أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
كان الكلام في الأدلة الروائية التي يمكن إقامتها لإثبات نظرية وحدة المفهوم وتعدد المصداق، قلنا بأنّ في نصوص أئمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام ليس فقط الروايات التي عبّر عنها بالروايات التفسيرية، قلنا أنّ هذا التعبير أولاً فيه مغالطة، فإن عموم الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت ليست بصدد تفسير الآيات القرآنية، ولهذا هذا التعبير الذي يوجد عن نور الثقلين أو البرهان أو غيرهما، بأنّه تفسير روائي هذا خطأ شائع، هذه الروايات ليست بصدد تفسير القرآن بحسب الاصطلاح، وإنما هي عموماً بصدد بيان مصاديق الآيات القرآنية هذا أولاً، وثانياً أن كثيراً من هذه الروايات لا هي بصدد بيان تفسير القرآن ولا هي بصدد بيان مصاديق المفاهيم القرآنية، وإنما بصدد أمر آخر وهو بيان المنهج الذي يتبعه أئمة أهل البيت لاستنطاق القرآن الكريم، يعني بصدد تعليمنا المنهج الذي لابد من اتباعه لفهم النص القرآني، وأنا اعتقد أن الرواية التي قرأناها بالأمس وهي إذا حدثناكم بشيء فاسألونا عن كتاب الله، هذه ليست فقط بيان انه نفسر أو نبيّن المصداق، وإنما نعطيكم المنهج نعطيكم الطريقة، وبتعبيري أنا نعطيكم منطق استنباط فهم القرآن الكريم، ولهذا قالوا هذا وأشباهه يعرف من كتاب الله، هذا معناه انه ليس لبيان قضية في واقعة، وإلا قال هذا يعرف من كتاب الله، لماذا يقول هذا وأشباهه يعرف من كتاب الله؟ هذا يكشف لنا أن نصوص أئمة أهل البيت إلى الآن مظلومة في حوزاتنا العلمية، مع أنهم يدعون أنّه لابد من الاهتمام بنصوص أئمة أهل البيت، ولكنه لم يقع بها الاهتمام، لم يقع بها التحليل الدقيق لها، ولذا في هذا اليوم أنا سأقرأ لكم جملة من الروايات لا اقل بعض الروايات وإلا الاستقصاء واقعاً يخرجنا عن بحث فقه المرأة، وإن كان أيضاً مرتبط لأننا نتكلم في مفاتيح عملية الاستنباط.
الرواية الأولى في بصائر الدرجات، لا يقول لنا قائل سيدنا انتم هذه الكتب فيما سبق أشكلتم، الجواب أنا أتكلم بمجموعة القرائن لا فقط رواية في بصائر الدرجات، لا فقط رواية في تفسير العياشي، وإنما هناك روايات مشابهة لها في كلمات الكليني في كلمات الصدوق وأعلام آخرين، إذن لا يقول لنا قائل بأنه كيف تستندون إلى رواية وانتم تشككون في أصل الكتاب أو تستندون إلى تفسير القمي وانتم لا تقبلون؟ الجواب هذه مجموعة القرائن والشواهد كما اشرنا إليها في ميزان تصحيح الموروث الروائي.
في كتاب بصائر الدرجات للصفار المتوفى 290 من الهجرة، في المجلد الأول صفحة 354 في أن علياً علم كلما انزل على رسول الله الباب الثامن رقم الحديث 722 سألت أبا جعفر عليه السلام عن هذه الرواية: ما من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن، هناك بحث مفصل ما هو المراد من ظهور القرآن؟ ما هو المراد من بطون القرآن؟ ما هو المراد من تنزيل القرآن؟ ما هو المراد من تأويل القرآن؟ لا ادخل في تفاصيل هذا البحث؛ لأنه وقفت عنده مفصلاً في كتاب أصول التفسير بإمكان الأعزة أن يرجعوا هناك.
