نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية وحدة الوجود العرفانية (10)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    الفصل الأول: في الوجود وانه هو الحق.

    فيما يتعلق في هاتين اللفظتين وهما الوجود والحق وقفنا مفصلاً في البحث عنهما في مباحث تمهيد القواعد, هناك في كتاب تمهيد القواعد, هذه النسخة التي هي للسيد جلال الدين الآشتياني في صفحة 172, يوجد بحث مفصل تحت عنوان في بيان موضوع العلم على مشرب التحقيق في ص168, إلى أن ينتهي إلى هذا البحث وهو في ص172, والأخوة الذين يراجعون الدرس الذي وقفنا فيه على هذا المطلب مفصلا هو الدرس رقم12, من الدروس المرتبة في شرح تمهيد القواعد هناك.

    يقول: وإذا عرفت هذا فاعلم أن التعبير عما يصلح لان يكون موضوعا لهذا العلم, قلنا موضوع هذا العلم هو هذا الوجود الواحد الشخصي, هذا الوجود الواحد الشخصي هو موضوع هذا العلم, وهذا ما اشرنا إليه فيما سبق وقرأنا بعض العبارات التي تبين أن موضوع هذا العلم هو هذا الوجود أو هذه الحقيقية الواحدة الشخصية التي لم يجد هؤلاء الأعلام للتعبير عنها أفضل من هذين اللفظين لفظ الوجود ولفظ الحق.

    قال: فاعلم أن التعبير عما يصلح لان يكون موضوعا لهذا العلم من المعنى المحيط والمفهوم الشامل الذي لا يشذ منه شيء ولا يقابله شيء يعني له هذه السعة وهذا الشمول وهذا الانبساط حتى يشمل مفهوم العدم في الذهن كما سيأتي بعد ذلك, أن مفهوم العدم المطلق أيضاً من مظاهر وتشأنات هذه الحقيقية, لان العدم المطلق وان كان عدما مطلق بالحمل الشائع ولكنه موجود من موجودات عالم الذهن فإذا كان موجودا,فهذه الحقيقية بوحدتها بسعتها بشمولها شاملة حتى لما يقابلها مفهوما لا لما يقابلها مصداقا,  لذا قلنا العدم عدم بالحمل الاولي وان لم يكن عدم بل وجود بالحم الشائع لأنه مفهوم من المفهومات الموجودة في الذهن.

    هل يوجد عندنا لفظ يستطيع أن يكون له هذا الشمول وهذه السعة؟

    يقولون نحن لم نجد أفضل من تعبير الوجود وأفضل من تعريف الحق.

    يقول: الذي لا يشذ منه شيء ولا يقابله شيء التعبير عن ذلك عسير جدا, واقعا لا يمكننا أن نعبر عن هذه الحقيقية المترامية الواحدة التي لا تعدد فيها, بل يستحيل فيها التعدد ماذا نعبر عنها أي تعبير أفضل؟

    يقول: التعابير قاصرة عن هذه الحقيقية ولكن ما نجده اقرب إلى هذه الحقيقية تعبير الوجود والحق, فلو عبر عنه, عن هذا الوجود او عن هذه الحقيقية, فلو عبر عنه بلفظ الوجود المطلق أو الحق إنما ذلك تعبير عن الشيء بأخص أوصافه.

    إذا يتذكر الاخوة نحن كان عندنا الفصل الحقيقي والفصل المنطقي, قلنا أن الفصل المنطقي ليس هو الفصل الحقيقي, وإنما هو اخص لوازم الفصل الحقيقي لأنه لايوجد عندنا تعبير نستطيع أن نعبر به عن ذلك الفصل الحقيقي, يعني حقيقية ما به يكون الإنسان انسانا, أفضل هذه التعابير وجدنا هذا التعبير فعبرنا عنه بالناطق مثلا, ووقع الخلاف انه هذا الناطق يعني النطق أو إدراك الكليات وكلها كيفيات, سواء كانت كيفيات مسموعة أو كيفيات نفسانية.

    الذي هو اعم المفهومات ها هنا إذ لو وجد لفظ يكون ذا مفهوم محصل, وهذه كل القيود بيناها هناك, قلنا انه إنما يعبر عن مفهوم محصل لان الشيئية اعم, ولكن ليس له مفهوم محصل, الشيئية اعم من مفهوم الوجود, إذ في بعض الأحيان وان كان مصداقا احدهما يساوق الآخر ولكن ليس مفهوما محصلا.

