نصوص ومقالات مختارة

  • تأملات في الحداثة وما بعد الحداثة (8)

  • أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللهم صلى الله محمد وآل محمد وعجل فرجهم

    في المقدمة أشير إلى بعض المصادر المرتبطة بما بعد الحداثة ومن المتخصصين بما بعد الحداثة هذه مجموعة كتب مرتبطة بخصائص ما بعد الحداثة وكلها من تأليف شخص واحد وهو زي جموند باومند هذا الرجل ظاهراً عنده مجموعة كتب في هذا المجال يعبر عن الحداثة أو بما بعد الحداثة بعنوان الحداثة السائلة وليس الثابتة باعتبار أن الحداثة أمر ثابت بخلاف الحداثة أو ما بعد الحداثة فهي فيها معنى السيلان ولهذا يقول الأزمنة السائلة العيش في زمن لا يقين هذه من أهم خصائص ما بعد الحداثة قلنا بأنه سلب اليقين عند ذاك المقام الذي كان يملكه هذا واحد.

    الشر السائل، العيش مع اللابديل العنوان جداً واضح ويشير على انه أنت فيما بعد الحداثة تقول إذن ماذا افعل؟ يقول لي هذا الواقع لا يوجد حل هذا هو الواقع الذي لابد أن تنسجم معه، العيش مع اللابديل الشر السائل هذا الثاني وكلها لهذا الرجل.

    الثالث: الثقافة فيما بعد الحداثة الثقافة السائلة.

    الرابع: الخوف فيما بعد الحداثة.

    الخامس: أصل مباني ما بعد الحداثة التي يصطلح عليها الحداثة السائلة.

    السادس: الأخلاق في عصر الحداثة السائلة أو فيما بعد الحداثة، هذا الكتاب أشرت إليه في الأبحاث السابقة وهو انه خلاصة جيدة عن بيان التنوير والحداثة وما بعد الحداثة ونقد ما بعد الحداثة التي هذه في كتاب مختصر لا يتجاوز المائتين وخمسين صفحة.

    اما بحثنا اليوم أعزائي نحن اشرنا إلى اتجاه ثلاثة: الاتجاه التقليدي، الاتجاه الحداثي، اتجاه ما بعد الحداثة هذه الاتجاهات الثلاثة فيما يرتبط بموقفه العقل بيّناه في الأبحاث السابقة فيما يرتبط بالموقف من العقل اتضح والآن لا احتاج إلى الاعادة ولكنه لكل واحدة من هذه الاتجاهات الثلاثة مجموعة من المقوّمات والاركان عبّروا عنها الرؤية التي تحملها عن الوجود يعني الاتجاه التقليدي له رؤية، الاتجاه الحداثي له رؤية، الاتجاه ما بعد الحداثي له رؤية ثالثة.

    أنا سوف أقف عند الأركان الأساسية للاتجاه الحداثي ومنه سيتضح أركان الاتجاه التقليدي واركان ما بعد الحداثة بنحو الإجمال وإلا تفصيلاً يأخذ ابعاد ويأخذ دروس يحتاج لها وقت أكثر.

    قبل بيان أركان الحداثة واركان الفكر الحداثي أو الرؤية الكونية للفكر الحداثي يعني هذه أربعة خمسة قرون في الفكر الغربي هناك مجموعة أو بعض النكات لابد الالتفات إليه أوّلاً هناك اختلاف في عدد هذه المقومات والاركان بعض يقول ثلاثة بعض يقول خمسة، بعض يقول ثمانية، بعض يقول عشرة، بعض يقول اثنا عشر، بعض يقول أكثر وهكذا وهذا طبيعي جداً لماذا؟

    الآن تعالوا إلى مباحث اصول الدين عندنا بعض يقول خمسة بعض يقول ثلاثة، بعض يقول أصل واحد وهذا ممكن جداً مع الاختلاف الشديد في العدد وفي بيان هذه المقومات هذا الاختلاف موجود هنا هذا الفكر الحداثي أيضاً هذا الكلام أيضاً موجود.