لكن إجمال هذه النظرية تقول بأنّه يمكن أن يكون في زمان الصدور ظهور، ولكنّ هذا الظهور إذا جئنا إلى عصر الوصول ما كان في ذلك الزمان مستوراً يكون ظاهراً، فالمراد من البطون والظهور ماذا؟ أمران نسبيان، يعني قد يكون شيء في زمان باطناً وفي زمان آخر يكون ظاهراً، والرواية تشير إلى هذا، يسأل الإمام عن الظاهر والباطن، قال ظهره تنزيله، إذن الإمام سلام الله عليه يرادف بين الظهور وبين التنزيل، وبطنه تأويله، إذن يرادف بين البطون وبين التأويل، محل الشاهد، سيدي يابن رسول الله طبقوا ذلك، قال منه ما قد مضى ومنه ما لم يكن يعني ماذا؟ يعني لم يأتي، ما هو الذي لم يأتي؟ المفهوم أو المصداق؟ لان المفهوم نص قرآني لا معنى لأنه لم يأتي ولم يكن، يعني لم يكن في زمانكم ويكون في زمان آخر، يجري كما تجري الشمس والقمر، كلما جاء تأويل شيء من القرآن، يعني ماذا؟ يعني باطنه، كلما جاء تأويل شيء منه يكون على الأموات كما يكون على الأحياء، يعني تعدد الأجيال ماذا يفعل؟ يعني كلما مات جيل ومضى عليهم، الأحياء يحرمون منه أو أن الأحياء أيضاً يجري عليهم؟ يجري عليهم بنفس الشاكلة السابقة مع تغير الظروف والثقافات والمستويات والمدنية والحضارة أو يأتي بشكل آخر؟ يأتي بشكل آخر .
ولهذا يقول الإمام قال الله تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (سورة آل عمران: 7) قال نحن نعلمه، هذه واحدة من مصاديق ماذا؟ إذن إذا وردت الروايات نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويل القرآن، هذه من قبيل فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون، هذا لا ينفي انه في زماننا يوجد ماذا؟ ولكن لا أريد أن أقول هؤلاء جميعاً بمستوى متواطئ بل على نحو مشكك، ذاك علمه معصوم، وأنا وأنت علمنا غير معصوم، هذه الرواية الأولى.
الرواية الثانية في تفسير العياشي الجزء الأول صفحة 85 المتوفى 320 من الهجرة، هذه الرواية أوضح من الرواية السابقة، الرواية تقول: قال أبو جعفر يا خيثمة القرآن نزل أثلاثاً، ثلث فينا وفي أحبائنا، وثلث في أعدائنا وعدو من كان قبلنا، يعني الأنبياء السابقين، وثلث سنة ومَثَل، الآن الصدر الأول أنا لا ابحثه فيه، ثلث فينا التي هي واحدة من أدلة المحدث النوري أن أسماء الأئمة موجودة في القرآن، لماذا؟ يقول لأنه يقول ثلث فينا ولم يلتفت إلى فقه الحديث إذن لابد أن يلتزم أن أسماء أعداءهم أين كانت؟ سؤال يعني حذفوا أسماءهم، وإذا اقتصرنا على أن الأسماء مذكورة وحذفت والآيات مختصة بهم وبأعدائهم، إذن الآن ثلثا القرآن عطّل عن الاستفادة، لأنه هم ليسوا في هذه الدنيا، وأعداءهم أيضاً ليسوا في هذه الدنيا، ولكن انظر إلى الإمام كيف يجعل القرآن حياً لا يموت، قال: ولو أن الآية إذا نزلت في قومٍ، ثم مات أولئك القوم، ماتت الآية لما بقي من القرآن شيء، إذن أولئك الذين يقولون توقيفية توقيفية توقيفية ويفهمون التوقيفية بمعنى خاطئ هؤلاء يدعون إلى موت القرآن، لما بقي من القرآن شيء، ولكن القرآن يجري أوله على آخره مادامت السماوات والأرض، ولكل قوم آية يتلونها، يعني كل قوم إلى قيام الساعة هناك آيات تتكلم فيهم، ولكل قوم آية يتلونها هم يتلونها، يعني ماذا يتلونها؟ يعني يقرأونها؟ لا، يعني تتكلم معهم تقول لهم أنتم مصداق هذه الآية وانتم مصداق هذه الآية انتم مصداق الفراعنة وهؤلاء مصداق موسى وهارون أليس كذلك؟ ولكل قوم آية يتلونها هم منها من هذه الآية في خير أو شر، فأتصور لا توجد عبارة أوضح من عبارة أن القرآن ما هو؟ لا تستطيع أن تقول بأنّ المفاهيم تتبدل، لا، المفاهيم واحدة يعني القرآن يتكلم للبشرية إلى قيام الساعة، القرآن وضع الخطوط ووضع المسطرة ووضع الملاكات أنت استنطق القرآن لترى انك في هؤلاء القوم خير، أو في هؤلاء القوم شر، هذه أيضاً الرواية الثانية.