    إذ لو وجد لفظ يكون ذا مفهوم محصل اشمل من ذلك وأبين لكان اقرب إلى تلك الحقيقية واخص به, ولكن لا يوجد عندنا, وكان ذلك هو الصالح لان يعبر به عن موضوع هذا العلم الإلهي المطلق لا غير ثم انه ليس بين الالفاظ المتداولة ها هنا شيء أحق من لفظ الوجود, يعني إذا دار الامر بين الوجود  وبين الحق فالأفضل لفظ الوجود, وهذا بيناه مفصلا هناك ولكن هنا من باب الإشارة, إذ معناه اعم المفهومات حيطةً وشمولاً وأبينها تصورا وأقدمها تعقلاً وحصولاً لوجهين وقفنا عند ذلك مفصلا.

    لذا في مصباح الإنس كما ينقل شيخنا الاستاذ شيخ حسن زادة هنا في صفحة 16 من الكتاب شرح الفصوص هذه عبارته, تعالوا معنا إلى الحاشية رقم7, قال: حقيقية الحق تعالى هي الوجود وهذه الحقيقية هي موضوع هذا العلم الأشرف, لا يقول لنا قائل مرة انتم تقولون أن موضوعه هو هذه الحقيقية ومرة تقولون موضوعه هو الله؟

    الجواب: باعتبار لا إثنينية بينهما, لأنه لا يتعدد الوجود فقط عندنا وجود واحد وهو وجود الحق وما عدا ذلك فهو شؤون وتطورات هذا الوجود الواحد من قبيل انسان نفس زيد, نفس زيد واحدة, تقول هذه عقل وخيال وحس  وشهوة وجسم كلها هذه شؤون هذا الوجود الواحد.

     إذن: لا يصير عندك خلط كيف تقولون حقيقية واحدة وان الوجود واحد, وتقولون أن هذا الوجود الواحد هو الله سبحانه وتعالى؟

     الجواب: نعم لأنه هذا الوجود لا مصداق له الا الحق سبحانه وتعالى.

    قال: الوجود بما هو وجود مقابل للمفهوم, عفوا, حقيقية الحق تعالى هي الوجود وهذه الحقيقية هي موضوع العلم الأشرف, قال: صدر الدين القونوي في أول مفتاح الغيب فموضوعه, موضوع هذا العلم الخصيص به هو وجود الحق سبحانه فهم يعبرون في صحفهم عن موضوع هذا العلم تارة بالوجود وتارة بالحق, والحق أن تعبير الواقع, وان كان هو التعبير عن الواقع كانت أدق, والحق أن تعبير عن هذا الواقع الذي هو الواقع الشخصي الذي هو متن الاعيان وحقيقية الحقائق وجوهر الجواهر بلفظ عسير جدا, لا يوجد عندنا بحسب الالفاظ الموجودة عندنا ما هو أفضل من هذا اللفظ, هذا مطلب.

    فيما يتعلق بمطلب آخر وهو الحق إذا الاخوة أهل مراجعة ووقوف على هذه المطالب فيما يتعلق بمعاني الحق أشار إليها صدر المتألهين في الاسفار الجزء الأول ص89 , دار إحياء التراث .

    قال: وأما الحق فقد يعنى به الوجود في الاعيان مطلقا فحقيقة كل شيء نحو وجوده العيني وقد يعنى به الوجود الدائم وقد يعنى به الواجب لذاته, وحيث أن الوجود واحد هو الحق سبحانه وتعالى, ما عداه ما هو؟ هو شؤونه وتطورات هذا الوجود الواحد الحق.

    تعالوا معنا إلى المقطع اللاحق قال: اعلم, هذا عنوان الفصل, قال: اعلم أن الوجود أن الوجود من حيث هو هو, إذا يتذكر الاخوة نحن قلنا بأنه الحيثيات على ثلاثة اقسام حيثية تقيدية, وحيثية تعليلية, وحيثية إطلاقية, وقد ميزنا بينها جميعا في البداية في النهاية في الاسفار, قلنا الحيثية التقيدية من قبيل عندما تحمل الوجود على الإنسان فانه ما لم ينظم الوجود إلى الإنسان لا يصح لك أن تقول الإنسان موجود من قبيل عندما تقول الجدار ابيض, ما لم ينضم البياض إلى الجدار لا يصح أن تقول الجدار ابيض, هذه حيثية تقيدية, وعندنا حيثية تعليلية يعني ما لم يفرض الوجود على المعلول لا يحق لك أن تقول هذا الوجود موجود, وجود زيد موجود إذا أفيض الوجود من العلة, أما الحيثية الاطلاقية ما هي؟ هي التي لا نحتاج لا إلى حيثية تقيدية ولا إلى حيثية تعليلية, الشيء في نفسه إذا صار منشأ لانتزاع هذا الوصف نسميه حيثية إطلاقية, الأربعة في نفسها بغض النظر عن حيثية تقيدية أو تعليلية ما هي ؟