    النكتة الثانية وهي نكتة أهم من هذه النكتة وهي أن هذه الأركان والمقومات هل هي طولية أم عرضية بأي معنى؟ بمعنى أن هناك أصل وتتولد منه اصول أو أركان أخرى كما نحن نعتقد في مسألة التوحيد انتم تعلمون بأنه مسألة العدل أو النبوة أو الإمامة أو المعاد هذه فروع الرؤية التوحيدية يعني من التوحيد يتولد عندنا أصل العدل من التوحيد يتولد أو من العدل والتوحيد يتولد عندنا أصل النبوة وهكذا من النبوة يتولد عندنا أصل الإمامة والمعاد أيضاً يتولد أيضاً من المعارف التوحيدية فهنا تجدون بأنه التوحيد يشكل أصل الأصول في اصول الدين أو في المعارف الايمانية والعقائدية ولكنه تتولد منه اصول أخرى فهل عندما نقول أن الحداثة لها مقومات واركان من هذا القبيل يعني هناك أصل وتتولد منه أركان أخرى أو ليس الأمر كذلك هذه نكتة مهمة.

    النكتة الثالثة وهي انه أن هذه الأركان أو هذه الأركان والمقومات من اول الأمر الفكر الحداثي خطط لها أن هذه هي الأركان أو لا، هذه في الصيرورة الفكرية والثقافية وجد ركن آخر وأنت اضرب أمثلة في اصول الدين واضح من الواضح من اليوم الأول لا يوجد عندنا في علم الكلام هذا الكلام الموجود عندنا ولكن من خلال الفكر والتفاعل والنقد والاشكال تولد نظرية الآن نقول أن مدرسة أهل البيت تقوم على اصول خمسة أو على اصول ثلاثة ونحو ذلك ولكن هكذا أي فكر انساني أعزائي لا يوجد الفكر الإنساني مرة واحدة دفعي وإنما يوجد بنحو تدريجي على مر الزمان الآن قد يطول وقد يقصر ومن هنا لا يتبادر إلى ذهن احد نحن عندما نتكلم أركان الحداثة المقصود يعني من اول الأمر بالأمس اشرنا إلى الأعلام الذين هم من أوائل البحث يعني خططوا أن الحداثة هذه اركانها أو هذه اصولها أو هذه هي الركن الأول فيها لا، ليس الأمر كذلك.

    اما الجواب: في عقيدتي أن هناك ركن يعد أصل اصول هذه الأركان وباقي الأركان تولدت من هذا الركن لكي يتضح ذلك نحتاج إلى بيان مقدمتين بنحو الإجمال:

    المقدمة الأولى للإجابة على انه ما هي الأركان الجواب أن هناك طولية بين هذه الأركان وبين أن هناك أصل تولدت من باقي الأركان والاصول في الفكر الحداثي ولكن لكي يتضح ذلك نحتاج إلى أشارة إلى مقدمتين:

    المقدمة الأولى: أعزائي هناك مساحات في وجود كل إنسان، المساحة الأولى ما يرتبط بعقائده وهي الأصل، المعارف أو الأمور الايماني والأمور العقائدية وهذا واضح ولهذا انتم تجدون في منظومتنا الدينية نعبر عنها باصول الدين يعني الأسس التي يقوم عليها الدين اول الدين معرفته لماذا اول الدين معرفتها لأنه هو الأساس التي تبنى عليها كل المنظومة الدينية إذن المساحة الأولى في وجود كل إنسان يعني في معلومات كل إنسان هي المساحة المرتبطة بمعارف العقدية والايمانية.