الرواية الثالثة في الكافي المجلد الأول 472 قلت لأبي عبد الله هذه الآية نحن عندما نقرأها نقول نزلت في من؟ إنما أنت منذر ولكل قوم هاد، نقول فسّرها أئمة أهل البيت أن الهادي هو أمير المؤمنين سلام الله عليه، أنا المنذر وأنت.. ونجعل ذلك تفسيراً، انظروا الإمام ينظر إليها بعنوانها تفسير أو بعنوانها مصداق، إذن في زماننا يوجد المنذر أو لا يوجد؟ لابد أن يوجد، لماذا؟ (فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (سورة التوبة: 122) إذن الآية صريحة انه في كل زمان يوجد منذر وفي كل زمان يوجد هاد، فقال: رسول الله المنذر وعلي الهادي، يا أبا محمد هل من هادٍ اليوم؟ قلت بلى جعلت فداك ما زال منكم هادٍ من بعد هادٍ حتى دفعت إليك، يعني مصداق الآية واحد أو متعدد؟ وان كانت وردت في علي، لكنها بيان المصداق هذه، لا تفسير الآية، فقال رحمك الله يا أبا محمد لو كانت الآية إذا نزلت في على رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الآية مات الكتاب ولكنّه حي، يابن رسول الله حي إلى 250 سنة أو دائماً حي؟ فإذا قلنا في الأئمة، قد تقول لي الإمام الحجة الآن ماذا؟ فهو الجواب لابد أن يكون هادٍ للأمة الإمام سلام الله عليه الآن لأي سبب كان نحن أو لحكمة إلهية لا نعلمها الآن يمكن أن يهدينا أو لا يمكن؟ يده مقطوعة عنّا، أو يدنا لا اقل مقطوعة عنه إذن يحتاج إلى هادٍ ظاهر، نعم هو الهادي الباطن، لكن نحتاج إلى هادٍ ظاهر، ولهذا قال الإمام قال حي يجري في من بقي كما جرى في من مضى، قاعدة كلية لا يمكن استثناء احد منهاـ هذه أيضاً الرواية الثالثة في هذا المجال.
الرواية الرابعة في معاني الأخبار للشيخ الصدوق ولهذا لا يقول لي قائل قلت في المقدمة انه لماذا تنقل من البصائر أو من كذا وأنت لا تقبل؟ الجواب انه الروايات موجودة في كتب متعددة، معاني الأخبار للشيخ الصدوق المتوفى 381 من الهجرة الرواية في باب معنى ظهر القرآن وبطنه، هذه أوضحها جميعاً، سألت أبا جعفر عن ظهر القرآن وبطنه فقال ظهره الذين نزل فيهم القرآن، ظهر القرآن مصداقه في زمان النزول، بطنه ما هو؟ الذين عملوا بمثل أعمالهم، يقول إذن الملاك أشخاص أو ملاك الأعمال أي منهما؟ الصفات أي منهما؟ الصفات، ولهذا في زماننا يوجد فراعنة أو لا يوجد فراعنة؟ وهؤلاء مصداق فرعون القرآني، لعله فرعنتهم أشد من فرعنة فراعنة مصر أو فرعون موسى، تقول ذاك كان يقول أنا ربكم الأعلى، الآن لا يقولون أنا ربكم الأعلى، ولكن طريقة الادعاء تختلف، يعني هذه الدول الاستكبارية التي الآن تقول لابد الجميع يركع ويسجد يعني ماذا؟ يعني أنا ربكم الأعلى بلا دليل حتى لو كان كذا لابد أن تطيعوني، لماذا؟ لأني أنا الأقوى، هو هذا الاستكبار، قال وبطنه الذين عملوا بمثل أعمالهم يجري فيهم ما نزل في أولئك، هذه نظرية الجري التي يعبر عنها السيد الطباطبائي إن شاء الله بحثه يأتي بإذن الله تعالى، ومن هنا إن شاء الله سندخل في بحث كيف أن اللغة تحملت ذلك؟ يعني ضمن أي نظرية في اللغة يمكن أن يكون المفهوم واحداً والمصاديق متعددة؟ ويبقى المفهوم ماذا؟ هذه ضمن أي نظرية؛ لأنه عدة نظريات توجد، ولكن لأنكم قلدتم سيبويه تصورتم انه ماذا؟ لا لم يقل احد أن كل ما قاله سيبويه حجة من الله، نظرية قالها وفي مقابلها أيضاً توجد نظريات، أن وضع اللفظ هذا بحثه في الوضع في البحث الأصولي عندكم وضع الألفاظ للمعاني، عندما يضع الواضع اللفظ للمعنى، نظرية الوضع ، هذا الواضع ماذا وضع؟ وضع لفظاً لمعنى له مصداق مشخص فإذا تبدلت بعض المصاديق وخصوصيات بعض المصاديق فهل أن اللفظ يشمله أو لا يشمله؟ هذا بحث لغوي عميق جداً.
يعني بعبارة أخرى الآن انتم تعالوا على سبيل المثال إلى الكمبيوتر الآن تجدون هذه لفظة الكومبيوتر أو الانترنت هذه ألفاظ وضعت، الآن كم جيل عندنا في هذه العشرين وثلاثين سنة تبدلت، هذا اللفظ بعده يوضع لهذه وإن تبدلت الخصوصيات أو لا يوضع؟ إذا تقول وضع أقول لماذا وإذا تقول لم يوضع لماذا؟ هذا إن شاء الله عندما ننتهي من الأبحاث سنقف عنده إجمالاً، أساساً اللفظ موضوع للمعنى بلحاظ مصاديق معينة أو لم يوضع بلحاظ مصاديق معينة؟ وهذا من أهم أبحاث فقه اللغة، بناءً على ذلك تعالوا نطبقه هنا انظروا القرآن الكريم بيني وبين الله كيف جرى في هذه القضية.
تعالوا معنا إلى لفظ الماء (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً) (سورة الفرقان: 48) أنت بمجرد تسمع هذا الماء أين يذهب ذهنك؟ إلى هذا الماء، يوجد شيء آخر؟ وعندما تسمع طهورا أي طهور هذا؟ طاهر مطهر يعني باب الطهارة والنجاسة في الفقه، فيذهب ذهنك إلى الطهارة المعنوية مثلاً؟ مع انه أين الآية قالت أنا عندما قلت ماء قصدت هذا الماء أين قالت الآية طهور يعني المراد كتاب الطهارة في فقه الحوزات هكذا قالت الآية؟ إذن لماذا حملتها على ذلك؟ لا أنا أقول السماء يعني العلو والماء يعني كل رزق معنوي والطهور يعني الطهارة… ممكن أو لا؟ تقول لي العرف لا يتحمل، القرآن نزل للبقال فقط؟! إليّ أيضاً نزل كما نزل للبقال أنا هكذا افهم هو يفهم المصداق الذي يناسبه لا أصلاً نزل للفقهاء الفقهاء هكذا يفهمون جيد جداً وفقهم الله لكن لا يستطيعون أن يحصروا الأمر .
