نصوص ومقالات مختارة

  • حوار مع الملحدين (33) – هل هناك دليل على وجود الله؟ (4)

  • أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان اللعين الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

    نحاول إن شاء الله تعالى من هذا البحث أن ندخل في أدلة إثبات وجود الإله أو أدلة إثبات وجود الله.

    في المقدمة لابد أن نتعرف على المناهج التي ذُكرت في المقام في مسألة إثبات وجود الله أو الاتجاهات، ولكنّه قبل أن نقف على هذه الاتجاهات والمناهج احتاج إلى بيان مقدمة واضحة للأعزة ولكنّها تحتاج إلى توضيح، وهي انه لابد أن نميز جيداً بين مفردة الإمكان ومفردة الوقوع، كما ذكروا في الأبحاث الفلسفية أن الإمكان أعم من الوقوع بمعنى أن الشيء قد يكون ممكناً، ولكنه لا يوجد عندنا دليل على ان هذا الممكن هل تحقق في الخارج أو لم يتحقق في الخارج، هل وجد في الخارج أم لم يوجد في الخارج، فإذا كان الشيء ممكناً وأيضاً وقع في الخارج عند ذلك نقول هذا الممكن قد تحقق وجوده في الواقع الخارجي، أما إذا كان الشيء ممكناً إلا انه بعد لم يقع عند ذلك مجرد أنّه ممكن لا يستلزم أن يكون قد وقع في الواقع الخارجي.

    على سبيل المثال افترضوا إنسان له رأسان أو أصابع يده بدل أن تكون خمسة هي ستة مثلاً هذا ممكن أو غير ممكن؟ نعم ما المحذور في أن يكون إنسان له رأسان، أو إنسان له قلبان أو إنسان له أصابع اليد ستة أو أكثر أو اقل، ولكن إذا صار ممكناً فبالضرورة انه وقع في الواقع الخارجي أو لم يقع؟ لا، لا ملازمة، ومن هنا فليس كل ما هو ممكن فهو بالضرورة واقع في الواقع الخارجي وفي الوجود الخارجي، ولكن بالعكس صحيح يعني كل ما هو واقع في الواقع الخارجي فهو فقد ثبت إمكانه في الرتبة السابقة عليه، هذه مقدمة نحتاجها لبيان الاتجاهات الموجودة في المقام.

    الاتجاه الأول في مسألة أدلة إثبات وجود الله، الاتجاه الأول انه يمكن إقامة الدليل على وجود الإله أو على وجود الله فمن حيث الإمكان هو ممكن ومن حيث الوقوع أيضاً عندنا دليل أو أكثر على وجود الله، إذن الاتجاه الأول بين الفلاسفة وبين المتكلمين وبين الإلهيين يعتقدون انه يمكن إقامة الدليل، بالإضافة إلى ذلك لا فقط يمكن، عندنا دليل على وجوده على وجود الإله على وجود الله، اعم من أن يكون دليل واحد أو عشرة أدلة أو مئة دليل المهم ولو يكفي دليل واحد على إثبات وجود الله هذا هو الاتجاه الأول، إذن من يريد أن يدخل إلى البحث لابد أن يشير إلى هذا الاتجاه.

    الاتجاه الثاني: أنّه يمكن إقامة الدليل على وجود الإله أو وجود الله ولكنّه لا يوجد عندنا دليل انه موجود أو ليس بموجود، إذن يقبل إمكان إقامة الدليل ولكن يوجد دليل على الوقوع أو لا يوجد؟ لان كل الأدلة افترضوا التي ذُكرت في محلها لإثبات وجود الله هذه غير صحيحة، غير تامة، ناقشها الفلاسفة، ناقشها الملحدون ونحو ذلك.

    إذن الاتجاه الثاني يقبل الإمكان ويرفض الوقوع ويقول لا يوجد عندنا دليل على وجود إله أو على وجود الله لماذا؟ يقول دليلكم الأول هذا إشكاله دليلكم الثاني… وهذا ما نجده في جملة من كلمات الملاحدة أو الذين ينسبون إلى الإلحاد، يقول انتم هذه أدلتكم الدليل الأول هذه مناقشته الدليل الثاني هذه، الدليل الثالث كما سنشير إليه في كتاب وهم الإله لدوكنز هناك يصرح يقول الفلاسفة والمتكلمين عندهم أربعة، خمسة، عشرة أدلة وهذه أوّلاً ثانياً، ثالثاً، رابعاً هذا يتكلم في الاتجاه الثاني يعني قَبل إمكان إقامة الدليل على وجود الله، ولكن يرفض وجود دليل على وجود الإله، هذا أيضاً الاتجاه الثاني.

    الاتجاه الثالث: يرفض إمكان إقامة الدليل على وجود الإله، يقول أساساً إقامة الدليل ممكن أو ممتنع؟ ممتنع هذا بعد لا يحتاج أن يرفض الوقوع لأنه إذا لم يكن الشيء ممكناً فهو غير واقع بالضرورة.