    المساحة الثانية في وجود كل إنسان وهي مترتبة على المساحة الأولى وهي العواطف والاحساسات يعني بعد أن آمنت بأن هذا ولي من اولياء الله يحصل لك حب قلبي له بعد أن آمنت انه شيطان يحصل لك ماذا منه؟ بغض وتنفر منه إذن المساحة الثانية هي مساحة العواطف والأحاسيس التي عادة تنبثق من المنظومة المعرفية والعقائدية ولهذا أنت عندما ترتبط فكرياً وعقائدياً بائمة أهل البيت يتولد منه مودة لهم عليهم أفضل الصلاة والسلام ولهذا كلما ازدادت معرفتك بالنبي، بائمة أهل البيت تزداد مودتك ومحبتك لهم والعكس صحيح كلما اكتشفت فيهم كذا وكذا يزداد بغضك وتبرئك وتنفرك منهم وهذه طبيعية جداً إذن المساحة الأولى العقائد.

    المساحة الثانية العواطف والأحاسيس، المساحة الثالثة ما يرتبط بالبعد العملي والارادي يعني أنت عندما اعتقد واحببت ماذا تفعل؟ الإرادة تحركت لان تتجه بهذا الاتجاه أو تتجه بهذا الاتجاه أنت عندما اعتقد أن العلم علم الالهيات كذا وكذا آثاره فتحب علم الالهيات ولكن هذا لا يكفي الحب تدخل إلى الحوزة أو إلى المؤسسة الدينية أو إلى أي شيء حتى تتشبع بذلك الفكر لأنه تعرف أن كمالك موجود هنا إذن هذه مساحات ثلاثة، المساحة الأولى مساحة العقائد، المساحة الثانية، مساحة العواطف والأحاسيس، المساحة الثالثة مساحة الإرادة وعدم الإرادة .

    طبعاً الاختلافات في البشر تنشأ من المساحة الأولى والمساحة الثانية يعني أنت عندما تعتقد الشيء كذا في مقابل يعتقد الشيء بخلافه والعكس صحيح وهو انه عندما تعتقد بشيء تحبه، ولكنه قد يقع الاختلاف في المساحة الأولى وقد يقع الاختلاف في المساحة الثاني يعني قد الاختلاف مصداقي كلاكما تحبون اولياء الله ولكن فلان يقول فلان ولي وأنت تقول عدو إذن من حيث المساحة الأولى لا يوجد اختلاف بينكم كلاكما يحب ولي الله ولكنه أنت تقول ولي وهو يقول عدو.

    إذن أعزائي الاختلافات منشأها الأصلي في البشر من أين تبدأ؟ اما من المساحة الأولى وإما من المساحة الثانية التي تترتب عليها المساحة الثالثة هذه المقدمة الأولى.

    المقدمة الثانية: وهي مقدمة استقرائية تاريخية (يعني لو سأل احد ما هو دليلها؟ يقول دليلها التاريخ والاستقراء) كل إنسان بالضرورة يعيش هذه الحالة وهي أن ليس كلما يجده ويحصله ويتوفر له محبوب له لا، كثير من الأمور يحصل عليها وهي محبوبة له أو يتنفر منها؟ والعكس صحيح وليس كلما هو محبوب ومطلوب له يتوفر له وهذا يعيشه الإنسان أبداً مذ يضع قدمه في هذه الدنيا إلى أن يخرج منها القرآن يقول لهم فيها ما يشاؤون في الدنيا لا يوجد فيها ما يشاؤون هناك لا يوجد شيء يشائه وهو يتوفر ولا يوجد شيء يتنفر منه إلا وهو مطرود اما في هذه الدنيا ماذا؟ وهكذا تاريخي بغض النظر عن الأدلة القرآنية لا يوجد لانسان يستطيع أن يقول كلما احتاج إليه فهو متوفر إلي وكلما ابغضه فهو منفي عني هذا غير موجود.