الآية الثانية (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) (سورة الأنبياء: 30) ليس حيا لأنه هذا ليس بمفعول ثاني لجعل وإنما وصف للشيء، يعني كل ما له حياة أصله من الماء، الأشياء التي لها حياة فأصلها من الماء، سؤال: أنا وأنت عندنا حياة أو لا؟ الحيوانات كيف غير الإنسان؟ أيضاً حية النباتات كيف؟ أيضاً أحياء أليس كذلك أيضاً من الماء الجمادات كيف؟ أيضاً من الماء أو ليست من الماء؟ ماذا تقول؟ تقول لي سيدنا الجمادات ليست حية حتى أن تكون من الماء، الجواب القرآن لا يقول هذا يقول وإن من شيء إلا يسبح بحمده، ولكنه القصور فيكم أو فيها؟ لكن لا تفقهون تسبيحهم، إذن الجمادات حية هذا الجدار حي أو ليس بحي؟ حي، هذا الجدار أيضاً من الماء؟ اتركنا من الجدار، الجن أحياء أو ليسوا بأحياء؟ مخلوقة من أين؟ من النار، إذن يعني ماذا كل شيء حي؟ يصير شيئاً من النار ولكن يقول القرآن أصله ماء، الملائكة أحياء أو ليسوا بأحياء؟ مشمولين بالآية أو غير مشمولين؟ ولهذا اضطر بعض المفسرين ومنهم السيد الطباطبائي قال تعالوا نجعل الحياة المحسوسة حتى نخلص من كل هذه الإشكالات وإلا لا تحل هذه المعضلة.
قال تعالى في سورة هود: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) (سورة الحديد: 4) ولكن قبل خلق السماوات والماء من أي شيء؟ جزء من السماوات والأرض أو ليس بجزء؟ جزء من السماوات، يقول لكن قبل أن يخلق السماوات والأرض ومنها الماء، وكان عرشه هذا أي ماء؟ لأنه قبل أن يخلق كيف كان يوجد ماء قبل أن يخلق الماء يصير هذا المعنى أو لا؟ وإذا كان هناك ماء هذا أي ماء؟ كلها أيضاً لفظة ماء، وكلها مفهوم الماء، الماء ما هو؟ هذا الشيء السائل المائع في قبال الجامد أليس كذلك؟ هذا ماء أو ليس بماء؟
سؤال: ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين، نطفة الإنسان ماء؟ خلق من ماء دافق، (كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً) يعني هذا الماء لكنه حار؟! إذن كيف كل هذه المصاديق يشملها مفهوم واحد وهو الماء؟ إذن لابد أن نعرّف الماء تعريفاً لا فقط يصدق على هذا، ويصدق على المني، ويصدق على الأصل الذي وجدت منه الملائكة، ووجد منه الجن ووجد منه الجمادات، بيني وبين الله إذن لفظ الماء يكون موضوع لهذا السائل أو هذا مصداق من مصاديقه أي منهم؟ بل أكثر من ذلك هذا من القرآن، الآن تعالوا إلى بيانات الأئمة عليهم الفضل الصلاة والسلام.
تعالوا معنا إلى سورة الملك الآية 30 قال: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ) ما هو ظاهر الآية؟ ظاهر الآية واضحة الآلوسي في المجلد 27 هذه عبارته صفحة 326 في ذيل الآية يقول قال أي اخبروني إن أصبح ماؤكم غوراً أي غائراً ذاهباً في الأرض بالكلية، فمن يأتيكم بماء ماذا؟ يعني ظاهر وجار ومتناول الأيدي حتى تشربوه، هذا ظاهر الآية المباركة.
السيد الطباطبائي أيضاً في المجلد 19 صفحة 365 هذه عبارته في ذيل الآية المباركة يقول الغور ذهاب الماء ونضوبه في الأرض والمراد به الغائر والمعين الظاهر الجاري من الماء، والمعنى اخبروني إن صار ماؤكم غائراً ناضباً في الأرض فمن يأتيكم بماء ظاهر جار حتى يكون في متناول أيديكم.