    زوج, هذه الحيثية حيثية إطلاقية لا يحتاج لها إلى حيثية تقيدية ولا إلى حيثية تعليلية, نعم هذه الضرورة التي توجد هنا ضرورة ذاتية مادامت الذات وإذا كان المنتزع منه الشيء بالحيثية الاطلاقية له وجود أزلي فالضرورة  تكون ضرورة أزلية, وقد ميزنا بينهما مفصلا في نهاية الحكمة بين الضرورة الذاتية وبين الضرورة الأزلية.

    يقول: نحن الآن حديثنا في هذا الوجود بغض النظر عن مراتب هذا الوجود من حيث هو هو, يعني هذا الوجود الواحد من حيث هو هو, لو سألنا سائل ما هو أوصافه الثبوتية؟ وما هي أوصافه السلبية؟ هذا الوجود من حيث هو بقطع النظر عن غيره , ما هي أوصافه السلبية؟ يعني خارجي أو ليس بخارجي, ذهني أو ليس بذهني, كلي أو ليس بكلي, جزئي أو ليس بجزئي, جوهر أو ليس بجوهر, عرض أو ليس بعرض, هكذا  عشرات الاسئلة من هنا يريد في مقدمة هذا الفصل أن يبين أوصاف هذه الحقيقية ولكن التي تسلب عنها صفاتها السلبية لا صفاتها الثبوتية, طبعا من الناحية المنطقية كان ينبغي أولاً أن يقدم الصفات الثبوتية هذه الحقيقية بماذا تتصف انها محيطة انها شاملة هذا بحثه سيأتي ذلك.

    يقول: في صفحة 25, وهو اعم الاشياء وهو اظهر من كل شيء, هذه صفاته الثبوتية هذه الحقيقية بما هي هي ما هي صفاتها الثبوتية؟ هي هذه, ما هي صفاتها السلبية؟ هي هذه, لذا الآن أول ما بدأ قال اعلم أن الوجود من حيث هوهو ليس هو الوجود الخارجي وليس هو الوجود الذهني وليس هو كلي وليس هو جزئي وليس هو عام وليس هو خاص وليس هو جوهر وليس هو عرض وهكذا, هذه كلها صفات السلبية لهذه الحقيقية التي عبرنا عنها بالوحدة الشخصية للوجود, هذا الوجود الواحد الذي لا ثاني له, لا شريك له, ليس واجب الوجود الذي لا ثاني له, ولا شريك له, واجب الوجود واحد لا ثاني له ولا شريك له هذا بحث فلسفي, أما العارف ماذا يقول؟

    الوجود واحد لا شريك له ولا ثاني له ولا ضد له ولا مثل له ولا ند له ولا إلى غير ذلك, نعم هناك نحن نقول واجب الوجود ليس كمثله, ليس كمثل الوجود شيء أو ليس كمثل واجب والوجود شيء, الفيلسوف يقول ليس كمثل واجب الوجود شيء, أما العارف يقول ليس كمثل الوجود شيء.

    ما هي صفاته السلبية؟

    الصفات السلبية على قسمين هذه الامور التي تسلب عن الحقيقية بعضها امور ترجع بنحو من الأنحاء إلى نفس هذا الوجود وبعضها امور لا ترجع إلى الوجود, لنقرب المطلب إلى ذهنك, إذا يتذكر الاخوة فيما سبق في نهاية الحكمة قلنا أن الوجود يساوق الوحدة, والوحدة تساوق الوجود.