    بناءً على هاتين المقدمتين إذن الإنسان قد يرى ما لا ينسجم معه وقد يحب ما هو مفقود عنه بعبارة أخرى موجود غير مطلوب ومطلوب غير موجود هذا أصل لا مجال للبحث فيه إذا اتضح هاتين المقدمتين، المقدمة الأولى وهي أن الإنسان مكون من تلك المساحات الثلاثة وكلما هو كمال له يطلبه وكلما هو نقص له يتنفر عنه ويهرب منه هذه المقدمة الأولى كانت المساحات الثلاث، المقدمة الثانية انه هناك كثير من الأشياء في الواقع الخارجي غير مطلوبة وهناك مثير مما يعتقده مطلوب غير موجود إذن ماذا يفعل؟ ما هو الموقف إزاء ذلك يعني هناك واقع غير مطلوب وهناك مطلوب غير واقع وغير موجود ماذا يفعل؟ هنا وجد اتجاهان وهذا هو الجواب وبه يتميز الفكر الحداثي عن الفكر التقليدي أو الاتجاه التقليدي هنا وجد اتجاهان أساسيان في العلوم الفكر الفلسفي لالفين أو ثلاثة آلاف.

    الاتجاه الأوّل: وهو الاتجاه العام في الفلسفة الإنسانية إلى ما قبل عصر الحداثة وهو المعروف عند الأديان الإلهية والاديان البشرية والاتجاهات العرفانية والى غير ذلك وهو الاتجاه العام وهو إما أن يغير الواقع الخارجي لينسجم مع من؟ لأنه قلنا هناك أمور تنسجم معه أو لا تنسجم؟ فماذا يفعل؟ يأتي ليغير الواقع الخارجي فينسجم معه ومع المطلوب (بمعنى مانعة الخلو) واما يغير نفسه لينسجم مع الواقع الخارجي، الاتجاه الأول بنا على انه لما كان تغيير الواقع الخارجي مقدور للإنسان أو ليس بمقدور للإنسان؟ ليس بمقدور للإنسان، إذن ماذا نفعل بأي اتجاه نذهب؟ تغيير النفس .

    من هنا تجد كل المنظومات الدينية كل المنظومات العرفانية لابد تفعل ماذا؟ ليس تغيير النفس لابد أن تتعرف على النفس معرفة النفس انفع المعرفتين لماذا؟ حتى يغيرها بنحو تنسجم مع هذا الواقع ولهذا مجموعة من المباني والقيم الأخلاقية جاءت بهذا الاتجاه يعني مسألة التسليم، مسألة الصبر، مسألة التحمل هذا كلها اجتي ماذا؟ لان هذا الواقع الخارجي يستطيع أن ينسجم معه بهذه الطريقة يبقى مع التنافر أو لابد أن يتحمل؟ لابد أن يتحمل، لابد أن يصبر لابد أن يروض نفسه بما ينجسم مع حقائق الواقع الخارجي ولهذا تجد القرآن الكريم هذه النصوص الدينية أشارت إلى هذا قالت عليكم أنفسكم لا املك إلا نفسي واخي (في موسى) أنا هذه قدرتي ولا استطيع أن اغير الواقع الخارجي لا التكويني لا الاقتصادي لا النفسي لا الاجتماعي لا المجتمع كلها لا استطيع أن اغيرها من هنا يكفي في المنظومة المعرفية الإسلامية تجدون تركيزاً ما بعده تركيز على مسألة معرفة النفس والتركيز على تربية النفس والتركيز على قيم النفس والتركيز على ماذا؟

    ولهذا تجد المنظومة الدينية لا اقل في الإسلام النفس أوّلاً معرفة النفس قيم النفس، اخلاق النفس والى آخر القائمة بهذه العشر معشار هذا يوجد توجيه أو تأشير إلى الواقع الخارجي أو لا يوجد؟ أبداً لا أقول لا يوجد ولكنه إذا نسب إلى مقدار تغيير النفس النسبة ضأيلة جداً انظروا الأعزة الذين يريدون أن يراجعون هذه الروايات المعرفة بالنفس انفع المعرفتين.