تعالوا معنا انظروا أئمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام هذه الآية المباركة أين طبقوها؟
تفسير القمي المجلد الثاني صفحة 365 قال سُئل الرضا عن قول الله عز وجل (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ) فقال ماؤكم أبوابكم، أي الأئمة، ما هي علاقة الإمام بالماء؟ واقعاً ما علاقته؟ ولهذا الآن لو تعطيه بيد أي مفسر يقول هذا من الغلو، هذا خلاف ظاهر الآية لان الآية تتكلم عن الماء والأئمة ما علاقتهم؟ الجواب هذا مرتبط بفقه اللغة، أنه وضع لفظ الماء لهذا السائل؛ لأنه بهذا السائل حياته المادية، والإمام به حياتنا المعنوية، القرآن يقول رسول الله إذا دعاكم لما يحييكم، فكما أن الماء يحيي الجسد، الإمام يحيي الروح، إذن مصداق من مصاديق الماء أو ليس مصداق من مصاديق الماء؟ بل مصداقيته لهذا المفهوم أوضح بمليون مرة من الماء الجاري، ولكن بشرط انك في فقه اللغة وفلسفة اللغة تفهم هذه الحقيقة، والأئمة أبواب الله بينه وبين خلقه، فمن يأتيكم بماء معين، المراد من الماء يعني علم الإمام، من أين تحصلون على العلم الذي يعطيكم الإمام؟ شرّقا أو غرّبا لن تجدا علماً صحيحاً إلا عندنا أهل البيت.
سؤال: الإمام يقول شيء خلاف الظاهر وان الآية لا تحتمل لا كاملاً تحتمل ولكنها غائبة عن الأذهان المتعارفة، عن الأذهان الفقهية، عن الأذهان العرفية، وهكذا وهكذا هذه رواية.
الرواية الثانية: الكافي المجلد الثاني صفحة 157 الرواية عن اخيه عن علي بن جعفر في قول الله عز وجل (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً) التفت الإمام أين يطبقها غوراً يعني يغور، يعني يموت أو يغيب؟ قال إذا غاب عنكم امامكم، الإمام طبقها أين هذه المرة؟ تلك طبقها على وجود الإمام الرواية في تفسير القمي، هنا يطبقها على ماذا؟ يوجد تنافي على غيبة الإمام يوجد تنافي أو لا يوجد تنافي؟ لا لأنه غور الماء في الأرض فيها خصوصيات إما يعدم إما يغيب أما كله إذن هذه كما يصدق على أصل إمامة الإمام يعني كان التامة يصدق على كان الناقصة يعني على غيبة الإمام، قال إذا غاب عنكم إمامكم فمن يأتيكم بإمام جديد، يعني فمن يأتيكم بماء معين، هذا المورد الثاني.
المورد الثالث ما ورد في كمال الدين والنعمة للشيخ الصدوق المجلد الثاني صفحة 393 والرواية من الروايات المعتبرة لان الرواية واردة في البحار المجلد 51 صفحة 151 وآصف محسني في مشرعة البحار الجزء الثاني صفحة 214 قال الرواية معتبرة الرواية هذه قال ما تأويل قول الله عز وجل يعني ماذا تأويل ماذا قلنا في أول البحث؟ يعني بطن هذه الآية قلنا ما هو معنى البطن؟ يعني مصاديق غير ملتفت إليها قال فقال إذا فقدتم إمامكم فلم تروه فماذا تصنعون؟ ماذا نفعل بهذه الرواية؟ إما كلها تقول خلاف الظاهر خلاف الظاهر وتسقطها عن الاعتبار، وإما تقول نظرية وحدة المفهوم وتعدد المصداق، طبعاً أنا ذكرت له مصداقاً آخر لم يأتي، تقول لي سيدنا هذا توقيفي أقول لا أبداً أهل البيت لم يقولوا توقيفي.
هذا منطق فهم القرآن الجزء الأول صفحة 23 وقد يكون من تطبيقات الماء الغائر روح الإنسان عند انتهاءها الآية ماذا تقول؟ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ) حياتنا متوقفة على ماذا؟ على أرواحنا أليس كذلك فإذا غارت وذهبت يحتاج من يأتي بها أو لا يحتاج؟ فمن يأتي بها؟ الله يأتي بها واضحة أو غير واضحة؟ جداً واضحة من مصاديقها قال: قلت فإن الإنسان مخلوق بالأصل من الماء وهو قوله وجعلنا من الماء كل شيء حي فالموت هو مصداق غور الماء المتمثل بالحياة فإذا حلّ موعد الموت بأحد فمن يأتيه بحياة جديدة يستطيع أن يحيى مرة أخرى وآيات قرآنية صريحة تقول هذا المعنى من يبعثكم ومن يحييكم؟ الله الذي أعطانا الحياة أوّلاً هو الذي يعطينا الحياة ثانياً ويعطينا حياة هم كثير أفضل من هذه الحياة.