    سؤال: إذن هذه الكثرة ما هي؟

    قال: الكثرات على قسمين كثرات بحسب التحليل مرجعها إلى هذه الوحدة إلى الوجود وكثرات مرجعها خارجه عن الوجود, أما القسم الاول من الكثرة من قبيل أن الوجود أما بالقوة وأما بالفعل, أن الوجود أما واجب وأما ممكن, وان الوجود أما حادث وأما قديم, أن الوجود إما خارجي وإما ذهني, هذه كلها تقسيمات الوجود, ولكن هذه الكثرات ترجع الوجود وليست خارجة عنه, فان الخارجية ليس شيء وراء الوجود وكذلك الذهنية ليس شيء وراء الوجود, أما عندما تقول أن الوجود إما سماء وإما ارض, يعني التقسيم بلحاظ الماهيات ترجع إلى الوجود أو خارجة عن الوجود؟ خارجة عن الوجود

    إذن: كان عندنا نحوان من الكثرة سلبناها عن الوجود, كثرة ترجع للوحدة وكثرة لا ترجع للوحدة, الاخوة الذي يريدون أن يراجعوا هذا البحث بالإمكان أن يرجعوا إلى نهاية الحكمة ص17 التي هي الفصل الثالث من المرحلة الاولى.

    قال: إن الهويات العينية الخارجية تتصف بالكثرة تارة من جهة أن هذا انسان, وذاك فرس, وذاك شجر, وتارة بان هذا بالفعل وذاك بالقوة, وهذا واحد وذاك كثير, وهذا حادث وهذا ممكن, وذاك واجب, وقد ثبت بما أوردناه أن الكثرة من الجهة الإلهية هي الكثرة الماهوية موجودة في الخارج بعرض الوجود وان الوجود متصف, أما الكثرة من الجهة الثانية فهي التي تعرض الوجود من جهة الانقسامات الطارئة على نفس الوجود.

    إذا اتضحت هذه المقدمة, تعالوا معنا, هذه الكثرات التي يقول هو غير الوجود الخارجي غير الوجود الذهني غير كذا إلى آخره, هذه الكثرة الماهوية أو الكثرة التي ترجع إلى الوجود؟ الكثرة التي ترجع إلى الوجود, وبعد ذلك يقول انه ليس بجوهر ولا عرض, ترجع إلى أي كثرة؟ ترجع إلى الكثرة الماهوية

    إذن: الآن نحن بصدد سلب الصفات, أو بصدد بيان الصفات السلبية للوجود, وهذه الصفات السلبية على قسمين: بعضها ترجع إلى الوجود وبعضها لا ترجع للوجود, تعالوا الآن نطبق العبارة.

    قال: اعلم أن الوجود من حيث هو هو, غير الوجود الخارجي والذهني, لو سألنا سائل ذلك الوجود الواحد الشخصي هو الوجود الخارجي؟ الجواب كلا هو الوجود الذهني؟ الجواب كلا, هو الذي ينقسم إلى الخارج والذهني؟ الجواب كلا. إذن: ما هو الخارجي والذهني؟

    الجواب: إن الخارجية مرتبة من مراتبه وان الذهنية مرتبة من مراتبه, وله مراتب أخرى؟ نعم له مراتب أخرى التي ترتبط بالصقع العلمي وبالمراتب العلمية لان الخارجي والذهني من مراتبه العينية, يعني عندما يكون مرتبة منه عين هذا العين ينقسم إلى: خارجي والى ذهني, ولكنه في قبال مرتبة العين يوجد عندنا مرتبة العلم وهو المرتبط بالأعيان الثابتة ومقام الواحدية  ونحو ذلك.

    لذا قال: غير الوجود الخارجي  وغير الوجود الذهني إذا كل منهما أي الوجود الخارجي والذهني نوع من أنواعه ومرتبة من مراتبه وشان من شؤونه وتطور من تطوراته, وبينا هذه المعاني, ليس المراد من النوع هنا النوع المنطقي الذي في قبال الجنس او الفصل, وإنما المراد من النوع يعني الطور يعني شان من الشؤون, ارجعوا إلى المثال واقعا المثال الذي ضربناه للاخوة واضح, الإنسان هذا الذي يعبر عنه أنا, هو العقل؟لا, هو الخيال؟لا, هو الحس؟ لا, الحس ما هو؟ هو شان من شؤون النفس, طور من أطواره مره يظهر بهذا الشكل ومره يظهر بهذا الشكل.