    ثم يأتي السيد الطباطبائي المجلد السادس من الميزان صفحة 173 أعظم الجهل جهل الإنسان أمر نفسه أعظم الحكمة معرفة الإنسان نفسه أكثر الناس اعلمهم إلى آخره عجبت لمن ينشد ظالته وقد أظل نفسه عشرات بل مئات الروايات في هذا المجال، ترتب على ذلك ماذا؟ أوّلاً العناية بالابحاث لمعرفة النفس انتم عندما ترجعون الآن إلى أدبيات العرفات تجدون بأنه كل منظومتهم أين تنحصر؟ في معرفة النفس وترتب على ذلك أفضل الطرف والمناهج والعلوم لتربيت النفس التي هي المعارف الأخلاقية فهناك عناية شديدة بالمسائل الأخلاقية والقيمية طبعاً ما أتكلم على مستوى الحوزة لأنه على مستوى الحوزة مع الأسف عليه لكنه أتكلم على منظومة المعارف الدينية منظومة المعارف الدينية التركيز ليس على الفقه بل التركيز على الأخلاق على النفس على العقائد والتركيز على هذه الأمور والاخطر من ذلك جميعاً هو عدم الاهتمام بالواقع الخارجي وتمييزه ولهذا انتم عندما ترجعون إلى أربعة خمسة قرون التي هي عصر الحضارة والمدنية الإسلامية لا تجدون توجه كبيراً على العلوم التجريبية والعلوم الطبيعية حتى لو وجدت وجدت أين؟ في الهامش ولا في المتن والى يومنا هذا تجدون انه العالم الإسلامي عموماً يتوجه إلى الأبعاد التجريبية والطبيعية أو لا يتوجه؟ المرتبطة بتغيير الواقع الخارجي.

    اما الاتجاه الثاني وهو التوجه هناك كان التوجه ماذا؟ هنا صار التوجه إلى الواقع الخارجي وهو انه كيف نغيره ليكون على قياسنا وعلى الطريقة التي نريدها هناك كنت تغير نفسك لكي يكون على مقاسات عالم الخارجي هنا يقول لا، فاليبقى الإنسان على ما هو عليه ماذا نفعل؟ نغير الواقع الخارجي ليكون على مقاسات الإنسان وطبيعة الإنسان ولذائذ الإنسان والى آخره وهذه هي أصل اصول الرؤية الكونية في الإنسان الحداثي وهو انه فكر كيف يغير العالم والواقع الخارجي وترتب على ذلك ماذا؟ إذا أردنا أن نتكلم بلغة القرآن؟ أن توجه إلى آيات الانفسية أو إلى الآيات الآفاقية؟ مع أن النص القرآني يقول سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم ولكن مع الأسف الشديد أن الاتجاه العام الإسلامي اتجه إلى ماذا؟ إلى الانفسي وترك الافاق هؤلاء مع الأسف الشديد في الاتجاه الغربي ماذا حدث؟ ذهبوا إلى الافاق إلى الطبيعة وتركوا ماذا؟

    ولهذا أوّلاً ترتب على هذا الاتجاه التوجه إلى العالم والآفاق ومعرفتها والوقوف على اسرارها وثانياً ضعف التوجه إلى معرفة النفس وتربيتها لأنه ليس الغرض تغيير النفس وإنما تغيير العالم من هنا يمكن القول أن بذور عصر الحداثة إنما بدأ حيث تغير توجه الإنسان وتحول من تغيير النفس إلى تغيير العالم فلو سأل سائل متى بدأ عصر الحداثة؟ انتم انظروا إلى المفكرين والى الفلاسفة أنهم من أين بدوا تجده بدأ يتحول من اتجاه تغيير النفس إلى اتجاه تغيير العالم هذا معناه انه البذور الأولى لعصر الحداثة بدؤوا يوجد.