    إذن هذه اتجاهات ثلاثة، نحن لابد أن نسأل الذي يقف أمامنا في الاتجاه المقابل هو من المعتقدين بالاتجاه الأول أو معتقد بالاتجاه الثاني، أو معتقد بالاتجاه الثالث، الآن فيما يتعلق بالاتجاه الثالث يوجد دليلان عندهم الذي يرفض الإمكان، الدليل الأول الذي أشاروا إليه وأقاموه قالوا أنّ العقل البشري غير قادر على أن يتعرف على الله، لان الإله لا محدود ومدارك الإنسان وقدرة الإنسان محدودة إذن لا معنى أن يستطيع أن يقيم دليلاً على وجود الله محدود، هو محدود كيف يقيم دليل، ولهذا أنا بودي أن هذه المناهج تكون واضحة عند الأعزة حتى واحد عندما يقف أمامك يقول أنا لا أؤمن بوجود الله أوّلاً لا اقل اسأله قل له أنت أين في هذه الدائرة الثالثة في الدائرة الثانية في الدائرة الأولى حتى نعرف كيف نتكلم معك ما هو المنهج الذي نتبعه معك، هذا هو الدليل الأول لهؤلاء لأصحاب الاتجاه الثالث، عدم قدرة العقل على إقامة الدليل إذن يغلق باب الإمكان.

    الدليل الثاني: يقولون أنّ هذا الإله الذي أقمتم الدليل على وجوده يستحيل أن يكون موجوداً، كيف هذا؟ أنت تريد أن تقيم دليل على ان هذا موجود، يقول هذا الذي أقمت الدليل على وجوده يستحيل أن يكون موجود، أنا اضرب مثال للأعزة حتى تتضح النظرية هذا الاتجاه، وهذه نظرية حديثة تقريباً، ما يعبّر عنها بمتنافي الصفات، الماء ما هو؟ سائل أم جامد؟ فتقيم دليلاً على أن هذا السائل جامد، معقول أو غير معقول؟ لماذا؟ لأنه لا يعقل أن يكون الجامد سائلاً، وان يكون السائل جامداً، معقول هذا؟ لا يعقل، فإذن إذا اثبت إلهاً يحمل صفات متناقضة، متضادة، متنافية، إذن أثبته أو لم تثبته؟ محال أن يثبت مثل هذا الكلام، الآن ما هي الصفات التي إذا أثبتناها للإله يلزم التنافي والتضاد والتناقض بحثه يأتي.

    من باب المثال: أنت تثبت أن الله كله خير ورحمة، ولكن عندما نأتي إلى أفعاله نجدها شرور كلها، زلازل وأمراض واستبداد وظلم وموت وعذاب إلى آخره، أنت تقول الله قادر على كل شيء ولكن عندما نأتي إلى الواقع الخارجي نرى انه عنده قدرة على كل شيء أم لا؟ إذا عنده قدرة على كل شيء إذن لماذا لا يفعل، أنت عندك قدرة أن تجعل هذا المكان كله ورود وإذا تجعله كله اشواك إذن عندك قدرة أم لا؟ وهكذا تبدأ المعادلة وهو ما يصطلحون عليه بنظرية متنافي الصفات والنعوت والأجزاء ونحو ذلك عبروا عنها ما تشاءون.

    إذن هذه النظرة، هذا الدليل يقول أن الإله لا يمكن أن يكون موجوداً لأنه لو كان موجوداً ليلزم كذا وكذا، والتالي باطل فالمقدم مثله، بعد ذلك يأتون الملاحدة يقولون لا تستعملون الفلسفة الآن كل قواعدنا المنطقية والفلسفية يستعملونها هذا قياس استثنائي لو كان موجوداً للزم تنافي الأجزاء والتالي باطل لان تنافي الأجزاء صحيح أم ممتنع؟ ممتنع إذن فالمقدم مثله يعني ليس بموجود لو كان موجوداً يلزم لازم باطل فيكون الملزوم باطلاً.

    النتيجة التي ننتهي إليها من هذه الاتجاهات الثلاثة وخصوصاً الاتجاه الثالث بدليليه، إن عدم الإمكان أو عدم الوقوع إنّ عدم الوقوع أو عدم الإمكان الاتجاه الأول كان يقول الوقوع الإمكان والوقوع الاتجاه الثاني ماذا كان يقول؟ الإمكان دون الوقوع.

    تعالوا إلى الاتجاه الثاني إذا أنا لا يوجد عندي دليل على الوقوع إذن الله ليس بموجود أو انه لا يثبت ذلك؟ لا يثبت لعله أنا إلى الآن ما عندي دليل على وقوعه لعله الآخر عنده دليل إذن عدم وجود الدليل ليس دليل على عدم وجود الإله هذه المقدمات نوضحها حتى إذا جئنا غداً وليس عندنا أي دليل على إثبات وجود الإله إذن هو غير موجود أم أنا ليس لي دليل على وجوده، لا دليل عندي على وجوده لا انه عندي دليل على عدم وجوده، لا ينتقل واحد من باب الطفرة والقفزة العلمية، يقول إذن عندما لا يوجد عندك دليل على الوجود فهو دليل على عدم الوجود، لا، نقول لا ملازمة عقلية، أنت الآن ليس عندك دليل على أن هذا الماء موجود هنا ولكن يأتي شخص آخر يقول الماء موجود وهذا دليله إلى آخره. إذن في الاتجاه الثاني عدم وجود الدليل ليس دليلاً على عدم وجوده، ليس دليلاً على العدم.

    نأتي إلى الاتجاه الثالث: عقلي قاصر على أن يقيم الدليل على وجوده إذن الله ليس بموجود؟ توجد ملازمة أو لا توجد ملازمة؟ لا توجد ملازمة، لعله هو موجود ولكن أنت لا تستطيع أن تدركه؛ لأنه مرتبط بادراك العقل، عدم إدراكي، عدم قدرتي على فهم هذه الحقيقة أو إثبات هذه الحقيقة ليس دليلاً على عدم وجود تلك الحقيقة هذه كلها قواعد لابد تحفظوها ولهذا نحن مراراً ذكرنا للأعزة انه هذه الأبحاث واقعاً تحتاج إلى توضيح إلى دقة حتى تتضح.