    إذ كل منهما نوع من أنواعه فهو من حيث هو هو, هذه الحقيقية الواحدة الشخصية, فهو من حيث هو هو, أي لا بشرط شيء, الآن هذه لا بشرط, وبشرط لا, وبشرط الشركة, وبشرط الجزء ونحو ذلك هذه اصطلاحات سنقف عليها بعد ذلك, المهم أن لا ندخل في هذه التفاصيل لأنه بحثه بعد ذلك عندما يأتي إلى مسألة بيان اصطلاحات القوم في ذلك, بيان بعض الاصطلاحات الكلية للقوم تحت هذا العنوان في ص47 , إشارة إلى بعض المطالب الكلية واصطلاحات الطائفة فيها, حقيقية الوجود إذا أخذت بشرط أن لا يكون فهو المسمى عند القوم بالمرتبة الأحدية, وتُسمى جمع الجمع وحقيقية الحقائق والعماء أيضاً, إذا أخذت بشرط شيء فأما أن تُوخذ بشرط جميع الاشياء اللازمة فهي مقام الواحدية, وإذا أُخذت لا بشرط شيء ولا بشرط لا شيء فهي المسماة بالهوية السارية وهكذا تفصيله سيأتي هناك في ص47 من هذا الجزء الاول من شرح الفصوص شيخنا الاستاذ الشيخ حسن زاده.

     إذن: الآن لا نقف ولكن بنحو الاجمال نقول لا بشرط شيء, يعني لا بشرط شيء المقسمي الذي وقفنا عنده مفصلا في مباحث تمهيد القواعد وميزنا بينه وبين اللا بشرط القسمي.

    يقول: فهو, أي الوجود من حيث هو, فهو من حيث هو هو, أي بالحيثية الاطلاقية, أي لا بشرط شيء غير مقيد بالاطلاق ولا مقيد بالتقييد وهذا معناه أن الوجود بشرط الاطلاق مرتبة من مراتبه, وان الوجود بشرط التقييد والقيد مرتبة من مراتبه, أما هو ماذا هو؟ هو لا الاطلاق قيد شرط فيه ولا التقييد قيد وشرط فيه, وهذا ما عبرنا عنه أن الاطلاق عنوان لا شرط وقيد, وإذا يتذكر الاخوة في تمهيد القواعد ميزنا بين موضوع الفلسفة وبين موضوع العرفان, قلنا أن الفارق بين الموضوعين أن موضوع الفلسفة هو الوجود بشرط الاطلاق, فيكون الاطلاق شرطا وقيداً, أما في العرفان فان موضوعه أيضاً الاطلاق ولكن لا الاطلاق القيدي بل الاطلاق العنواني,ما الفرق بينهما؟

    الفرق بينهما واضح وهو إذا كان الشيء بشرط الاطلاق فلا يوجد فيه بشرط التقييد لأنه يقابله, قسم منه , وهذا هو القسمي, اللا بشرط القسمي, أما إذا صار اللا بشرط مقسمي فيكون مع المطلق مطلقا ومع المقيد مقيدا, أما اللا بشرط القسمي يكون قسما في قبال المقيد بالتقييد.

    قال: غير مقيد باللا إطلاق والتقييد ولا هو كلي ولا هو جزئي واضح, فان الكلية والجزئية من المفاهيم المنطقية, هذا إذا قلنا أن مراده المعقول الثاني المنطقي هنا, ومن الواضح أن الكلية والجزئية من اقسام الوجود الذهني, ونحن قلنا أن الوجود الذهني هو هذه الحقيقية أو مرتبة من مراتبه, فانقساماته أيضاً من مراتب هذه الحقيقية, ولا هو كلي ولا هو جزئي, ولا هو عام ولا هو خاص, إذا قيل أن المراد من العام والخاص, العام والخاص الأصولي مثلا, عندنا عام وقابل للتخصيص لان هذه كلها من مراتب وشؤون تلك الحقيقة, و لا هو واحد بالوحدة الزائدة على ذاته, التفت إلى القيد, ولا هو واحد, يقول لا الواحد على قسمين: وحدة زائدة على ذات المتصف بالوحدة هذا ليس وصفاً يُسلب عن هذه الحقيقية, أما وحدة هي عين ذلك الواحد.