    الآن السؤال المطروح ما هو الطريق لتغيير العالم في الواقع الخارجي؟ يا علم ينفع لتغيير العالم الخارجي الفلسفة أم التجربة؟ ومن هنا بدأ المنهج في العالم الغربي المنهج التجريبي واخذ عمقاً حتى طغى على ما ليس بتجريبي قال حتى أريد أن اؤمن بما بعد الموت لابد ماذا؟ فكل قضية اثبتتها التجربة لها واقع اما ما لم تثبتها التجربة فالطغيان والعكس صحيح انه الطرف الآخر اكد على البعد الفلسفي ونسي البعد التجريبي ولهذا الآن صار من العيب أن الإنسان طبعاً في ثقافات سابقة أن الإنسان ينشغل بالأمور العملية أصلاً هذا صحيح أو لا؟

    أنا بودي اليوم ترجعون تنظرون في اول الجزء التاسع من الأسفار كم ينتقد ملاصدرا ابن سينا لأنه اعتنى بالعلوم الطبية والتجريبية ليس فقط ينتقده يقول وقد تبلد ذهنه يعني كان من العيب أن الفيلسوف ينشغل بامور تجريبية وطبيعية ولهذا طغى البعد النظري والفلسفي على البعد التجريبي وفي الغرب طغى البعد التجريبي والعملي والطبيعي على البعد الفلسفي ولهذا جاءت الفلسفات، الفلسفة الجيدة ما هي؟ هي التي تنفعنا في حياتنا اما الذي لا ينفع له قيمة أو ليس لها قيمة أمور هذه ترف فكري ماذا الفائدة ترون المعادلة تستقتب هذا الطرف تخطبه إلى البعد النظري وترك العالم وذاك تستقبه إلى العالم وترك ماذا؟ وترتب على ذلك نسيان الإنسان نفسه لأنه كل همه تغيير الواقع له هم بتغيير نفسه أو ليس له هم فنسي نفسه، نسوا الله فانساهم أنفسهم أصلاً خرجت معادلة النفس من عملية التغيير والمعرفة.

    ولهذا أنت الآن لو ترجع إلى الفكر الغربي تجد هناك ضمور كامل في المعارف المرتبطة بمعارف النفس تقول إذن هذه علم النفس لا، هو يقبل علم النفس التجريبي هو لا يقبل علم النفس الفلسفي هو بأي شكل من الإشكال لا يقترب من علم النفس الفلسفي هو كل همه علم النفس التجريبي ولهذا توجد فروع ثلاثين أربعين فرع من علم النفس موجودة ولكنه كلها مرتبطة بعالم البعد التجريبي ومن هنا طبعاً تعلمون بأنه بشكل رسمي هذا بدأ بيد فرنسيس بيكون صاحب المنهج التجريبي الذي قال التجربة المنهج الوحيد الذي ينفعنا أي منهج؟ لا المنهج العرفاني ولا المنهج الفلسفي ولا أي منهج آخر بل المنهج التجريبي وليس إلا.

    النتيجة: صار محور الإنسان الدنيا أو الآخرة؟ إذا تتذكرون نحن في أبحاث سابقة قلنا في المنهج الديني الوحي، الله، الآخرة هذه المحاور الأصلية في مقابل الوحي ماذا قالوا؟ العقل وهذا هو المنهج الحداثي في مقبال الله ماذا جعل؟ الإنسان قالوا الله يجلس مكان من؟ في مقابل الآخرة ماذا جعلوا؟ الدنيا لماذا؟ لان التجربة تنال العالم الآخر أو لا تنال العالم الآخر؟ إذن ينبغي أن يهتم بها أو لا ينبغي؟ ومن هنا كاملاً حذفت الأبحاث الغيبية والمرتبطة بعالم المنكوس ومرتبطة بعالم الآخرة ومرتبطة بعالم الأخلاق ومرتبطة بعالم تربية النفس هذه كل المعارف من منظومة الفكر الغربي ولهذا انتم تجدون الآن يقولون بأنه الأخلاق أو المعنويات ضعيفة واحدة من أهم إشكالات الفكر الغربي أن المعنى عندهم ضعيف جداً أن الأخلاق والقيم الأخلاقية ضعيفة.