    تعالوا إلى الدليل الثاني، ما هو الدليل الثاني في الاتجاه الثالث انه متناقض الأجزاء، إذا ثبت انه متناقض الأجزاء هذا يصير دليلاً على عدم وجوده، يعني إذا قبلنا أن السيلان والجمود يجتمعان أو لا يجتمعان؟ لا يجتمعان، أن البياض والسواد يجتمعان أو لا يجتمعان؟ أن النور والظلمة تجتمعان أو لا تجتمعان؟ لا تجتمعان، أن القدرة والعجز يجتمعان أو لا يجتمعان؟ أن العلم والجهل يجتمعان أو لا يجتمعان؟ لا يجتمعان، فإذا قلنا موجود ولزم منه القدرة والعجز، النور والظلمة، إذن موجود أو ليس بموجود؟ ليس بموجود، فإذا تمت هذه، هذا الدليل الثاني الذي أشاروا إليه هذا سوف يكون دليلاً على عدم ماذا؟ فإذا الملاحدة ليس عندهم دليل على عدم وجود الله هذا نحن نجعل لهم دليل على عدم وجود الله بهذه الطريقة ولكن بشرط أن يثبتوا لنا أن هذا الموجود إذا وجد يلزم أن يكون متصفاً بصفات متناقضة، متنافية لا تجتمع أجزاءها بعضها مع بعض، يعني إذا قلنا أن النار حارة ومحرقة وهي منافية للبرد والثلج، لا يمكن أن يكون شيء واحد ناراً وبرداً وسلاما، يا نار كوني برداً هي نار وهي ماذا؟ يجتمعان أو لا يجتمعان أما أن تكون نار ومحرقة وأما أن تكون برداً ليست بنار لا يمكن أن يكون سائل وجامد أنا اثبت لك هذا سائل جامد ماذا تقول له إذا واحد قال لك بهذا الشكل تقول لي  إما أنك لا تفهم معنى السائل والجامد وإما ليست لك قدرة على أن تدرك أن السائل لا يجتمع مع الجامد، ولكن اثبت لي انه إذا أنا أثبتت لك وجود الله يلزم منه أن يكون قادراً وعاجزاً، عالماً وجاهلاً، خيّراً وشريراً فإذا هذا ثبت أنا أقول بلي هذا الموجود موجود أو ليس بموجود؟ ليس بموجود، إذن الاتجاهات الثلاثة اتضحت الاتجاه الأول الإمكان والوقوع الاتجاه الثاني الإمكان دون الوقوع الاتجاه الثالث عدم الإمكان فضلاً عن عدم الوقوع.

    الآن ما هي أهم الطرق لإثبات وجود شيء أو عدم وجوده، ما هي أهم الطرق لإثبات وجود الشيء، توجد عندنا بشكل عام طرق ثلاث:

    الطريق الأول أن يكون الشيء محسوساً للإنسان، اعم من أن يكون محسوساً له بالحواس الظاهرة أو أن يكون محسوساً له بالحواس الباطنة الحواس الظاهرة ما هي؟ الشمس، السمع، اللمس إلى غير ذلك الحواس الباطنة ما هي؟ المحبة، الغضب، الجوع، العطش هذه أمور لا يستطيع الإنسان نعم مظاهرها يستطيع أن يفهم أما هذه حقيقة مرتبطة بوجدان الإنسان ولذا نعبر عنها بالوجدانيات هذه أمور محسوسة للإنسان يعني هذا الطفل عندما يتألم أو جنابك تتألم أقول أين ألمك أنت ماذا تجيبه؟ تستطيع أن تظهر ألمه أو لا تستطيع؟ لأنه أمر محسوس داخلي، إذن الطريق الأول لإثبات قضية ما، نحن قضيتنا في المقام ما هي؟ الله موجود، الإله موجود، الطريق الأول أن تحس به كيف تحس به؟ أما إحساساً ظاهرياً كأن تراه إذا فرضنا أن الله سبحانه وتعالى جسم وله صوت وشكل وجالس على كرسي وله عرش كما يدعي أصحاب الرؤية الجسمية إذن الله يوم القيامة يرى أو لا يرى؟ يُرى، يحتاج دليل لإثباته أو لا يحتاج؟ فإذا شخص رآه في هذا العالم يحتاج إلى دليل أو لا يحتاج؟ كما أنت الآن لا تحتاج إلى دليل على انه هذا مصباح وانه فيه نور الآن نهار أو ليل؟ الآن نهار، يوجد واحد يسألك ما الدليل على وجود النهار.