    إذن: عندما نقول وجود واحد شخصي هذه الوحدة هي عين الذات أو زائدة على الذات؟

    لابد أن تكون عين الذات والا زائدة على الذات من مظاهر هذه الحقيقة ومن شؤونها ومن تطوراتها, وهذا الذي أيضاً, انظروا إن ذكرت للاخوة الذين لم يقرأوا نهاية الحكمة جيدا من الآن يرجعون ويقرؤون نهاية الحكمة بدقة, لذا انتم وجدتم في نهاية الحكمة كان عندنا مرحلة انه من جهة قلنا أن الوجود يساوق الوحدة, ومن جهة أخرى قلنا أن الوجود أما واحد وأما كثير, كيف يُعقل أن تكون الوحدة تساوق الوجود, وهذا الوجود ينقسم إلى الواحد والكثير, هذا لازمه أن بعض الوجود ليس بواحد وهذا ينافي قولنا أن الوجود يساوق الوحدة, قلنا أن الوحدة التي تساوق الوجود سنخ وحدة تشمل هذه الوحدة والكثرة, لان هذه الوحدة وحدة عددية تقابلها كثرة عددية, لذا هنا أيضاً قيدها.

    قال: ولا هذه الحقيقية, ولا واحد بالوحدة الزائدة على ذاته, ولا كثير, وهنا لماذا قال بالكثرة الزائدة على ذاته؟

    الجواب: إن الكثرة لا تكون الا زائدة على الذات والا يستحيل أن تكون الكثرة عين الذات كما قرانا في نهاية الحكمة, إذا كانت الكثرة عين الذات لا يمكن أن يوجد ذلك الشيء, لذا لا يحتاج أن يقيد ولا كثير بالكثرة الزائدة على الذات, بل نفس الكثرة لان الكثرة لا تكون الا زائدة على الذات. أما هذه الامور خارجي, وذهني, وإطلاق وتقييد, وكلي, وجزئي, وعام, وخاص, ووحده, وكثرة, هذه ما هي؟

    قال: كلها هذه موجودة في هذا الواحد الشخصي ولكن لا بعنوان هي الواحد الشخصي بل بعنوان انها هي شؤون ومراتب وتطورات هذا الواحد الشخصي, كما النفس, النفس حقيقية هي العقل؟ لا هي ليس العقل, هي الخيال؟ لا هي ليست الخيال, هي الوهم؟ لا هي ليست الوهم, ولكنه هذه النفس تارة تظهر بهذا الظهور فتسمى عقلا وبهذا الظهور فتسمى خيالا وثالثة بهذا الظهور فتسمى وهما وحسا إلى آخره.

    لذا قال: بل يلزمه أو تلزمه كلاهما صحيح, بل تلزمه تلك الحقيقية أو ذلك الوجود أو يلزمه هذه الاشياء بحسب مراتب الوجود ومقامات الوجود المنبه عليها بقوله {رفيع الدرجات ذو العرش} وهذه استفادة تفسيرية تتم أو لا تتم هذا بحث تفسيري ولكن هولا يعتقدون انه عندنا حقيقة وهذه الحقيقة لها شؤون لها تطورات.

    طبعا من الأمثلة القيمة التي يذكرونها لهذه الحقيقية هي الواحد, يقولون مع أن الواحد ليس عدد لأنه لا ينطبق عليه احكام الكم, مع أن الواحد ليس عدد ولكن هذا الواحد بتكرره يوجد العدد, في الاثنين والثلاثة والأربعة والخمسة, لو نظرت إليها واقعا هي نفس الوحدة ولكن هي وحدة مرتين تكررت, وحدة ثلاث مرات تكررت, وحدة أربعة مرات تكررت, تتناهى أو لا تتناهى؟

    لا تتناهى{ما نفذت كلمات الله} أي مرتبة من مراتب العدد انت وصلت فوقه مرتبة, وعندما تحلل انت هذه المراتب يعني من الاثنين إلى ما لا نهاية الذي يقف فيه, عندما تحلل هذه المراتب جميعا في الواقع يوجد فيها شيء غير الواحد, هو الواحد وإنما تكرر وتطور وتشان وفي كل مرتبة من المراتب اخذ حكما غير الذي كان قبله وغير الحكم الذي كان بعده, >لك وحدانية العدد< كما في كلمات الإمام السجاد ×, هذا مثال أيضاً يضربونه للوحدة الشخصية.

