نصوص ومقالات مختارة

  • مواقف في الصميم (8) – منطق القرآن في قبول الآخر وعدم اقصاءه ق7

  • أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان اللعين الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

    بيّنا في الأبحاث السابقة بأن من أهم العاهات والأمراض التي أصابت الفكر الديني على مر التاريخ هي مسألة التكفير المتقابل والحكم بكفر وشرك الآخر يعني الأمر الذي أنت تعتقده ما لم يعتقده به فهو مشرك فهو كافر فهو ظال فهو مرتد واشرنا إلى بعض نماذج كلمات علماء المسلمين من مختلف الاتجاهات الإسلامية.

    في الواقع من هذا البحث ومن هذا القسم أحاول أن أشير إلى نحو الإجمال هل أن القرآن يقبل منطق الإقصاء وهل يعتبر أن هذا المنطق (الذي قرأناه من كلمات علماء المسلمين أو بعض علماء المسلمين) هل يقبل أن هذا المنطق منطق عدم قبول الآخر، منطق إقصاء الآخر، منطق أن الحقيقة عندي (أنا النوعي) دون الآخر يقبل هذا المنطق أو يعتبره منطقاً غير علمي منطق الجهل لا منطق العلم؟! تقول واقعاً القرآن تعرض لهذه المسلة؟ نعم أن القرآن تعرض إلى هذه المسألة.

    تعالوا معنا إلى الآية 113 من سورة البقرة طبعاً أنا الآن لا أريد أبين القاعدة التي استند إليها، القاعدة التي استند إليها أن القرآن عندما يذكر يذكر النماذج والمصاديق لا بالضرورة يذكر اختصاص المفهوم بجماعة يعني عندما يعين أن المراد من المغضوب عليهم افترض فلان جماعة هذا ليس معناه الاختصاص بالجماعة الكذائية عندما يقول أن الضالين كذا أن أصحاب الصراط المستقيم كذا ويذكر بعض النماذج هذه من باب ذكر المصداق كذلك الآية المباركة الآية 113 من سورة البقرة، وقالت اليهود ليست النصارى على شيء يعني أن اليهود يقولون الحقيقة عندنا فنحن الناجون وانتم في دركات الجحيم يوم القيامة (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ) وكذلك في المقابل (وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ) بودي أن هذه الآية ينظر إليها ويقرأها المشاهد الكريم (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ) هذا أي منطق؟ هذا منطق الإقصاء منطق عدم قبول الآخر أن الحقيقة عندي ولا توجد عند الآخر المهم جداً عجيب هذه الجملة (وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ) يقول مع الأسف الشديد أن هذا المنطق منطق المؤسسات الدينية وعلماء الدين أو منطق عموم الناس؟ لا، يقول هذا المنطق مع الأسف الشديد متداول في المؤسسة الدينية يعني في الأزهر يعني في حوزة النجف يعني في الزيتونة المؤسسات الدينية هذا من باب ذكر المصاديق.

    وهم يتلون الكتاب يعني علماء اليهود قالوا للنصارى لستم على شيء وعلماء النصارى قالوا لليهود ليسوا على شيء وهكذا، علماء السنة قالوا للشيعة لستم على شيء، علماء الشيعة قالوا ليست السنة على شيء بل هم مشركون مخلدون في النار هؤلاء يقولون انتم المشركون هؤلاء يقولون لهم انتم مشركون.

    سؤال: هل القرآن يعتبر هذا المنطق منطقاً علمي أو منطق غير علمي أي منهما؟ انظروا إلى هذه الجملة المباركة واحفظوها جيداً حتى عندما تجلسوا إلى خطيب إلى منبري إلى منبر إلى متكلم إلى قناة الفضائية تقرؤون في كتاب في مقال على المواقع الالكترونية إذا وجدتم انه يوجد عنده منطق عدم قبول الآخر طبقوا عليه هذا المنهج القرآني يقول (كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ) إذن كل من يقول بهذا الكلام يعلم أو لا يعلم؟ منطق علمي أو منطق جهلي؟ هذا جواب القرآن يقول أساساً من يسقط الآخر ومن لا يقبل الآخر ومن يعتقد أن الحقيقة عنده وليست عند الآخرين هذا منطقه منطق العالم أو منطق غير العالم؟ صريح القرآن (كذلك) يقول لا يتبادر إلى ذهنكم نحن ضربنا مثال اليهود والنصارى يعني وقالت السنة ليست الشيعة على شيء وقالت الشيعة ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب يعني علماء الطرفين وقال أصحاب الرأي ليس أصحاب الحديث على شيء وقال أصحاب الحديث ليست أصحاب الرأي على شيء وقالت الوهابية السلفية ليست الأشاعرة على شيء وقالت الأشاعرة ليست السلفية على شيء وقالت وقالت إلى آخره ولكن القرآن الكريم ماذا يقول؟

    يقول: (كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ) إذن الهي ماذا نفعل؟ يقول أنت بيّن الحقيقة التي تعتقدها على الأسس والأصول الثلاثة التي اشرنا إليها ما هي؟ أن يكون كلامك ماذا؟ أن يكون الملاك هو الدليل وهذا الدليل يكون علمياً اعم من أن يكون مطابقاً للواقع أو غير مطابق أنت قل كلامك الآن أما يقبل الطرف الآخر أو يرفض والاختلاف؟ يقول هذا الاختلاف بعد أنت لست الحاكم والحاكم هو الله (فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) هذا منطق القرآن.

    إذا اتضح هذا المنطق القرآني غداً أن شاء الله تعالى في الحلقات السابقة سنقف أن منطق أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام أن الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام ابتداءاً من الإمام أمير المؤمنين وبعد ذلك هل هو مع هذا المنطق يعني منطق قبول الآخر ونجاة الآخر وانه يدخل الجنة أو مع المنطق الذي ذكره السنة أو بعض الوهابية أو ذكره المجلسي أو ذكره صاحب الجواهر من انه من لم يوافقنا فهو مخلد في النار مع أي منطق؟! قرآنياً اتضح بأنه القرآن يقبل الطرف الآخر ولكن الآن أريد أن أبين أن مدرسة أهل البيت الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت ماذا تقول بهذا الاتجاه أو بذاك الاتجاه وهذا ما سيأتي أن شاء الله في الحلقة القادمة.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2017/08/12
    • مرات التنزيل : 2815

  • جديد المرئيات