    قد تقول لي سيدنا طبعاً هذه أبحاث مرتبطة بنظرية المعرفة ولكن نحن نحتاج إليها هنا حتى تتضح المسائل من قال لك أن الحواس لا تخطئ؟ أنا أقول له نعم أنا أيضاً اعلم الحواس الظاهرية تخطئ والحواس الباطنية أيضاً تخطئ ولكن لم يثبت لنا أن كل ما هو محسوس فهو خطأ ثابت بهذا الشكل، كل الذي ثبت من خلال العلوم الفيزيائية وغيرها أن بعض المحسوسات ما هي؟ خاطئة ولكنه كما يقولون الموجبة الجزئية شيء والموجبة الكلية شيء آخر يعني استقراء ناقص ما تستطيع أن تقول كل محسوس فهو خاطئ باطناً كان أو ظاهراً، أصل المحسوس لا يوجد شك فيه حتى للشكّاك لا يوجد شك يوجد محسوس تقول لي سيدنا ما هو دليلك أقول لا يحتاج لها شيء أنا اسألك الله  هذا الجدار الذي أمامك تراه بعينك يقول لعله ما موجود جدار يشك فيه الشكاك هكذا يقول لعله لا يوجد جدار أقول له جيد جداً افتح تلك الباب تستطيع أن تخرج من هذا المكان أو لا تستطيع؟ إذا فتحت لك الباب تستطيع أن تخرج أو لا؟ تستطيع، جيد جداً احتمال هذا الجدار أيضاً ليس بموجود، فاخرج من هنا! تستطيع أم لا؟ لماذا؟ هذا بالحس يقول لك يوجد هنا شيء وهناك لا يوجد شيء، هذه بعد اثنين زائد اثنين يساوي أربعة تتذكرون القدماء كانوا يريدون يعاقبون الأطفال ماذا يفعلون لهم؟ يجعل القلم بين اصابعه ويضغط عليه والطفل يبكي أنت افترض هذا القلم أقول لك موجود تقول لي لا ادري موجود أو ليس بموجود؟ ما هو الفرق موجود أو ليس بموجود لماذا إذا موجود تتألم وإذا ليس بموجود لا تتألم المشكوك يؤلم؟ إذن قضايا وجدانية واقعاً أصل المحسوس واصل المحسوسات لا يوجد شك نعم قد بعض الأحيان أنت تخطأ أنا لا أقول لك ولكن خطأك في بعض الموارد ليس معناه انه المحسوس ماذا؟ إذن الطريقة الأولي لإثبات شيء أن يكون محسوساً إحساساً ظاهرياً بالحواس أو إحساساً باطنياً.

    الطريق الثاني أن يكون الشيء غير محسوس هو، ولكن له أثر وصفة محسوسة للإنسان هو لو أسألك الشيء هذا تحس به ما عندك طريق لإثباته ولكن فيه اثر هذا الأثر يقول لابد أن يكون ماذا؟ ذاك موجود يعني الذي هو موصوف بهذه الصفة لابد… أنت الآن لو جعلت يدك على النار تحس بالنار أم بحرارة النار؟ الحرارة ما هي؟ اثر أم مؤثر؟ المؤثر ما هو؟ النار، افترض إذن عينك إما أعمى أو كذا فأنت هنا من الأثر إلى أين توصل؟ للمؤثر، تحس بالمؤثر أو لا تحس بالمؤثر؟ أبداً ولكن الأثر يقول لك لابد من وجود مؤثر إذن الطريق الثاني لإثبات الشيء هو أن لا يكون الموصوف محسوساً بحس ظاهري أو بحس باطني ولكن له اثر هذا الأثر يوصلني إلى إثبات وجوده، فبين الأثر والمؤثر ماذا يوجد؟ صفة وموصوف، حرارة ونار، النسبة بين الحرارة والنار ما هي؟ النار هي المؤثرة والحرارة هي المتأثرة هي الصفة، هذا الطريق الثاني، الطريق الثالث: هذا الطريق لطيف جداً وهو أن تكون هناك ظاهرة أو عمل أو شيء من الأشياء ولكن هذه الظاهرة لا يمكن تفسيرها إلا وتوجيهها إلا بوجود شيء من وراءها أوجدها.

    على سبيل المثال: ركبوك طائرة وانزلوك في وسط صحراء قاحلة لا يوجد فيها كل شيء تنظر يميناً تعاين يساراً وأمامك، خلفك لا تجد إلا الرمال المتحركة فتبدأ ساعة، ساعتين، ثلاثة، أربعة، خمسة وإذا فجأة تجد هناك إناء ما فيه طعام وفيه ماء بارد وهذا الطعام مطبوخ بأفضل شكل هذه الظاهرة ما هو توجيهها؟ عندك احد الطريقين لا ثالثة أما أن تقول وجدت صدفةً، وأما أن تقول قبل نصف ساعة أو ساعة كان هنا إنسان إما أتى بالطعام أو طبخ الطعام وذهب إلى آخره إذن هذه ظاهرة الإناء من الطعام أو الطعام والماء تفسيرها يمكن أن يتم بلا وجود مؤثر أو لا يمكن؟ إذن الطريق الثالث، أحفظوا لي هذا الطريق حتى عندما نأتي إلى الأدلة لإثبات وجود الإله حتى نعرف أي طريق من هذه الطرق؟ هل هو الطريق الأول، أو الطريق الثاني، أو الطريق الثالث؟ أي منهما؟ طبعاً سوف نصنف الأدلة، الأدلة خمسة، عشرة، عشرين سوف نصنّف الأدلة ولكن لابد أن نعرف انه في أي طريق من هذه الطرق هل هو الطريق الأول أو الطريق الثاني أو الطريق الثالث إذن في خلاصة واحدة أن تكون هناك ظاهرة وأمراً محسوساً، إلا أنّه لا يمكن توجيه تلك الظاهرة إلا بأمر وراء تلك الظاهرة، يعني أنت نائم في الليل وهذا المثال ضربته أنا فيما سبق تجلس في الصباح تجد كل شيء مبتلٍ بالماء هل يمكن أن تفسر؟ أقول لك فسّر الظاهرة، أنت نمت بالليل وهذه كلها كانت يابسة الآن كلها ماذا؟ أنت من حقك تقول لي سيدنا توجد أربعة احتمالات:

    الاحتمال الأول: انه هي من نفسها ابتلت، إذا يوجد عاقل يقبل هذا موفقين نحن هكذا إنسان نستطيع أن نتكلم معه أو لا نستطيع أن نتكلم معه هو أيضاً لا يستطيع أن يتكلم معنا لأنه إذا يريد ينكر نظرية الأثر والمؤثر إذن هو يتكلم مع من حتى يؤثر فيّ إذن هذا يقضي على نفسه قبل أن يقضي على ماذا؟ إذن مسألة انه لا سببية لا علة ولا معلول ولا مؤثر ولا كذا هذه أساساً العقل والفطرة والصحيحة الإنسانية يمكن أن تقبل أو لا؟ ولهذا مسألة الصدفة المطلقة لا يقبلها احد على الإطلاق يكون في علمكم وإذا قالها أحد لا تستطيع أن تتكلم معه يعني لا يبقى بينك وبينه جسر مشترك حتى تتحدث معه، لماذا؟ لأنه إذا أنكر نظرية السببية والمسببية والعلة والمعلول هو يقيم الدليل لنفي وجود الله، ما هي الملازمة بين إقامة الدليل وبين نفيه؟ لا توجد سببية ومسببية إذن هذا الاحتمال ساقط تبقى عندك ثلاثة، أربعة احتمالات أخرى:

    الاحتمال الأول: أن البلدية صار بناءها ماذا؟ هذا الاحتمال وارد.

    الاحتمال الثاني: انه  يوجد أنبوب انكسر وبلل هذه المنطقة كلها.

    الاحتمال ثالث: انه نزل مطر.

    إذن نحن لابد نأتي إلى هذه الاحتمالات، الظاهرة موجودة محسوسة أو غير محسوسة؟ محسوسة لابد أن نفسر الظاهرة فنرى أي التفاسير وأي التوجيهات أقرب وأكثر عقلانية من باقي التفاسير؟

    هذا العالم موجود بخيره وشره كله هذا يحتاج إلى تفسير أو لا يحتاج؟ يحتاج إلى تفسير، أما أن تقول وجد بلا علة لم يكن ثم كان هذه صدفة الذي قلنا غير معقولة فيبقى أما المادة، أما التطور، أما الإله، أما وفي النتيجة واحدة من هذه الاحتمالات الموجودة مما تقدم أن أهم الطرق بل هناك طريق واحد لإثبات القضية أن يكون محسوساً، الطريق الأول ما هو كان؟ محسوس، الطريق الثاني؟ أن يكون الأثر محسوس منه نصل إلى غير المحسوس، الطريق الثالث أن تكون الظاهرة ما هي؟ محسوسة ولا تفسر إلا بما وراءها، إثبات وجود الله أي من هذه؟ يعني من أي طريق نريد أن نسلك لإثبات وجود الله؟ على سبيل المثال دليل النظم العالم لإثبات وجود الله أين يدخل؟ في الطريق الثالث دليل الفطرة أين يدخل؟ في الطريق الأول، محسوس ولكن محسوس باطني هذا الإحساس الباطني أنت تستطيع أن تنقله إلى الآخرين أو لا تستطيع؟ لا تستطيع ولهذا سوف تجد أن الأدلة مختلفة بعضها يمكن إيصالها إلى الآخرين بعضها لا، تكون وجدانية أنا يقين عندي الله موجود أقول له ما هو دليلك؟ يقول والله لا استطيع أن أوصل لك إياه لكن أنا ادري الله ماذا؟ بأي دليل؟ يقول فطرتي تقول، وجداني يقول، وهذا سيأتي إن شاء الله مفصلاً دليل الفطرة يأتي.

    وبهذا يتميز العرفاء عن الفلاسفة والمتكلمين، العرفاء يقولون نحن عرفناه بعلم حضوري، داخلي أمر وجداني فهو من الطريق الأول ولكن محسوس ظاهراً أم محسوس باطناً؟ يقول لا، محسوس لنا باطناً أما أدلة الفلاسفة، أدلة المتكلمين عموماً أما أن تدخل في الطريق الثاني أو تدخل في الطريق الثالث.

    ولهذا إن شاء الله تعالى عندما سنأتي إلى الأدلة وتصنيف الأدلة لإثبات وجود الإله نقول هذا في الطريق الأول هذا في الطريق الثاني، هذا في الطريق الثالث، ولكنه كلما نقيمه من الأدلة سوف يكون مرتبطاً بالاتجاه الأول أو الاتجاه الثاني، الاتجاه الأول يقول إمكان ووقوع والاتجاه الثاني يقول إمكان بلا وقوع فنحن لابد حتى نقع في الاتجاه الأول لابد أن نثبت الوقوع، فإذا ثبت الوقوع لا نحتاج أن نثبت الإمكان؛ لان الوقوع يثبت الإمكان في الرتبة السابقة، إذن في هذا البحث انتهينا إلى هذا البحث لأنه أريد انتقل إلى بحث آخر فأسأل عن الوقت.

    إذن إلى هنا انتهينا من المقدمة الأساسية التي إن شاء الله تعالى في البحث اللاحق سوف ندخل في تصنيف الأدلة لإثبات وجود الله وهي أدلة كثيرة بتصنيفات متعددة فلاسفة، متكلمين، أخباريين، أصوليين، كما تشاء كل بطريقه يحاول أن يثبت وجود الله.