    قال: فيصير,هذا الوجود بتطوره بتشأنه بتكرره إذا أردنا أن نتكلم بلغة الأعداد, فيصير مطلقا ومقيدا فيأخذ بالمطلق اسما جديدا وبالمقيد يأخذ اسما جديدا وكليا وجزئيا, فإذا كان كليا يأخذ اسما وإذا كان جزئيا يأخذ اسما, وعاما وخاصا وواحدا وكثيرا, ولكنه عندما يتطور بهذه التطورات ويتشأن بهذه التشأنات يأخذ صبغة هذه التشأنات أو يصبغ هذه التشأنات, مرة أن الشيء عندما يظهر في شيء آخر يأخذ صبغة ذلك المقام, يعني مفهوم الشيء على سبيل المثال ضربناه للاخوة مرارا, مفهوم الشيء عندما يأتي إلى الشجر, الشجر شيء ولكنه يصبغ الشجرية أو ينصبغ بالشجرية؟

    الشيء يكون شجرا وليس الشجر يكون شيئا, الشيئية تخفى والذي يظهر الشجرية, الله عندما يكون  جزئيا, كليا, واحدا, رفيع الدرجات يظهر بهذه المظاهر ينصبغ بها أو يصبغها؟

    وبتعبير القرآن الكريم, هذا ليس تعبير القرآن إنما بيان المطلب, الشيء في السماء سماء وفي الارض ارض, الشيئية في السماء سماء وفي الارض ارض, أما الله في السماء اله وفي الارض اله, فهو يصبغ ولا ينصبغ, {صبغة الله} هي ليس لها صبغة لأنه لا تعين لها, والصبغة تكون للتعينات, ولكن في كل شيء عندما يأتي يصبغ ذلك الشيء, صبغة الله {ومن أحسن من الله صبغة} وعلى هذا الأساس عندما ترى الاشياء وتتوجه إليها تراها هي أو ترى وجه الله؟{أينما تولوا فثم وجه الله} لأنه هو الصابغ وليس المنصبغ, وعلى هذا الأساس فإذا وضعت يدك على شيئية الاشياء مع  وجهه الوجه هالك أو الاشياء هالكة, كل شيء هالك الا وجه, يعني عندما تضع على أي شيء يدك لولا وجه الله يعني لولا حضور تلك الحقيقية له وجود وتحقق أو ليس له تحقق؟ ليس له تحقق هلاك محض, كل شيء هالك الا وجهه.

    قال: فيصير مطلقا, ومقيدا, وكليا, وجزئيا, وعاما, وخاصا, وواحدا, وكثيرا ولكنه من غير حصول التغير في ذاته وحقيقته, هذا الوجود من حيث هو هو وليس مثل المادة الاولى عندما تأتيها أي صورة تأخذ صبغة تلك الصورة, هذا الوجود الذي من حيث هو هو اللا بشرط المقسمي هذا عندما يأتي في أي مرتبة من المراتب حكمه حكم المادة الاولى؟

    الجواب: الجواب كلا ليس انه يأخذ حكم ذلك الشيء بل يصبغ ذلك الشيء, هذا فيما يتعلق في القسم الأول من الكثرة.

    الآن تعالوا معنا إلى القسم الثاني من الكثرة, وليس بجوهر, هذه الكثرة, تلك عبر عنها الكثرة الوجودية, وعبر عن هذه الكثرة الكثرة الماهوية بالبيان الذي تقدم في نهاية الحكمة, السؤال أن هذا الوجود جوهر؟

    الجواب: هذا الوجود ليس بجوهر, أن هذا الوجود عرض؟ الجواب هذا الوجود ليس بعرض, الجوهر والعرض مرتبة من مراتب هذا الوجود, يعني الجوهرية والعرضية في بعض شؤون ومراتب هذا الوجود نعبر عنه جوهر, كما كنا نعبر عنه عقل, نعبر عنه نوع, نعبر عنه مثال, نعبر عنه شهادة, بعض المراتب نعبر عنه له ماهية وماهيته الجوهر, له ماهية وله ماهية العرض, لماذا أن الوجود الواحد الشخصي جوهر أو ليس بجوهر؟ الجواب ليس بجوهر

    يقول: وذلك واضح لأنه تارة انت تعرف الجوهر وهو التعريف الحق في المسألة, ماهية إذا وجدت في الخارج وجدت أو موجودة لا في موضوع, هذا تعريفه, التعريف الرسمي للجوهر: ماهية إذا وجدت في الخارج كانت, أي تلك الماهية, موجودة لا في موضوع, والوجود ليس جوهرا لماذا؟