وبإمكانك ان تفكر لكن بشرط أن تفهم ما هو المراد من الماء، ولفظ الماء إذا حصرته في مصداق فتطبيقه في مصداق آخر ماذا يكون؟ لا يمكن، إذا حصرته في خصوصية فلا ينطبق على خصوصية آخر.
ولهذا تجدون عجيبة هذه الروايات من الروايات الواردة في توحيد الصدوق الرواية في توحيد الصدوق باب التوحيد ونفي التشبيه رقم الرواية 20 جئت أسأله قال جاء رجلٌ من علماء أهل الشام إلى أبي جعفر الباقر فقال جئت أسألك عن مسألة لم أجد أحداً يفسرها لي وقد سألت ثلاثة أصناف من الناس فقال كل صنف غير ما قاله الآخر، فقال أبو جعفر وما ذاك؟ فقال أسألك ما أول ما خلق الله عزّ وجل من خلقه (أول شيء خلقه الله ما هو) نحن الآن ماذا نجيب؟ العقل، نور نبيكم والى آخره وكلها وردت نصوص من المدرستين، ولكن انظروا الإمام الباقر ماذا يقول، فإن من بعض سألته قال القدرة، وقال بعضهم العلم، وقال بعضهم الروح، فقال أبو جعفر ما قالوا شيئا (هذا الذي قالوه صحيح أو غير صحيح؟) أخبرك أن الله على ذكره كان ولاشيء غيره، وكان عزيزاً ولا عزة؛ لأنه كان قبل عزّه وذلك، وكان خالقاً ولا مخلوق، فأول شيء خلقه من خلقه الذي جميع الأشياء منه، وهو الماء، ليس فقط الأشياء الحية جميع الأشياء من هذا الماء؟ قبل خلقه هذا فإذن أول صادر ما هو؟ الماء هذا يا ماء هذا؟ هذا المصداق أو مصداق آخر يعقل أن يكون هذا المصداق؟ ولكن الإمام يسميه ماء فإذن الصادر الأول من هو؟ الماء.
إذن تقول ماذا نفعل بخصوصية الصادر الأوّل نور نبينا، هذا راجعوه في كتابنا التوحيد المجلد الثاني مفصّلاً وقفنا عنده، وكتاب التوحيد مكتوب لا اقل قبل عشرين سنة، حتى لا تتصورون بأنه الآن هذه الأفكار اطرحها اذهبوا وراجعوه اليوم انظروا ماذا أقول هناك، قال هو الماء فقال السائل فالشيء خلقه من شيء أو من لا شيء؟ هذا الماء خلق من شيء قبله أو لا؟ وهذا يكشف لك هذه عبارات الإمام وليست عبارات السائل لان السائل سأل من لا شيء يعني خلق الماء من العدم، صحيح خلق الماء من العدم هو العدم ماذا حتى يخلق منه؟ من نشوئية، يمكن أن يوجد شيء من العدم ؟ ولهذا الإمام بدّل التعبير قال خلق الشيء لا من شيء ليس من لا شيء، هذا يكشف لك هذه عبارات من؟ عبارات الراوي لأنه الراوي لا يستطيع أن يلتفت إلى هذا المستوى الدقيق والعميق وإلا كان يكرر عبارة السائل، فخلق الشيء جميع الأشياء منه وهو الماء.
إذن أعزائي إلى هنا هم اتضحت النظرية من كلمات أهل البيت والأئمة ضربوا لنا عشرات الأمثلة لهذه النظرية يعني وحدة المفهوم وتعدد المصداق الذي بالأمس وقفنا عند مصداق فاسألوا أهل الذكر، واليوم وقفنا عند مفهوم الماء، الآن مفاهيم أخرى ومصاديق أخرى إن شاء الله من كلمات أئمة أهل البيت هذه قاعدة عامة تكون فإذا صارت قاعدة عامة فلا يقول لي قائل سيدنا هذا المفهوم لماذا تضع له هذا المصداق، أقول لان الإمام قال علينا أن نؤصّل لكم وقد اصلنا وانتم الباقي استنبطوه على هذا المنهج والحمد لله رب العالمين.