    ولكن سيدنا انتم فيما سبق قلتم نحن ندعو إلى حداثة وقلتم أن الحداثة ما هي؟ مختلفة عند الغرب أنا الآن في المقدمة أشير إلى هذه النقطة وهي انه أنا لست ممن ينكر دور الدين في حياة الإنسان، أنا معتقد أن من أهم عوامل بقاء الإنسان ورقيّ الإنسان وتكامل الإنسان هو العامل الديني، طبعاً من حقك أن تسأل سيدنا إذا كان الأمر كذلك إذن لماذا نجد الآن كثير من المجتمعات الدينية أو المرتبطة بالدين الإسلامي أو المجتمعات الإسلامية متقدمة أم متأخرة؟ متأخرة، متخلفة، والمجتمعات التي نفضت يدها عن الدين كالغرب صارت متقدمة، أليس هذا دليلاً على أن الدين هو سبب التخلف؟

    الجواب: كلا وألف كلا لما أشرنا إليه في الدرس السابق من أن المشكلة لم تكن في الدين وإنما المشكلة في القراءة التي قيلت عن الدين، وإلا نفس هذا الدين الإسلامي لا اقل بعد النبي صلى الله عليه وآله والى عهد الخليفة الثالث يعني كم الفرصة؟ لأنه بعد الخليفة الثالث يعني الإمام أمير المؤمنين بدأت حروب داخلية جمل، والصفين، والخوارج والى غير ذلك ولكنه إلى عهد الخليفة الثالث بعد رسول الله والى سنة 36 من الهجرة كم المسافة؟ ربع قرن، من معاجز الإسلام انه استطاع في ربع قرن أن يسيطر على اكثر من ثلثي الإمبراطورية القائمة في عصره، قد تكون هناك رؤية سلبية عن الفتوحات أنا لست من أولئك الذين أرى هذه الفتوحات سلبية نعم لازمتها سلبيات أنا معكم ولكنه أساساً توسع الإسلام في ربع قرن إلى هذا، بل أن الإسلام استطاع أن يهيأ ويؤسس لإمبراطورية لا فقط عسكرية بل فكرية وثقافية وحضارية صارت منشأ الاشعاع للغرب وللعالم، وأنت اقرأ التاريخ، وبعد ذلك بدأت درجات الانحطاط في المجتمعات الإسلامية، إذن القضية مرتبطة بالدين أم بالقراءة الدينية؟ بالقراءة الدينية.

    إذن ما أدعو إليه جملة واحدة إننا نحتاج إلى قراءة جديدة للدين، هذا أصل، وهذه هي الحداثة التي أدعو إليها الحداثة التي اعتقدها لا انه  نأتي بالغرب بحداثتهم ونطبقها أين؟ لا، لابد أن نقدم قراءة جديدة عن الدين تنسجم مع متبنياتنا وثقافتنا وعقيدتنا وقرآننا، وديننا إلى آخره.

    هنا أصول ثلاثة أو أربعة أشير إليها بنحو الإجمال حتى يتضح لأنه إن شاء الله في وقت آخر أبيّن.

    الأصل الأول: أنا لست معتقداً أن الحداثة الغربية هي كونية صالحة لكل زمان والمكان ولكل شعوب الأرض بمختلف ثقافاتهم، طبعاً أنت الآن تقول لي سيدنا نحن معتقدين بعالمية الإسلام كيف تقول؟ أقول ذاك بحث آخر أنا لست معتقداً بعالمية الحضارة الغربية، الأصل الثاني، إذن قابلة للاستنساخ في مجتمعاتنا أو غير قابلة؟ إذا قبلنا أن الحضارة والمدنية الغربية هي كونية إذن لابد ماذا نفعل في مجتمعاتنا؟ نستنسخها ونطبقها وهذا ما دعا إليه بعض الحداثويين العرب والمسلمين، وهو انه لا طريق لنا إلا أن نكون نسخة أخرى من الغرب، وهذا ما حدث في تركيا وهذا ما حدث في إيران وهذا ما حدث في مكانات أخرى، وهو أنهم وجدوا أنهم تقدموا إذن قالوا لا طريق لنا إلا استنساخ التجربة أنا من أولئك الذين أقول أن لكل مجتمع ولكل امة ثقافة ودين وفكر خاص بها هذا الأصل الثاني.

    الأصل الثالث: أن الحداثة ليست دفعية الوجود يعني كبسولة تبلعها وغداَ تصير حداثوي وإنما هي تدريجية ولها صيرورة تأريخية بحسب ثقافة تلك الأمة والقراءة التي قدمتها للدين في أمتها فلعلك تقدم قراءة عن الدين تكون سبباً في تطور الأمة أو في تخلف الأمة؟ في تخلفها إذن بالك وإياك لابد أن تعرف العالم وما يجري في العالم حتى تقدّم قراءة عن الدين تقدم الأمة لا تؤخرها.

    الأصل الرابع أن الحداثة التي أعتقد بها أنها قادرة على ذلك لها مرجعية لابد أن تكون لها مرجعية دينية قائمة على الوحي، قائمة على الدين، قائمة على الغيب لا أنها من إنتاج البشر، تقول لي سيدنا ما هي أدلتها؟ أقول هذه فقط أصول اذكرها.