    أولاً: لأنه الجوهر ماهية والوجود ليس ماهية, وهذا لا يعني ليس له ماهية, لا تخلط, الوجود ليس ماهية, نحن نريد ننفي أن الوجود ليس جوهر, وليس أن الوجود بعض مراتبه له جوهر, نعم الوجود بعض مراتبه له جوهر, الوجود ليس هو الجوهر, بعبارة أخرى: الله ليس هو الجوهر, لأنه قلنا أن موضوع هذا العلم مصداقه الحق سبحانه وتعالى, انت عرفت الجوهر قلت: ماهية والوجود ليس ماهية قلت: إذا وجدت في الخارج, والمفروض أن الوجود اعم من الخارج لأنه لا هو ذهني ولا هو خارج قد يكون ذهنيا  وقد يكون خارجيا, هذا القيد الثاني في الجوهر, القيد الثالث: قلت موجودة, وعلى بعض المباني موجودة يعني شيء ثبت له الوجود, والوجود ليس موجودا بمعنى شيء ثبت له الوجود بل موجود بنفس ذاته, فتبين أن الذي تقوله الحكمة المتعالية أن الوجود موجود موجود بنفس ذاته لا بوجود زائد على ذاته هذا المطلب الذي حققه العرفاء أن الوجود موجود بنفس ذاته لا أن الوجود موجود بوجود زائد على ذاته حتى يأتي شيخ الاشراق يلزم التكرر إلى نهاية فهو أمر اعتباري.

    إذن: يوجد ثلاثة قيود مأخوذة في الجوهر هذه القيود الثلاثة كلها مسلوبة عن الوجود, ماهية هذا القيد الأول والوجود ليس ماهية, إذا وجدت كانت موجودة والوجود ليس موجودا, يعني بوجود زائد بل موجود بنفس ذاته في الخارج, وقد قلنا الوجود لا هو ذهني ولا هو خارجي, وإذا كان الوجود ليس جوهر فبالأولوية القطعية ليس عرضاً لان العرض ماهية, هذا الاشكال الأول, إذا وجدت في الخارج, يعني صارت موجودة, هذا الاشكال الثاني, وفي الخارج, هذا الاشكال الثالث, كانت في موضوع, هذا الاشكال الرابع, لأنه يلزم أن يكون موجودا في موضوع, يعني الموضوع لابد أن يكون سابقا عليه فإذا كان الوجود هو العرض فلا بد أن يتقدم الوجود على الوجود, لأنه هذا يريد أن يعرض الموضوع فلا بد أن يكون للموضوع نحو من الوجود والمفروض أن الوجود هو العرض فيلزم أن يكون متقدما على نفسه بنفسه, على ذاته بذاته.

    لذا قال: وليس بجوهر لان الجوهر موجود في الخارج لا في موضوع, هذا التعريف الذي ذكره في الإشارات للجوهر الجزء الثالث ص64, يوجد تعريفين للجوهر, موجود في الخارج لا في موضوع, الذي هناك صاحب الإشارات يعني الشيخ يقول في النتيجة هذا لا بد أن يرجع إلى هذا التعريف موجود في الخارج لا في موضوع, يعني ماهية إذا وجدت في الخارج كانت لا في موضوع, إذن هذا أو لا يعني يوجد تعريفان يقول ذكروا هذا ولكن أن الشيخ أرجعه إلى ماهية لو وجدت لكانت لا في موضوع والوجود ليس كذلك, الوجود ليس ماهية, الوجود ليس موجودا, الوجود وجود وليس موجود, الوجود ليس موجودا بوجود زائد الوجود موجود بنفس ذاته, لماذا؟

    باعتبار كان هناك نظر يقول بأنه الجوهر موجود, يعني شيء بنحو المحمول بالضميمة انضم إليه وجود كانضمام البياض إلى الجسم, هل الوجود موجودا بهذا المعنى؟

    الجواب: كلا ليس الوجود موجودا بوجود زائد على ذاته, وإنما هو وجود بوجود بنفس ذاته والوجود ليس كذلك, والا إذا كان الوجود موجودا, بعض النسخ موجود لا ولكن هذه العبارة أفضل, والا إذا كان الوجود كالجوهر, والا الوجود كان الجوهر, والا يكون الوجود كالجواهر المتعينة المحتاجة إلى الوجود الزائد ولوازم الوجود الزائد, وليس بعرض يأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2017/03/04
    • مرات التنزيل : 2181

  • جديد المرئيات