الجليل, هذا الوجود الذي نحن سميناه وجودا رابطا ووجودا مقوما, قد الآخر الامر بحسب السلوك العرفاني إلى كون العلة منهما أمراً حقيقيا والمعلول جهة من جهاته.

    اذن: نحن الوحدة التشكيكية إلى هنا كافي, إلى هنا مشينا معكم وفي جلدين تكلمنا معكم, وحدة تشكيكية رحمة منا عليكم, لأنه أول الامر ندخل عليكم نقول لكم وحدة شخصية تقبلون منا أو لا تقبلون؟

    لا تقبلون, قد الآخر الامر بحسب السلوك إلى كون العلة منهما أمر حقيقيا والمعلول جهة من جهاته, ورجعت علية المسمى بالعلة وتأثيره للمعلول, ما معنى علة ومعلول, السر إلى تطوره بطور وتحيثه بحيثية لا انفصال شي مباين عنه فأتقن هذا المقام الذي زلت فيه أقلام أولي العقول والإفهام واصرف نقد العمر في تحصيله لعلك تجد رائحة من مبتغاك إن كنت مستحقا لذلك وأهله, يأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2017/02/26
    • مرات التنزيل : 2439

  • جديد المرئيات