    الأصل الخامس وهو أن هذا الدين الذي اعتقد انه قادر ليس المسيحية ولا اليهودية ولا البوذية ولا الكونفشيوسية وإنما هي الإسلام، إذن سيدنا تعتقد بالحداثة؟ أقول نعم اعتقد بها ولكن أي حداثة؟ القائمة على هذه الأسس والأصول الخمسة أوّلاً أن الحضارة والمدنية الغربية ليست كونية، ثانياً: إذن لا يمكن استنساخها، ثالثاً: ليست دفعية وإنما تدريجية وهذه قائمة على النظرية التي أنت تقولها عن الدين، فتارة تكون قراءتك للدين سبباً لتقدم الأمة وأخرى تكون قراءتك عن الدين سبباً في تأخر الأمة، وهذا ما حدث في الإسلام، في القرون الثلاثة أو الأربعة الأولى كان سبباً لتقدم الأمة وبعد ذلك عندما وقعنا في منحدر الانحطاط صارت سبباً لتأخر الأمة، ورابعاً: أنها لابد أن تكون لها مرجعية دينية يعني ليس عقلاً مستقلاً عن الدين بل عقلاً يتنوّر بمعارف الدين وخامساً: أن هذا الدين هو ماذا؟ طبعاً هذا الذي أقولها تقول يعني لا نستفيد من اليهودية؟ أقول لا لماذا لا نستفيد إذا وجدنا في المدنية الغربية ما ينفع قراءتنا ما يعيننا على تقدمنا لأنه هم جرّبوها لماذا لا نستفيد منها؟ سواء على البُعد الطبيعي أو على العلوم الإنسانية وغيرها وغيرها وغيرها.

    وأخيراً أقول جملة واحدة وهو أن الحداثة لها سمات ولها خصائص، الآن المراحل التي مرّت بها الحداثة العربية والإسلامية لا الحداثة الغربية لأنه الحداثة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية تقريباً عمرها كم؟ قرنين يعني من أوائل القرن التاسع عشر ونحن الآن نعيش أوائل القرن الواحد والعشرين عمرها تقريباً مئتين سنة وهذه مرت بمراحل متعددة الآن ما هي مراحل الحداثة عند الغرب والآن وصلوا إلى ما بعد الحداثة ما هي خصائصهم؟ لا علاقة لأنه نحن لا نريد نستنسخ التجربة، نستفيد منها ولكن لا نستنسخها هذه الحداثة العربية والإسلامية مرت بمراحل ثلاثة بنحو الإجمال ونحن الآن نعيش المرحلة الثالثة من الحداثة العربية والإسلامية التي بدأت تقريباً من أواسط القرن العشرين.

    بإمكانكم أن ترجعوا إلى هذا الكتاب (من النهضة إلى الحداثة) مركز دراسات الوحدة العربية، العرب والحداثة، الحلقة الثانية، الدكتور عبد الإله بلقزيز في صفحة 12 هكذا يقول: ثلاثة أجيال وثلاثة موجات فكرية للحداثة شهدها الفكر العربي منذ ثلاثينيات القرن التاسع عشر حتى اليوم يعني حدود قرنين، تناول الجزء الأول يقول نحن بينّا المرحلة الأولى وما هي خصائصها ومن هم روّادها وزعماءها المرحلة الثانية وما هي خصائصها ومن هم روّادها ونحن الآن نعيش المرحلة الثالثة ما هي خصائصها ومن هم روّادها الآن أنا لا يهمني هذا الآن ليس بحثي هذا ولكن يذكر أهم خصائص الموجة الثالثة للحداثة العربية الإسلامية بالأصول الخمسة التي اعتقدها لا يتبادر إلى ذهنك أنا أقول حداثة من غير دين أو من غير الإسلام لا يذهب بالك إلى ذاك يعني أحفظ لي لا تقول لي سيدنا الحداثوي إذن أنت تابع لفلان أو فلان أبداً، أبداً لعلي اتفق معه في فلان مكان يعني على سبيل المثال جورج طرابيشي أيضاً يعتقد بالحداثة ولكنّه افترضوا يقبل بالمرجعية الإسلامية أم المرجعية المسيحية؟ مسيحيته أو لا يقبل بمرجعية دينية، لا تخلطون الأبحاث.

    يذكر يقول سمات أربع تسم الموجة الثالثة من موجات الحداثة في الفكر العربي المعاصر منذ انطلقت في خمسينيات القرن العشرين الماضي أنا أريد أن أشير فقط إلى سمة واحدة من سماتها والذي هو منهجي حتى بعض هذه الكلمات والتعليقات منشأها عدم العلم بالمنهج الذي أسير عليه.

    السمة الثالثة علاقة نقدية بالمرجعين الثقافيين: التراثي والغربي، فأنا اعتقد انقد تراثنا واذهب إلى الغرب، انقد كلا الموروثين والتراثين، الغربي والديني، الموروث الديني، تقول يعني ماذا تريد أن تقول؟ أريد أقول من خلال هذه انظر ما هي ايجابياتها أخذها من الغرب، ما هي ايجابيات الموروث الديني؟ أخذه ومنه أشكّل قراءة دينية.