    اتضح إلى هنا الركن الأول أو أصل اصول الفكر الحداثي وما هو؟ هو انه نحن بناءً على ما تقدم أن الإنسان يجد امامه (هذا الذي كررناه لمرة ثالثة) أن هناك أمور موجودة غير مطلوبة وان هناك أمور مطلوبة غير موجودة فما هو الحل؟ ونحن نقول وأنا في اعتقادي هذه هي النظرية الصحيحة وهو انه لا يمكن (هذان اتجاهان والآن الاتجاه المختار عندنا) أوّلاً لابد أن نعلم أن تغيير النفس له حدود معين مطلق أو مقيد؟ مقيد أنت لا تستطيع أن تغير النفس من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار هذا غير ممكن أصلاً هذا أوّلاً.

    ثانياً: أن تغيير الواقع الخارجي بناءً على السنن كما نعتقد السنن الإلهية كم تستطيع أن تغير فيه؟ أيضاً في حد محدود إذن لابد أن تكون المعادلة العادلة هي تغيير النفس إلى حد وتغيير الواقع إلى حد ليحصل هناك انسجام بين هذين التغيرين وهذا ما لم يتحقق إلى يومنا هذا يعني الاتجاه الإسلامي تطرف في تغيير النفس والاتجاه الغربي أو الحداثي تطرف في تغيير الواقع والى الآن تجدون هنا يوجد تقدم في بعض الأبعاد وهناك يوجد تقدم في ابعاد أخرى وما لم يتزاوج هذا مع ذاك يمكن ينتج نتيجة أو لا يمكن؟ لا يمكن.

    يعني بعبارة أخرى مشيوم الاقتصاد لا، بعبارة أخرى أمر بين أمرين يعني لا التطرف في النفس والتغيير في النفس ولا التطرف في تغيير العالم بل أمر بين أمرين يعني هذا لابد أن يتغير إلى الحد الممكن وذلك أيضاً لابد أن يتغير إلى الحد الممكن فنحن كما نحتاج إلى العلوم التجريبية نحتاج إلى المعارف الفلسفية وكما نحتاج إلى معارف الفلسفية نحتاج إلى التجريبية وهذا مما يؤسف له حتى إلى يومنا هذا تجدون بأنه يوجد توجه إلى العلوم الطبيعية في مجتمعاتنا الإسلامية أو لا يوجد؟ وإذا يوجد فيوجد تقليد للاخرين لا انه يوجد إبداع وابتكار لماذا؟ لأنه في مؤسساتنا الدينية لا نعطي قيمة إلهية وقيمة أساسية للعلوم التجريبية يعني إذا عرفنا شخص مهتم بالفيزياء وبالكيمياء وبالعلم الجولجيا بالفلكيات بكذا ننظر إليه نظرت العالم القرآني أم عالم غير قرآني؟

    إنما يخشى الله من عباده العلماء وشرف كل علم بشرف معلومه فإذا كان معلوم الالهيات فالعلم الشريف الالهيات اما علم الطبيعيات شريف أو غير شريف؟ ولهذا يلتفت إليه أو لا يلتفت؟ ومن التفت إليه أيضاً نعتني به أو غير نعتني؟ نقول هذه الآيات التي قالت إنما يخشى الله من عباده العلماء، بعضهم يقول مصداقه علمائي والحوزة تقول مصداقه علماء الفقه (فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ) أنت ذهنك أين يذهب؟ يذهب إلى العلوم المرتبطة بالتجريبية أو غير مرتبطة؟ غير مرتبطة مع انه من قال لكم أن العلم التجريبي ليس علماً دينياً والهياً ولذا عند ذلك تترتب الأصول الأخرى لأنه قلنا في المقدمة هناك أصل وفي طوله اصول أخرى ولذا إذا يوافقون حتى نصل إلى الأصول الأخرى حتى نصل إلى هذا الأصل وهو تغيير العالم التي هي أصلين أو ثلاثة اصول التي تشكل المنظومة الأصلية لرؤية الكونية عند الإنسان الحداثي والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2019/12/12
    • مرات التنزيل : 1874

  • جديد المرئيات