    قال: علاقة نقدية بالمرجعين الثقافيين التراثي والغربي اللذين تستقي منهما هذه النخبة معرفتها وتضعهما في الوقت عينه موضع مساءلة ونقد ما كان جيل الحداثة الثاني السابق زمناً اقل معرفة يقول واحدة من أهم خصائص الجيل الثاني للحداثة العربية الإسلامية عموماً عندهم ثقافة بالتراث أم لا؟ لأنه هو مفترض أن التراث سبب التخلف، فذهب لمطالعتها أو لم يطالعها؟ والآن الخط التقليدي لنا أو الخط الكلاسيكي عندنا مفترض انه الغرب عنده كمالات أو ليس له كمالات؟ فإذن يطالعه أو لا يطالعه؟ لا يطالعه، وهذا هو سبب التخلف لأنه في النتيجة ذلك متقدم عليك شئت أم أبيت، بل أكثر من ذلك لا، لا تذهب فقط لمطالعة الغرب الآن أنت لا تطالع الفكر الإسلامي الذي هو غير شيعي، الآن لو أسألك عن الأفكار والأطروحات الإسلامية الموجودة عند أهل السنة ماذا تعرف عنها؟ يقول هذا كله ضلال اتركوها هذه كتب ضلال، إذن إذا لم تطلع عليه تستطيع أن تتعايش معه أو لا تستطيع؟ تستطيع أن تتفهمه أو لا تستطيع؟ ماذا تفعل؟ تقصيه، إما إقصاء فكرياً كما موجود في حوزاتنا العلمية وإما إقصاءً جسدياً كما يفعل الدواعش والنصرة، التصفية ليست بالضرورة أنها تصفية جسدية بل بعض الأحيان التصفية الفكرية اشد بكثير من التصفية الجسدية سبب الإقصاء ما هو؟ والناس أعداء ما جهلوا أنت اطلع عليه أولاً وبعد ذلك قل لا اقبله أوّلاً ثانياً، ثالثاً لا بلا اطلاع تقول لا اقبله.

    إذن انظروا الآن إشكالاتي على المؤسسات الدينية سنية قبل الشيعة شيعية قبل السنة بشكل عام أتكلم أوّلاً أنها لا تريد أن تطّلع على نتاج الإنسانية فتقصي هذا النتاج من المعادلة، اثنين: لا تريد أن تطّلع على نتاج الأديان الأخرى تقول له ماذا تعرف عن المسيحية ماذا عن البوذية ماذا عنهم هذا كله ضلال هذه المرحلة الثانية.

    المرحلة الثالثة لا تريد أن تطلع كل مدرسة على ما يوجد عند الاتجاهات الإسلامية الأخرى الشيعة يطلعون على السنة أم لا؟ أبداً، السنة يطلعون على الشيعة؟ أبداً وهذا خلاف تلك القرون الثلاثة الأولى التي كان العصر الذهبي للإسلام شيعي يدرس عند سني وسني يدرس عند ماذا؟ اقرأوا إلى العلامة وغيره ولا يتهم احد إلا عندما جاءنا المنهج الأخباري اتهم بمجرد درس العلامة اتهموا هذا الإقصاء الثالث.

    الإقصاء الرابع: انه داخل مدرسة الشيعة لابد ان تدرس عند واحد يقرأ فلسفة وعرفان أم لا تدرس عنده، كما الآن وأمامكم الفتاوى تخرج لا تذهب عند فلان لا تذهب عند فلان اقرأوا الفتاوى، هذا يكشف لك أفق هؤلاء المتكلمين واقعاً أنا لست فقط أشفق عليهم لابد اعطف على هؤلاء كما يعطف الكبير على الصغير ولكن الكبير علمياً والصغير علمياً، هؤلاء صغار علمياً بمعنى صغار ماذا؟ يعني أصلاً افقه ليس لهذا الزمان، أفقه لأي زمان؟ ما قبل التاريخ وليست القرون الوسطى، ما قبل التاريخ، مع أن النصوص المعتبرة ماذا تقول؟ العارف بزمانه لا تهجم عليه اللوابس، هؤلاء الذين أُفقهم هذا، هذا عارف بزمانه؟ الذي قول بالك يقول أين تدرس يقول ادرس عند فلان يقول لا لا، هذا يدرّس فلسفة لا تذهب عنده هذا يدرّس عرفان لا تذهب عنده، هذا يقول آراء جديدة لا تذهب عنده، إذن هذه المؤسسة التقليدية بشكل عام تعيش كم إقصاء، الإقصاء للتراث الإنساني، الإقصاء للتراث الديني بشكل عام، الإقصاء للتراث الإسلامي، الإقصاء للمدارس أو الاتجاهات الموجودة داخل المدرسة الواحدة.

    وهذا جواب على سؤال واحد وهو أنه سيدنا لماذا لا تدخل في حوار علمي مع هؤلاء؟ بينكم وبين الله أنا الذي أريد انفتح على التراث الإنساني والديني والإسلامي بمختلف اتجاهاته والشيعي بمختلف اتجاهاته، عندما اجلس مع إنسان افقه مغلق واقع بهذه المرحلة توجد جسور مشتركة أو لا توجد؟ فإذن بتعبيرنا الحوار ماذا يصير؟ حوار الطرشان يصير أو حوار العميان، لأنه أصلاً لا يفهم أنا ماذا أقول حتى هو يجيبني واقعاً أنا افهم ماذا يقول لأنه هو يعيش هذا الأفق، هذا أُفقه هو معتقد أن هذا هو الصحيح لماذا؟ لأنه إلى الآن كاتب انه كتب الضلال لا يجوز مطالعتها، ويعتقد لا كتب (كانت) و(ديكارت) وهذه ضلال بل كتب ملا صدرا أيضاً كتب ضلال، فإذن أنت تستطيع أن تتكلم معه أو لا تستطيع؟ يوجد جسر مشترك أم لا؟ لا يوجد، ولهذا أنا من اليوم الأول قلت بأنّه لا طريق للحوار مع الآخر إلا أن نتفق على مشتركات مع الآخر إن شاء الله تعالى في الأسبوع القادم بإذن الله إذا بقينا أحياء انه ندخل في تصنيف أدلة إثبات وجود الله والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2018/03/09
    • مرات التنزيل : 3865

  • جديد المرئيات